لا تنقضوا توحيدكم ...

التحذيرُ منْ إِتيانِ الْكُهَّانِ إِخْوَةُ الإِيمَانِ وَالْعَقِيدَةِ ...إِنَّ عَقِيْدَةَ الْمُسْلِمِ هِيَ أَعَزُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّ بِهَا نَجَاتَهُ وَسَعَادَتَهُ فِي الْدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؛ فَيَجِبُ عَليْهِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى تَجَنُّبِ مَا يَنْقُضُهَا مِنَ الْشِّرْكِ أَوِ الْكُفْرِ أَوْ يُنْقِصُهُا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْبِدَعِ وَالْعِصْيَانِ؛ لِتَبْقَى صَافِيَةً نَقِيَّةً مِنَ الْشَّوَائِبِ، لَا سِيَّمَا وَأَنَّهُ قَدْ كَثُرَ فِي هَذَا الْزَّمَانِ مَنْ يَحْتَرِفُ الْكَهَانَةَ وَالْعَرَافَةَ وَالتَّنْجِيمَ وَالْتَّدْجِيلَ ،لإِفْسَادِ عَقَائِدِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ النَّبِيِّ ﷺ «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا» وَقَالَ: «مَنْ أَتَىَ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ». الْكَاهِنُ: هُوَ الَّذِي يَدَّعِي عِلْمَ الْغَيْبِ، بِسَبَبِ تَعَامُلِهِ مَعَ الشَّيْطَانِ، وَالعَرَّافُ اسْمٌ لِلْكَاهِنِ وَالمُنَجِّمِ وَالرَّمَّالِ وَنَحْوِهِمْ ؛ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي مَعْرِفَةِ الأُمُوْرِ بِهَذِهِ الطُّرُقِ. فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَكْفُرَ بِالْكَهَانَةِ وَالْعَرَافَةِ وَالْتَّنْجِيمِ، وَلَا يُصَدِّقَ أَهْلَهَا، فَهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ الْرَّحْمَنِ، إِنَّمَا هُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ، حَيْثُ يُخْبِرُونَ بِمَا سَيَقَعُ فِي الْأَرْضِ، وَمَا سَيَحْصُلُ، وَأَيْنَ مَكَانُ الْضَّالَّةِ؛ عَنْ طَرِيقِ اسْتِخْدَامِ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ مِنَ السَّمَاءِ ‏﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ فَالشَّيْطَانُ يَسْتَرِقُ الْكَلِمَةَ مِنْ كَلَاَمِ الْمَلَاَئِكَةِ، فَيُلْقِيهَا فِي أُذُنِ الْكَاهِنِ أَوِ الْسَّاحِرِ، وَيَكْذِبُ مَعَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِائَةَ كِذْبَةٍ، فَيُصَدِّقُهُ النَّاسُ بِسَبَبِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ. واللهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْمُتْفَرِدُ بِعِلْمِ الْغَيْبِ، فَمَنِ ادَّعَى مُشَارَكَتَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِكَهَانَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ صَدَّقَ مَنْ يَدَّعِي ذَلِكَ، فَقَدْ جَعَلَ للهِ شَرِيكًا فِيمَا هُوَ مِنْ خصَائِصِهِ، وَهَذَا شِرْكٌ فِي الرُّبُوبِيَّةِ، وَهُوَ شِرْكٌ فِي الْأُلُوهِيَّةِ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى الشَّيَاطِينِ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِبَادَةِ مِنْ ذَبْحٍ وَدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ. فَلِزَامًا عَلَيْنَا التَّنَبُّهُ وَالتَّنْبِيهُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ أَمْرِ السَّحَرَةِ وَالْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ وَالْمُنَجِّمِينَ وَالْمُشَعْوِذِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ. ولقدْ قرَّرَ أهلُ العلمِ رَحِمهمُ اللهُ أنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ مُحرمٌ، بلْ هوَ كُفرٌ إِذَا كانَتْ وسيلَتُهُ الإشراكَ بالجنِّ والشياطينِ، فَهُوَ مِنَ الكبائرِ بالإِجماعِ، وَقَدْ عَدَّهُ النبيُّ rمنَ السَّبْعِ الموبِقاتِ، وَتَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ حَرامٌ، فَإِنْ تَضَمَّنَ ما يَقْتضِي الْكُفْرَ كَفَرَ. وَيَحْرُمُ الذَّهابُ إلى هؤلاءِ الْكَهَنَةِ والسَّحَرَةِ والمشَعوذينَ والدَّجَّالينَ، وَلَا يَجُوزُ تَصْدِيقُهُمْ، فَهَذَا كَبِيرةٌ مِنْ كبائرِ الذنوبِ يَقُودُ إلى الْكُفرِ وَالضلالِ، قَالَ النَّبِيِّ ﷺ ((اجْتَنِبُوا السَّبْعِ الموبِقاتِ))، قالوا: يا رسولَ اللهِ وما هُنَّ؟ قال: ((الشِّرْكُ باللهِ، والسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبا، وَأَكْلُ مالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ المؤمناتِ)). وَيَدْخُلُ في ذلك -معاشرَ المسلمينِ- التَّنْجيمُ وَالْكَهَانَةُ مِما هوَ دَجَلٌ وَتَخَبُّطٌ مِنْ أَجْلِ أَكْلِ أَمْوالِ الناسِ بالباطِلِ وإِدْخالِ الْهَمِّ والْغَمِّ عَلَيْهِمْ. هؤلاءِ المنَجِّمونَ الدَّجّالُونَ يَسْتَدِلُّونَ بِالنُّجومِ والْكَواكِبِ وَأَحْوالِها وَأَبْراجِهَا وَمَنَازِلِها وَحَرَكَاتِها وَاقْتِرَانِها وَافْتِرَاقِهَا، يَسْتَدِلُّونَ بِذَلِكَ عَلَى الحوادِثِ الْأرْضِيَّةِ وَعَلَى أَحوالِ النَّاسِ مِنْ شَقاءٍ وَسَعادَةٍ وَحُظوظٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَرامٌ باطِلٌ، يَقُودُ بِصاحِبِهِ إِلَى الْكُفْرِ إِذَا اعْتَقَدَ عِلْمَ الْغَيْبِ أَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ لِأَحَدٍ غَيْرِ اللهِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّصَرُّفِ في الْخَلْقِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ كُفْرٌ بِاللهِ وَاسْتِعَانَةٌ بِغَيْرِ اللهِ وَشِرْكٌ بِهِ، تَعَالَى اللهِ عَمَّا يَقولُ الظالمونَ الجاحدونَ المعانِدونَ عُلُوًّا كبيرًا. والحوادِثُ الأَرْضِيَّةُ لَيسَ لِلنُّجُومِ بِها تَعَلُّقٌ أَوِ ارْتِباطٌ أَوْ تَأْثِيرٌ، قَالَ زَيْدِ بْنِ خالدٍ الْجُهَنِيِّ t: صَلَّى بِنَا رسولُ اللهِ ﷺ ذاتَ لَيْلَةٍ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ مِنَ اللَّيْلِ ـ أَيْ: عَلَى إِثْرِ مَطَرٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقالَ: ((هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟)) قَالُوا: اللهَ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ((أَصْبَحَ مِنْ عِبادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّهُ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ، وَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كافِرٌ بِالْكَوْكَبِ)). مَعَاشِرَ المسْلمينَ .. وَمِمَّنْ يَدْخُلُ في التَّحْذيرِ وَالْوَعيدِ الذينَ يَذْهَبونَ إِلى السَّحَرَةِ والْمُشَعْوِذينَ لِيَطْلُبُوا مِنْهُمْ أَنْ يَسْحَرُوا غَيْرَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ أَوْ أَصْدِقائِهِمْ، فَمَنْ سَلَكَ هَذا الْمَسْلَكَ فَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، غايَتُهُ الِانْتِقامُ مِنْ أَخِيهِ المسْلِمِ، وَفِي الْحَدِيثِ: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطِيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ)). أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمُ اللهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ السِّحْرَ وَالْكَهَانَةَ وَالشَّعْوَذَةَ وَالدَّجَلَ وَالتَّنْجِيمَ فِتَنٌ تَصُدُّ صَاحِبَهَا عَنِ الْحَقِّ وَتُعْمِي عَنِ الْهُدَى وَتُوْقِعُ فِي الضَّلَالِ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ لَكَ، وَقِنَا شُرُورَ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا وَشَرَّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَأَعْمَارَنَا.  أَقُولُ قَوْلِيْ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِيْ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الـمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.     الْحَمْدُ للهِ ... مَعَاشِرُ الْمُؤْمِنُونَ .. اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ. وَاعْلَمُوا أَنَّ طريقَ الْوِقايَةِ وَالْعِلاجِ هُوَ طَريقُ الْإِسلامِ وَسَبيلُ المؤمنينَ؛ مِنْ قُوَّةِ الإيمانِ بِاللهِ وَحُسْنِ التَّعَلُّقِ بِهِ وَصِدْقِ الِاعْتِمادِ عَلَيهِ والتَّوَكُّلِ وَالْيَقينِ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَّهُ مَخْرَجًا، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. وَلْيُحَصِّنِ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بِالْأَدْعِيةِ المأثورةِ مِنْ كتابِ اللهِ وَمِنْ سُنَّةِ رَسولِهِ ﷺ، وَمَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمْراتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ، وَقِرَاءَةِ المعَوِّذَتَيْنِ وَسُورَةِ الْإِخْلاصِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَغَيْرِها مِنَ الْأَذْكارِ وَالْأَدْعِيَةِ الْوَارِدَةِ في السُّنَّةِ. أَلَا فاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمُ اللهُ، وآمِنُوا بِهِ، وَاعْتَمِدُوا عَلَيْهِ، وَتَواصُوا بِالْحَقِّ، وَتَواصُوا بِالصَّبْرِ، وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ. وَاعْلَمُوا -وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِكُلِّ خَيْرٍ- أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمُثَبِّتَاتِ عَلَى دِيْنِ اللهِ I وَتَوْحِيدِهِ أَنْ يَرْتَبِطَ الْمُسْلِمُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ بِبَعْضِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي تُقَرِّبُهُ مِنَ اللهِ I كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسَاجِدِ، وَقِرَاءَةِ الْأَوْرَادِ وَالْأَذْكَارِ الشَّرْعِيَّةِ عُمُومًا، كَالذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَغَيْرِهَا مِنْ أَذْكَارِ الْمُنَاسَبَاتِ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ وِرْدٍ يَوْمِيٍّ مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَنَفْعُ النَّاسِ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ بِكَ وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.  فَاذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الجَلِيْلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ عَلَى آلَائِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُوْنَ. 
المرفقات

1635447922_لا تنقضوا توحيدكم.doc

1635447930_لا تنقضوا توحيدكم.pdf

المشاهدات 851 | التعليقات 0