كونوا أنصار الله

إبراهيم بن سلطان العريفان
1439/08/04 - 2018/04/20 10:52AM

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخوة الإيمان والعقيدة ... نداءٌ عظيم من ربٍّ جليل عظيم يُنادي على أوليائه من عباده المؤمنين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ  ) ليبين للمؤمنين أن سبيلَ النَّصر والعزِّ والتمكين واحد، هو نصرة دين اللَّه تعالى كما نصره السابقون الأولون، فنصرهم اللَّه  عزَّ وجلَّ نصرًا مؤزرًا، وأظهر بهم دينه على الدِّين كله، وما النصر إلا من عند اللَّه العزيز الحكيم، يُعِزُّ من يشاء، ويُذِلُّ من يشاء، ويؤيد بنصره من يشاء، وكفى بربك هاديًا ونصيرًا.

فاللَّه ينصر عباده المؤمنين، ويدافع عن الذين آمنوا كما نصر عباده المرسلين ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) وقال تعالى ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) وقال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) وبعد ذلك قال ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ) فهذه سُبُل لتحقيق النصر بعد الإيمان بالله تعالى ( أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ).

عباد الله ... من أراد أن يكون من أنصار الله فعليه بمتابعة النبي ﷺ ... فلا سبيل للنصر إلا بالاستجابة للَّه ولرسوله، وبمتابعة النبي ﷺ في أقواله وأفعاله وتقريره، بل وفي تركه، وبالسير على منهج السَّلف الصالح الذين حقَّقوا الإيمان والمتابعة، فكانوا بحق أنصارًا للَّه تعالى وحقق اللَّه النصر بأيديهم وبجهادهم، حتى رَضِيَ اللَّه عنهم ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ).

إن متابعة النبي ﷺ بإحياء سنته نصرٌ لدين اللَّه ونصر لرسول اللَّه ﷺ وسبيل للوصول إلى رضوان اللَّه  عزَّ وجلَّ فإن تخلينا عن هذا كله، وتولَّينا وأعرضنا، نصر اللَّه دينه ونصر رسوله، وجاء بقوم غيرنا يُحبهم ويُحبونهم يُحقق بهم هذا النصر؛ كما قال تعالى ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) وقال أيضًا ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ولنحذر – عبا د الله – أن نتخلف عن نصرة دين الله وعن نصرة نبيه ﷺ ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).

عباد الله ... أعظم ما يُتابع عليه النبي ﷺ أنْ يتابع في أمور الإيمان والعقيدة السليمة التي جاء بها ودعا إليها، وترك ضلالات المضلين من الفلاسفة والمتكلِّمين الذين خاضوا في صفات ذي الجلال والإكرام، وفي قضائه وقدره وحكمته، ووعده ووعيده بعقولهم الفاسدة وقواعدهم المُنحرفة، تاركين منهج الرسول ﷺ الذي أرسله ربه ( بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) وهذا هو الواجب على اتباع النبي ﷺ رجالاً ونساءً أن يظهروا دين الله تعالى ولو كره المشركون .. ولو كره المنافقون ... ولو كره العلمانيون ... ولو كره الليبراليون.

وعلينا - عباد الله – أن نكون صفًا واحدًا مجاهدين بأفعالنا وأقوالنا لإعلاء كلمة الله، وإظهار الحق ونصر دين الله ورسوله، فلن يحقق اللَّه لهذه الأمة النصر والظهور إلا إذا توحدت على منهج الحق، وتركت مناهج أهل البدع والضلال، وجندت نفسها للدعوة إلى اللَّه والجهاد في سبيل اللَّه، فإنَّ هذا هو سبيل الفوز والنجاة وتحقيق النصر المبين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ).

عباد الله ... لن يتحقق هذا بمجرد الأمنيات ورفع الشعارات، وإنَّما يتحقق بالعمل الجاد الدؤوب؛ لتبصير المسلمين بمنهج أهل الحق أهل السنة والجماعة، والعمل على إحيائه والالتفاف حوله، وإعلان المجاهدة للنفس الأمَّارة بالسوء وللشيطان الرجيم، وللبدع والضلالات وللشرك والمشركين.

لذا احذروا – عباد الله – من التساهل في أمور الإيمان والتفريط في متابعة النبي ﷺ وإحياء منهج السلف الصالح، فلن تصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

احذروا – عباد الله – من الشعارات البراقة والوعود الزائفة والاكتفاء بالقول دون العمل، كقولهم ( تحت ضوابط شرعية ) زعموا ، وقد قال الله ( لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ * إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ).

احذروا – عباد الله - من ترك متابعة النبي ﷺ ومعارضة منهجه الحق، ولا تلتفتوا إلى من يدعي في بعض مسائل الدين أنه خلاف بين علماء ... فإن هذا زيغ عن سبيل الله، والله يقول ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ).

اللهم يا مقلب القلوب، ثبِّت قلوبنا على طاعتك ( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الحمد لله رب العالمين ...

معاشر المؤمنين ... لقد قال المولى - سبحانه وتعالى ( كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ ) فلقد قام المسلمون الأولون بنصر دين اللَّه ونصر رسول اللَّه ﷺ خير قيام حتى حقق اللَّه وعده، فنصر عبده، وأعزَّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، وكان أول من قام بنصر دين اللَّه هم المهاجرون الأولون، ثم الأنصار، فقال اللَّه عنهم وكفى بالله شهيدًا ( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) فلا سبيل لنا لتحقيق النصر إلا بمتابعتهم بإحسان، وإحياء منهجهم، وإعزاز دين اللَّه باقتفاء أثرهم وإعلان محبتهم والترضِّي عنهم ( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ).

عباد الله ... إنَّ حب السابقين الأولين علامة على الإيمان، واتباع منهجهم سبيل النصر والتمكين، وإنَّ بغضهم علامة على النفاق، وترك منهجهم سبيل الضعف والتفرُّق والاختلاف؛ قال رسول اللَّه ﷺ ( آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بُغض الأنصار ) وقال ﷺ ( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق ) ودعا لهم النبي ﷺ فقال ( اللهم اغفر للأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار ) فكل من أحبَّهم وسار على منهجم في نصر دين الله صار مثلهم ونال مثل ثوابهم، وكان من أنصار الله.

اللهم اجعلنا لهم تَبَعًا، وألحقنا بهم، وارزقنا محبتهم.

عباد الله ... صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ...

المشاهدات 708 | التعليقات 0