كورونا والسوق السوداء

احمد ابوبكر
1435/07/04 - 2014/05/03 09:39AM
أصبح فيروس كورونا هو ضيف الشرف في كثير من مجالس الناس اليوم، يتحدثون عن المرض، عن حجمه وانتشاره، عن الأعداد المنشورة والأعداد المذكورة، عن أخبار الوفيات والعزاءات، عن القصص والحكايات لضحايا الفيروس الغامض، عن الفتاة التي جاءت تشتري جهازها واحتياجاتها لزواجها، وزارت قريبتها في المستشفى فالتقفها الفيروس، قبل أن ترجع لمدينتها وقبل أن تأتي ليلة زفافها. يتحدثون عن الطلاب والمدارس، وأخبار الإيقاف، وأخبار العدوى. يتحدثون عن الأطباء والممرضين والمستشفيات الموبوءة، عن الوزير القديم والوزير الجديد، وليس غريبا أن تجد في المجلس الواحد من يُكذِّب خبر الفيروس كاملًا، ويتهكم بالعقول التي تقبل هذه الإشاعات والكذب المنظم، وأن الأمر لا يعدو أن يكون فخًّا جديدا للكسب والتربح، وفي ذات الوقت تجد غيره مؤمنا بكورونا إلى حد الهلع، وأصبح “للعطسة" الواحدة في المجلس دويّ في نفسه أقوى من دوي المدافع!
لقد كشف الفيروس الثقوب الموجودة في نظامنا الصحي، والثقوب الموجودة في نظامنا العلمي!
كيف يصل التناقض في أمر واقع إلى هذا الحد، فبعضهم ينكر الفيروس وخطره بالكلية، وبعضهم يصل به التصديق إلى حد الهلع؟! لماذا تتمدد الشائعات لتصل كافة شرائح المجتمع؟! لماذا تغيب المعلومات الدقيقة والمنسوبة إلى مصادرها الموثوقة؟! هل الخلل في المجتمع أم في وزارة الصحة؟!
العجيب أن هذه الفوضى العلمية متعلقة بأمرٍ حاضرٍ في الواقع وليس غائبًا في التاريخ حتى نلتمس العذر ببُعد الحدث وغياب المعلومة، ومتعلقة بأمر خطير استكمل أركان الخطورة بضرره البالغ، وانتقاله السريع.
إن وزارة الصحة تتحمل المسؤولية الأكبر حيال ما يحدث، فغيابها وعدم شفافيتها جعل المساحة متاحة لتمدد الشائعات والمخاوف، إن أزمة الثقة والمصداقية بين المواطن والوزارة جعلت الآذان تتسقّط الأخبار من غير مصادرها، وأغرت الناس بالتعامل مع السوق السوداء في المعلومة والتحليل. والخبر الصحيح الواحد في هذه السوق يشفع لتسعة وتسعين خبرا كاذبا. في زمن الإعلام، والإعلام الجديد، تعجز وزارة الصحة عن الوصول إلى المجتمع!
في المجتمعات الفاعلة تتحول الأزمة إلى فرصة جديدة للتكاتف والنشاط وتدارك النقص وتصحيح العيوب. حين سمع الناس بهذا الفيروس الخطير أصغوا بأسماعهم وقلوبهم لوزارة الصحة، فلما طال الانتظار ولم تتحدث الوزارة بما يشفي ويكفي انصرفوا إلى المصادر الأخرى، وأصبحت الشائعات والأراجيف سيدة الموقف. إن الأمراض المعدية بالذات تحتاج الوزارة فيها إلى ثقة المجتمع وتفاعله، فإن الالتزام بوسائل الوقاية خط الدفاع الأول في محاصرة المرض والتضييق عليه، وإذا أعرض المجتمع عن وزارة الصحة استفرد بها المرض وتغلب عليها.
بإمكان وزارة الصحة اليوم أن تتحدث عن عيوب المجتمع، لكن حديثها هذا لن يعفيها من تفريطها البالغ في الوصول إلى الناس بالمعلومات الدقيقة، والتوعية المفيدة، ولن يعفيها من تفريطها البالغ في حرب الفيروس القاتل. وزارة الصحة هذه الأيام هي وزارة الدفاع في حرب الفيروس المعدي، والغلطة هنا لها ثمن باهظ، فإن الأرواح أغلى ممتلكات الوطن. في العمل الإعلامي يُعتبر العمل الذي لم يصل للشريحة المستهدفة في حكم اللاغي، وعلى وزارة الصحة أن تعتبر المجتمع جزءًا رئيسا في معركتها مع كورونا، وأن تكون على موعد يومي معه، تصل إليه بكل الطرق، حتى تفرض نفسها بالخبر الصحيح، والمعلومة الدقيقة، والنصيحة العملية. وإذا فرّطت الوزارة في حضورها وتأثيرها فليس من حقها أن تشتكي من حضور السوق السوداء في المعلومات والأخبار المتعلقة بهذا الفيروس ووزارة الصحة.
إن وزارة الصحة تتحمل المسؤولية الأكبر حيال ما يحدث، فغيابها وعدم شفافيتها جعل المساحة متاحة لتمدد الشائعات والمخاوف، إن أزمة الثقة والمصداقية بين المواطن والوزارة جعلت الآذان تتسقّط الأخبار من غير مصادرها، وأغرت الناس بالتعامل مع السوق السوداء في المعلومة والتحليل. والخبر الصحيح الواحد في هذه السوق يشفع لتسعة وتسعين خبرا كاذبا. في زمن الإعلام، والإعلام الجديد، تعجز وزارة الصحة عن الوصول إلى المجتمع !
في المجتمعات الفاعلة تتحول الأزمة إلى فرصة جديدة للتكاتف والنشاط وتدارك النقص وتصحيح العيوب. حين سمع الناس بهذا الفيروس الخطير أصغوا بأسماعهم وقلوبهم لوزارة الصحة، فلما طال الانتظار ولم تتحدث الوزارة بما يشفي ويكفي انصرفوا إلى المصادر الأخرى، وأصبحت الشائعات والأراجيف سيدة الموقف. إن الأمراض المعدية بالذات تحتاج الوزارة فيها إلى ثقة المجتمع وتفاعله، فإن الالتزام بوسائل الوقاية خط الدفاع الأول في محاصرة المرض والتضييق عليه، وإذا أعرض المجتمع عن وزارة الصحة استفرد بها المرض وتغلب عليها.
المشاهدات 886 | التعليقات 0