كيف نقابل نعم الله تعالى ؟
ابن الحرمين
1438/05/06 - 2017/02/03 07:34AM
الحمد لله، الحمد لله الولي الحميد، ذي العرش المجيد، الفعَّال لما يُريد، أحمده -سبحانه- وأشكرُه وعدَ الشاكرين بالمزيد، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ الإخلاص والتوحيد، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أفضلُ الأنبياء وأشرفُ العبيد،
صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله السادة الأطهار، وأصحابِه البرَرة الأخيار ذوي القول السديد والنهج الرشيد، والتابعين
ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الوعيد، وسلَّم التسليمَ الكثيرَ المزيد .
فاتَّقوا اللهَ أيُّها المؤمنونَ، اتَّقوا اللهَ تعالى كما أمرَكم بذلكَ فقالَ :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
· معاشر المؤمنين :
إن الفرد منا لو أحسن إليه أحد من العباد فأخرجه من ضائقة أو قضى له حاجة، أو أعانه على أمر، أو حتى عامله بلطف، فإنه لا
يعرف كيف يشكره ويرد جميله، بل قد يقول له: إني عاجزعن الشكر، وإن لك علي لفضلا.
هذا مع عبد من العباد وفي أمر يحصل على قلة وقد لا يتكرر ، فكيف يكون موقفنا مع رب الأرباب ذي الطول والحول العزيز
الوهاب ؟! الذي يقول: ((وءاتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها )).
وقال تعالى : ((وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة )) يخبرنا سبحانه وتعالى أنه لا سبيل لعد وحصر نعمه فهي كثيـرة متتابعـة.
لكننا سنعيش مع بعض منها لنشكره جل وعلا إذ يقول : (( وسنجزي الشاكرين )) .
والشكر طريق الزيادة : (( لئن شكرتم لأزيدنكم )).
إن من أعظم النعم يا عباد الله : نعمة الإسلام وإكمال الدين إذ بها صلاح الدارين ويمتن المولى علينا فيقول :
(( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )) .
ومن النعم علينا نعمتا الأمن من الخوف ، والإطعام من الجوع ، ولا يعرف قدر هاتين النعمتين إلا من فقدهما، ومن نظر إلى الأمم
من حوله فكم من حروب دمرت ونسفت، وكم من مجاعات أكلت وأبادت، ومن النعم اكتمال حواسنا من سمع وبصر وأفئدة :
(( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون ))
ومن نعمه سبحانه سعة ذات اليد فالنبي r يقول: (( من أصبح منكم آمنا فـي سربـه، معافـاً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما
حيزت له الدنيا )) أو كما قال فليس منا اليوم أحد إلا وعنده قوت أسبوعه أو شهره، بل قل سنته أو سنواته، ولا ننسى نعمة الزوج
والذرية إن صلحت .
ويعجب البعض لو علم أن نعم الله لا تنفك عنا حتى في المصائب فمن نعمه سبحانه في المصيبة إن اتصفنا بصفات الصابرين
رفع الأجر، ووضع الوزر، وكونها ليست في الدين، وكونها يدفع بها بلاء أعظم منها، وكونها مقدرة وقد وقعت وانتهت .
إنها نعم كثيرة عظيمة فكيف السبيل إلى حفظها ، وبم نقيدها إنه يا عباد الله الشكر : ((فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون))
والشكر يكون بالجنان وباللسان وبالجوارح، بالجنان بإسناد النعمة إلى منعمها وبقصد الخير وإضماره لكافة الخلق .
يقول المصطفى r : (( إن الله ليرضى من العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها ))(2) رواه مسلم.
ونشكره كذلك في سائر أحوالنا ((وقليل من عبادي الشكور))..
ويكون شكر الله بجوارحنا بعبادته كما أمر ابتعاداً عن النواهي، وفعلاً للأوامر، وبإظهار نعم الله علينا بلسان الحال والمقال، فالله
يقول: ((وأما بنعمة ربك فحدث)) .
أيها الإخوة: وللشكرِ أركانٌ ثلاثة: الاعترافُ بالنعم باطنًا مع محبَّة المُنعِم ، والتحدُّثُ بها ظاهرًا مع الثناء على الله.
وصرفُها في طاعة الله ومرضاته واجتناب معاصِيه.
ورؤوسُ النعم ثلاثة: أولُها وأولاها: نعمة الإسلام التي لا تتمُّ نعمةٌ على الحقيقة إلا بها ،ونعمةُ العافية التي لا تستقيمُ الحياةُ إلا بها.
ونعمةُ الرِّضا التي لا يَطيبُ العيشُ إلا بها.
يقول الحسنُ البصريُّ -رحمه الله-: "الخيرُ الذي لا شرَّ فيه: العافية مع الشكر؛ فكم من شاكرٍ وهو في بلاء، وكم من مُنعَمٍ عليه
وهو غيرُ شاكِر. فإذا سألتُم الله -عز وجل- فاسألُوه الشكرَ مع العافية".
اللهم لك الحمد أولاً وآخراً ، ونشكرك اللهم ولا نكفرك، ونسألك الشكر مع العافية ،بارك الله لي ولكم....
الخطبة الثانية :
الحمد لله ذي الجلال والإكرام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تفرد بالربوبية على الدوام، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله
ورسوله قام بشكر ربه حق القيام، صلوات ربي عليه وأزكى تحية وسلام ، وبعد :
فإننا لما عرفنا مقام الحمد والشكر وأهميته نتعرض لمقام أعيذ نفسي وإياكم منه، وهو مقام كفران النعم، فبقدر عظم فضل الشكر
يكون عظم جرم الكفر، وأعني بالكفر هنا كفران النعم .
إن من كفر النعم ازدراء نعمة الله علينا، وانتقاصها، وهذا من خصال النفس الدنيئة الطماعة التي لا تشبع ولا تقنع بل تحب أن
تجمع وتجمع .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( إذا أحب أحدكم أن يعلم قدر نعمة الله عليه فلينظر إلى من هو تحته ولا ينظر
إلى من هو فوقه ))(1) وعنه كذلك رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من
هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله ))(2) فينبغي أن ننظر إلى من هو أسفل منا في أمور الدنيا.
أما إلى أمور الدين فننظر إلى من هو أعلى منا لأن الدنيا ضيقة والآخرة فسيحة واسعة: وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
ومن مظاهر كفران النعم ما نراه أحياناً من ممارسات خاطئة، فالذي يقود سيارته بسرعة جنونية ولا يتورع عن إيذاء المسلمين.
والذي يستغل الهاتف – وهو من النعم العظيمة – في إيذاء خلق الله، والذي يرزقه الله ذرية فلا يهتم بتربيتها، والذي يؤتيه الله مالاً
فلا يخرج حقه وزكاته، ولا يتطوع بفضوله، والذي يعطيه الله جاها ومنصباً فيستغله في أغراضه الخاصة وفي إذلال الناس،
كل واحد من هؤلاء يمارس نوعاً من كفران النعم .
والذي يسرف في مأكله ومشربه ومطعمه فيلقي بفضولها في الطرقات والشوارع ، يمثل نوعاً من كفر النعم.
ولا ننسى مظاهر الإسراف في المفروشات والسفريات والحفلات وغيرها، إذا كل هذا من كفر النعم
وقد يظن الجاهل أن تقلبه في نعم ربه دليل رضاه عليه، وإن أسرف وعصـاه، وليـس كذلك ، يقول سبحانه :
(( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ))
قال بعض المفسرين في هذه الآية: ( أي نصب عليهم النعم ونمنعهم الشكر ) .
وقال آخرون: ( كلما أحدثوا ذنباً أحدث الله لهم لهم نعمة ) .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : (( إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو
استدراج )) ثم تلا رسول الله r :
" فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون " [الأنعام:44](6).
ولا يظن أحد أن الشكر هو بقول الحمد لله والشكر لله فقط، فقد أسلفنا وبينا كيف يكون الشكر.
فالشكر يكون باللسان والجوارح والجنان.
ولا ينس أحد أن يقول في صباحه ومساه مع أذكاره : (( اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك
الحمد ولك الشكر )) .. ولا ينفك احد منا عن الدعاء ختام الصلاة بأن يقول : " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ".
اللهمَّ اهدِنا لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ والأقوالِ والأهواءِ، لا يهدي لأحسنِها إلا أنتَ، واصرفْ عنَّا سيئَها، لا يصرفْ عنَّا سيئَها
إلا أنت برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمينَ.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركينَ، ودَمِّرْ أعداءَ الدِّينِ، واجعلْ هذا البلدَ آمناً مُطمئناً سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ
المسلمينَ، اللهمَّ آمنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، اللهمَّ وَفِّقْ وليَ أمرِنا بتوفيقِك، وأيِّده بتأييدِك، واجعلْ عملَه في رِضاكَ،
وهيئ له البِطانةَ الصَّالحةَ النَّاصحةَ، التي تَدلُه على الخيرِ وتعينُه عليه، اللهمَّ أيِّد به العلماءَ والنَّاصحينَ، وأيِّده بهم يا ذا الجلالِ
والإكرامِ، يا ذا الطَّولِ والإنعامِ.
اللهم كن لإخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم مؤيدا ونصيرا ، ومعينا وظهيرا ، اللهم كن لإخواننا
المحاصرين المستضعفين في مضايا الشام ، اللهم اجعل شأن عدوهم في سفال ، ورد كيدهم في وبال ، اللهم إنهم مظلومون فانصرهم
اللهم إنهم جياع فأطعمهم ، ومساكين فارحمهم يا راحم المساكين ، وياناصر المستضعفين اللهم أطعمهم من جوع وآمنهم من خو
اللهمَّ يا باسطَ اليدينِ بالعطايا، اغفر لنا الذُّنوبَ والخطايا، اللهم أصلحْ لنا شأنَنا كلَّه، ولا تكلنا إلى أنفسِنا طرفةَ عينٍ، اللهمَّ إنا نسألُك
رِضاكَ والجنَّةَ، ونعوذُ بك من سخطِك والنَّارِ يا عزيزُ يا غفَّارُ، ربنا آتنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِّنا عذابَ النَّارِ
برحمتِك ياربَّ العالمينَ.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
سبحان ربك رب العزة عما يصفون،،،وسلامٌ على المرسلين،،،وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ الإخلاص والتوحيد، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أفضلُ الأنبياء وأشرفُ العبيد،
صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله السادة الأطهار، وأصحابِه البرَرة الأخيار ذوي القول السديد والنهج الرشيد، والتابعين
ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الوعيد، وسلَّم التسليمَ الكثيرَ المزيد .
فاتَّقوا اللهَ أيُّها المؤمنونَ، اتَّقوا اللهَ تعالى كما أمرَكم بذلكَ فقالَ :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
· معاشر المؤمنين :
إن الفرد منا لو أحسن إليه أحد من العباد فأخرجه من ضائقة أو قضى له حاجة، أو أعانه على أمر، أو حتى عامله بلطف، فإنه لا
يعرف كيف يشكره ويرد جميله، بل قد يقول له: إني عاجزعن الشكر، وإن لك علي لفضلا.
هذا مع عبد من العباد وفي أمر يحصل على قلة وقد لا يتكرر ، فكيف يكون موقفنا مع رب الأرباب ذي الطول والحول العزيز
الوهاب ؟! الذي يقول: ((وءاتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها )).
وقال تعالى : ((وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة )) يخبرنا سبحانه وتعالى أنه لا سبيل لعد وحصر نعمه فهي كثيـرة متتابعـة.
لكننا سنعيش مع بعض منها لنشكره جل وعلا إذ يقول : (( وسنجزي الشاكرين )) .
والشكر طريق الزيادة : (( لئن شكرتم لأزيدنكم )).
إن من أعظم النعم يا عباد الله : نعمة الإسلام وإكمال الدين إذ بها صلاح الدارين ويمتن المولى علينا فيقول :
(( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )) .
ومن النعم علينا نعمتا الأمن من الخوف ، والإطعام من الجوع ، ولا يعرف قدر هاتين النعمتين إلا من فقدهما، ومن نظر إلى الأمم
من حوله فكم من حروب دمرت ونسفت، وكم من مجاعات أكلت وأبادت، ومن النعم اكتمال حواسنا من سمع وبصر وأفئدة :
(( قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون ))
ومن نعمه سبحانه سعة ذات اليد فالنبي r يقول: (( من أصبح منكم آمنا فـي سربـه، معافـاً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما
حيزت له الدنيا )) أو كما قال فليس منا اليوم أحد إلا وعنده قوت أسبوعه أو شهره، بل قل سنته أو سنواته، ولا ننسى نعمة الزوج
والذرية إن صلحت .
ويعجب البعض لو علم أن نعم الله لا تنفك عنا حتى في المصائب فمن نعمه سبحانه في المصيبة إن اتصفنا بصفات الصابرين
رفع الأجر، ووضع الوزر، وكونها ليست في الدين، وكونها يدفع بها بلاء أعظم منها، وكونها مقدرة وقد وقعت وانتهت .
إنها نعم كثيرة عظيمة فكيف السبيل إلى حفظها ، وبم نقيدها إنه يا عباد الله الشكر : ((فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون))
والشكر يكون بالجنان وباللسان وبالجوارح، بالجنان بإسناد النعمة إلى منعمها وبقصد الخير وإضماره لكافة الخلق .
يقول المصطفى r : (( إن الله ليرضى من العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها ))(2) رواه مسلم.
ونشكره كذلك في سائر أحوالنا ((وقليل من عبادي الشكور))..
ويكون شكر الله بجوارحنا بعبادته كما أمر ابتعاداً عن النواهي، وفعلاً للأوامر، وبإظهار نعم الله علينا بلسان الحال والمقال، فالله
يقول: ((وأما بنعمة ربك فحدث)) .
أيها الإخوة: وللشكرِ أركانٌ ثلاثة: الاعترافُ بالنعم باطنًا مع محبَّة المُنعِم ، والتحدُّثُ بها ظاهرًا مع الثناء على الله.
وصرفُها في طاعة الله ومرضاته واجتناب معاصِيه.
ورؤوسُ النعم ثلاثة: أولُها وأولاها: نعمة الإسلام التي لا تتمُّ نعمةٌ على الحقيقة إلا بها ،ونعمةُ العافية التي لا تستقيمُ الحياةُ إلا بها.
ونعمةُ الرِّضا التي لا يَطيبُ العيشُ إلا بها.
يقول الحسنُ البصريُّ -رحمه الله-: "الخيرُ الذي لا شرَّ فيه: العافية مع الشكر؛ فكم من شاكرٍ وهو في بلاء، وكم من مُنعَمٍ عليه
وهو غيرُ شاكِر. فإذا سألتُم الله -عز وجل- فاسألُوه الشكرَ مع العافية".
اللهم لك الحمد أولاً وآخراً ، ونشكرك اللهم ولا نكفرك، ونسألك الشكر مع العافية ،بارك الله لي ولكم....
الخطبة الثانية :
الحمد لله ذي الجلال والإكرام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تفرد بالربوبية على الدوام، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله
ورسوله قام بشكر ربه حق القيام، صلوات ربي عليه وأزكى تحية وسلام ، وبعد :
فإننا لما عرفنا مقام الحمد والشكر وأهميته نتعرض لمقام أعيذ نفسي وإياكم منه، وهو مقام كفران النعم، فبقدر عظم فضل الشكر
يكون عظم جرم الكفر، وأعني بالكفر هنا كفران النعم .
إن من كفر النعم ازدراء نعمة الله علينا، وانتقاصها، وهذا من خصال النفس الدنيئة الطماعة التي لا تشبع ولا تقنع بل تحب أن
تجمع وتجمع .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( إذا أحب أحدكم أن يعلم قدر نعمة الله عليه فلينظر إلى من هو تحته ولا ينظر
إلى من هو فوقه ))(1) وعنه كذلك رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من
هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله ))(2) فينبغي أن ننظر إلى من هو أسفل منا في أمور الدنيا.
أما إلى أمور الدين فننظر إلى من هو أعلى منا لأن الدنيا ضيقة والآخرة فسيحة واسعة: وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
ومن مظاهر كفران النعم ما نراه أحياناً من ممارسات خاطئة، فالذي يقود سيارته بسرعة جنونية ولا يتورع عن إيذاء المسلمين.
والذي يستغل الهاتف – وهو من النعم العظيمة – في إيذاء خلق الله، والذي يرزقه الله ذرية فلا يهتم بتربيتها، والذي يؤتيه الله مالاً
فلا يخرج حقه وزكاته، ولا يتطوع بفضوله، والذي يعطيه الله جاها ومنصباً فيستغله في أغراضه الخاصة وفي إذلال الناس،
كل واحد من هؤلاء يمارس نوعاً من كفران النعم .
والذي يسرف في مأكله ومشربه ومطعمه فيلقي بفضولها في الطرقات والشوارع ، يمثل نوعاً من كفر النعم.
ولا ننسى مظاهر الإسراف في المفروشات والسفريات والحفلات وغيرها، إذا كل هذا من كفر النعم
وقد يظن الجاهل أن تقلبه في نعم ربه دليل رضاه عليه، وإن أسرف وعصـاه، وليـس كذلك ، يقول سبحانه :
(( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ))
قال بعض المفسرين في هذه الآية: ( أي نصب عليهم النعم ونمنعهم الشكر ) .
وقال آخرون: ( كلما أحدثوا ذنباً أحدث الله لهم لهم نعمة ) .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : (( إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو
استدراج )) ثم تلا رسول الله r :
" فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون " [الأنعام:44](6).
ولا يظن أحد أن الشكر هو بقول الحمد لله والشكر لله فقط، فقد أسلفنا وبينا كيف يكون الشكر.
فالشكر يكون باللسان والجوارح والجنان.
ولا ينس أحد أن يقول في صباحه ومساه مع أذكاره : (( اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك
الحمد ولك الشكر )) .. ولا ينفك احد منا عن الدعاء ختام الصلاة بأن يقول : " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ".
اللهمَّ اهدِنا لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ والأقوالِ والأهواءِ، لا يهدي لأحسنِها إلا أنتَ، واصرفْ عنَّا سيئَها، لا يصرفْ عنَّا سيئَها
إلا أنت برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمينَ.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركينَ، ودَمِّرْ أعداءَ الدِّينِ، واجعلْ هذا البلدَ آمناً مُطمئناً سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ
المسلمينَ، اللهمَّ آمنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، اللهمَّ وَفِّقْ وليَ أمرِنا بتوفيقِك، وأيِّده بتأييدِك، واجعلْ عملَه في رِضاكَ،
وهيئ له البِطانةَ الصَّالحةَ النَّاصحةَ، التي تَدلُه على الخيرِ وتعينُه عليه، اللهمَّ أيِّد به العلماءَ والنَّاصحينَ، وأيِّده بهم يا ذا الجلالِ
والإكرامِ، يا ذا الطَّولِ والإنعامِ.
اللهم كن لإخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم مؤيدا ونصيرا ، ومعينا وظهيرا ، اللهم كن لإخواننا
المحاصرين المستضعفين في مضايا الشام ، اللهم اجعل شأن عدوهم في سفال ، ورد كيدهم في وبال ، اللهم إنهم مظلومون فانصرهم
اللهم إنهم جياع فأطعمهم ، ومساكين فارحمهم يا راحم المساكين ، وياناصر المستضعفين اللهم أطعمهم من جوع وآمنهم من خو
اللهمَّ يا باسطَ اليدينِ بالعطايا، اغفر لنا الذُّنوبَ والخطايا، اللهم أصلحْ لنا شأنَنا كلَّه، ولا تكلنا إلى أنفسِنا طرفةَ عينٍ، اللهمَّ إنا نسألُك
رِضاكَ والجنَّةَ، ونعوذُ بك من سخطِك والنَّارِ يا عزيزُ يا غفَّارُ، ربنا آتنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِّنا عذابَ النَّارِ
برحمتِك ياربَّ العالمينَ.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
سبحان ربك رب العزة عما يصفون،،،وسلامٌ على المرسلين،،،وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المرفقات
خطبة عن (نعم الله تعالى ) .docx
خطبة عن (نعم الله تعالى ) .docx