لا تَهُنْ عَليكَ صَلاتُكَ 20/10/1441هـ
خالد محمد القرعاوي
لا تَهُنْ عَليكَ صَلاتُكَ 20/10/1441ه
الحمدُ للهِ جعلَ الصَّلاةَ عِمَادَ الدِّينِ, قالَ عَنْها اللهُ فِي كِتَابِهِ المُبِينِ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ). أَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، رَبُّ العَالَمِينَ. وأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرسولُهُ الأمينُ، آخِرُ وَصِيَّةٍ لَهُ: "الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ, وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ". الَّلهمَّ صَلِّ وَسَلِّم وبارك عَليهِ, وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ والتَّابِعينَ لَهم وَمَن تَبِعَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الدَّينِ. أمَّا بعدُ: فيا مسلمونَ، اتَّقوا اللهَ كُلَّ وقْتٍ وحينٍ, فَتقَواهُ أفضلُ مُكتَسَب، وَطَاعتُهُ أَعْلَى الرُّتَبِ. عبادَ اللهِ: مَكَثْنَا أَكْثَرَ مِن شَهْرَينِ وَنَحنُ نسْمَعُ المُؤَذِّنَ يُنَادِي: صَلُّوا في بُيُوتِكِمْ, صَلُّوا في رِحَالِكُمْ! فَاسْتَجَبْنَا لِهَذَا النِّدَاءِ طَاعَةً للهِ تَعَالى, وَطَاعَةً لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ, وَنَحْنُ على يَقِينٍ أنَّنَا نَنَالُ مِثْلَ أُجُورِ صَلاتِنَا فِي بُيُوتِ اللهِ تَعَالى لأنَّهُ حَبَسَنَا عَنْهَا العُذْرُ وَخَوفُ البَلاءِ والوَبَاءِ, واللهُ فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). وَفي الصَّحِيحَينِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إذَا مَرِضَ العَبدُ أو سَافَرَ كَتَبَ اللهُ تَعَالى لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثلَ مَا كانَ يَعمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا). لَقَدْ صلينَا فِي تِلْكَ الفَتْرَةِ في بُيُوتِنَا مَعَ أَوْلادِنَا جَمَاعَةً, وَصَلينَاه مِرَاراً مَعَ الأسَفِ أفْرَادَاً! نُصَلِّي أحْيَانَاً أَوَّلَ الوَقْتِ وَبَعْضُ الأَحْيانِ آخِرَهُ! وَيَجْمَعُ بَعْضُ أَولادِنَا الصَّلَواتِ مِرَاراً! حِينَهَا أَدْرَكْنَا مَعْنى قَولَ اللهِ تَعَالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا). يُصَلِّيِ بَعْضُنَا في أَيِّ لِبَاسِ كَانَ بِدُونِ إعْدَادٍ واسْتِعْدَادٍ! حِينَهَا أَدْرَكْنَا أَنَّنا غَفَلْنَا عَنْ قَولِ اللهِ تَعَالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ). أَيْ البَسُوا أَحْسَنَ لِبَاسٍ وَأَطْهَرهُ لِكُلِّ صَلاةٍ! صَارَ بَعْضُنَا يُرَدِّدُ سُوَرَاً مُعَيَّنَةً فَقطْ, فَأَدْرَكْنَا ضَعْفَ بِضَاعَتِنَا مَنْ كِتَابِ رَبِّنَا! فلنَتَذَكَّرْ أَنَّهُ يُقَالُ يَومَ القَيَامَةِ لِصَاحِبِ القُرْآنِ: (اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّل كَمَا كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فَإنَّ مَنْزِلَكَ عندَ آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤُهَا). تَبَيَّنَ لَنَا حينَ التَزَمْنَا بِصلاةِ التَّرَاوِيحِ والقَيامِ في بُيُوتِنَا حَجْمَ مُعَانَاةِ أَئِمَّةِ المَسَاجِدِ حِيالَ ذَلِكَ, فَكَانَ حَقُّهُمُ عَلينَا الدُّعَاءُ لَهُمْ, والثَّنَاءُ عليهِمْ.
عِبَادَ اللهِ: أَخْوَفُ مَا أَخافُهُ أنْ يَألَفَ أَولادُنَا الصَّلاةَ في المَنْزِلِ, وَيَكُونُ التَّخَلُّفُ عَن الجُمُعَةِ والجَمَاعَةِ أمْرَاً هَيِّنَاً, ويَضْعُفُ لَدينَا أَمْرَهُمْ بِذَلِكَ! فَكَانَ لِزَامَاً أَنْ نَتَذَاكَرَ قَولَ اللهِ تَعَالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا). فَيا أيُّها الآبَاءُ: احْرِصُوا وَرَدِّدوا: رَبَّنَا اجْعَلْنَا مُقِيمِي الصَّلاةِ ومن ذُرِّياتِنَا. أَقولُ قَولِي هَذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم, فاستغفِرُوه إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
لخطبةُ الثانية: الحمدُ للهِ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ. أَشهدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورَسُولُهُ، شَهادةً نَرجو بِها النَّجاةَ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ عليهِ, وعلى آلِهِ وَصحبِهِ وَالتَّابِعِينَ بإحْسَانٍ وإيمانٍ إلى يومِ المَمَاتِ. أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ يا مُسلِمونَ وأَطِيعُوهُ، وراقِبُوهُ ولا تَعصُوهُ.
عبادَ اللهِ: الصَّلاةُ أَعظَمُ شَعَائِرِ الدِّينِ، لا دِينَ لمَن لا صلاةَ لَهُ، ولا حَظَّ لمَن أَهْمَلَها, هي أَوَّلُ مَفرُوضٍ, وَأَعظَمُ مَعرُوضٍ, قَالَ عَنْها نَبيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «رَأسُ الأمْرِ الإسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ الجِهادُ». هيَ أَوَّلُ ما يُحاسَبُ عليه العبدُ يومَ القِيامَةِ: «فَإِنْ صَلُحَتْ صَلُحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ». مَن تَركَ صلاةً مُكتوبةً مُتعمِّدَاً مِن غيرِ عُذرٍ فقد بَرِئت منه ذِمَّةُ اللهِ. وفي ذلِكَ قَالَ النَّبِيُّ الأعظَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ إِلاَّ تَرْكُ الصَّلاَةِ». إعْلانُها والنِّدَاءُ لَهَا, وَإغْلاقُ المَحَلاَّتِ لِشُهُودِهَا: أَكبَرُ وَسيلَةٍ لِحِفظِ الأَمنِ، وَأَنْفَعُ وَسيلَةٍ للعِفَّةِ والفَضِيلَةِ, كَمَا قَالَ أَصْدَقُ القائِلِينَ:(وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ). عِبَادَ اللهِ: أَخْوَفُ مَا أَخَافُهُ أَنْ يَألَفَ بَعْضُ أَصْحَابِ المَحَلاَّتِ عَدَمَ الإغْلاقِ نَظَرَاً لِعَدَمِ إِقَامَةِ الصَّلاةِ في المَسَاجِدِ فِي الفَتْرَةِ المَاضِيَةِ, وَنَألَفُ نَحْنُ ذَلِكَ فَلا نُنْكِرُ عَليهِمْ ولا نُنَاصِحُهُمْ, وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). فَالصَّلاةُ بَابٌ لِلرِّزقِ والخَيراتِ, وَقَالَ اللهُ تَعَالىَ:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)
يا مُؤمِنُونَ: لا نَزالُ بِحمدِ اللهِ, نُشاهِدُ شَباباً, إذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ, أوقَفوا سيَّارَاتِهم وصَفُّوا مع المُصَلِّينَ! فَيَا شَبَابَ الإسْلامِ لا يُشْغِلَنَّكُمْ عن الصَّلاةِ أيَّ شَغْلٍ فَاجْعَلُوها هِيَ المُقَدَّمَةُ على كُلِّ الأشْغَالِ, وَلا تُجَامِلُوا فِي أدَائِهَا فِي وَقْتِهَا كَائِنَاً مَنْ كَانَ! فَإنَّها أُمُّ العِبَادَاتِ, وَنَهْرُ الحَسَنَاتِ, وَعَمُودُ الدَّينِ ,فَحَافِظْ عليها مَهمَا قَصَّرتَ وَأَخْطَأْتَ, فَإنَّها سَتَنهَاكَ عن كُلِّ فَحْشَاءٍ ومُنكَرٍ, ولو بعدَ حينٍ! وَفَّقَنِي اللهُ وإيَّاكُمْ لِمَرَاضِيهِ، وَجَعَلَ مُستَقبَلَنا خَيرَاً مِن مَاضِيهِ. اللهمَّ أَقِرَّ عُيونَنا بِصلاحِ شَبَابِنَا وَفَتَيَاتِنَا، اللهمَّ اجعلنا وذُرِّيَاتِنَا مُقيمِي الصَّلاةِ، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا، اللهمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات, اللهم اغفر لنا ولوالدينا, اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ, وَوفِّق ولاتَنَا وَوُلاةَ المُسْلِمينَ لِمَا تُحبُّ وتَرضَى أعنهم على البرِّ والتَّقوى أصلح لهم البطانة وأعنهم على أداءِ الحقِّ والأمانة, رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
المشاهدات 1611 | التعليقات 2
خطبة جيدة
أحسن الله اليك
وجزاك الله خيرا
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق