لا تقدموا بين يدي الله ورسوله(الحجرات1)
زراك زراك
1433/06/13 - 2012/05/04 21:35PM
[font="] لا تقدموا بين يدي الله ورسوله(الحجرات1)[/font]
12 [font="]جمادى الثانية 1433 / 4 ماي 2012[/font][font="] [/font]
[font="]محمد زراك إمام وخطيب المسجد الكبير بأولاد برحيل المغرب[/font]
[font="]الحمد لله الذي أنزل علينا كتابا كالشمس وضحاها، وأرسل إلينا رسولا كالقمر إذا تلاها، فمن اقتدى بهما عاش في ضوء النهار إذا جلاها، ومن أعرض عنهما تخبط في ظلمات الليل إذا يغشاها، وأشهد أن لا إله إلا الله خلق النَفْس وسَوَّاهَا، فأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، فأَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وخَابَ مَن دَسَّاهَا، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أخبره ربه أنه أهلك ثمودا بطغواها، وأنه سبحانه وتعالى لا يخاف عقباها، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه من أمته أولاها وأخراها.[/font]
[font="]أما بعد فيا أيها الإخوة الكرام! أوصيكم...[/font]
[font="]سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى انوار المعرفة والعلم، وارحمنا رحمة واسعة، تغنيننا بها عن رحمة من سواك، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. [/font]
[font="]أيها المؤمنون! إنه لا خلاصَ لهذه الأمة من هذا الواقع الذي تعيشه، والبؤس الذي تحياه، لتعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس، إلا بأن ترجع إلى القرآن الكريم، الذي هو سبيل نجاتها وسعادتها. فتعالوا بنا اليوم نرجع إلى كتاب الله تعالى، نقف عند سورة من سوره الكريمات، سورة تربّى في ضوئها أتباع محمّد صلى الله عليه وسلم ، سورة شاملة لآداب وأوامرَ ونواهٍ لا تجدها مجتمعة في سورة سواها، تلكم السورة ـ أيّها الإخوة ـ هي سورة الحجرات. يقول الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[/font]
[font="]هذه هي الآية الأولى في هذه السورة، وهذه الآية لها أهميِّةٌ كُبرى لأنها متعلِقةٌ بالإيمان، أنت حينما تتعرَّف إلى الله عزَّ وجل من خلال الكون، وتعرف علمه وحكمته، ورحمته وعدله، وتؤمن به إيمانا صادقا، عندئذ لا يمكن أن تعارض كلامه أو تتناوله بالمناقشة لأن ذلك دليل على عدم الإيمان. [/font]
[font="]لذلك بدأت هذه السورة بالأدب مع الله عزَّ وجل، حينما تفكِّر أن لديك حلاًّ لمشكلةٍ خلاف حلِّ القرآن الكريم، فأنت لا تعرف الله، وحينما تفكِّر أن تقول: هذا الحل الذي طرحه الدين هل يصلح لي أو لا يصلح ؟ فأنت لا تعرف الله عزَّ وجل،فعليك ألاّ تقدِّم اقتراحاً، ولا بديلاً، ولا شيئاً، ولا رأيا، يخالف منهج الله عزَّ وجل، فإذا فعلت فأنت لا تؤمن بالله. [/font]
[font="]تصوروا معي: هذا إنسان دخل على طبيب مثلاً، فقال له الطبيب خذ الدواء الفلاني، فيقول له المريض لا: سآخذ الدواء الفلاني، سيقول له الطبيب: لماذا أنت عندي ؟ ما دمت تقدِّم اقتراحاتٍ وأدويةً لمرضك فلماذا أنت عندي ؟ الشاهد بمجرَّد أن تعتقد أن هناك حلاَ وضعياً لمشاكلنا خلاف حلِّ الإسلام لها فقد قدَّمت بين يدي الله ورسوله.[/font]
[font="] فعلينا جميعا إذا عرفنا حكم الله في مسألة ما أن نبادر إلى تطبيقه دون نقاش، يقول الشرع: هذه القضية حرام ندعها فوراً دون أن نقدم أعذارا[/font]
[font="] مثلا يقول الله تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) هذا حكم الله في الربا: حرام، إذن اترك الربا دون نقاش، لا تقل تطورت الحياة ولابدَّ من استثمار الأموال بفائدةٍ ، أو لابدَّ لي من القروض ، فإذا انطلقت من هذا المنطلق فقد قدَّمت بين يدي الله ورسوله، فأدى ذلك إلى اشتعال الحرب بين الإنسان وبين الله ورسوله، وهي حرب على البركة والرخاء، وحرب القلق والخوف، وحرب الجفاف والجفاء ، وحرب الأمراض والأوجاع، فالله عز وجل ليس في حاجة للجنود ولا للعتاد لكي يحارب المتعاملين بالربا.[/font][font="] [/font][font="]مرَّة سألوا إنسانا: ما رأيك في التعامل بالربا ؟ أجاب إجابة فقال: هل يُعقَلُ أن يكون لي رأيٌّ في هذا الموضوع وقد حرمه الله عزَّ وجل ؟ والله إجابة رائعة جدا، وهل يعقل أن يكون لي رأي مع القرآن الكريم ؟ هذا هو الإيمان، الله عزَّ وجل حكم في هذا الموضوع.[/font]
