لا أحد أحب إليه المدح من الله

د عبدالعزيز التويجري
1442/02/08 - 2020/09/25 07:02AM

الشيخ: عبدالعزيز بن حمود التويجري 

المملكة العربية السعودية/ بريدة- حي الصباخ/ جامع إبراهيم الخليل -عليه السلام-

لا أحد أحبُّ إليه المدح مِن الله! 1442/2/8 هـ

الحمدلله المتفرد بالعزة والجلال ، المتصف بالكبرياء والجمال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدك لا شريك له ، عظيمٌ في ربوبيته ، عظيمٌ في أولوهيته، عظيمٌ في اسماءه و صفاته ، وأشهد أن نبينا محمدا عبدالله ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه وازواجه ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما مزيدا ..

أما بعد

(ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وءامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل كم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم)

الله جل جلاله هو العظيم وحده المستحق للتعظيم والإجلال والجلال 

   عظيمٌ يهونُ الأعظمونَ لعزهِ  **  شديدُ القوى كافٍ لذي القهرِ قهارُ  

قوي فلا يقهر  عزيز فلا يغلب {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ]

صاحب الفضل والمن والعطاء

      حليمٌ عظيمٌ راحمٌ متكرمٌ  **   رءوفٌ رحيمٌ واهبٌ متطولُ  

       جوادٌ مجيدٌ مشفقٌ متعطفٌ **  جليلٌ جميلٌ منعمٌ متفضلُ  

  لهُ الراسياتُ الشمُ تهبطُ خشيةً   ** و تنشقُّ عن ماء يسج ويخضلُ 

المدائح العظام ، لا تنبغي إلا للملك العلام ، قال عليه الصلاة والسلام : «لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ،

التعظيم والإجلال ، لا ينبغي إلا للكبير المتعال ، في سنن ابن ماجة وصححه الحاكم أن رجلا أتى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ، فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ، فَقَالَ لَهُ: "هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ" .

تبجيل البشر ومدح الضعفاء لايزيد العبد إلا ذلا ، والقائد الأعظم ، والنبي الأكرم ربى أمته بأنه لايستحق المدح المطلق إلا الله .. قدم وفدِ بني عامرٍ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أنتَ سيّدُنا، فقال: "السَّيدُ الله" قالوا: وأفضلُنا فَضْلاً، وأعظَمُنا طَوْلاً، فقال: "قولوا بِقَولكم، أو بعضِ قولكم، ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشَيطانُ". أخرجه  أبو داود 

الله جل جلاله له الأسماء الحسنى والصفات العلى ( ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه)

كل شيء ينطق بوحدانيته، وكل شيء شاهد على قدرته، وكل شيء يسبح بحمده (سبح اسم ربك الاعلى ).. هوالمعبود بحق ، وما عداه فطاغوت عبد من دونه.

 

      مليكُ علَى عرش السَّماءِ مهيمنٌ ...  لعزّته تعنو الوجوهُ وتسجدُ

       فسبحان من لا يقدُر الخلق قَدْرَهُ ... ومن هو فوق العرش فرد مُوحَدُ

عز جاهه، وتقدست عظمته، عظم شأنه عن المنازع والمغالب والمعين والمشير،

جل في بقائه وغناه عن المطعم والمجير، فسبحانه ما أعظمه وأحلمه وأجله!..   وما أكمله وما أقواه وما أغناه ، هو حسبنا ونعم الوكيل.

عز فارتفع، خضع له كل شيء وركع، أعطى ومنع، خفض ورفع، أعز وأذل، {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} .

يعطي بفضله وعطائه من شاء من عباده ، يده سحاء الليل والنهار ، ألم تروا إلى ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه .

ذو الفضلِ والمنِ والإحسانَ خالقُنا ... ربُ العباد هو الله الذي قهرا

حيُ عليمٌ قديرٌ والكـــلام لــــــــــه   ...   فردُ سميعُ بصيرُ ما أراد جرى

نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه. 

الخطبة الثانية :

الحمدلله على الفضل والعطاء ، وله الشكر ملئ الأرض والسماء . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد  

فاتقو الله أيها المؤمنون وعظموا ربكم ، وقدروا له حق قدره ، واكثروا من مدحه وتسبيحه والثناء عليه ، والتفاضُل بين الناس إنما يكون بمعرفة الله ومحبته والثناء عليه، ومن عرفَ اللهَ وقلبُه سليمٌ أحبَّه وعظَّمه، وكلما ازداد له معرفةً ازداد له طاعة، والذنوب تُضعِفُ تعظيمَ الله ووقاره، ولو تمكَّن وقارُ الله وعظمتُه في قلب العبد ما تجرَّأ أحدٌ على معاصيه، وكل معصيةٍ فمن الجهل بالله، وإجلالُ الله يعظُم بالطاعات.

فلا يدعى إلا هو، ولا يُستغاثُ إلا به ، ولايُطرق إلا بابه ، ولا يُذل إلا لوجهه ، ولا تُبذل المحامد المطلقة ألا له سبحانه وبحمده ، ولا تُصرفُ أيُّ عبادةٍ إلا له وحده .

فمن عظم الله صغر في عينه كل شي ، ومن خاف الله ذهبت هيبة الخلق من قلبه ،

فهو سبحانه صاحب الجلال والجمال والكمال

إلهي لك الحمد الذي أنت أهله ... على نعم ما كنت قط لها أهلا

إن زدت تقصيرا تزدني تفضّلا ... كأنّي بالتقصير أستوجب الفضلا

اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين ولآلئك متفكرين ، ولحدودك محافظين .

اللَّهُمَّ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أزل همومنا، ويسر أمورنا ،واهد قلوبنا، وارفع البلاء والوباء والغلا عنا وعن المسلمين،فإنه لاحول لنا ولاقوة إلا بك … اللهم آمنا في دورنا وأصح ولاة أمورنا وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة ، اللهم صل وسلم

المشاهدات 1051 | التعليقات 0