لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ،، 1444/1/21هـ

يوسف العوض
1444/01/18 - 2022/08/16 11:43AM

الخطبة الاولى

أيُّها المُسْلمونَ : يقولُ اللهُ تعالى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، الرِّفقُ في الأُمورِ، والرِّفقُ بالنَّاسِ، واللِّينُ، والتَّيسيرُ، مِن الأَخلاقِ الإِسلاميَّةِ، مِن صِفاتِ الكَمالِ، واللهُ سُبحانَه وتَعالَى رَفيقٌ، يُحِبُّ مِن عِبادِه الرِّفقَ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( إنَّ اللهَ رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ ويرضاه ويُعِينُ عليه ما لا يُعِينُ على العنفِ) رواه الهيثمي ، وقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : ( إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شَيءٍ إلَّا شانَهُ)، وفي رواية : رَكِبَتْ عائِشَةُ بَعِيرًا، فَكانَتْ فيه صُعُوبَةٌ، فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ، فقالَ لها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْكِ بالرِّفْقِ... ثُمَّ ذَكَرَ بمِثْلِهِ ، رواه مسلم.

أيُّها المُسْلمونَ : في هذا الحديثِ سَببٌ وقِصَّةٌ، وهو ما رَوَتْه عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها كانت راكبةً على جَملٍ غيرِ مُذلَّلٍ ومُطيعٍ لِصاحبهِ الرَّاكبِ عليه، فجَعَلَتْ تَمنَعُه وتَدفَعُه بشِدَّةٍ وعُنفٍ وتُحاوِلُ معه للرُّكوبِ، فبَيَّن لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الرِّفقَ لا يَكونُ استعمالُه في أيِّ أمرٍ إلَّا أَكمَلَه وزيَّنه، وأصبحَ مَمْدوحًا مَحمودًا، ولا يُنزَعُ مِن شَيءٍ ولا يَبتعِدُ عن أمرٍ، إلَّا عابَه وجَعَلَه قَبيحًا.

  • أيُّها المُسْلمونَ : وقدْ وَرَد في الصَّحيحينِ سَببٌ آخَرُ لهذا الحديثِ؛ فقدْ حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عائشةَ على ذلكَ لَمَّا رَدَّتْ به على اليهودِ حينَ استأذَنوا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالوا: «السَّامُ عليكَ» بدلًا مِن «السَّلامُ عليكَ»، والسَّامُ هو الموتُ، فقالتْ عائشةُرَضيَ اللهُ عنها: بلْ عليْكم السَّامُ واللَّعْنةُ. فأمَرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالرِّفقِ وعَدمِ الغَضبِ والقَسوةِ، فكأنَّه صلَّى اللهُ والحديثُ فيه بَيانٌ لشُموليَّةِ استعمالِ الرِّفقِ في الإنسانِ والحيوانِ ،عليه وسلَّمَ قال لها هذا القولَ في حادثتينِ مُنفصِلتينِ.

 اللَّهمَّ اهدنا لأحسنِ الأخلاقِ لا يَهدي لأحسنِها إلَّا أنتَ ، وقنا سيِّئَ الأخلاق لا يقي سيئَها إلا أنتَ.

الخطبة الثانية

  • أيُّها المُسْلمونَ :جاء في حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهْ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعَتُ رَسُولَ اَللَّهِ يَقُولَ : ( مَنْ يُحْرَم اَلرِّفْقَ يُحْرَم اَلْخَيْرَ كُلًّهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَهَذَا اَلْحَدِيثُ يَدُلُّ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى مَنْزِلِةِ اَلرِّفْقِ ، وَمَا يَنْتُجُ عَنْهُ مِنْ تَحْصِيلِ اَلْمَنَافِعِ وَالْمَطَالِبِ ، وَمَا يَحْصُلُ مِنْ تَرْكِهِ مِنْ اَلْفَوْتِ وَالْخُسْرَانِ ، والرِّفقُ هو لِينُ الجانِبِ بالقَولِ والفِعلِ، والأخْذُ بالأسهَلِ، وهو ضِدُّ العُنفِ، فَهُنَا اَلرِّفْقُ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ اَلْأَشْيَاءِ ، اَلرِّفْقُ مَعَ اَلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ، وَالرِّفْقُ مَعَ اَلْجِيرَانِ ، ومَعَ اَلنَّاسِ ، واَلرِّفْقُ مَعَ اَلزَّوْجَاتِ ، واَلرِّفْقُ مَعَ اَلْأَوْلَادِ ، واَلرِّفْقُ مَعَ اَلْمُعَلِّمِ ، واَلرِّفْقُ مَعَ اَلتِّلْمِيذِ ، واَلرِّفْقُ مَعَ اَلْمُوَظَّفِينَ ، واَلرِّفْقُ مَعَ اَلرُّؤَسَاءِ وَالْكُبَرَاءِ ، واَلرِّفْقُ فِي اَلْعَمَلِ اَلَّذِي يُؤَدِّيهُ اَلْإِنْسَانُ وَهَلُمَّ جَرًّا . .

اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

 

المرفقات

1660639852_الرفق.pdf

المشاهدات 716 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا