كيف تجعل الناس يستغفرون لك؟

محمد بن إبراهيم النعيم
1438/06/17 - 2017/03/16 10:10AM

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

إن من سعادة المرء يا عباد الله أن يستغفر له الناس عموما ويستغفر له الصالحون خصوصا، ويدعون له بظهر الغيب، ومن يحصل له ذلك يشعر بسعادة لا توصف، ويدل على أن هذا الإنسان محبوب لدى الناس ومقرب إليهم، وقد دخل قلوبهم، فلهجت ألسنتهم بالدعاء له بظهر الغيب، وتلك مرتبة عالية يتمناها كل الناس، ووسام شرف للعبد لا يقدر بثمن.

فكيف تصل إلى هذه الرتبة وهذه الحفاوة؟ فكيف تجعل الناس يستغفرون لك ويدعون لك خصوصا بظهر الغيب؟
لقد حث الإسلام المؤمنين على أن يستغفروا لبعضهم البعض، وأخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- بأن من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة، كما أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- المسلمين بتشييع جنازة المسلم بالصلاة عليها وحضور دفنها؛ للاستغفار لأخيهم المتوفى، فالسعيد من استغفر له الناس أو استغفر له الملائكة الكرام، فرب دعاء من واحد منهم يقبله الله تعالى فيسعد بسببه سعادة أبدية.

وحديثي اليوم معكم كيف تجعل الناس يستغفرون لك؟ ويدعون لك بظهر الغيب؟

إن الإنسان لا يمكنه أن يشتري رضا الناس أو يشتري حبهم له بالأموال ليستغفروا ويدعوا له بظهر الغيب، فما الذي يجبُ أن تفعله إذن يا عبد الله كي تجعل بعض الناس يدعون لك بظهر الغيب؟
وما الذي يجبُ أن تفعله أيضا كي تجعل الملائكة عليهم السلام يدعون لك؟ وما الذي يجبُ أن تفعله أيضا كي تجعل كل شيء يدعو لك ويستغفر لك؟
سلسلة من الخطب سنعيشَها بإذن الله تعالى، لنتحدث عن بعض فضائل الأعمال التي إذا عملناها حققنا ذلك كله، وسخّرنا من يدعو لنا بظهر الغيب.

فهناك أربع وسائل إذا عملتها يا عبد الله جعلت الناس يستغفرون لك، ويدعون لك بظهر الغيب، وهناك تسع وسائل إذا عملتها جعلت الملائكة يدعون لك ويستغفرون لك، وهناك ثلاث وسائل أخرى إذا عملتها ستجعل كل المخلوقات، وليس الناس فقط، بل كل من في الكون يدعو لك ويستغفر لك.
أيها الأخوة في الله، أما كيف تجعل الناس يدعون لك؟ ويستغفرون لك؟ سأذكر لكم أربع وسائل إذا عملناها جعلنا الناس أو بعض الناس يدعون لنا.

أما الوسيلة الأول: بأن تُحسّن أخلاقك مع الناس وتُحسِّن تعاملك معهم وتفرج ُكرَبهم، وتساعدهم قدر المستطاع، ولا تحسدهم على ما آتاهم الله من فضله، وأن تستر عيوبهم ولا تفضحها بين الملأ، وإن لم تستطع ذلك فتكف شرك عنهم، وسترى من يدعو لك منهم بظهر الغيب. فعلى قدر ما يُمسك الإنسان نفسه، ويكظم غيظه، ويملك لسانه: تعظم منزلته عند الله عز وجل وعند الناس. وعلى قدر ما يتجاوز عن الهفوات، ويقيل من العثرات، تدوم مودته ويأنس به الناس، وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه، وحسنُ الخلق)، فبحسن خلقك مع الناس تأسر قلوبهم، وتُعطف ألسنتهم ليثنوا عليك، بل ويدعوا لك خصوصا بظهر الغيب.

فكلما تذكرك الناس وتذكروا أخلاقك وسجاياك الحسنة وحسن تعاملك معهم، فإن كنت حيا قالوا جزاه الله خيرا، نعم الرجل هو. وإن كنت ميتا قالوا: رحمة الله عليه.

انظروا إلى صاحب الخلق الحسن إذا مات كيف يحرص الناس على تشييع جنازته والدعاء له، وأما الرجل السوء وذو الخلق السيئ فإذا مات فهو المستراح منه، ولن يحرص الناس في الغالب على تشييع جنازته أو الترحم عليه.
وانظروا إلى بعض الزوجات الأرامل ترون بعضهن لا يترحمن على أزواجهم ولا يدعون لهم عند ذكر مآثرهم؛ لأنهن يتذكرن سوء معاملتهم وسوء عشرتهم الزوجية.
وانظروا إلى الذي يؤذي الناس في طرقاتهم أو يغلقها عليهم، فقد يدع الناس عليه ولن يدعوا له، كحال بعض المتأخرين عن صلاة الجمعة في كثير من المساجد، تراهم يوقفون سياراتهم في وسط الطريق، فيعيقون حركة السير، وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من آذى المسلمين في طرقهم، وجبت عليه لعنتهم) رواه الطبراني، أي حقت عليه لعنتهم، أي إذا دعا الناسُ عليه حق عليه دعائهم واستجيب، مع العلم بنهي النبي –صلى الله عليه وسلم- عن اللعن أصلا، ولكن لو دعوا عليه استجيب دعاءهم عليه.

فلا تجعل الناس يدعون عليك، ودعهم يدعون لك، تنل خيرا كثيرا.

الوسيلة الثانية: كي تجعل الناس يدعون لك، اطلب من والديك، أو من بعض الصالحين خصوصا البارين بوالديهم أن يدعو لك بظهر الغيب، فعندما زار صفوان جده أبو الدرداء في الشام لم يجده ووجد أم الدرداء، فقالت له: أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ؟ فقال: نَعَمْ، قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ –صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ: (دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ) رواه مسلم.
فلأن الملائكة يحبون المؤمنين، فإن من سجاياهم عليهم السلام: الاستغفارُ للمؤمنين، والتأمينُ على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب.

وأما عن الحرص على نيل دعاء الصالحين البارين بوالديهم؛ فلأن دعائهم مستجاب، ولنا في قصة أويس القرني -رحمه الله تعالى- أسوة حسنة الذي كان بارا بوالدته، حيث أوصى النبي –صلى الله عليه وسلم- عمر بن الخطاب أن إذا لقي أويسا أن يطلب منه أن يدعو له لاستجابة دعائه، وقد روى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال له: (إن خير التابعين، رجل يُقال له: أويس، وله والدة هو بها بَر، لو أقسم على الله لأبره، و كان به بياض، فمروه فليستغفر لكم) رواه مسلم.

وقد فعل عمر ذلك، فقد كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ –رضي الله عنه- أثناء خلافته إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ، فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ، مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ)، فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، رواه مسلم.
ففتش عن بار بوالديه واطلب منه أن يدعو لك، فإنه سيفعل؛ لأن النبي بشر من دعا لأخيه بظهر الغيب أن هناك ملكا سيقول: آمين ولك بمثل.

وأما الحرص على دعاء الوالدين، فقد صحة الأحاديث بأن دعاء الوالدين مستجاب، حيث روى أبو هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ –صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (ثَلاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَّ فِيهِنَّ، دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ) رواه النسائي، وفي رواية للترمذي (وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ).
وفي هذا تنبيه وتحذير للأبناء على أهمية إرضاء الوالد، وبره غاية البر، وعدم إغضابه البتة، خشية دعائه عليهم.
فدعاء الوالد لولده مستجاب، ومن هذا الحديث قال المناوي -رحمه الله تعالى-: وأُخذ من هذا الخبر وما أشبهه: أن الأبَ أولى بالصلاة على جنازة ولده لأن دعاء الوالد لولده مستجاب.
وذكر العلماء رحمهم الله تعالى: في شرح قوله –صلى الله عليه وسلم- (وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ) أن النبي ذكر دعوة الوالد وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَالِدَةَ؛ لأَنَّ حَقَّهَا أَكْثَرُ، فَدُعَاؤُهَا أَوْلَى بِالإِجَابَةِ.

فحري بكل أب أن يدعو لأولاده وبناته وأن يحذر الدعاء عليهم؛ لأن دعاءه مستجابٌ فيهم. وقد نهى النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الدعاء على الأولاد قائلا: (لا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلا تَدْعُوا عَلَى أَوْلادِكُمْ وَلا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ وَلا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ) رواه أبو داود.

لذلك إذا أحببت يا عبد الله أن يُدعَ لك بظهر الغيب، فاطلب من والديك أن يفعلوا ذلك، فهم أقرب الناس إليك وأحنهم عليك، فبرهم وكن في خدمتهم وتعطف عليهم، رجاء دعائهم لك ورضاهم عنك.

وهناك وسيلة ثالثة تجعل الناس يدعون لك إما بالرحمة أو بالهداية وصلاح الشأن، فهل تريد من الناس أن يفعلوا لك ذلك؟
إذن فاحمد الله جهرا إذا عطست، فإن فعلت ذلك يسن لمن سمعك وبأمر من النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يدعوا لك بالرحمة فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ، كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ) رواه البخاري.
أما من عطس ولم يحمد الله تعالى فلا تجامله وتشمته، أي لا تقل له: يرحمك الله، هكذا أدبنا النبي –صلى الله عليه وسلم- حيث روى أنس –رضي الله عنه- قال: عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: «هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَهَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ. رواه البخاري.

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَأشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ. أما بعد: فقد تحدثنا باختصار عن ثلاث وسائل كي نجعل الناس يدعون لنا،
وأما الوسيلة الرابعة: لكي تجعل بعض الناس يستغفرون لك ويدعون لك، فبتربية أولادك على الصلاح والاستقامة، فالولد الصالح هو الذي سيدعو لك وسيستغفر لك بعد موتك، وهو الذي سيذكرك ويترحم عليك إذا وسدت في قبرك؛ لأنه يتقرب إلى الله بفعل ذلك، وأما الولد الطالح فلن يحرص في الغالب على ذلك، قال –صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ) رواه أحمد.
والولد الصالح سيبر والده بعد وفاته بالدعاء له وبزيارة وصلة من كان يصلهم والده، فكلما رآه أصدقاء أبيه تذكروا والده ودعوا له بالرحمة، فتكونُ زيارته لهم سببا في استغفارهم لأبيه.
فهل تحرص على تربية أولادك على طاعة الله عز وجل كي يدعو لك؟

فالسعيد من كان يُدعَ له بظهر الغيب، والشقي من كان يدع عليه والعياذ بالله.
قال –صلى الله عليه وسلم-: (خير ما يخلِفُ الرجلُ من بعده ثلاث: ولدُ صالح يدعو له، وصدقةُ تجري يبلغه أجرها، وعلمُ يعمل به من بعده) رواه البيهقي وابن حبان.

أيها الأخوة الكرام تلك أربع وسائل مختصرة إذا عملناها جعلنا الناس يدعون لنا بظهر الغيب: بتحسين أخلاقنا مع الناس، وبر والدينا وطلب الدعاء منهم، وحمد الله جهرا عند العطاس، وبتربية أولادنا على طاعة الله.

أما كيف نجعل الملائكة، وهم أكثر عددا، وأقرب منزلة عند الله، كيف نجعلهم يدعون لنا؟ هذا ما سنتحدث عنه في خطبة قادمة بإذن الله. وفقني الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه.

اللهم وفقنا لصالح القول والعمل وجنبنا الزلل، اللهم ألهمنا رشدنا، وبصرنا بعيوبنا وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت،
اللهم أحينا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا،
اللهم ارزقنا الثبات حتى الممات، اللهم أصلح لنا ديننا
اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا، وأصلح ولاة أمرنا،

المشاهدات 1936 | التعليقات 0