( لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ) 1446

مبارك العشوان 1
1446/03/01 - 2024/09/04 14:32PM

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى }

{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }

{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }

{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ }

{ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ }

{ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }

{ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ  }

{ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا } { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ }

{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.

أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: كَلِمَةُ التَّوحِيدِ ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )

وَجِيْزَةُ اللَّفْظِ، غَزِيرَةُ المَعْنَى، خَفِيفَةٌ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَةٌ فِي المِيْزَانِ.

يَقُولُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: ( وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ) كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ  وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ  وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الْخَلِيقَةُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ، وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، فَهِيَ مَنْشَأُ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَهِيَ الْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الْخَلِيقَةُ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ  وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ... الخ

عِبَادَ اللهِ: جَاءَتِ النُّصُوصُ الكَثِيرَةُ بِفَضَائِلِ هَذِهِ الكَلِمَةِ العظيمة؛ يَقُولُ النَّبِيُّ صَـلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ، شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ  

وَيَقُولُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّـلَامُ: ( أَسْعَــدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ )  رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وَيَقُولُ صَـلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

وَيَقُولُ صَـلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنَ الخَيْرِ ذَرَّةً ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

عِبَادَ اللهِ: هَذِهِ الكَلِمَةُ العَظِيْمَةُ: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )

مَنْ قَالَهَا خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا؛ فَازَ الفَوْزَ العَظِيمَ، وَنَجَا مِنَ الْخُسْرَانِ الْمُبِينِ.  

وَمَنْ قَالَهَا بِلِسَانِهِ فَقَطْ؛ وَلَمْ يَعْتَقِدْهَا بِقَلْبِهِ، ولَمْ يَعْمَلْ بِمُقْتَضَاهَا؛ بَلْ خَالَفَهُ؛ وَأَشْرَكَ مَعَ اللهِ غَيْرَهُ؛ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ  يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ  وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ، فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَلَيْسَ مِفْتَاحُ الجَنَّةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ. ا هـ

وَيَقُولُ شَيخُ الإِسْلَامِ مـُحَمَّدُ بنُ عَبدِ الوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ: اِعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ هِيَ الفَارِقَةُ بَينَ الكُفْرِ وَالإِسْلَامِ، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَهِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى، وَهِيَ الَّتِي جَعَلَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيهِ السَّلَامُ كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ قَولُهَا بِاللِّسَانِ مَعَ الْجَهْلِ بِمَعْنَاهَا  فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ يَقُولُونَهَا وَهُمْ تَحْتَ الكُفَّارِ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، مَعَ كُوْنِهِمْ يُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ قَوْلُهَا مَعَ مَعْرِفَتِهَا بِالقَلْبِ، وَمَحَبَّتِهَا وَمَحَبَّةِ أَهْلِهَا، وَبُغْضِ مَا خَالَفَهَا وَمُعَادَاتِهِ... الخ

أَلَا فَلْنَحْرِصْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - عَلَى هَذِهِ الكَلِمَةِ العَظِيْمَةِ  لِنَحْرِصْ عَلَى الإِكْثَارِ مِنْ قَولِهَا بِاللِّسَانِ، وَعَلَى فَهْمِهَا  وَمَعْرِفَةِ شُرُوطِهَا، وَالعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ. 

 

:الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }

وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: { إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ  }

قَالُ البَغَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَرَادَ بِشَهَادَةِ الحَقِّ قَوْلَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ بِقُلُوبِهِمْ مَا شَهِدُوا بِهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ. اهـ

وَقَالُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: { شَهِدَ بِالْحَقِّ } نَطَقَ بِلِسَانِهِ، مُقِـرًّا بِقَلْبِهِ، عَالِمًا بِمَا شَهِدَ بِهِ. اهـ

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: عِنْدَمَا يَقُولُ الْمُسْلِمُ: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ )

فَهُوَ يَعْلَمُ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللهُ.

وَلَهَا رُكْنَانِ عَظِيمَانِ: النَّفْيُ وَالإِثْبَاتُ؛ نَفْيُ الإِلَهِيَّةِ عَمَّا سِوَى اللهِ تَعَالَى مِنْ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَإِثْبَاتُهَا لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

قَالَ تَعَالَى: { وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } وَقَالَ تَعَالَى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } وَقَالَ تَعَالَــــــى: { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  }

وَقَالَ الخَلِيْلُ عَلَيهِ السَّلَامُ لِأَبِيْهِ وَقَومِهِ: { إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ، وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } قَالَ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: أَيْ: هَذِهِ الْكَلِمَةَ، وَهِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَخَلْعِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَوْثَانِ، وَهِيَ: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ).

عِنْدَمَا يَقُولُ المُسْلِمُ هَذِهِ الكَلِمَةَ؛ فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ العِبَادَةَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ؛ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ شَيءٍ مِنَ العِبَادَةِ لِغَيْرِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ لَا لِمَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلَا لِنَبِيٍّ مُرْسَلٍ، وَلَا لِجِنٍّ، وَلَا لِغَيْرِهِمْ كَائِنًا مَنْ كَانَ؛ قَالَ تَعَالَى: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } وَقَالَ تَعَالَى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ }

وَقَالَ تَعَالَى: { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }

فَلْيَتَنَبَّهْ لِهَذَا مَنْ يَقُولُ هَذِهِ الكَلِمَةَ بِلِسَانِهِ؛ وَيَدْعُو المَوتَى وَيَطُوفُ بِالأَضْرِحَةِ، وَيَذْبَحُ لِلْقُبُورِ وَيَنْذُرُ لَهَا، وَيَسْتَغِيْثُ بِالْأَوْلِيَاءِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَشِفَاءِ مَرَضِهِ، وَيَطْلُبُ مِنْهُمُ المَدَدَ  وَيُسَمِّيْ هَذَا تَوَسُّلًا إِلَى اللهِ وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ بِوَاسِطَتِهِمْ؛ وَقَدْ حَذَّرَ اللهُ تَعَالَى مِنْ هَذَا الفِعْلِ وَبَيَّنَ بُطْلَانَهُ وَسَمَّاهُ شِرْكًا؛ قَالَ تَعَالَى: { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }  

أَعَاذَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَجَعَلَنَا مِمَّنْ أَخْلَصَ دِيْنَهُ لِلَّهِ.

عِبَادَ اللهِ: لِنَحْرِصْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - عَلَى هَذِهِ الكَلِمَةِ العَظِيْمَةِ  نُكْثِرُ مَنْ قَولِهَا بِأَلْسِنَتِنَا؛ وَنَعِيهَا وَنَعْتَقِدُهَا بِقُلُوبِنَا، نَعْرِفُ مَعْنَاهَا، وَنَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا، وَهَكَذَا؛ نُعَلِّمُهَا أَوْلَادَنَا، وَأَهْلَنَا  وَمَنْ تَحْتَ رِعَايَتِنَا؛ فَتَعْلِيْمُهُمْ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، وَغَرْسُ العَقِيدَةِ الصَحِيحَةِ الصَّافِيَةِ فِي نُفُوسِهِمْ؛ أَمْرٌ فِي غَايَةِ الأَهَمِّيَّةِ.

وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ مَسْؤُلِيَّاتِ أَوْلِيَائِهِمْ، ومِنْ أَعْظَمِ الإِحْسَانِ فِي تَرْبِيَتِهِمْ، وَهُوَ - بِإِذْنِ اللهِ -  أَمَانٌ لَهُمْ مِنَ الزَّيْغِ وَالضَّلَالِ  وَعِصْمَةٌ مِنَ الفِتَنِ - أعَاذَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

اللَّهُمَّ أَصْلَحَ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا وَدُنْيَانَا الَّتِي فَيْهَا مَعَاشُنَا وَآخِرَتَنَا الَّتِي فَيْهَا مَعَادُنا، اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيرٍ وَالْمَوتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

 

المرفقات

1725449544_لا إله إلا الله.pdf

1725449561_لا إله إلا الله.doc

المشاهدات 638 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا