كيف تمكن النصيريون من حكم سوريا
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِيْنَ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ فَأَحْصَاهُمْ عَدَدَاً، وَكُلُّهُمْ آتِيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدَاً، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمٍ تَتْرَى، وَنَشْكُرُهُ عَلَى إِحْسَانٍ لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى؛ خَلَقْنَا وَلَمْ نَكُ شَيْئَاً، وَهَدَانَا وَلَوْلَاهُ مَا اهْتَدَيْنَا..أَطْعَمَنَا مِنْ جُوْعٍ، وَآَمَنَنَا مِنْ خَوْفٍ، وَكَسَانَا مِنَ عُرْيٍ، وَأَعْطَانَا مَا سَأَلْنَا وَمَا لَمْ نَسْأَلْ، فَلَهُ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ؛ جَعَلَ الِاخْتِلَافَ فِي الْبَشَرِ مِنْ سُنَنِ خَلْقِهِ؛ ابْتِلَاءً لِعِبَادِهِ [هُوَ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُّؤْمِنٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُوْنَ بَصِيْرٌ] {التَّغَابُنِ:2} وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ؛ لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَنَا مِنْهُ، تَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيْغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِ، وَالْزَمُوا شَرِيْعَتَهُ، وَأَيْقِنُوا بِوَعْدِهِ، وَثِقُوا بِنَصْرِهِ [وَكَانَ حَقَّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ] {الْرُّوْمُ:47} [وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِيْنَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُوْرُوْنَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ] {الْصَّفَاتِ:171-173}.
أَيُّهَا النَّاسُ:لِلْنِّفَاقِ وَالْمُنَافِقِيْنَ أَثَرٌ كَبِيْرٌ فِي الصَدِ عَنْ دِيَنِ الله تَعَالَىْ، وَأَذِيَّةِ الْمُؤْمِنِيْنَ، وَالْغَدْرِ بِهِمْ، وَإِظْهَارِ الْوَلَاءِ لَهُمْ، وَإِبْطَانِ عَدَاوَاتِهِمْ، حَتَّىَ حَذَّرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مُخَاطِبَاً إِيَّاهُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ [هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُوْنَ] {الْمُنَافِقُوْنَ:4}.
وَالْنِّفَاقُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ظَهَرَ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ؛ كَمَا فِيْ حَدِيْثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:«فَلَمَّا غَزَا رَسُوْلُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرَاً، فَقَتَلَ اللهُ بِهِ صَنَادِيْدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُوْلَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبَايعُوا الْرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمُوا»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
أَيُّ: إِنَّهُمْ أَظْهَرُوا إِسْلَامَهُمْ وَأَبْطَنُوا كُفْرَهُمْ، وَمِنْ يَوْمِهَا وَالْمُنَافِقُوْنَ يَكِيْدُوْنَ لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ كَيْدٍ وَأَشَدَّهُ،وَغَايَةُ هَذَا النَّوعِ مِنَ الْنِّفَاقِ هَدْمُ الإِسْلَامِ لِمَا يُعَارِضُهُ مِنْ أَهْوَائِهِمْ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمُنَافِقِيْنَ ابْنَ سَلُوْلَ فَقَدَ زَعَامَتَهُ عَلَى الْأَنْصَارِ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ، فَاضْمَرَ الحِقْدَ وَالانْتِقَامَ مِنْهُ وَمِمَّنْ دَعَا إِلَيهِ.
وَفِي عَهْدِ الخَلِيفَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَجَمَ نَوْعٌ آَخَرُ مِنَ النِّفَاقِ يَهْدِفُ إِلَى هَدْمِ الإِسْلَامِ مِنْ دَاخِلِهِ، وَإِحْلَالِ عَقَائِدَ فَاسِدَةٍ مَكَانَهُ جَمَعُوْهَا مِنَ الْفَلْسَفَةِ الْيُونَانِيَّةِ وَالْمَجُوْسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْيَهُوْدِيَّةِ وَالْنَّصْرَانِيَّةِ، وَسَرْبَلُوْهَا بِحُبِّ آَلِ البَيْتِ؛ لِئَلَّا تُكْشَفَ، وَأَخَذُوا مِنَ الإِسْلَامِ بَعْضَ شَعَائِرِهِ لِإِيْهَامِ الْنَّاسِ أَنَّهُمْ مُسْلِمُوْنَ، وَهُوَ النِّفَاقُ الَّذِيْ أَحْدَثَهُ فِي الْإِسْلَامِ عَبْدُ الله بْنُ سَبَأٍ الْيَهُوْدِيُّ، وَمَنْ أَفْكَارِهِ نَشَأَ المَذْهَبُ البَاطِنِيُّ وَتَشَظَّى إِلَى فِرَقٍ كَثِيْرَةٍ مِنْ أَشْهَرِهَا الْإِمَامِيَّةُ وَالْإِسِمَاعِلِّيَّةُ وَالنُصَيرِيَّةُ وَالْدُرْزِيَّةُ وَغَيْرُهَا.
وَمِنْ أَكْثَرِهَا غُمُوضَاً وَبَاطِنِيَّةً، وَانْحِرَافًا عَنِ الْمِلَّةِ الْحَنِيْفِيَّةِ، وَأَشَدِّهَا حِقْدَاً عَلَىَ الأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ: طَائِفَةُ النُصَيرِيَّةِ، وَسُمِّيَتْ فِي الْعُصُورِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِالْطَّائِفَةِ العَلْوِيَّةُ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْفَرَنْسِيِّينَ هُمْ الَّذِيْنَ أَطْلَقُوا عَلَيهَا هَذَا الِاسْمَ حَتَّى عُرِفُوا بِهِ. وَهِيَ فِي الْأَصْلِ فِرْقَةٌ ظَهَرَتْ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيرٍ البَصْرِيِّ الَّذِيْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ وَغْلا فِي أَئِمَّةِ الشِّيعَةِ فَنَسَبَهُمْ إِلَى مَقَامِ الأُلُوهِيَّةِ، وَانْتَشَرَتْ مَقُولاتُهُ فِي الْشَّامِ، وَتَكَاثَرَ أَتْبَاعُهُ، وَزَادَ المُتَنَفِذُونَ فِي مَذْهَبِهِ مِنَ الشَّعَائِرِ وَالِاعْتِقَادَاتِ مَا كَوَّنُوا بِهِ دَيْنَاً غَيرَ دِينِ الإِسْلَامِ، وَأَتْبَاعُهُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ عَلَيَّاً خَلَقَ مُحَمَّدَاً صَلَّى الْلَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
وَلَقَدْ كَانَ مِنْ أَعْرَفِ النَّاسِ بِهِمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ خَالَطَهُمْ بِالشَّامِ، وَتَعَرَّفَ عَلَى أَحْوَالِهِمْ، وَخَبَرَ مَقُولَاتِهِمْ وَمُعْتَقَدَاتِهِمْ، وَقَرَأَ كُتُبَهُمْ ومَنْشُورَاتِهِمْ، وَكَشَفَ لِلْأُمَّةِ حَقِيقَتَهُمْ وَخِيَانَاتِهِمْ فِيْ سُؤَالٍ وُجِّهَ إِلَيهِ عَنْهُمْ فَأَجَابَ جَوَابَاً مُطَوَّلَاً يُنْصَحُ بِقِرَاءَتِهِ لِمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ حَقِيقَتِهِمْ. وَمِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ: لَا يُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَلَا يَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَلَا يَحُجُّونَ الْبَيْتَ، وَلَا يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ وَلَا يُقِرُّونَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ، وَيَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ. وَذَكَرَ أَنَّهُم أَكْفَرُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ بَلْ وَأَكْفَرُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ ...لإنَّهُم يَتَظَاهَرُونَ عِنْدَ جُهَّالِ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّشَيُّعِ، وَمُوَالَاةِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَلله، وَلَا بِرَسُولِهِ وَلَا بِكِتَابِهِ، وَلَا بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ، وَلَا ثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ، وَلَا جَنَّةٍ وَلَا نَارٍ وَلَا بِأَحَدٍ مِنْ الْمُرْسَلِينَ....وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الله الْمُنَزَّلَةِ، لَا التَّوْرَاةِ وَلَا الْإِنْجِيلِ وَلَا الْقُرْآنِ. وَلَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ لِلْعَالَمِ خَالِقًا خَلَقَهُ، وَلَا بِأَنَّ لَهُ دِينًا أَمَرَ بِهِ، وَلَا أَنَّ لَهُ دَارًا يَجْزِي النَّاسَ فِيهَا عَلَى أَعْمَالِهِمْ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ.
وَذَكَرَ أَنَّهُمْ خَانُوا المُسْلِمِيْنَ، وَأَعَانُوْا الصَّلِيْبِيِّينَ فِيْ الْشَّامِ، كَمَا أَعَانُوْا التَّتَارَ فِي الْعِرَاقِ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ، وَأَنَّهُمْ مِنْ أَغَشِّ النَّاسِ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِوُلَاةِ أُمُورِهِمْ، وَهُمْ أَحْرَصُ النَّاسِ عَلَى فَسَادِ الْمَمْلَكَةِ وَالدَّوْلَةِ.اهـ
وَمَا ذَكَرَهُ شَيخُ الْإِسْلَامِ مِنْ خِيَانَتِهِمْ وَغَدْرِهِمْ بِالْمُسْلِمِيْنَ، وَاسْتِحْلَالِ دِمَائِهِمْ رَأَيْنَاهُ فِيْ سُوْرِيَا مُنْذُ أَنْ قَامَ لَهُمْ فِيْهَا دَوْلَةٌ، وَنَرَاهُ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَلَى شَاشَاتِ الْتَّلْفَزَةِ.
إِنَّ الْنُصَيرِيِِّينَ تَسَلَّلُوا إِلَى الْحُكْمِ فِيْ سُورِيَا الَّتِي هِيَ دَارُ الْإِسْلَامِ وَحِصْنُهُ، وَعَاصِمَةُ الْأُمَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَلَهَا تَارِيخٌ مَجِيدٌ فِي الْفُتُوحِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَفِيْ جِهَادِ الصَّلِيبِيِّينَ وَالْتَّتَرِ، حَتَّى إِنَّ أَعْظَمَ الْفُتُوحِ الْإِسْلَامِيَّةِ عُقِدَتْ ألَوِيَّتُهَا، وَسُيِّرَتْ جُيُوشُهَا مِنْ بِلَادِ الْشَّامِ الْمُبَارَكَةِ، الَّتِي بَارَكَهَا اللهُ تَعَالَى بِنَصٍّ فِي الْقُرْآنِ.
وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ تَسَلُّمَهُمْ لِحُكْمِ سَوْرِيَا فِي عَصْرِنَا كَانَ بِمَعُوْنَةِ الاسْتِعْمَارِ الْفَرَنْسِيِّ الَّذِيْ مَكَّنَ لَهُمْ فِيهَا حِيْنَ أَسَقَطَ وُلَاتَهَا مِنْ أَهْلِ الْسُنَّةِ، وبَتَرَهَا عَنْ الدَّولَةِ العُثْمَانِيَّةِ، وَجَعَلَهَا تَحْتَ سُلْطَتِهِ، فَلَمَّا جَاهَدَ أَهْلُ الْشَّامِ الِاسْتِعْمَارَ الفَرَنْسِيَّ وَأَثْخَنُوا فِيْهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا حَتَّى مَكَّنَ لِلطَّوَائِفِ الْبَاطِنِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَعْوَانَاً لَهُ عَلَى احْتِلَالِ سَوْرِيا؛ وَلِأَجْلِ إِضْعَافِ المُسْلِمِينَ بِهِمْ.
وَمَا أَذْكُرُهُ مِنْ مَعْلُوْمَاتٍ فِيْ وُصُوْلِ النُصَيرِيِّينَ لِلْحُكْمِ فِيْ سُوْرِيَا مُسْتَقَىً مِنْ أُطْرُوحَةٍ للدُكْتُورَاه كَتَبَهَا غَرْبِيٌّ نَصْرَانِيٌّ مُعْجَبٌ بِالطَّائِفَةِ الْنُصَيْرِيَّةِ، وَيُدَافِعُ عَنْهَا كَثِيرَاً؛ وَذَلِكَ حَتَّى أَنْفِيَ تُهْمَةَ الْتَّحَيُّزِ لَوْ نَقَلْتُ عَنْ مُسْلِمَيْنَ وَعَنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ خَاصَّةً.
فَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الغَرْبِيُّ أَنَّ الِاسْتِعْمَارَ الْفَرَنْسِيَّ هُوَ الَّذِيْ حَرَّضَ الْطَّوَائِفِ الْبَاطِنِيَّةَ عَلَىَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيْ سُوْرِيَا، وَأَظْهَرَهُمْ وَقَوَّى شَوْكَتَهُمْ،وَمَكَّنَ لَهُمْ فِيْ أَهَمِّ الْمُؤَسَّسَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ، حَتَّى سَادَتْ فَتْرَةٌ أُغْلِقَتْ الْكُلِّيَّاتِ وَالمَعَاهِدُ الْعَسْكَرِيَّةُ فِي وَجْهِ أَبْنَاءِ الْسُّنَّةِ، وَفُتِحَتْ لِلطَّوَائِفِ الْأُخْرَى، وَصَارَ الْقَادَةُ الْعَسْكَرِيُّونَ مِنَ النُصَيرِيِِّينَ فِيْ أَهَمِّ الْمَوَاقِعِّ ومَحَاطِينَ بِضُبَّاطٍ وَجُنُوْدٍ مِنْ أَبْنَاءِ طَائِفَتِهِمْ؛ لِتَقْوِيَةِ مَرَاكِزِهِمْ
ثُمَّ كَانَتِ الخُطَّةُ الْخَبِيْثَةُ لإِذَابَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ، وَإِخْفَاءِ طَائِفِيَّةِ النُصَيرِيِّينَ بِصَهْرِ الْجَمِيْعِ فَي حِزْبِ الْبَعْثِ الَّذِيْ أَسَّسُوهُ مَعَ النَّصَارَى؛ لِيَكُوْنَ مَبْدَأُ الْحِزْبِ الإِيمَانَ بِالْعُرُوبَةِ، وَجَعْلِهَا بَدِيلَاً لِلْإِسْلَامِ، وَخِدَاعِ أَبْنَاءِ الْسُّنَّةِ بِمَبَادِئِ الْحُرِّيَّةِ وَالاشْتِرَاكِيّةِ الَّتِيْ يُعْلِنُهَا هَذَا الْحِزْبُ، وَكَانَ لَهَا آنَذَاكَ وَهَجٌ كَبِيرٌ، وَحَوَّلُوا الْنَّاسَ مِنَ الْوَلَاءِ لِلْدِّيِنِ إِلَى الْوَلَاءِ لِلْحِزْبِ، وَهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ قِيَادَتِهِ، وَيَخْدَعُوْنَ الْعَامَّةَ بِمَبَادِئِهِ، حَتَّى بَلَغُوا سُدَّةَ الْسَّلْطَةِ بِالانْقِلابِ قَبْلَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً تَحْتَ شِعَارِ الحِزْبِ وَهُمْ يُخْفُونَ طَائِفَيَتَهُمْ، فَلَمَّا سَادُوا حَيَدُوا أَهْلَ الْسُّنَّةِ مِنَ الْمَرَاكِزِ الْمُهِمَّةِ، وَبَدَأَتْ سِلْسِلَةٌ مِنَ التَصْفِيَاتِ وَالقَتْلِ الْمُبَرْمَجِ لِكُلِّ رُمُوْزِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ، وَتَوَّجُوا ذَلِكَ بِمَذْبَحَةِ حَمَاةَ بَعْدَ مَذْبَحَتِي تُدْمُرَ وَحَلَبَ الَّتِيْ رَاحَ ضَحِيَّتَهَا الْآلَافُ مِنَ الأُسَرِ السُّنِّيَّةِ بِرِجَالِهَا وَنِسَائِهَا وَأَطْفَالِهَا،وَأَذَلُّوا أَهْلَ الْسُّنَّةِ ذُلّاً عَظِيْمَاً، وَآذَوْهُمْ أَذَىً شَدِيْدًا، وَلَا يَكَادُ يُوْجَدُ بَيْتٌ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ إِلَّا وَفِيْهِ مُصِيبَةٌ بِسَبَبِ الْنُصَيْرِيِّينَ، حَتَّى كَانَتِ النِّسَاءُ النُصِيْرِيَاتُ يُمَارِسْنَ الْإِذْلَالَ وَالْقَهْرَ لِلْنَّاسِ عَلَى أَنَّهُنَّ الْحُكُومَةُ ومُمَثِلَاتُهَا..
وَهُمْ فِيْ كُلِّ هَذِهِ الْأَحْوَالِ يُخْفُونَ دِينَ طَائِفَتِهِمْ، وَرَئِيْسُهُمْ يَتَمَسَّحُ بِالإِسْلَامِ، وَيَتْلُو القُرْآنَ، وَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاةَ مَعَ الْمُسْلِمِيْنَ؛ لِخِدَاعِ الْعَامَّةِ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَذَابِحَ هِيَ لمُتَطَّرِفِينَ وَلِأَعْدَاءَ لِلْوَطَنِ أَوْ لِلْحِزْبِ مُنْدَسِّينَ بَيْنَ النَّاسِ..انْتَهَى الِاقْتِبَاسُ مِنْ أُطْرُوحَةِ الْكَاتِبِ الْغَرْبِيِّ.
وَلَقَدْ ظَلَّ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي سُوْرِيَا وَهُمْ الأَكْثَرِيَّةُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً تَحْتَ اسْتِعْبَادِ النُصَيْرِيِِّينَ البَاطِنِيِّينَ وَهُمْ أَقَلِّيَّةٌ لَا يَبْلُغُونَ عُشرَ الْسُّكَّانِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ غَفْلَةِ أَهْلِ الرَّأْيِّ وَالحَلِّ وَالعَقْدِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَبِسَبَبِ بُعْدِهِمْ عِنْ دِيْنَهُمْ، وَرُكُوْبِ رُمُوْزِهِم مَوْجَةَ حِزْبِ الْبَعْثِ العَلْمَانِيِّ الْكَافِرِ الَّتِي خَدَعَهُمُ البَاطِنِيُّونَ بِهَا، وَجَعَلُوْهَا سُلْمَاً لِبُلُوْغِ السُّلْطَةِ، فَكَانَتْ نَتِيْجَةُ تَفْرِيطِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ فِي دِينِهِمْ وَمَكَاسِبِهِمْ وَأَكْثَرِيَتِهِم ذُلَّاً وَعَذَابَاً وَهَوَانَاً وَتَشْرِيدَاً وَقَهْرَاً وَتَجْهِيْلاً وتَهْمِيْشَاً زَادَ عَلَى أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، حَتَّى ضَاقَ النَّاسُ ذَرْعَاً وَثَارُوا عَلَى ذَلِكَ، وَهُمُ الآنَ يُذَبَِّحُوْنَ وَيُعَذَّبُ شَبَابُهُمْ وَأَطْفَالُهُمْ فِي الْسُّجُونِ الْنُصَيْرِيَّةِ، فَعَسَى اللهُ تَعَالَى أَنْ يَكْشِفَ غُمَّتَهُمْ، وَيُزِيلُ كَرْبَهُم، وَيُمَكِّنَ لَهُمْ، وَيَجْعَلَ مُصَابَهُمْ خَيرَا لَهُمْ وَلِلْإِسْلامِ وَالْمُسْلِمِينَ..اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ قَتْلَاهُمْ فِيْ الْشُّهَدَاءِ، وَاشْفِ جَرْحَاهُمْ، وَفُكَّ أَسْرَاهُمْ، وَأَنْزَلْ عَلَيهِمْ سَحَائِبَ نَصْرِكَ، وَأَمَدَّهُمْ بِجُنْدِكَ، وَارْبِطْ عَلَى قُلُوْبِ ضُعَفَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَارْحَمْ أَطْفَالَهُمْ، وَاهْزِمْ أَعْدَاءَهُمْ، إِنَّكَ سَمِيْعُ الدُّعَاءِ..[وَمَا الْنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ الله الْعَزِيْزِ الْحَكِيْمِ] {آَلِ عِمْرَانَ:126}
بَارَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ فِيْ الْقُرْآَنِ الْعَظِيْمِ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لله حَمْدَاً طَيِِّبَاً كَثِيْرَا مُبَارَكَا فِيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ [وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُوْنَ فِيْهِ إِلَىَ الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُوْنَ] {الْبَقَرَةِ:281}.
أَيُّهَا الْنَّاسُ: إِنَّ مِنْ الْأَسْبَابِ الْعَظِيمَةِ لِخذْلانِ الْمُسْلِمِيْنَ وَخِيَانَتِهِمْ، وَتَسْلِيطِ الأَعْدَاءِ عَلَيهِمْ، وَتَمْكِينَهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَرِقَابِهِمْ: اتِّخَاذَ الْمُنَافِقِيْنَ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّهُمْ يَخُونُونَهُمْ فِيْ الْسَّاعَةِ الْحَرِجَةِ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى [يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوُا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُوْنِكُمْ لَا يَأْلُوْنَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُوْرُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُوْنَ * هَا أَنْتُمْ أُوْلَاءِ تُحِبُّوْنَهُمْ وَلَا يُحِبُّوْنَكُمْ وَتُؤْمِنُوْنَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوْكُمْ قَالُوْا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ] {آَلِ عِمْرَانَ:118-119}.
وَلَوْ تَأَمَّلْنَا سِيْرَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَوَجَدْنَاهُ لَمْ يَظْلِمِ الْمُنَافِقِينَ، وَعَامَلَهُمْ بِمَا يُظْهِرُونَ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى الله تَعَالَى، لَكِنَّهُ فِي الوَقْتِ ذَاتِهِ لَمْ يُمَكِّنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي قِيَادَةٍ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِيْ وِلَايَةٍ، وَلَمْ يَتَّخِذْهُ بِطَانَةً، رَغْمَ أَنَّ فِي المُنَافِقِينَ سَادَةِ كِبَارًا فِي قَوْمِهِمْ كَابْنِ سَلُوْلَ وَعَامِرٍ الرَّاهِبِ، حَتَّى أَنَّ ابْنَ سَلُوْلَ كَانَ قُبَيلَ الْهِجْرَةِ سَيُتَوَّجُ رَئِيْسَاً لَلْأَنْصَارِ، وَحُرِمَ مِنْ أَيِّ قِيَادَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ وَلَوْ صَغُرَتْ لَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِفَاقَهُ.وَلَسْتُ أَعْلَمُ فِي سِيرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ أَحَدًا مِنَ المُنَافِقِينَ عَلَى شَيْءٍ، وَلَا وَلَّاهُ قِيَادَةَ سَرَّيَّةٍ، وَلَا حَمْلَ لَوَاءٍ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَخُونُونَ المُؤْمِنِينَ فِي الأَزَمَاتِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ سَلُولَ فِيْ أُحُدٍ، فَكَانَ هَذَا مَنْهَجَاً نَبَوِيَّاً، وَسِيَاسَةً شَرْعِيَّةً فِيْ الْتَّعَامُلِ مَعَ الْمُنَافِقِينَ وَالبَاطَنِيِّينَ.
وَخِيَانَاتُ المُنَافِقِيْنَ مِنَ الفِرَقِ البَاطِنِيَّةِ مَشْهُورَةٌ فِيْ تَارِيخِ المُسْلِمِيْنَ؛ فَبَغْدَادُ سَقَطَتْ فِي القَدِيْمِ وَالحَدِيثِ بِخِيَانَتِهِمْ وَمُمَالَأَتِهِمْ لِلْكُفَّارِ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَاحْتَلَّ الصَّلِيبِيُّونَ بَيْتَ المَقْدِسِ بِخِيَانَتِهِمْ إِذْ كَانُوا هُمْ حُكَّامَهُ فِي الدَّولَةِ الْعُبَيدِيَّةِ، وَسَقَطَتْ حَدِيْثَاً فِيْ يَدِ الْيَهُودِ بِخِيَانَتِهِمْ أَيضَاً لَمَّا كَانَ الدُّرُوزُ عُيُونًا وَجُنُوْدًا لْجَيْشِ الِاحْتِلَالِ.
وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الَإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ الْنُصَيْرِيَّةَ أَحْرَصُّ النَّاسِ عَلَى تَسْلِيمِ الْحُصُوْنِ إِلَى عَدُوِّ المُسْلِمِينَ، وَعَلَى إِفْسَادِ الْجُنْدِ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَإِخْرَاجِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ.
وَمَا قَالَهُ قَبْلَ قُرُوْنٍ وَقَعَ قَبْلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً حِيْنَ حَرَّضَ النُّصَيرِيُّونَ الدَّهْمَاءَ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ عَلَى قِيَادَاتِهِم بِاسْمِ حِزْبِ الْبَعْثِ، وَحِيْنَ سَلَّمُوا هَضْبَةِ الجُولَانِ، وَأَعْلَنَ رَئِيْسُ النُّصَيريَّينَ آنَذَاكَ سُقُوْطُ الْقُنَيطِرَةِ فِيْ أَيْدِي الْيَهُودِ وَهِيَ لَمْ تَسْقُطْ، بَلْ بَاعَهَا لَهُمْ، وَقَدْ كَشَفَ حَقِيقَةَ ذَلِكَ وُزَرَاءُ وَقَادَةٌ فِي الْنِّظَامِ السُّورِيِّ فِيْ مُذَكِّرَاتِهِم وَمُقَابَلَاتِهِمْ.
فَعَلَى عُمُوْمِ الْمُسْلِمِيْنَ حُكَّامَاً وَمَحْكُومِيْنَ الحَذَرُ مِنَ التَّمْكِينِ لِلْمُنَافِقِينَ وَالبَاطَنِيِّينَ، وَعَدَمُ الْوُثُوقِ بِهِمْ، وَلَا اتِّخَاذِهِمْ بِطَانَةً، وَبَيَانُ خَطَرِهِمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ النَّصِيحَةِ لِوُلَاةِ أُمُوْرِ المُسْلِمِينَ، وَلِكَافَّةِ أَهِلَّ الحَلِّ وَالعَقْدِ وَالرَّأْيِّ، وَأَنْ يَكُونَ تَعَامُلُهُمْ مَعَهُمْ كَتَعَامِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِعَدَمِ ظُلْمِهِمْ، وَعَدَمِ تَوَلِّيْهِمَ أَوِ التَّمْكِينِ لَهُمْ، مَعَ شِدَّةِ الْحَذَرِ مِنْهُمْ، فَوَ الله الَّذِي لَا يُحْلَفُ بِغَيْرِهِ إِنَّهُمْ مَا تَمَكَّنُوا مِنَ المُسْلِمِينَ فِيْ بَلَدٍ إِلَّا نَكَّلُوا بِهِمْ، وَاسْتَحَلُّوْا دَمَاءَهُمْ وَحَرِيمِهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَأَذَاقُوهُمْ الذُّلَّ وَالْهَوَانَ، وَتَارِيخُ النُصَيْرِيِّين فِي سُوْرِيَا يَنْضَحُ بِالمَآسِي لِأَهْلِ البِلَادِ المُبَارَكَةِ لِمَنْ يَقْرَأُ التَّارِيخِ وَيَسْتَفِيدُ مِنْ أَحْدَاثِهِ..
حَفِظَ اللهُ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِيْنَ كَافَّةً مِنْ شَرِّ البَاطِنِيِّينَ، وَكَيْدِ المُنَافِقِينَ، وَهَتْكَ سِتْرَهُمْ، وَكَشَفَ لِلْنَّاسِ أَمْرَهُمْ، وَأَزَالَ خَطَرَهُمْ، وَأَذْهَبَ رِيْحَهُمْ، وَمَكَّنَ الْمُسْلِمِيْنَ مِنْهُمْ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ..
وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوا...
_________
أشير بسرعة لتوثيق بعض المعلومات للفائدة ولمن أراد الرجوع إليها:
1- الباحث الغربي الذي اقتبست منه في الخطبة هو الكاتب الهولندي الدكتور نيقولاوس فان دام، في أطروحته للدكتوراه بعنوان (الصراع على السلطة في سوريا..الطائفية والإقليمية والعشائرية في السياسة) من عام 1961 إلى عام 1995م. طبع مكتبة مدبولي، القاهرة، وهو كتاب مميز مليء بالنقول إلا أن صاحبه منحاز تماما للنصيريين.
2- بالنسبة لكلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عنهم هو في الفتاوى الكبرى:3/509، وفي مجموع الفتاوى:35/156، وأفردته رئاسة الإفتاء السعودية في رسالة قصيرة.
3- بالنسبة لسقوط القنيطرة ففيه كتب مفردة، وكان إعلان سقوطها ا قبل 48 ساعة من احتلالها ففي يوم السبت العاشر من حزيران سنة 1967 أعلن وزير الدفاع السوري حافظ أسد الساعة 9.30 البلاغ العسكري رقم 66 وهذا نصه: إن القوات الإسرائيلية استولت على القنيطرة بعد قتال عنيف دار منذ الصباح الباكر في منطقة القنيطرة ضمن ظروف غير متكافئة وكان طيران العدو يغطي سماء المعركة بإمكانات لا تملكها غير دولة كبرى، وقد قذف العدو في المعركة بأعداد كبيرة من الدبابات واستولى على مدينة القنيطرة على الرغم من صمود جنودنا البواسل، إن الجيش لا يزال يخوض معركة قاسية للدفاع عن كل شبر من أرض الوطن، كما أن وحدات لم تشترك في القتال بعد ستأخذ مراكزها في المعركة.
يقول الدكتور عبد الرحمن الأكتع وزير الصحة السوري آنذاك: كنت في جولة تفقدية في الجبهة وفي مدينة القنيطرة بالذات عند إذاعة بيان سقوط القنيطرة وظننت أن خطأً قد حدث فاتصلت بوزير الدفاع حافظ الأسد وأخبرته أن القنيطرة لم تسقط ولم يقترب منها جندي واحد من العدو وأنا أتحدث من القنيطرة ودهشت حقاً حين راح وزير الدفاع يشتمني شتائم مقذعة ويهددني إن تحدثت بمثلها وتدخلت فيما لا يعنيني. فاعتذرت منه وعلمت أنها مؤامرة وعدت إلى دمشق في اليوم الثاني وقدمت استقالتي .
ويقول سامي الجندي في(كتابه كسرة خبز) وسامي الجندي هذا كان وزيراً للإعلام وعضو القيادة القطرية ومن مؤسسي حزب السلطة (البعث) وهو الذي اعترف أنه أرسل سفيراً إلى باريس في مهمة سلمية:فوجئت لما رأيت على شاشة التلفزيون في باريس مندوب سورية جورج طعمة في الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة (وذلك من خلال البلاغ 66 الصادر عن وزير الدفاع حافظ الأسد) الذي أعلن وصول قوات إسرائيل إلى مشارف دمشق بينما المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة يؤكد أن شيئاً من كل ذلك لم يحصل .
المرفقات
كيف تمكن النصيريون من حكم سوريا.doc
كيف تمكن النصيريون من حكم سوريا.doc
المشاهدات 7678 | التعليقات 15
جزاك الله خيرا يا شيخ إبراهيم وأسأل الله أن ينفع بما كتبت يداك
[align=justify]
جزيت خيرا شيخ إبراهيم ونفع الله بما كتبت وجعله في ميزان حسناتك
[/align]
خطبة جامعة ماتعة حفظ الله الشيخ وسدده ووفقه ، وليت أن الخطيب الكريم أدرج أيضا شيئا عن استعداد تلك الطوائف المنحرفة عينها للانتخابات البلدية التي تستعد هذه الأيام لاقتناصها في أماكن تجمعهم في بلادنا، كما يفعلون الآن في نجران فيما يسمى بالانتخابات الفرعية حسبما نشر في صحيفة الوطن مؤخرا،وكما فعلوا في الشرقية في الانتخابات السابقة حينما كانت حافلاتهم تنقل مجانا ناخبييهم لتكثير عددهم في المراكز التي يخشون خروجها من أيديهم، فإذا كانوا نجحوا في هذا العصر في الشام والعراق ويستعدون للانقضاض في البحرين واليمن وغيرها بغفلة من أهل السنة فيها ، فإنه يخشى ذلك لدينا إذا استمرت هذه الغفلة والتجاهل والتهاون،ومن كان يظن أن هذه البلاد لها عصمة أو خصوصية فليقرأ تاريخ تسليط القرامطة -بذنوب الأمة وتقصيرها وإغراقها في الدنيا وملذاتها-التي اجتاحت في القرن الثالث الهجري البحرين و اليمامة والحجاز وأطراف العراق والشام ولم يسلم منهم بيت الله وحجاجه، وكذا الفاطميون في شمال أفريقيا ومصر والشام والبويهيون في العراق وفارس وسائر ما بقي للدولة العباسية من أقاليم،ممهدين بذلك لاجتياح التتر ثم للصليبيين للأمة، ثم في التاريخ القريب تسليط محمد علي والي مصر على الدرعية وهدمها وتهجير علمائها وأمرائها،وكما قال أبو الدرداء رضي الله عنه : ما أهون الخلق على الله إن هم عصوا أمره ، بينما هم أمة قاهرة ، ظاهرة لهم البطش إذ خالفوا أمر الله ، فصاروا إلى ما رأيت!!
حفظ الله بلاد التوحيد مما تكاد به والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً وبارك بما قلت
ونفع بك الإسلام والمسلمين
شكر الله لك أيها الشيخ الجليل وسلمت يداك وبوركت كثيراً
وفقك الله يا شيخ إبراهيم ونفع بك ..
سؤالي هل للشيخ موقع خاص به ؟؟
إن لم يكن له فالمفروض في مثله أن يكون له موقع ولو ضمن موقع كبير .. على الأقل حتى يعرف مظان خطبه ومقالاته ..
رأيت قسماً كبيراً مفرقاً في المواقع بين الألوكة وفي صيد الفوائد وهنا وربما في مواقع أخرى لم أرها ..
فليت الشيخ وفقه الله يعتمد مكاناً واحداً يكون هو الأصل وغيره فرع عنه .. بحيث إذا رغب من يبحث شيئاً لدى الشيخ يتجه له مباشرة ..
أظن أن هذا أنفع كثيراً ..
وفقك الله يا شيخ ونفع بك .
إلى أبي العنود
هذه صفحة الشيخ الحقيل في شبكة ملتقى الخطباء وهي خاصة بالخطب وفيها 354 خطبة ولا يوجد -فيما أعلم- موقع فيه هذا العدد الكبير من خطب الشيخhttp://www.khutabaa.com/index.cfm?method=home.KhClassifications&khateebid=5&bb=khateeb
وهذه صفحة فيها أغلب مقالات الشيخ وبعض خطبه
http://www.khutabaa.com/index.cfm?method=home.Author&AuthorID=5&QueryNav.Offset=1&QueryNav.Len=15
أما صفحة الشيخ الحقيل في الألوكة فهي شاملة للخطب والمقالات
وهذه صفحة فيها مشاركات الشيخ حفظه الله في الملتقيات الحوارية
http://www.vb.khutabaa.com/search.php?searchid=28635
جزاك الله خير شيخ مازن ..
أنا أعرف هذه الصفحات وغيرها ..
لكن من المهم - في رأيي - أن يعتمد صاحب الموقع موقعاً رسمياً واحدا ً بحيث يكون فيه كل أعماله .. ويختص بتحديثه ووضع الجديد فيه .. بغض النظر عن المواقع الأخرى التي تكون مساندة له .. أو التي تنشأ من قبل محبي الشخص ومعجبيه ..
ليت شيخنا الفاضل يعتمد موقعاً جامعاً لكل أعماله - نفع الله به ووفقه - .
الليث الليث
قمت بالواجب
وفقك الله
تعديل التعليق