لا يزال لسانك رطباً بذِكر الله

عايد القزلان التميمي
1445/04/11 - 2023/10/26 21:39PM
الحمد لله على آلائه حمدا كثيرا ، وأشكره إذ جعل الليل والنهار خِلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكورا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل  (( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين ، وصحبه الأكرمين ، وسلم تسليماً كثيرا .
أما بعد فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله
أيها المؤمنون : كان نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم مربياً ومزكياً لنفوس أصحابه، وكثير ما يوصي أصحابه بوصايا مهمة وعظيمة النفع في الدنيا والآخرة
ومن تلك الوصايا ، حديث عَبْداللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ (( لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ )) أخرجه الترمذي وصححه الألباني 
في هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ بُسْرٍ رَضِي اللهُ عَنه: أنَّ رجُلًا قال:  (( يا رسولَ اللهِ، إنَّ شَرائِعَ الإسلامِ قد كَثُرَت علَيَّ"، أي: أنَّ النَّوافِلَ كَثُرَت عليه فلَم يستَطِعِ العمَلَ بها كلِّها، "فأخبِرْني بشيءٍ أتشَبَّثُ به"، فأخبرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بما يَنفَعُه في ذلك، فقال: "لا يَزالُ لِسانُك رَطْبًا"، أي: طَريًّا "مِن ذِكْرِ اللهِ"، أي: داوِمْ على ذِكْرِ اللهِ سبحانه وتعالى؛ مِن تَسبيحِه وتَحميدِه وتهليله وتكبيره ونَحوِ ذلك،
والنبي صلى الله عليه وسلم -كما ثبت في الصحيح- كان يذكر الله على كل أحيانه، 
ولأننا محتاجون إلى الإكثار من ذكر الله تعالى لم يأمرنا ربنا بمجرد ذكره، بل أمرنا بالإكثار من ذكره، فقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾
  ووعد المكثرين من ذكره بالمغفرة والأجر العظيم، فقال سبحانه: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ فتعويد الإنسان نفسه أن يكون ذاكراً لله يحصل به الحسنات العظيمة لعمل يسير وشيء سهل خفيف، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حديث في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)،
وهما من ذكر الله عز وجل، فوصفهما بأنهما خفيفتان على اللسان، وذِكر الله عز وجل كله خفيف على اللسان.
عباد الله ومن فوائد الذكر أَنَّ الذِّكرَ يَطرُدُ الشَّيطَانَ
.
وأَنَ الذِّكرَ يُرضِي الرَّحمَنَ -عَزَّ وَجَلَّ-.
و أَنَّ الذِّكرَ يُزِيلُ الهَمَّ وَالغَمَّ عَن القَلب, وَيَجلِبُ لِلقَلبِ الفَرَحَ وَالسُّرُورَ وَالنَّشَاطَ.
و أَنَّ الذِّكرَ يُنَوِّرُ الوَجهَ وَالقَلبَ.
و أَنَّ الذِّكرَ يَجلِبُ الرِّزقَ.
وأَنَّ الذِّكرَ غَرسُ الجَنَّة ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ)). أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ بِإِسنَادٍ صَحِيحٍ.
عباد الله ومن فوائد الذِّكر أَنَّ الذِّكرَ يُعطِي الذَّاكِرَ قُوَّة، ودليل ذلك أن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علّمَ ابنَتَهُ فَاطِمَة وَعَلِيًّا -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- أَنْ يُسَبِّحَا كُلَّ لَيلَةٍ إِذَا أَخَذَا مَضَاجِعَهُمَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَيَحمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَيُكَبِّرَا أَربَعًا وَثَلَاثِينَ؛ لمَّا سَأَلَتهُ الخَادِمَة, وَشَكَت إِلَيهِ مَا تُقَاسِيهِ مِن الطَّحنِ وَالسَّقْيِ وَالخِدمَةِ، فَعَلَّمَهَا ذَلِكَ وَقَالَ: ((إِنَّهُ خَيرٌ لَكُمَا مِن خَادِمٍ)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قِيلَ: إِنَّ مَن دَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ –أَيْ: عَلَى هَذَا الذِّكرِ عِندَ النَّوم- وَجَدَ قُوَّة فِي يَومِهِ تُغْنِيه عَن خَادِم.
ومن أعظم فوائد ذِكر الله أنك حين تذكر الله يذكرك في الملأ الأعلى، قال سبحانه: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الذِّكرِ إِلَّا هَذِهِ لَكَفَى بِالذِّكرِ فَضلًا وَشَرَفًا. فأكثر من ذكر الله يذكرك الله، وما أعظمه من شرف أن يذكرك ملك الملوك وعلام الغيوب، رب العالمين سبحانه.
فالحذر الحذر من الغفلة عن ذكر الله تعالى، فإنها سبب الضلال، والحذر من مجالسة أهل الغفلة وصحبتهم وطاعتهم، فإن الإنسان يتأثر بمجالسة الغافلين؛ قال سبحانه: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾
عباد الله : إن في الذكر طمأنينة وراحة نفسية وانشراح للصدور،
ألا بذكر الله تطمئن القلــوب.
فاللهم اجعلنا لك ذاكرين لك شاكرين لك عابدين يا رب العالمين
واستغفروا ربكم إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، القائل ((  لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً }،  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى إخوانه من الأنبياء وعلى آله، و أصحابه والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله : لقد أرشد الله عز وجل نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين بقوله: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ فأمره الله سبحانه بالإكثار من ذكر الله آناء الليل والنهار، خصوصًا طرفي النهار
وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم  ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾
عباد الله وما دام الحديث عن الذكر وفضله فلا يفوتنا أن نذكر بهذا الفضل العظيم فعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً)).
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد ...
المرفقات

1698345528_لا يزال لسانك رطبا بذِكر الله -.docx

المشاهدات 1028 | التعليقات 0