لا تكن ضميرا مؤرَّقا أو عينا دامعة أو جيبا مفتوحا فقط!!! د. ديمة طارق طهبوب

احمد ابوبكر
1435/06/09 - 2014/04/09 11:39AM
ما زال في الناس خير كثير و ما زالت أخبار و صور و مآسي المسلمين تستفز في القلوب الطيبة اليقظة دمعة حرى أو دعوة صادقة، و إذا زادت فتحت جيبها لتدعم بالمال! و لكن و ماذا بعد ذلك؟ هل هذه وسائل إراحة الضمير ليخفف المرء العبء النفسي عن كاهله و يشعر بأنه أدى ما عليه ثم يستأنف حياته بمشاغلها و مباهجها؟!

هل تكفي الموسمية و الآنية و الاستجابة الوقتية و اللحظية مع حدث عارض لتنصر القضايا العظيمة لبلادنا و شعوبنا؟! هل يغني التأرجح بين إقبال و إدبار و تذكر و نسيان و عمل و تقاعس في مواجهة من يضعون الخطط القريبة و البعيدة الأمد و يسخرون حياتهم لتنفيذها كما لو كانت نصوصا مقدسة؟!
إن الله علمنا من خلال العبادات التي تنظم حياة الانسان و تصرفاته أن الديمومة، و ان قلت، يجب أن تكون سمت الانسان المسلم في كل أعماله و أن التفاعلات الشعورية لا تكفي في مواجهة و صد أعمال العدوان و الاستهداف، فالدموع و الآهات و الآنات و كلام اللسان لوحدها لا تسترد المفقودين و لا تجترح المعجزات، إنما هو أن نخلط هذه الرحمة التي جعلها الله في قلوب الرحماء من عباده بشيء من قطران العمل مهما كان صغيرا حيث أن العمل يساهم في تدعيم الشعور و ترسيخه في الوجدان، و ينقلك من حالة الضحية الى الى حالة المُطالِب بالحق و الثأر، من حالة التباكي الى حالة التعالي، و من وضع اليد على الخد الى وضعها في عمل يغير الحال الى الأحسن

إن الله قد وهب بعض العباد قدرات تؤهلهم للقيادة في الصفوف الأولى و أن يقفوا في عين العاصفة و يدفعوا الفاتورة الأكبر للتضحية الا أن هؤلاء لم يكونوا ليصمدوا لولا دعم و إسناد الموجودين عن يمينهم و شمالهم و من أمامهم و خلفهم، فالنصر و الإنجاز، كما يقول الراشد، أكمام موزعة تجتمع مع بعضها البعض لتكون العبقرية الفذة و التميز فليس في ثقافتنا نظرية الرجل الخارق و لا وجود للسوبرمان، و إنما لتعاون و تعاضد يعود بالمنفعة على المجموع و الفكرة و المشروع

ما بين أعظم درجات التضحية بالنفس الى قول كلمة الحق لن يعدم محب صادق في محبته و انتمائه أن يجد له موطىء قدم لدعم حقيقي يبعده عن خانة المتخاذلين الذين يساهمون بصمتهم و قلة حيلتهم في نصرة العدو!
إن في الأمة مصائب تكفي لتجعلنا مؤرقي الضمير على الدوام! و لكن ماذا نفعنا ذلك حتى الان سوى أن نكون جمهورا صامتا مشاهدا يتفرج على عذابات الأمة كما لو كان يتفرج على فلم درامي يحدث في بلاد بعيدة لأناس غرباء أو قصة خيالية؟!

لا يجب أن نكون جمهورا أو لاعبي احتياط في حكايا و مآسي أمتنا، ان لم نكن الأبطال الرئيسيين فليس أقل من أدوار المساندة في تحريك الحدث و صناعة النصر لأنه ان لم نفعل سنرى تداعيات سكوتنا في حياتنا حين يخذلنا الله في موطن نحتاج نصرته بشدة، أو في مشهد آخر نقف فيه صامتين لتقريع الله حين يعاتبنا "استنصرك عبدي فلم تنصره"!

لا تريحوا ضمائركم فلم نقدم الا القليل، و لو علم الله منا تقديم الكثير و الحرص لعفى عن التقصير و جبره و أنزل علينا نصره!
العمل، العمل، العمل فلا شيء يغني عنه...
المشاهدات 947 | التعليقات 0