كيف ننال محبة الله ؟ لدكتور العبيد معاذ الشيخ ( رحمه الله )
Aloped Aloped
خطبة مسجد الإبرار
د.العبيد معاذ الشيخ رحمه الله تعالى
كيف ننال محبة الله؟
الحمد لله رب العالمين، فتح للمؤمنين أبواب رحمته،وأنار قلوبهم بأنوار محبته ،سبحانه دل عباده عليه،وجعل حبه أقرب الطرق الموصلة إليه ،ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تقربنا إليه ،وتشفع لنا بين يديه ،ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صفوة الأنبياء والمرسلين، وحبيب رب العالمين، صلي الله عليه وسلم وعلي آله وأصحابه الطاهرين، والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين.
أمابعد، فياعبادالله :
اتقوا الله تعالي، واعلموا أنه لا بد من مل القلب بمحبة الله، إذ لا يكمل الإيمان من دون ذلك ،يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم :"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان، وذكر منها :أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ". وكان من دعاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :"اللهم إني أسألك حبك ،وحب من يحبك ،والعمل الذي يبلغني حبك "،والحب عمل قلبي يكون ناجما عن ميل القلب إلي المنعم علي صاحبه ،فقد جبلت القلوب علي حب من أحسن إليها، وهل من محسن في الحقيقة على العباد كرب العباد؟ وهل من إنعام يماثل إنعامه ؟ولذلك كانت محبته عز وجل واجبة ،بل هي ضرورة فطرية، لا يتنكر لها إلا المنكر لوجود ربه ،أو الجاحد لعطائه وفضله،يقول الله تعالى : {ومن الناس من بتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنو أشد حبا لله }
عباد الله :
ماذا سيحدث إن أحب ربنا سبحانه أحد عباده؟من أحبه الله كان في زمرة أوليائه،الذين وعدهم الله تعالي بالأمن والأمان ،والطمأنينة والسلام، وبشرهم برضاه في الدنيا وفي الآخرة، يقول سبحانه :{أﻵ إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ،الذين ءامنو وكانوا يتقون ،لهم البشري في الحيوة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم } وحسب من أحبه الله أنه المذكور بالخير في الأرض وفي السماء، المحبوب في قلوب العباد أجمعين، يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " إذا أحب الله عبداً قال :يا جبريل، إني أحببت عبدي فلانا فأحببه،فيحبه جبريل عليه السلام ثم ينادي في أهل السماء :ألا إن الله قد أحب فلانا فأحبوه،فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في أهل اﻷرض ،وإذا أبغض الله عبداً فمثل ذلك " ،وأكبر من ذلك وأعلي أن يرقى درجة اﻹحسان بعد منزلة اﻹيمان ،ويدفع عنه المولي كل بغي وعدوان ؛ففي الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل : " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ،وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدى يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ،وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها ،ورجله التي يمشي بها ،وإن سألني ﻷعطينه،ولئن استعاذني ﻷعيذنه " .
عباد الله :
حتي يجعل الواحد منا قلبه يمتلئ بحب الله؛ عليه أن يتذكر نعم الله تعالى عليه وعلى الوجود من حوله ،وقد أكثر القرآن الكريم من سرد أنواع نعم الله تعالى علي العباد ﻷجل أن تمتلئ قلوبهم بمحبته ، {وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الله لغفور رحيم } ،ولو أن إنساناً أحسن إلي إنسان مثله؛فوصله بمال ،أو قضي له شيئاً من حوائجه ؛؛لحفظ له فضله وإحسانه،وشكر له جوده وإنعامه،فكيف بمن أنعم علينا بنعم لا نحصي عدها ،ولا نستوفي حق شكر نعمة واحدة منها ؟ألم يجعل لنا للشم أنفا ،وللذوق والنطق لسانا،وللنظر عينين ،وللبطش يدين ،وللسمع أذنين ،وللمشي رجلين ؟وجعلنا في أحسن صورة وتقويم ،ومكننا من أن نكون قارئين وكاتبين ،وأنزل لنا من السماء ماء فيه حياة لنا وللكائنات من حولنا ،وهيأ لنا أنواع اﻷطعمة {فلينظر اﻹنسان إلي طعامه أنا صببنا الماء صبا ،ثم شققنا الأرض شقا،فأنبتنا فيها حبا،وعنبا وقضبا ،وزيتونا ونخلا ،وحدائق غلبا ،وفاكهة وأبا،متاعالكم وﻷنعامكم } ، فإنعام لا يقدر بثمن كيف يغفل اﻹنسان عن شكر من أنعم به عليه ؟وأعلي من سائر النعم وأغلاها أن جعلك الله -يا أخي - من المسلمين، فهداك لخير دين ،ولولاه لكنت عابد وثن أو جاحدا بالله العظيم.
عباد الله :
لقد ادعى أقوام أنهم أحباب الله، فطالبهم المولى عز وجل بالدليل؛ {وقالت اليهود والنصارى نحن أبنآؤا الله وأحبآؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشآء ويعذب من يشآء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير} إذن فلمحبة الله عز وجل علاقات، فالحقيق بمحبة الله هو الذي يحب مايحبه الله عز وجل ويكره ما يكرهه،إنه ذلك الؤمن الذي يبتعد عما حرم الله عليه، ويلتزم ما أمره به ،ويجتهد في عبادته وطاعته ،موقناً أن نفع ذلك عائد إليه،وإحسانه إنما هو لنفسه، لا يتوكل إلا علي الله، ولا يخاف إلا منه ،ولا يرجو أحداً سواه ، لا يغفل قلبه عن مراقبته ،ولا يزال لسانه رطبا بذكره ،تصدق أفعاله أقواله ،يترسم خطي النبي صلى الله عليه وسلم وخطى أصحابه {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } فاتقوا الله
عباد الله :
وامﻷوا قلوبكم بمحبته ،وألسنتكم بذكره،ووظفوا جوارحكم في شكره ؛وتشبهوا بمن أحب الله حقا ممن حملهم حبهم لله علي فعل العظائم ،حتي قدموا النفس والنفيس ،والغالي والرخيص ،واقرأوا سير الصالحين لتتظروا المواقف الباهرة ،التي تعبر عن شدة حبهم وتعلقهم بالله العظيم. .
الحديث :
روي الإمام مسلم في الصحيح بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمر علي جبل يقال له جمدان ،فقال ":سيروا هذا جمدان سبق المفردون "،قالوا :وما المفردون يارسول الله؟ قال : " الذاكرون الله كثيراً والذاكرات "..... أو كما قال صلي الله عليه وسلم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله إمام الأنبياء والمرسلين، وأفضل خلق الله أجمعين، صلوات الله وسلامه عليه، وعلي آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين.
أمابعد، فياعبادالله :
إن حب الله عز وجل مﻷ قلوب المؤمنين الصادقين، فحملهم علي طلب مرضاته بكل الطرق والوسائل، فتنافسوا في إتيان الفضائل ،وتسابقوا في التحلي بالشمائل ،ومن أقوي الوسائل التي تمﻷ قلب العبد بمحبة الله أن يتدبر أسماءه الحسني ،ويستشعر معانيها ،فقد سمي الله عز وجل نفسه بأسماء عدة ليستشعر العباد عظمته ،وتمتلئ قلوبهم بمحبته، وتخضع جوارحهم لطاعته ،يقول عز من قائل : {هو الله الذي ﻵإله هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ،هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له مافي السموات والارض وهو العزيز الحكيم } ،ومما يبلغ العبد محبة ربه أن يكثر من النوافل بعد المحافظة على الفرائض، وأن يكثر من تلاوة القرآن بتدبر وحضور ذهن ،يقول خباب بن اﻷرت رضي الله عنه "تقرب إلي الله ما استطعت ،واعلم أنك لن تتقرب إليه بشئ هو أحب إليه من كلامه " ومن النوافل المقربة من الله تعالى اﻹكثار من ذكره وسائر أبواب البر وصنائع المعروف. فاتقوا الله - عباد الله - واصدقوا الله تعالى في محبتكم له ،بامتثال أو امره ،والابتعاد عن محارمه،والصبر على التقرب إليه بصالح القول والعمل... هذا وصلوا وسلموا علي من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى :{إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً}
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلى، اللهم ارزقنا حلاوة الايمان وصدق آللسـآن والعمل باﻹحسان اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه ومالم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه ومالم نعلم، اللهم إنا نسألك مما سألك منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونعوذ بك مما تعوذ منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات.
عباد الله :
إن الله يأمر بالعدل والإحـــــسانِ وإيتآئ ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه علي نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر ولله يعلم ما تصنعون.
قوموا للصلاة يرحمكم الله