لا لِلمُتَاجَرَةِ بِالبَشَرِ 5/2/1441هـ
خالد محمد القرعاوي
لا لِلمُتَاجَرَةِ بِالبَشَرِ 5/2/1441هـ
الحَمدُ للهِ إليهِ تَصِيرُ الأُمُورُ، وَبِيدِهِ تَصْرِيفُ الدُّهُورِ، أَشهَدُ أَلَّا إِلَهَ إلِّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، عَظُمَ شَأْنُهُ وَعَزَّ سُلْطَانُهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، بَعَثَهُ اللهُ لِلنَّاسِ بَشِيرَاً وَنَذِيرَاً، وَدَاعِيَاً إليهِ فَكَانَ سِرَاجَاً مُنِيرَاً, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ، وَعَلَى آلِهِ المُطَهَّرِينَ وَأَصْحَابِهِ المُوَحِّدِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ, وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ وإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، فَبِالتَّقْوى تَصْلُحُ القُلُوبُ وَالعُقُولُ وَالحَيَاةُ! إخْوانِي: دِينَنَا قَائِمٌ على التَّنَاصُحِ بَينَنَا, لِذَا لا بُدَّ مِنْ الصَّرَاحَةِ والوُضُوحِ فِي كُلِّ مَا نَطْرَحُ وَنَقُولُ!
أَيُّها المُؤمِنُونَ: مَا تَقُولُونَ فِيمَنْ يَنْشُرُ الخَنَا والفَسَادِ ؟ وَيُشِيعُ الفَاحِشَةَ بينَ النَّاسِ؟ أليسَ لَهُ العَذَابُ الأَلِيمُ مِن اللهِ القَائِلِ: ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ).
عَبَادَ اللهِ : أتَدْرُونَ مَا سَبَبُ سِيَاقِ ذّلكَ لأَنَّنَا وَجَدْنَا مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ فِي مُجْتَمَعِنَا فَسَادَاً دِينِيَّا وَأَخْلاقِيَّاً وَمَالِيَّاً , لِفِئَةٍ فَاسِدَةٍ تَعْمَلُ بِدُونِ حَسِيبٍ وَلا رَقِيبٍ! شِرْذِمَةٌ تَنْخَرُ فِي مُجْتَمَعِنَا بِنَشْرِ الفَسَادِ الأخْلاقِيِّ, والاجْتِمَاعِيِّ, وَيُوهِمُونَ النَّاسِ أنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعَاً! وَأنَّهُمْ يُرِيدُونَ لِلبَلدِ تَطَوُّرَاً وازْدِهَارَاً, عَبْرَ قَرَارَاتِهِمْ وَقَنَواتِهِمْ وَمُؤسَّسَاتِهِمْ, حتى صَارَ جَسَدُ المَرْأةِ أَبْخَسُ ثَمَنٍ عِنْدَّهُمْ, وَكَرَامَتُها أحَطُّ شيءٍ لَدَيهِمْ , فَأقْحَمُوهَا فِي كُلِّ شيءٍ, وَأَهَانُوهَا في كُلِّ حَيٍّ!
أَيُّها المُؤمِنُونَ: مَا تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ يَأْكُلُ مَا لَيسَ لَهُ؟! يَرْتَقِي دَرَجَاتِ الغِنَى عَلى كَدِّ وَظَهْرِ الضَّعَفَةِ وَالمَسَاكِينِ؟!
لَمْ نَكُنْ نَتَصَوَّرُ أَنَّ مُسْلِمًا يَتَرَدَّدُ عَلَى المَسَاجِدِ, وَيَقْرَاُ كَلامَ اللهِ! وَيَسْمَعُ أحَادِيثَ المُصْطَفَى ثُمَّ هُوَ يَخُونَ أخَاهُ , وَيَنْقُضُ عَهْدَهُ في لَمْحَةِ بَصَرٍ !وَجَرَّةِ قَلَمٍ! أَينَ هَؤلاءِ مِن قَولِ البَارِي جَلَّ وَعَلا: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ]الإسراء:34[.أَلَمْ يَسْمَعُوا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ: (لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ).صَدَقَ رَسُولُنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ».
أيُّها الأكَارِمُ: مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ وَجَدْنَا فِي مُجْتَمَعِنَا فَسَادَاً دِينِيَّا وَأَخْلاقِيَّاً وَمَالِيَّاً مِنْ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنْ العَمَالَةِ الوافِدَةِ السَّائِبَةِ التي تَعْمَلُ بِدُونِ حَسِيبٍ وَلا رَقِيبٍ! تَنْخَرُ فِي مُجْتَمَعِنَا بِنَشْرِ الفَسَادِ الأخْلاقِيِّ, وَتَصْنِيعِ أَقْذَرِ أَنْوَاعِ الخُمُورِ, وَنَشْرِ مَقَاطِعِ الخَنَا والفُجُورِ! لأَجْلِ الحُصُولِ على المَالِ بِأيِّ طَرِيقٍ كَانَ ! أمَّا الغِشُّ التِّجَارِيِّ وَأَنْوَاعُ النَّصْبِ والتَّزْوِيرِ فَحَدِّثْ وَلا كَرَامَةَ! مِثْلُ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ, لا نَخْتَلِفُ أنَّهَا مَوجُدَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الوَافِدِيْنَ لا كُلِّهُمْ ولا حتَّى أغْلَبِهُمْ فَأكْثَرُ مَنْ نَرى مِنْهُمْ بِحَمْدِ اللهِ مُلْتَزِمٌ بِدِينِهِ, قَائِمٌ بِعَمَلِهِ, مُحْتَرِمٌ لأنْظِمَةِ البَلَدِ وَأهْلِهِ. فَيَسْتَحِقُ هؤلاءِ كُلَّ احْتِرَامٍ وَتَقْدِيرٍ . وَلَكِنَّ مُشْكِلَتَنَا فَي القِسْمِ الفَاسِدِ المُفْسِدِ ! وإذَ بَحَثْنَا عَن أَهَمِّ الأسْبَابِ نَجِدُ أنَّنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الأحْيَانِ شُرَكَاءُ مَعَهُمْ في ّلِكَ! أتَدَرُونَ كَيفَ ذَلِكَ ؟ إنَّهُ ابتَدَأ مُنْذُ أَخْلَفَ مَعَهُم بَعْضُ الكُفَلاءِ العَهْدَ والمِيثَاقَ! وَتَنَكَّرَ للعَامِلِ وَخَدَعَهُ! فَيَا أيُّها الظَّلُومُ الغَشُومُ: "اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ". وَتَذَكَّرَ قَولَ اللهِ تَعَالى: يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52].وَمِنْ صُورِ ظُلْمِهِمْ: تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ رَوَاتِبِهِمْ لأشْهُرٍ طِوَالٍ! وَيَغْفُلُ عَنْ أُسَرٍ هُنَاكَ تَنْتَظِرُ الرِّيَالاتِ بِفَارِغِ الصَّبْرِ وَالحَاجَةِ! أيْنَ هَذا الكَفِيلُ مِنْ تَوجِيهِ الرَّسُولِ الكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ». بِأيِّ حَقٍّ وَبِأَيِّ شَرْعٍ يَسْتَقْطِعُ الكَافِلُ مِن العَامِلِ مَبْلَغَاً شَهْرِيًّا أَوْ سَنَوِيًّا مُقَابِلَ كَفَالَتِهِ، فَإنَّ هَذَا واللهِ ظُلْمٌ صُرَاحٌ, وَمُتَاجَرَةٌ بِأجْسَادِهِمْ! حتَّى وَإنْ رَضِيَ العَامِلُ وَوَقَّعَ على ذَلِكَ. فَإنَّهُ نَوْعُ اسْتِغْلالٍ لا مُبَرِّرَ لَهُ. وواللهِ يَا كِرَامُ: اسْمَعُوهَا بِقُلُوبِكُمْ, وَطَبِّقُوهَا على مَنْ تَعْرِفُونَ, أنَّهُ مَا تَأَكَّلَ أَحَدٌ مِنْ كَدِّ إخْواَنِهِ وَعُمَّالِهِ إلَّا عَاقَبَهُ اللهُ عَلى ذَلِكَ ! إمَّا بِخَسَارَةٍ مَادِيَّةٍ، أو بِأمْرَاضٍ مُتَتَالِيَةٍ, أو بِنَكَدٍ لا يَعْلَمُ مَدَاهُ إلَّا اللهُ: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ [الشعراء:227].هَذا كَلامُ أَصْدَقِ القَائِلِينَ. وَنَبِيُّ المَرْحَمَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ». فاللهمَّ لا تَجْعَلِ الدُّنَيا أكْبَرَ هَمِّنَا وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا, وَأغْنِنَا بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ, وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ. وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍّ فاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطبة الثانية/
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَنَشْكُرُهُ إلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ، أَشْهَدُ ألَّا إلَهَ إلَّا اللهُ وحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ رَازِقُ النَّاسِ أجْمَعِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ البَرُّ الأمِينُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَك عَليهِ، وَعلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعدُ:فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ تَقْوَاهُ, وَاحْذَرُوا الظُّلْمَ وَسُوءَ عُقْبَاهُ، فَإِنَّهُ ظُلُمَاتٌ لِمَنْ تَغَشَّاهُ! حَرَّمَهُ اللهُ على نَفْسِهِ فَقَالَ: وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49].وَقَالَ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا». وَقَالَ رَسُولُنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمَ لا يَخُونُهُ وَلا يَكْذِبُهُ».
لا تَظْلِمَنَّ إِذَا مَا كُنْـَت مُقْتَـِدَرَا * فَالظُّلْمُ آخِرُهُ يَأْتِيـكَ بِالنَّدَمِ.
نَامَتْ عُيُونُكَ وَالْمَظْلُـومٌ مُنْتَبِـهٌ* يَدْعُو عَلَيكَ وَعَينُ اللهِ لَمْ تَنَمِ.
إي واللهِ: كَمْ مِنْ دَعْوَةِ مَظْلُومٍ سَرَتْ فَوقَ الغَمَامِ فَاسْتَجَابَ اللهُ لَهَا! قَدْ سَلَبَتْ غَنِيَّا مَالَهُ، وَفَرَّقَتْ بَينَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ، أَفْقَرَتْ وَأَمْرَضَتْ وَنَكَّدَتْ! مَنْ لِعَامِلٍ قَدْ سُرِقَ كَدُّهُ وَجُهْدُهُ وَمَالُهُ؟ مَنْ لِضَعِيفٍ بُخِسَ حَقُّهُ وَأُخْلِفُ عَقْدُهُ؟! مَنْ لإنْسَانٍ وَبَشَرٍ قَدْ أُهِينَتْ كَرَامَتُهُ؟! وَرُغِّمَ أَنْفُهُ؟! إنَّ لَهُ القَوِيُّ القَادِرُ القَائِلُ: لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي، لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ".
عِبَادَ اللهِ: أَلا وَإنَّ مِنْ أَبشَعِ صُوَرِ ظُلْمِ العُمَّالِ إتْعَابُهُمْ فِي العَمَلِ، وَإجْهَادُهُمْ فَوقَ طَاقَتِهِمْ! وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ،-أَيْ الذينَ يُصْلِحُونَ أُمُورَكُمْ- جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ ».
إخْوَانِي: وَمِنْ أَوضَحِ أنْوَاعِ الظُّلْمِ: عَدَمُ دَفْعِ أُجْرَتِهِمْ! "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ".
إخْوَةَ الإسْلامِ: حَدِيثُنَا هَذا لا يَعْنِي الطَّعْنَ فِي سَائِرِ الكُفَلاءِ، فَعِنْدَنَا بِحَمْدِ اللهِ نَمَاذِجُ مُشَرِّفَةٌ, عِنْدَنا أُنَاسٌ صَالِحُونَ يَخَافُونَ يَومَاً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرَاً. وَلا نُقَلِّلُ كَذَلِكَ مِنْ أَخْطَاءٍ فَادِحَةٍ لِعَمَالَةٍ قَلَّتْ أَمَانَتُهُمْ وَفَسَدَتْ أَخْلاقُهُم وَدَأَبُوا عَلى السَّرِقَةِ وَالغِشِّ وَالاحْتِيَالِ، فَكَانَ الهَدَفُ أنْ نَكُونَ يَدَاً وَاحِدَةً ضِدَّ المُتَاجَرَةِ بالبَشَرِ, وَأنْ نَكُونَ حِصْنَاً نِحْمِي مُجْتَمَعَنَا وَبَلَدَنَا, مِن أيْدٍ تُرِيدُ العَبَثَ بِأمْنِنَا وَشَعْبِنَا وَأخْلاقِنَا وَقِيَمِنَا وَأمْوَالِنَا. نَسألُ اللهَ أنْ يُعيذَنَا مِن البُخْلِ وَالطَّمَعِ، وَالجَشَعِ وَالهَلَعِ، للخلقِ أُرسِلَ رَحْمَةً وَرَحِيمًا***صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا, فاللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم عَلى نَبيِّنَا مُحَمَّدٍ بَشِيرِ الرَّحْمَةِ وَالثَّوَابِ، وعلى جَمِيعِ الآلِ والأصحَابِ. اللهمَّ لا تَجعل الدُّنيا أَكبرَ هَمِّنا ولا مَبلَغَ عِلمِنَا، ولا تَجعَلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنا، اللهمَّ أَصلِح لَنا دِينَنا الذي هو عِصمَةُ أَمرِنا, وَدُنيانا التي فيها مَعَاشُنا، وَآخِرَتَنا التي إِليها مَعَادُنا، واجعَل الحَيَاةَ زِيادَةً لنا في كُلِّ خَيرِ، والمَوتَ رَاحَة لَنا مِن كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ اعصِمْنَا من الزَّلَلِ, اللَّهُمَّ وحِّد صفوفَنا, واجمع كَلِمَتَنَا على الحقِّ والهدى, اللَّهُمَّ هيئ للمُسْلِمِينَ قادةً صالحينَ مُصلِحينَ. اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ والرَّخاءِ والاستقرارِ, وأصلحْ لنا وُلاتَنَا وهيئ لِهُم بِطَانةً صَالحةً نَاصِحَةً واجعلهم رَحمةً على رعاياهم. اللهم انصر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنا والمُسلمينَ أجمَعينَ. ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق