كي لا يحتاج الوضوء إلى وضوء !

عبدالرزاق بن محمد العنزي
1443/06/03 - 2022/01/06 21:12PM

الخطبة الأولى:4/6/1443هــ لكيلا يحتاج الوضوء إلى وضوء         

الصلاة مناجاةٌ بينك وبين المولى سبحانه، مناجاة بهيئة مخصوصة وأذكار محددة، لذا يسبق أداءَها بعضُ الطاعات تهيئةً للنفس وإيقاظًا للقلب، وتحريكًا للعقل وطمعًا في حُسن إقامتها، ومنها، إحسان الوضوء: وهي الخصلة الرابعة في الحديث :" وَرَجُلٌ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَسْجِدٍ لِصَلَاتِهِ، فَإِنْ مَاتَ فِي وَجْهِهِ، كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللهِ" الوضوء أيها المتوضئون :تجهيزٌ لنفسك، وإعداد لقلبك بأنك تستعد لمقابلة عظيم، وقد علمت اهتمام أهل الدنيا بمظاهرهم عند مقابلة عظمائهم، وعظيمنا هو الله سبحانه، الذي لا ينظر إلى الصور بل إلى البواطن والنوايا، فالوضوء مع الغفلة لا يحدث أثره المنشود!                                          

ورَدَ عن علي بن الحسين أنه كان إذا أراد أن يتوضَّأ اصفرَّ وجهه، وتغيَّر لونه، فقيل له في ذلك، فقال: "ألا تدرون بين يدَيْ مَن أُريد أن أقوم؟"                                              

وذكروا أن السيدة نفيسة رحمها الله رثت الإمام الشافعي رضي الله عنه عند موته بقولها: "رحم الله الشافعي! لقد كان والله يحسن الوضوء"؛ لأن الوضوء تهيئة للدخول على الملك سبحانه، وإعلان بأن لحظة الدخول على الملك قد اقتربت، ورحم الله كثير بن عُبيد الذي أَمَّ أهلَ حمص ستين عامًا ولم يسهُ في الصلاة، وعندما سُئل قال: "ما دخلت المسجد قطُّ وفي نفسي غير الله".                                                                        

• فاعلم - عبدَ الله - أن الوضوء حلية الصالحين، وشرط للدخول إلى محراب الصلاة، إلا في حالات يجوز فيها التيمم؛ إذ الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقبل صلاة بغير طهور)).

• هنا حُق لك أن تفرح بقوله صلى الله عليه وسلم: ((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)) وبقوله أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن - فغسل وجهه خرج من وجهه كلُّ خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كلُّ خطيئة كانت بطشتها يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كلُّ خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء؛ حتى يخرج نقيًّا من الذنوب))وبقوله صلى الله عليه وسلم:"ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا،ويرفع به الدرجات" ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط)). وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: (إسباغ الوضوء على المكاره، يعني إتمام الوضوء في أيام الشتاء؛ لأن أيام الشتاء يكون الماء فيها باردًا، وإتمام الوضوء يعني إسباغه، فيكون فيه مشقة على النفس، فإذا أسبغ الإنسانُ وضوءه مع هذه المشقة، دل هذا على كمال الإيمان، فيرفع اللهُ بذلك درجاتِ العبد، ويحط عنه خطيئته).                                     

وحق لك أيها المسلم أن تفرح بقوله صلى الله عليه وسلم : ((ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)).                                           

بارك الله ي ولكم،،،

 

الخطبة الثانية:                                                          

أيها المصلون : إنَّ المسلم الذي يريد أن يتقرب إلى الله تعالى بعبادة خالصة، عليه أن يُتقنها إتقانًا يليق بالله تعالى؛ حتى لا تَحتاج صلاتنا إلى صلاة، ولا يَحتاج صيامنا إلى صيام، ولا يحتاج استغفارنا إلى استغفار،ولا يحتاج وضوؤنا إلى وضوء ولكيلا يحتاج الوضوء إلى وضوء، علينا بالسكينة والوقار والطمأنينة، واستشعار عظمة الله تعالى الذي نتهيَّأ للوقوف بين يديه.                                                             

• ولكيلا يحتاج الوضوء إلى وضوء، علينا باستشعار فضل الوضوء؛ حتى نزداد له إجلالًا وتعظيمًا.                                

رُوي عن حاتم الأصمِّ أنه كان إذا توضَّأ اصفر وجهه، وظهرت عليه آثار الخوف والخشوع، فسُئل في ذلك، فقال: "لأنني مُقدم على الله بصلاتي، ولا أدري أيقبَلُها أم يردُّها عليَّ؟"                                                            

• ولكيلا يحتاج الوضوء إلى وضوء، علينا بعدم المبالغة في غسل الأعضاء، وعدم الإسراف في الماء ولو كنا على نهر جارٍ.       

جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: ((هذا الوضوء، من زاد على هذا، فقد أساء وتعدى وظلم))؛ رواه أحمد.

• ولكيلا يحتاج الوضوء إلى وضوء، علينا بدفع وساوس الشيطان التي تلبِّس على المسلم أمره، وتُفسد عليه عبادته.        

قال إبراهيم التيمي: أول ما يبدو الوسواس مِن قبل الوضوء.                     

ثم صلوا وسلموا،،،

 

 

المشاهدات 620 | التعليقات 0