[font="]مثال ثان: في آية الخمر يقول الله تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل منتهون) آية صريحة في تحريم شرب الخمر، لا تطرح البديل فتقول: أنا عندي مشاكل وهموم وغموم وأضطر أن أشرب الخمر لكي أنسى المشاكل، فإذا انطلقت من هذا المبدإ فقد قدمت بين يدي الله ورسوله، ونتيجة هذا التقديم ما نراه في واقعنا من كثرة حوادث السير وكثرة السرقات وتخريب البيوت وتشتيت الأسر، وانتشار البغي والتعدي والجرائم بسبب شرب الخمور. [/font]
[font="]مثال ثالث: يقول الله تعالى في آية الحجاب (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) يجب على المرأة أن تغطي جميع جسدها ما عدا وجهها وكفيها، لا تقل المرأة أنا سأبدي مفاتني وجمالي لكي يتقدم إلى الخطاب، فإذا فعلت ذلك فقد قدمت بين يدي الله ورسوله، ونتيجة هذا التقديم، أصبحت المرأة اليوم ضحية الأيادي الفاسدة، والذئاب الجائعة.[/font]
[font="]أيها المؤمنون ! الصحابة الكرام كانوا في أعلى درجات الأدب في هذا الموضوع، سيدنا الحُباب بن المنذر رضي الله عنه لمَّا رأى موقع المسلمين في غزوة بدر ليس موقعاً جيداً توجَّه إلى النبي عليه الصلاة والسلام (دقِّقوا فيما سيقول) قال: " يارسول الله! أهذا منزل أنزلكه الله: أي أمرك الله بالنزول فيه، فليس من حقنا حينئذ أن نعارض، فما علينا إلا السمع والطاعة؟ أم هو مجرد رأيك في الحرب ؟ فقال[/font][font="] : بل هو الرأي والمكيدة، وحينئذ اعترض الحباب بن المنذر فقال: لا يا رسول الله ليس هذا بالمكان الإستراتجي فارحل بنا حتى نكون أعلى الوادي فأخذ الرسول[/font][font="] بهذا الإقتراح. ومن هذه القصة يا عباد الله نتعلم أن أحكام شرع الله لا يجوز بحال من الأحوال معارضتها، لأن معارضة الأحكام التي جاء بها الوحي في القرآن والسنة ما هو إلا إلحاد ونفاق، وأن رفضها ما هو إلا خروج عن دائرة الإيمان.[/font]
[font="]أيها الإخوة المؤمنون! كثير من الناس الآن يعرفون أوامر الله عز وجل ونواهيه وحدوده، لاكنهم يقدمون بدائل وأعذارا ويحتالون على حدود الله بطرقٍ متعددة، ووسائل متنوعة، انساقوا مع شهواتهم وهواهم، حتى جرَّ هذا الواقع المؤلم، انتشار الجهل بدين الله بين المسلمين أنفسهم، وفقدان الغيرة على دين الله، وانتشار الأعمال المخالفة لشرع الله، وسنة رسول الله [/font][font="]، وعمَّ التهاون بالصلاة، وألفه كثيرٌ من مرضى القلوب، وانتشر الكسب الحرام، كأنما هو من الطيبات، وأصبح الفساد والمنكر على اختلاف وسائله، وتعدد طرقه، أمراً مباحاً، مستساغاً عند كثيرٍ من الناس، { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } ولا حول ولا قوة إلا بالله![/font]
[font="] فهذا بعض ما يُفْهَم من هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[/font]
[font="]إن تكلَّمت بكلام يخالف اتجاه القرآن الكريم فالله سميع، وإن سكت وأضمرت ذلك في قلبك فالله عليم.نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم....[/font]
[font="] الخطبة الثانية[/font]
[font="]الحمد لله رب العالمين..[/font]
[font="]﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ هذا مقتضى العبودية لله تعالى، فلا يُقَدِّمَ الإنسان هوَى نفسه أو رأيه أو اقتراحاته أو غيره على أمر الله تعالى وأمر رسوله، وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا [/font]
[font="]روى البخاري عن ابن عباس، أن عيينة بن حصن قال لعمر بن الخطاب: يا ابن الخطاب، إنك ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل فغضب عمر، حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين، إن الله قال لنبيه:﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) وإن هذا من الجاهلين فقال ابن عباس: فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله عز وجل.[/font]
[font="]أيها المؤمنون! فلنكن جميعا كسيدنا عمر وأمثاله من الصالحين، فلنكن وقافين عند كلام الله ورسوله، اما بقية تأملاتنا في سورة الحجرات، فستأتي في الجمعات المقبلة إن شاء الله.[/font]
[font="]هذا ولنجعل مسك الختام أفضل الصلاة وأزكى السلام على سيد الأنام. اللهم صل على سيدنا محمد...وارض اللهم عن جميع صحابته الأبرار, وعن أزواجه وسائر آل بيته الطيبين الأطهار, وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.[/font]
[font="]واحفظ اللهم جلالة الملك أمير المؤمنين محمدا السادس ،اللهم أعنه على تحقيق كل خير لشعبه وبلده، اللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتجمع به شمل المسلمين، وبارك له في ولي عهده المحبوب، وفي جميع الأسرة الشريفة يارب العالمين.....[/font]
[font="]اللهم اجعل القرآن لنا في الدنيا قرينا....,اللهم اجعلنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين, ولحوض نبيك من الواردين, ولكأسه من الشاربين, وعلى الصراط من العابرين,وعن النار مزحزحين, وإلى جناتك من الداخلين, وإلى وجهك الكريم من الناظرين,[/font]
[font="]َربَّنَا عَلَيْكَ ....رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ....رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا...[/font][font="]سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين [/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
12 [font="]جمادى الثانية 1433 / 4 ماي 2012[/font][font="] [/font]
[font="]محمد زراك إمام وخطيب المسجد الكبير بأولاد برحيل المغرب[/font]
[font="]الحمد لله الذي أنزل علينا كتابا كالشمس وضحاها، وأرسل إلينا رسولا كالقمر إذا تلاها، فمن اقتدى بهما عاش في ضوء النهار إذا جلاها، ومن أعرض عنهما تخبط في ظلمات الليل إذا يغشاها، وأشهد أن لا إله إلا الله خلق النَفْس وسَوَّاهَا، فأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، فأَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وخَابَ مَن دَسَّاهَا، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أخبره ربه أنه أهلك ثمودا بطغواها، وأنه سبحانه وتعالى لا يخاف عقباها، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه من أمته أولاها وأخراها.[/font]
[font="]أما بعد فيا أيها الإخوة الكرام! أوصيكم...[/font]
[font="]سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى انوار المعرفة والعلم، وارحمنا رحمة واسعة، تغنيننا بها عن رحمة من سواك، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. [/font]
[font="]أيها المؤمنون! إنه لا خلاصَ لهذه الأمة من هذا الواقع الذي تعيشه، والبؤس الذي تحياه، لتعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس، إلا بأن ترجع إلى القرآن الكريم، الذي هو سبيل نجاتها وسعادتها. فتعالوا بنا اليوم نرجع إلى كتاب الله تعالى، نقف عند سورة من سوره الكريمات، سورة تربّى في ضوئها أتباع محمّد صلى الله عليه وسلم ، سورة شاملة لآداب وأوامرَ ونواهٍ لا تجدها مجتمعة في سورة سواها، تلكم السورة ـ أيّها الإخوة ـ هي سورة الحجرات. يقول الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[/font]
[font="]هذه هي الآية الأولى في هذه السورة، وهذه الآية لها أهميِّةٌ كُبرى لأنها متعلِقةٌ بالإيمان، أنت حينما تتعرَّف إلى الله عزَّ وجل من خلال الكون، وتعرف علمه وحكمته، ورحمته وعدله، وتؤمن به إيمانا صادقا، عندئذ لا يمكن أن تعارض كلامه أو تتناوله بالمناقشة لأن ذلك دليل على عدم الإيمان. [/font]
[font="]لذلك بدأت هذه السورة بالأدب مع الله عزَّ وجل، حينما تفكِّر أن لديك حلاًّ لمشكلةٍ خلاف حلِّ القرآن الكريم، فأنت لا تعرف الله، وحينما تفكِّر أن تقول: هذا الحل الذي طرحه الدين هل يصلح لي أو لا يصلح ؟ فأنت لا تعرف الله عزَّ وجل،فعليك ألاّ تقدِّم اقتراحاً، ولا بديلاً، ولا شيئاً، ولا رأيا، يخالف منهج الله عزَّ وجل، فإذا فعلت فأنت لا تؤمن بالله. [/font]
[font="]تصوروا معي: هذا إنسان دخل على طبيب مثلاً، فقال له الطبيب خذ الدواء الفلاني، فيقول له المريض لا: سآخذ الدواء الفلاني، سيقول له الطبيب: لماذا أنت عندي ؟ ما دمت تقدِّم اقتراحاتٍ وأدويةً لمرضك فلماذا أنت عندي ؟ الشاهد بمجرَّد أن تعتقد أن هناك حلاَ وضعياً لمشاكلنا خلاف حلِّ الإسلام لها فقد قدَّمت بين يدي الله ورسوله.[/font]
[font="] فعلينا جميعا إذا عرفنا حكم الله في مسألة ما أن نبادر إلى تطبيقه دون نقاش، يقول الشرع: هذه القضية حرام ندعها فوراً دون أن نقدم أعذارا[/font]
[font="] مثلا يقول الله تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) هذا حكم الله في الربا: حرام، إذن اترك الربا دون نقاش، لا تقل تطورت الحياة ولابدَّ من استثمار الأموال بفائدةٍ ، أو لابدَّ لي من القروض ، فإذا انطلقت من هذا المنطلق فقد قدَّمت بين يدي الله ورسوله، فأدى ذلك إلى اشتعال الحرب بين الإنسان وبين الله ورسوله، وهي حرب على البركة والرخاء، وحرب القلق والخوف، وحرب الجفاف والجفاء ، وحرب الأمراض والأوجاع، فالله عز وجل ليس في حاجة للجنود ولا للعتاد لكي يحارب المتعاملين بالربا.[/font][font="] [/font][font="]مرَّة سألوا إنسانا: ما رأيك في التعامل بالربا ؟ أجاب إجابة فقال: هل يُعقَلُ أن يكون لي رأيٌّ في هذا الموضوع وقد حرمه الله عزَّ وجل ؟ والله إجابة رائعة جدا، وهل يعقل أن يكون لي رأي مع القرآن الكريم ؟ هذا هو الإيمان، الله عزَّ وجل حكم في هذا الموضوع.[/font]
[font="]مثال ثان: في آية الخمر يقول الله تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل منتهون) آية صريحة في تحريم شرب الخمر، لا تطرح البديل فتقول: أنا عندي مشاكل وهموم وغموم وأضطر أن أشرب الخمر لكي أنسى المشاكل، فإذا انطلقت من هذا المبدإ فقد قدمت بين يدي الله ورسوله، ونتيجة هذا التقديم ما نراه في واقعنا من كثرة حوادث السير وكثرة السرقات وتخريب البيوت وتشتيت الأسر، وانتشار البغي والتعدي والجرائم بسبب شرب الخمور. [/font]
[font="]مثال ثالث: يقول الله تعالى في آية الحجاب (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) يجب على المرأة أن تغطي جميع جسدها ما عدا وجهها وكفيها، لا تقل المرأة أنا سأبدي مفاتني وجمالي لكي يتقدم إلى الخطاب، فإذا فعلت ذلك فقد قدمت بين يدي الله ورسوله، ونتيجة هذا التقديم، أصبحت المرأة اليوم ضحية الأيادي الفاسدة، والذئاب الجائعة.[/font]
[font="]أيها المؤمنون ! الصحابة الكرام كانوا في أعلى درجات الأدب في هذا الموضوع، سيدنا الحُباب بن المنذر رضي الله عنه لمَّا رأى موقع المسلمين في غزوة بدر ليس موقعاً جيداً توجَّه إلى النبي عليه الصلاة والسلام (دقِّقوا فيما سيقول) قال: " يارسول الله! أهذا منزل أنزلكه الله: أي أمرك الله بالنزول فيه، فليس من حقنا حينئذ أن نعارض، فما علينا إلا السمع والطاعة؟ أم هو مجرد رأيك في الحرب ؟ فقال[/font][font="] : بل هو الرأي والمكيدة، وحينئذ اعترض الحباب بن المنذر فقال: لا يا رسول الله ليس هذا بالمكان الإستراتجي فارحل بنا حتى نكون أعلى الوادي فأخذ الرسول[/font][font="] بهذا الإقتراح. ومن هذه القصة يا عباد الله نتعلم أن أحكام شرع الله لا يجوز بحال من الأحوال معارضتها، لأن معارضة الأحكام التي جاء بها الوحي في القرآن والسنة ما هو إلا إلحاد ونفاق، وأن رفضها ما هو إلا خروج عن دائرة الإيمان.[/font]
[font="]أيها الإخوة المؤمنون! كثير من الناس الآن يعرفون أوامر الله عز وجل ونواهيه وحدوده، لاكنهم يقدمون بدائل وأعذارا ويحتالون على حدود الله بطرقٍ متعددة، ووسائل متنوعة، انساقوا مع شهواتهم وهواهم، حتى جرَّ هذا الواقع المؤلم، انتشار الجهل بدين الله بين المسلمين أنفسهم، وفقدان الغيرة على دين الله، وانتشار الأعمال المخالفة لشرع الله، وسنة رسول الله [/font][font="]، وعمَّ التهاون بالصلاة، وألفه كثيرٌ من مرضى القلوب، وانتشر الكسب الحرام، كأنما هو من الطيبات، وأصبح الفساد والمنكر على اختلاف وسائله، وتعدد طرقه، أمراً مباحاً، مستساغاً عند كثيرٍ من الناس، { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } ولا حول ولا قوة إلا بالله![/font]
[font="] فهذا بعض ما يُفْهَم من هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[/font]
[font="]إن تكلَّمت بكلام يخالف اتجاه القرآن الكريم فالله سميع، وإن سكت وأضمرت ذلك في قلبك فالله عليم.نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم....[/font]
[font="] الخطبة الثانية[/font]
[font="]الحمد لله رب العالمين..[/font]
[font="]﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ هذا مقتضى العبودية لله تعالى، فلا يُقَدِّمَ الإنسان هوَى نفسه أو رأيه أو اقتراحاته أو غيره على أمر الله تعالى وأمر رسوله، وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا [/font]
[font="]روى البخاري عن ابن عباس، أن عيينة بن حصن قال لعمر بن الخطاب: يا ابن الخطاب، إنك ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل فغضب عمر، حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين، إن الله قال لنبيه:﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) وإن هذا من الجاهلين فقال ابن عباس: فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله عز وجل.[/font]
[font="]أيها المؤمنون! فلنكن جميعا كسيدنا عمر وأمثاله من الصالحين، فلنكن وقافين عند كلام الله ورسوله، اما بقية تأملاتنا في سورة الحجرات، فستأتي في الجمعات المقبلة إن شاء الله.[/font]
[font="]هذا ولنجعل مسك الختام أفضل الصلاة وأزكى السلام على سيد الأنام. اللهم صل على سيدنا محمد...وارض اللهم عن جميع صحابته الأبرار, وعن أزواجه وسائر آل بيته الطيبين الأطهار, وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.[/font]
[font="]واحفظ اللهم جلالة الملك أمير المؤمنين محمدا السادس ،اللهم أعنه على تحقيق كل خير لشعبه وبلده، اللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتجمع به شمل المسلمين، وبارك له في ولي عهده المحبوب، وفي جميع الأسرة الشريفة يارب العالمين.....[/font]
[font="]اللهم اجعل القرآن لنا في الدنيا قرينا....,اللهم اجعلنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين, ولحوض نبيك من الواردين, ولكأسه من الشاربين, وعلى الصراط من العابرين,وعن النار مزحزحين, وإلى جناتك من الداخلين, وإلى وجهك الكريم من الناظرين,[/font]
[font="]َربَّنَا عَلَيْكَ ....رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ....رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا...[/font][font="]سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين [/font][font="].[/font]
[font="] [/font]
المشاهدات 5643 | التعليقات 2
آمييييييييييييين وأنتم أهل الخير والجزاء
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق