لا لاحتلال اليمن
د مراد باخريصة
1433/06/27 - 2012/05/18 10:44AM
لا لاحتلال اليمن
حديثنا اليوم لا يزال عن أحوال يمننا وعن ما يجري في بلادنا وديارنا وما يغشاها من الأحداث العظام وما يدور فيها من الفتن والملاحم الكبار.
لقد مسنا ومس بلادنا خطب عظيم وكرب جسيم وجرح أليم فالعاصفة الغربية اليوم تهب على اليمن من كل مكان والتدخل الخارجي يعصف بالبلاد ويقصف ويخسف وسياسة الأرض المحروقة تدوي ولا مجيب.
هذه حقيقة لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان ولا أن تمنع عن سماعها الآذان ولا أن تحجب عن رؤيتها العينان فلنرفع الغطاء عن أنفسنا ولنكشف الغشاوة عن أبصارنا ولنفتح بالوعي أذهاننا وليس من الحكمة أبداً أن نكون كالنعامة التي تدس رأسها في التراب ولا تستشعر الخطر فإن الخطر من حولنا محدق وإن الظروف المعاصرة التي يعيشها البلد هي من أشد وأحلك وأقوى الظروف التي تكالب فيها الأعداء على الأمة والملة واستخدموا كل ما يملكون من أسلحة حربية وآلة إعلامية ومخططات استخباراتية.
فلماذا كل هذا الضجيج حول ما يسمى بالإرهاب في اليمن؟ ولمصلحة من هذا الحشد والتهويل! ولماذ كل هذا التركيز على اليمن وعلى جنوبه خاصة وبهذه الطريقة التآمرية؟ ومن المستفيد من هذا التحالف مع العدو الصليبي الأمريكي الذي لا يفرق بين مقاتل ومدني ويطلق الصواريخ والقنابل على الجميع حتى على النساء والأطفال والبيوت.
إن أمريكا الصليبية المجرمة فشلت وتخبطت في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال ولم تستطع القضاء على الإرهاب الذي جاءت من أجل القضاء عليه واليوم تريد أن تكرر التجربة وأن تجرب المجرب فلم تكتفي بجرائمها في تلك الدول التي لم تستطع إنقاذها من كونها دولاً فاشلة بل فاقمت من فشلها وجعلتها دولاً غير مستقرة بل جعلتها الأكثر فساداً والأقل استقراراً في العالم واليوم تريد أن تلحق اليمن بهذه الدول لتقضي على ما تبقى فيها من معالم الإسلام والحضارة لأن الغرب الصليبي هدفه الأول والأخير إشعال الفتنة في كل أرض يستيقظ فيها الإسلام أو يرغب أهلها بالحكم بشرع الله وبما أنزل الله يقول الله سبحانه وتعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} ويقول {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
وحذرنا الله جل وعلا أشد التحذير من موالاتهم أو خدمتهم أو التعاون معهم أو العمل لصالحهم أو التجسس لمصلحتهم أو مشاركتهم في الحرب ضد المسلمين فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ويقول {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} ويقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}.
فأين من يتبجح بالتعاون مع أمريكا ويفتخر بذلك من هذه الآيات؟!! وأين من يقول أصدقائنا الأمريكان عن هذه الآيات؟!!!َ.
إن اليمنيين يجب أن تكون لهم رؤيتهم المستقلة في هذا الأمر وأن لا يكونوا مجرد أداة تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وأن يرفضوا أن يكونوا هم وقود حرب لن يجنوا منها إلا الخراب والدمار وأن لا يرضوا أن ينوبوا عن الغرب بشن حرب جديدة لا تحتملها اليمن بأي شكل من الأشكال.
فالغرب لا يهمهم سلامة اليمن ولا سلامة أهله ورخائهم وإنما يهمهم مصالحهم فإذا تحققت لهم تركوا اليمن ليواجه المصير وحده ويومها لن ينفع الأمريكان اليمن مثلما كان الحال في باكستان التي اتخذوها ركوباً يركبون عليه بعد أن قتلوا بطائراتهم الآلاف الباكستانيين وتركوا باكستان لتواجه مصيرها وحدها بعد أن قضوا مآربهم منها، وهكذا عملوا مع الصحوات من أهل السنة في العراق الذين أوهمهم الأمريكان أنهم سيقضون على تسلط خصومهم الشيعة عليهم إن هم قضوا على الزرقاوي وجماعته فلما حققوا لهم هذا الهدف تركوهم لوحدهم في مواجهة الشيعة الروافض بل واليوم ينقلبون عليهم ويصدرون مذكرة دولية عبر الشرطة الدولية " الانتربول" بملاحقة الهاشمي الذي طالما خدمهم وأعانهم، وقبله عرفات ومبارك وزين العابدين وصالح تركوهم لوحدهم بعد أن تيقنوا أنه لا مصلحة لهم فيهم وأن غيرهم سيخدمهم ويكون عبداً لهم أكثر منهم.
إن الحكومة الجديدة تريد أن تفيء بوعودها للغرب وتريهم قدرتها كما وعدتهم من قبل بأنهم سيكونون شركاء مخلصين لهم في محاربة الإرهاب أكثر من النظام السابق الذي يتهمونه بأنه كان يتلاعب بهذه الورقة لصالحه أما هم فإنهم سيكونون أصدق في الطاعة والتعاون معهم والولاء لهم وسيخدمونهم بلا مقابل لا يريدون بذلك جزاء ولا شكوراً إلا التمكين السياسي لهم ولأحزابهم وإعطائهم حظهم ونصيبهم من السلطة والرئاسة وقد أعطاهم الغرب ذلك وأدوا لهم الذي لهم وبقي الذي عليهم وما قطعوه على أنفسهم من وعد بالتعاون معهم تعاوناً وثيقاً في مجال مكافحة الإرهاب.
فحشدوا لذلك القوات والمقاتلات الأمريكية وقوات مكافحة الإرهاب وقوات الحرس الجمهوري وقوات الأمن المركزي والجيش والفرقة الأولى وما يسمى بالصحوات أو اللجان الشعبية واجتمعوا كلهم للقضاء على ما يسمونه بالإرهاب أو القاعدة أو أنصار الشريعة والحق الذي يجب أن يقال أنه حتى لو كان تنظيم القاعدة مخطئاً فإنه لا يجوز شرعاً التعاون مع الكافر ضد المسلم ولو كان باغياً فماذا سيقول هؤلاء المشاركين للغرب في هذه الحملة لربهم غداً ولماذا يكاد الجميع اليوم أن يسكت عن هذا الأمر ويغض الطرف عنه مع أنه أمر خطير واحتلال سافر وماذا سينفعهم بريق السلطة أو المال في يوم يقول فيه المرء {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} وماذا ستنفعنا أمريكا إذا فتنت بعضنا ببعض وضربت الفصائل السياسية ببعضها كما فعلت وتفعل في العراق الذي لا تجديه الحسرات ولا تنفعه الآهات والأنات.
فهل نفيق قبل أن تقع الكارثة وقبل أن نقول "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" وقبل أن تضرب أمريكا كل من تراه في منظورها خصماً لها سواء كان من القاعدة أو من غيرها من العلماء والمصلحين وهل ستتفق كلمتنا بكل أطيافنا وفصائلنا على رفض التدخل الأجنبي في قضايانا ومشاكلنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}.
الخطبة الثانية
إن هذه فتنة عظيمة وابتلاء صعب وامتحان عسير حيث كانت الوصاية على اليمن سرية وأصبحت اليوم رسمية وكان التدخل الخارجي تهمة واليوم صار رفض التدخل الخارجي تهمة وكان التفريط بالسيادة خيانة وطنية واليوم صار التفريط بالسيادة ضرورة وطنية وكانت أمريكا تستهدف قيادات قاعدية مطلوبة واليوم تستهدف كل من تشتبه فيه.
إن المخلصين لهذه البلاد الغيورين عليها يضعون أيديهم على قلوبهم تخوفاً من القادم المجهول إذا استمر كل طرف على أن يعالج الأمور باستخدام القوة.
