لا تفرحوا كثيرا // د. ديمة طارق طهبوب

احمد ابوبكر
1436/01/04 - 2014/10/28 03:21AM
[align=justify]هلل الكثيرون في الغرب و الشرق لما اعتبروه خطوات انفراج، و تغييرا دراماتيكيا في موقف بعض الدول الغربية؛ باعترافها بما يسمى "دولة فلسطين"!!!
و إذ نفهم هذا الاحتفاء في السياق الغربي إلا أننا يجب أن نرفضه عربيا و إسلاميا لما يحمله من أخطار تثبيت الأمر الواقع، و قصر فلسطين على مشروع "الدويلة" المرسومة في قرارات الأمم المتحدة بدءا من قرار التقسيم، و ما تلاه من تعديلات في النكبة و النكسة و غيرها من اشتراطات كالأرض مقابل السلام، و تدويل القدس، و تصفية قضية اللاجئين فهذه رزمة أمور مرتبطة بعضها ببعض!

و في الوقت الذي نقرأ فيه المشهد؛ بما حمله من تطور في الشارع الغربي بعد الحرب الأخيرة على غزة الذي نافس في تفاعله و تأييده مواقف السياسة العربية الرسمية إلا أن الإفراط في التفاؤل هو توهم و خديعة للنفس؛ ولا ننسى أن الدول الأوروبية، على رأسها بريطانيا، هي المسؤولة عن نكبة فلسطين و إنشاء الكيان الصهيوني، و أن الصهاينة ما زالوا يوجهون المشهد العام من خلال لوبياتهم و سيطرتهم على الاقتصاد و الإعلام و الأمر أسوأ في الولايات المتحدة و الدول الكبرى جميعا ترى أمن إسرائيل و مستقبلها أولوية عظمى. و قد أظهر استطلاع أجرته شركة يوجوف لقياس مدى التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية في بريطانيا و أمريكا و فرنسا تحولا في نبض الشارع و كانت النتائج كالاتي:
في أمريكا رجحت النسبة لصالح الكيان الصهيوني بنسبة 39٪ لصالح "إسرائيل" مقابل 11٪ لصالح القضية الفلسطينية؛ بينما أظهرت النتائج تقدما ملحوظا في بريطانيا و فرنسا حيث غلب التعاطف مع الفلسطينيين في فرنسا بنسبة 18٪ مقابل 11٪ لصالح "إسرائيل" بينما لم يحدد ما نسبتهم 38 ٪مواقفهم، و الحياد خطير في هذه المسائل المصيرية و للأسف غالبا ما يصب في مصلحة إسرائيل التي تدعمها سياسة فرنسا الخارجية.

أما في بريطانيا التي تشهد تركزا و زخما في العمل الفلسطيني و الإعلامي و جالية عربية و مسلمة كبيرة؛ فقد تفوق الدعم لفلسطين بنسبة 27٪ لصالح فلسطين و 12٪ لصالح "إسرائيل".
و لكن تفاؤلنا بهذه النتائج يجب أن يكون ممزوجا بالحذر؛ لأنه قد يكون تفاعلا وقتيا؛ صنعه الحدث و لا يمتد و لا يتعمق ليشكل ظاهرة! أما موقف بريطانيا خصوصا؛ فيفسره المحللون على أنه ليس أكثر من وعد انتخابي لكسب أصوات العرب والمسلمين! فبريطانيا تذكرت جرمها بحق الفلسطينيين الآن فقط على استحياء، و لم تعتذر عن وعد بلفور؛ بينما لم تدع أحدا إلا و اعتذرت له حتى (زعيط و معيط و نطاط الحيط) عن جرائمها الاستعمارية و منهم الأقليات الدينية و العرقية كالسيخ في الهند، و قبائل الماو ماو في كينيا.
لا يجب علينا أن نسوق لهذا الاعتراف في الدول العربية، و لا ندعمه؛ فهو إنجاز و تقدم محصور في سياقه الغربي، أما نحن في البلاد العربية فلا يجب أن تننازل عن حلمنا بتحرير فلسطين، كل فلسطين من البحر إلى النهر، وطنا مقدسا لا دولة مصطنعة! إنه لمن المأساة أن نتلقف هذا المصطلح "دولة فلسطين" و نردده و نعتبره مرحلة و لبنة في المشروع الوطني؛ لأن ذلك سيصبح سياسات و برامج عمل و مفاوضات، تتوارثها الأجيال، و سيختفي حلم التحرير الكبير سنة بعد سنة مع ازدياد التعقيدات في العالم، و تصدر حثالة السياسيين، و غياب الثوابت!
إن صناعة التحالفات السياسية و الشعبية ضروري في قضية يتحالف معظم العالم؛ لتصفيتها كالقضية الفلسطينية، و لكن التحالفات يجب أن تكون مبدئية لا ترضخ دائما لفن الممكن و المقدور عليه؛ فالأقوياء يحترمون الأقوياء مثلهم أو أصحاب المبادئ الذين يضحون دونها بكل ما يملكون.

أن تموت و أنت تعمل لحلمك، لتحرر القدس و يافا و حيفا و عكا و صفد قبل الخليل و نابلس و رام الله خير من أن تتخلى و تهزم الحلم في نفسك و الأجيال من بعدك!
كتب ثيودور هرتزل في كتابه "الدولة اليهودية" الصادر عام 1896" أن فلسطين وطننا التاريخي الذي لا يمكن أن ينسى".
هذا كان حلم هرتزل و هو يعيش في جيتو في النمسا، و شعبه مضطهد و مطارد حول العالم؛ فكيف يجرؤ أصحاب الحق بالتخلي عن حقهم أو تجزئته إلى مراحل و حصص و صفقات؟!
فلسطين وطن و أكبر و أعظم بكثير من دولة...
[/align]
المشاهدات 1115 | التعليقات 0