لا تسمحوا للنظام الإيراني بالتقاط أنفاسه !!! / د/ محمد صقر

احمد ابوبكر
1436/06/25 - 2015/04/14 11:45AM
[align=justify]كان من المؤكد أن اللهاث الإيراني لتحقيق المكاسب في زمن الرئيس السابق نجاد أحدث ردات فعل انعكست سلبا على مشروعه ، حيث بدا أن بعضا من المراجعات مست بالضر خلايا حزب اللات في دول الخليج ودفعت لمواجهة شبه مكشوفة في الساحة السورية ، وهو الأمر الذي استوجب على مرجعية ولي الفقيه الخامنئية ولادة أنموذج متشيطن آخر من رحم ذات المؤسسة ، تمثل أخيرا بشخص المعمم حسن روحاني الإصلاحي المطور ، والذي يوصف كما يقول أحد المحسوبين على النظام بحكمة رفسنجاني وسعة صدر خاتمي وجرأة نجاد !!؟

وشاءت أم أبت فقد كانت الانتخابات أداة طيعة ومطواعة لمرجعيتها ،التي تعتبر أن التمرد على أوامرها يساوي " الشرك بالله " كما يعبر عنه حاجي صادقي نائب ممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري . وإذن فالتأخير والتقديم للأشخاص لم يعد سوى اللعبة التي تجيدها القيادة ، وهو نتاج فهم خبيث وماكر بألاعيب السياسة ودروبها الملتوية ، تماما كما هو الحال في الشأن الأمريكي حين تنتقل الإدارة من شكل إلى آخر لتلبس ثوب جمهوري متشدد تارة ، إلى ديموقراطي مرن تارة أخرى .... والناتج بين هذا وذاك لا رجعة عن ما تم إنجازه على الصعيد الاستراتيجي .

لقد استحلى النظام الإيراني قواعد اللعبة وبات أركانه مهرة في إدارتها ، فمن صناعة الأزمات إلى توزيع الأدوار ثم تفعيل المشاركة ، إلى الترويض ثم التهدئة .... ، مراحل عدة أثبتت قدرة المؤسسة الإيرانية في التلون والتشكل بحسب الظروف والمستجدات ، ساعدها في ذلك تركيبتها النفسية المتوسدة على تراث كسروي ، وعقيدتها المذهبية المؤسسة على التقية التي أصبحت جزءا من معالم شخصيتها وعلامة فارقة في هويتها المشرعنة على الكذب والمؤصلة على النفاق .

لقد انطلق النظام الإيراني منذ ثورة شعبه التي امتطاها العام 1979 م إلى آفاق أوسع بفضل استراتيجياته التي بناها على أساس قوميته الفارسية ذات الخصومة التاريخية مع العرب والتي تعلقت بفكرة خروج المهدي المنتظر للقصاص من العرب ورموزهم الدينية !!؟؟ فقد ورد في كتاب " بحار الأنوار " ما نصه : " روى المجلسي أن المنتظر يسير في العرب بما في الجفر الأحمر وهو قتلهم " ( 318/52 ) . " إن أول ما يبدأ به القائم ، يخرج هذين ( أبو بكر وعمر ) رطبين غضين ويذريهما في الريح ويكسر المسجد " ( 386 / 52 ) . " وما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح " . ( 349 / 62 ) .

وكان سعي النظام لإنجاز أهدافه دون كلل أو ملل العامل الواضح في تصرفاته وسلوكياته ، سواء ما كان منه في حال التشدد أو في حال التصدد ، فالحاكم مهما تغيرت أقواله وطور أساليبه وغير أقنعته وحدث آلياته يظل مرتبطا بحتمياته التي قام أساس ثورته عليها وبخططه الاستراتيجية التي سارت دولته عليها ، وقد يبدو روحاني وموقفه من المشروع النووي أكثر قربا من طبيعة النظام وسياسته المستمرة في منهجيته ، فهو يتعهد بمزيد من الانفتاح إزاء البرنامج لكنه يصرح بانحيازه في الوقت نفسه إلى المؤسسة التي يدين لها بالولاء والتبعية ، وعلى رأسها بالطبع المرشد الأعلى لما يسمى بالثورة الإيرانية علي خامنئي ، والتي ترفض وقف تخصيب اليورانيوم . كما تبدو الساحة السورية مثالا شاخصا للعيان لاختبار مدى جدية النظام في تغيير سياساته العدوانية تجاه اختيارات الشعوب والتزاماتها بعقائدها الدينية ، وهو ما لم يبادر معه روحاني بأي إجراء ما ، بل على العكس فإن التصعيد في ذات المحور وصل حدا لا رجعة معه في القرار الإيراني بدعم الحليف الفاجر في دمشق ، الأمر الذي قاد التحالف السوري المعارض ليصف إحدى تصريحاته باعتبارها عمى سياسي واحتقار لتطلعات الشعب السوري .

واليوم تظهر الحالة الحوثية في صنعاء اليمن كإحدى أبرز المستجدات في ملف عداوة النظام لمحيطه الإسلامي عامة والخليجي خاصة وهو الكتلة الاقتصادية ذات الثقل السني في المنطقة ، حيث تتشكل وفق التصورات المتترسة بفكر الجارودية المتطرفة ذات البعد الاثني عشري ، والمنبوذة في الإطار الزيدي ، احتقانات باتت له ممارساته الدامية وخطابه القاسي تجاه مخالفيه ، متخذة من النظام الإيراني قدوتها الذي تحاكيه ، يقول حسين الحوثي : " الإمام الخميني الرجل القوي في خطته القيادية ، في حركته السياسية ، في ثقته القوية بالله سبحانه وتعالى ، وماذا صنع العرب ؟ وقفوا ضده ، ألم يقف اليمن نفسه ضد إيران ؟ ألم يرسل كتيبة من الجيش لتحارب الثورة الإسلامية في عصر الإمام الخميني ؟ ألم يحارب العرب كلهم ذلك الرجل الذي كان أشد شخص على إسرائيل ؟ لأن العرب لا يحملون قضية " .

هذا الخطاب بمغالطاته الغير واعية بحقيقة الخميني ونظامه هو وليد الحاضنة الإيرانية التي غذته بدعمها وتشجيعها المستمرين ، وهو ما تكشف عنه تصريحات مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي حين يمتدح جماعة الحوثي بوصف نضالهم بالعادل ، معتبرا إياهم جزءا من الحركات الناجحة للصحوة الإسلامية !!

وهكذا فلم يعد ثمة شك بأن القيادة الإيرانية ماضية في طريقها حتى الموت ، وهي تسوق لأجل أهدافها جميع ما تملكه من قدرات وطاقات لتصل في النهاية إلى تحقيق غاياتها ، ولن يغير قواعد اللعبة تبدل الوجوه أو المواقف ، كما لن يغيرها إخفاق هنا وهناك فالنفس الإيراني عميق ومتغلغل ، وهو يملك القدرة على التعبير عما يختلج في صدره من مشاعر الحقد والضغينة بصورة أو بأخرى ، الأمر الذي يجعل مجرد التفكير في سلامة النوايا ضرب من السذاجة والحماقة .

لقد بات النظام الإيراني بمؤسساته مصدرا من مصادر صناعة القلق والارتباك في الساحة الإقليمية وخطرا عظيما على الأمة الإسلامية ، وإن مقاومته تتطلب قراءة واعية لمواقفه وتتبع دقيق لخطواته ، وذلك من أجل العمل على رسم سياسات هدفها إفشال مخططاته واستنزاف موارده ، تمهيدا لتطويقه ومن ثم ردعه . وإن هدفا بهذا الحجم الكبير يقتضي توحد جميع الجهود من خلال تفعيل منظومات العمل العربي الجماعي وخاصة الخليجية منها ، وبناء مراكز للدراسات المتخصصة في الشأن الإيراني ، مهمتها تقديم المشورة والنصيحة . وحتى تكتمل تلك الجهود وتؤتي ثمارها يتطلب الوضع إحداث رعب ينعكس أثره على نفسية النظام الإيراني ليشل تفكيره ويحرف مساره ، وذلك عبر تأسيس حصانة فكرية مبنية على استصدار رأي عام إسلامي يجمع عليه علماء الأمة وقادتها يتضمن تجريم سلوكه باعتباره سببا لنشر الفتنة وتمزيق الوحدة الإسلامية وهو أمر يمكن تمريره من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي . كما يتطلب الوضع إشغال النظام الإيراني في عقر داره من خلال دعم الشعب الإيراني الشقيق التواق للكرامة والعدالة ــ سنة وشيعة ــ والذي يرضخ تحت وطأة الظلم والعدوان والاستعباد لولاية الفقيه ، تلك الولاية التي جرت المصائب وألحقت الضرر وأعاقت تطور إيران المعاصرة .

المصدر: مفكرة الاسلام[/align]
المشاهدات 966 | التعليقات 0