لماذا لا تعالج الدولة هذا الملف بالحوار ولماذا تصر على إنهاء موضوع أبين مع أنصار الشريعة بالقوة مع أنها أنهت موضوعها معهم في رداع بالحوار فلماذا أنصار الشريعة في رداع يحاورون وأنصار الشريعة في أبين لا حوار لهم ولا نقاش معهم.
وإذا كانت الدولة مستعدة للتفاهم والتحاور مع الحوثيين الذين أفسدوا في البلاد إفساداً عظيما بالحروب المتتالية والقتل والإجرام ومع ذلك قبلتهم في الحوار الوطني وشملهم عرض المشاركة فيه بينما لا يشمل هذا العرض هؤلاء وهل يعلم الجميع أن المستفيد الأول من هذه الحرب هي إيران والحوثيين لأنهم سيكونون أكثر الرابحين منها بعد أن يضعف الكل كما حصل في العراق ولماذا تريد الدولة تحرير الأراضي التي استولى عليها أنصار الشريعة بينما لا تتكلم عن الأراضي التي يستولي عليها الحوثة الروافض؟ وهل هذا الوقت الذي ملئت فيه الدولة بالمشاكل والأزمات مناسب لفتح الجبهة مع القاعدة التي لم تستطع أمريكا نفسها القضاء عليها وبقيت الحرب بينهم بين كر وفر ومد وجزر.
ولماذا لا تأخذ الدولة بنصائح الناصحين من العلماء بل حتى من بعض القادة العسكريين الغربيين الذين يرون أن حرب أمريكا على الإرهاب إنما تغذيه ولا تجتثه وأن استخدام الطائرات بدون طيار لضرب العزل يزيد من تعاطف الناس مع القاعدة ويزيد من شعبيتها حينما يرون أن العدو الصليبي يستهدف الجميع ويضرب الكل وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}.
فيجب علينا جميعاً بكل طوائفنا وأطيافنا وفصائلنا أن نرفض بملئ أفواهنا التدخل العسكري الأجنبي في قضايانا لأن له أخطاراً عظيمة وجسيمة على البلد وأهله وإذا سكتنا فلننتظر ما أصاب غيرنا نسأل الله العفو والعافية يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه " يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف".
حديثنا اليوم لا يزال عن أحوال يمننا وعن ما يجري في بلادنا وديارنا وما يغشاها من الأحداث العظام وما يدور فيها من الفتن والملاحم الكبار.
لقد مسنا ومس بلادنا خطب عظيم وكرب جسيم وجرح أليم فالعاصفة الغربية اليوم تهب على اليمن من كل مكان والتدخل الخارجي يعصف بالبلاد ويقصف ويخسف وسياسة الأرض المحروقة تدوي ولا مجيب.
هذه حقيقة لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان ولا أن تمنع عن سماعها الآذان ولا أن تحجب عن رؤيتها العينان فلنرفع الغطاء عن أنفسنا ولنكشف الغشاوة عن أبصارنا ولنفتح بالوعي أذهاننا وليس من الحكمة أبداً أن نكون كالنعامة التي تدس رأسها في التراب ولا تستشعر الخطر فإن الخطر من حولنا محدق وإن الظروف المعاصرة التي يعيشها البلد هي من أشد وأحلك وأقوى الظروف التي تكالب فيها الأعداء على الأمة والملة واستخدموا كل ما يملكون من أسلحة حربية وآلة إعلامية ومخططات استخباراتية.
فلماذا كل هذا الضجيج حول ما يسمى بالإرهاب في اليمن؟ ولمصلحة من هذا الحشد والتهويل! ولماذ كل هذا التركيز على اليمن وعلى جنوبه خاصة وبهذه الطريقة التآمرية؟ ومن المستفيد من هذا التحالف مع العدو الصليبي الأمريكي الذي لا يفرق بين مقاتل ومدني ويطلق الصواريخ والقنابل على الجميع حتى على النساء والأطفال والبيوت.
إن أمريكا الصليبية المجرمة فشلت وتخبطت في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال ولم تستطع القضاء على الإرهاب الذي جاءت من أجل القضاء عليه واليوم تريد أن تكرر التجربة وأن تجرب المجرب فلم تكتفي بجرائمها في تلك الدول التي لم تستطع إنقاذها من كونها دولاً فاشلة بل فاقمت من فشلها وجعلتها دولاً غير مستقرة بل جعلتها الأكثر فساداً والأقل استقراراً في العالم واليوم تريد أن تلحق اليمن بهذه الدول لتقضي على ما تبقى فيها من معالم الإسلام والحضارة لأن الغرب الصليبي هدفه الأول والأخير إشعال الفتنة في كل أرض يستيقظ فيها الإسلام أو يرغب أهلها بالحكم بشرع الله وبما أنزل الله يقول الله سبحانه وتعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} ويقول {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
وحذرنا الله جل وعلا أشد التحذير من موالاتهم أو خدمتهم أو التعاون معهم أو العمل لصالحهم أو التجسس لمصلحتهم أو مشاركتهم في الحرب ضد المسلمين فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ويقول {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} ويقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}.
فأين من يتبجح بالتعاون مع أمريكا ويفتخر بذلك من هذه الآيات؟!! وأين من يقول أصدقائنا الأمريكان عن هذه الآيات؟!!!َ.
إن اليمنيين يجب أن تكون لهم رؤيتهم المستقلة في هذا الأمر وأن لا يكونوا مجرد أداة تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وأن يرفضوا أن يكونوا هم وقود حرب لن يجنوا منها إلا الخراب والدمار وأن لا يرضوا أن ينوبوا عن الغرب بشن حرب جديدة لا تحتملها اليمن بأي شكل من الأشكال.
فالغرب لا يهمهم سلامة اليمن ولا سلامة أهله ورخائهم وإنما يهمهم مصالحهم فإذا تحققت لهم تركوا اليمن ليواجه المصير وحده ويومها لن ينفع الأمريكان اليمن مثلما كان الحال في باكستان التي اتخذوها ركوباً يركبون عليه بعد أن قتلوا بطائراتهم الآلاف الباكستانيين وتركوا باكستان لتواجه مصيرها وحدها بعد أن قضوا مآربهم منها، وهكذا عملوا مع الصحوات من أهل السنة في العراق الذين أوهمهم الأمريكان أنهم سيقضون على تسلط خصومهم الشيعة عليهم إن هم قضوا على الزرقاوي وجماعته فلما حققوا لهم هذا الهدف تركوهم لوحدهم في مواجهة الشيعة الروافض بل واليوم ينقلبون عليهم ويصدرون مذكرة دولية عبر الشرطة الدولية " الانتربول" بملاحقة الهاشمي الذي طالما خدمهم وأعانهم، وقبله عرفات ومبارك وزين العابدين وصالح تركوهم لوحدهم بعد أن تيقنوا أنه لا مصلحة لهم فيهم وأن غيرهم سيخدمهم ويكون عبداً لهم أكثر منهم.
إن الحكومة الجديدة تريد أن تفيء بوعودها للغرب وتريهم قدرتها كما وعدتهم من قبل بأنهم سيكونون شركاء مخلصين لهم في محاربة الإرهاب أكثر من النظام السابق الذي يتهمونه بأنه كان يتلاعب بهذه الورقة لصالحه أما هم فإنهم سيكونون أصدق في الطاعة والتعاون معهم والولاء لهم وسيخدمونهم بلا مقابل لا يريدون بذلك جزاء ولا شكوراً إلا التمكين السياسي لهم ولأحزابهم وإعطائهم حظهم ونصيبهم من السلطة والرئاسة وقد أعطاهم الغرب ذلك وأدوا لهم الذي لهم وبقي الذي عليهم وما قطعوه على أنفسهم من وعد بالتعاون معهم تعاوناً وثيقاً في مجال مكافحة الإرهاب.
فحشدوا لذلك القوات والمقاتلات الأمريكية وقوات مكافحة الإرهاب وقوات الحرس الجمهوري وقوات الأمن المركزي والجيش والفرقة الأولى وما يسمى بالصحوات أو اللجان الشعبية واجتمعوا كلهم للقضاء على ما يسمونه بالإرهاب أو القاعدة أو أنصار الشريعة والحق الذي يجب أن يقال أنه حتى لو كان تنظيم القاعدة مخطئاً فإنه لا يجوز شرعاً التعاون مع الكافر ضد المسلم ولو كان باغياً فماذا سيقول هؤلاء المشاركين للغرب في هذه الحملة لربهم غداً ولماذا يكاد الجميع اليوم أن يسكت عن هذا الأمر ويغض الطرف عنه مع أنه أمر خطير واحتلال سافر وماذا سينفعهم بريق السلطة أو المال في يوم يقول فيه المرء {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} وماذا ستنفعنا أمريكا إذا فتنت بعضنا ببعض وضربت الفصائل السياسية ببعضها كما فعلت وتفعل في العراق الذي لا تجديه الحسرات ولا تنفعه الآهات والأنات.
فهل نفيق قبل أن تقع الكارثة وقبل أن نقول "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" وقبل أن تضرب أمريكا كل من تراه في منظورها خصماً لها سواء كان من القاعدة أو من غيرها من العلماء والمصلحين وهل ستتفق كلمتنا بكل أطيافنا وفصائلنا على رفض التدخل الأجنبي في قضايانا ومشاكلنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}.
الخطبة الثانية
إن هذه فتنة عظيمة وابتلاء صعب وامتحان عسير حيث كانت الوصاية على اليمن سرية وأصبحت اليوم رسمية وكان التدخل الخارجي تهمة واليوم صار رفض التدخل الخارجي تهمة وكان التفريط بالسيادة خيانة وطنية واليوم صار التفريط بالسيادة ضرورة وطنية وكانت أمريكا تستهدف قيادات قاعدية مطلوبة واليوم تستهدف كل من تشتبه فيه.
إن المخلصين لهذه البلاد الغيورين عليها يضعون أيديهم على قلوبهم تخوفاً من القادم المجهول إذا استمر كل طرف على أن يعالج الأمور باستخدام القوة.
لماذا لا تعالج الدولة هذا الملف بالحوار ولماذا تصر على إنهاء موضوع أبين مع أنصار الشريعة بالقوة مع أنها أنهت موضوعها معهم في رداع بالحوار فلماذا أنصار الشريعة في رداع يحاورون وأنصار الشريعة في أبين لا حوار لهم ولا نقاش معهم.
وإذا كانت الدولة مستعدة للتفاهم والتحاور مع الحوثيين الذين أفسدوا في البلاد إفساداً عظيما بالحروب المتتالية والقتل والإجرام ومع ذلك قبلتهم في الحوار الوطني وشملهم عرض المشاركة فيه بينما لا يشمل هذا العرض هؤلاء وهل يعلم الجميع أن المستفيد الأول من هذه الحرب هي إيران والحوثيين لأنهم سيكونون أكثر الرابحين منها بعد أن يضعف الكل كما حصل في العراق ولماذا تريد الدولة تحرير الأراضي التي استولى عليها أنصار الشريعة بينما لا تتكلم عن الأراضي التي يستولي عليها الحوثة الروافض؟ وهل هذا الوقت الذي ملئت فيه الدولة بالمشاكل والأزمات مناسب لفتح الجبهة مع القاعدة التي لم تستطع أمريكا نفسها القضاء عليها وبقيت الحرب بينهم بين كر وفر ومد وجزر.
ولماذا لا تأخذ الدولة بنصائح الناصحين من العلماء بل حتى من بعض القادة العسكريين الغربيين الذين يرون أن حرب أمريكا على الإرهاب إنما تغذيه ولا تجتثه وأن استخدام الطائرات بدون طيار لضرب العزل يزيد من تعاطف الناس مع القاعدة ويزيد من شعبيتها حينما يرون أن العدو الصليبي يستهدف الجميع ويضرب الكل وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}.
فيجب علينا جميعاً بكل طوائفنا وأطيافنا وفصائلنا أن نرفض بملئ أفواهنا التدخل العسكري الأجنبي في قضايانا لأن له أخطاراً عظيمة وجسيمة على البلد وأهله وإذا سكتنا فلننتظر ما أصاب غيرنا نسأل الله العفو والعافية يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه " يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف".