كورونا نصائح وتنبيهات
عبدالله بن رجا الروقي
كورونا نصائح وتنبيهات.
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور إنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده اللهُ فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ ما قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ﴾
أما بعد، فإن من أصول الإيمانِ الإيمانَ بأن كل شيء يقعُ إنما هو بقدر الله قال الله تعالى: ﴿إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ﴾
وقال تعالى: ﴿قُل لَن يُصيبَنا إِلّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَولانا وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ﴾
وقال رسول الله ﷺ : ( واعلَمْ أنَّ ما أخطَأَكَ لم يَكُن لِيُصِيبَكَ ، وما أصابَكَ لم يَكُن ، ليُخطِئَكَ ).
عباد الله: كل شيء في الكون يجري بقدر الله، ومما يُقدِّره اللهُ على عباده الأمراضُ الشديدةُ المعديةُ ومنها ما يعرفُ بمرض كورونا.
ذلك المرضُ الذي انتشر بين الناس فأصابهم منه خوفٌ وقلقٌ : هو مرضٌ يبتلي الله به عباده، قال تعالى: ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ﴾
فنقصُ الأنفسِ يكونُ بالمرض وبالموت.
واعلموا - رحمكم الله - أن المرض قد يكون عقوبةً، وذلك إذا ظهرت المعاصي، كمادل على ذلك القرآنُ ودلت عليه السنةُ، قال ﷺ: (لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا).
فالله ﷻ يجعلُ هذا النوعَ من الأمراض عذاباً يصيبُ به من يشاء، ورحمةً للمؤمنين؛ فهو مُلحقٌ بالطاعون الذي جاء فيه الحديثُ عن النبي ﷺ: فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ. رواه البخاري.
عباد الله إذا عُلم ذلك فهذه نصائحُ وتنبيهاتٌ متعلقةٌ بهذا المرض:
الأول: أن من حكمة الله في وجود مثلِ هذا المرض تذكيرَ العبد بضعفه ونقصه؛ فهذا الفيروس الضعيف الذي لايرى بالعين المجردة يمكن أن يُمرضَ أويقتلَ الإنسان، وهذا من دلائل تفرد الله بالألوهية؛ فالبشر مهما بلغوا من القوة لايستطيعون دفع هذه الفيروسات عن أنفسهم، وقد ذكر الله الذباب مثالاً لإبطال عبودية من سوى الله ببيان ضعفه، قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعوا لَهُ إِنَّ الَّذينَ تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ لَن يَخلُقوا ذُبابًا وَلَوِ اجتَمَعوا لَهُ وَإِن يَسلُبهُمُ الذُّبابُ شَيئًا لا يَستَنقِذوهُ مِنهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَالمَطلوبُ﴾
فرحم الله عبداً أدرك ضعف نفسه وعجزها فأقبل على ربه، ولجأ إليه، واستقام على طاعته.
التنبيه الثاني: على المسلم أن يتوكل على الله حق التوكل؛ فإن من توكل على الله كفاه كلَّ شر، قال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ ﴾
والتوكلُ هو اعتمادُ القلب على الله مع فعل الأسبابِ المباحة؛ فالأخذُ بأسباب الوقاية من هذا المرضِ لا ينافي التوكلَ بل هو من التوكلِ، ومن ذلك ماينصح به الإطباءُ كالحذر من مخالطة المصابين بهذا المرض، وغسلِ الأيدي، واستخدام الكمّامات عند الحاجة إليها.
التنبيه الثالث: الحرصُ على الأذكار والأدعية التي يحفظُ اللهُ بها العبدَ من من شر الأمراضِ وغيرِها، ومما جاء في ذلك عن النبي ﷺ قولُ بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحاً ومساءً قال ﷺ :
( مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ ).
وكذلك قول أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق، فقد لدغت عقربٌ رجلاً فقال له النبيُّ ﷺ : ( أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ تَضُرَّكَ ).
ومن ذلك ما كان يدعو به النبي ﷺ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ).
وكَانَ من دعاء النبي ﷺ - أيضاً - قوله : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ ).
التنبيه الرابع: الواجب علينا جميعاً التوبةُ إلى الله عزوجل والاستغفارُ من الذنوب؛ فإنه ما وقع بلاءٌ إلا بذنب، قال تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ).
وقال تعالى ﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ لِيُذيقَهُم بَعضَ الَّذي عَمِلوا لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾
والله ﷻ يرفع البلاء ويدفعه بالتوبة، والاستغفارِ، قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
أقول ماتسمعون، وأستغفر الله لي، ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الحمدلله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
أما بعد، فاحذروا عباد الله من الشائعات التي تنتشر في مثل هذه الأيام، وذلك أنه مايقعُ حدثٌ كبيرٌ حتى يبادرَ بعضُ الناسِ بنشر الأخبار من غير تثبت، خاصةً مع سهولةِ النشرِ في وسائلِ التواصلِ الحديثة، وهذا مخالفٌ لشرع اللهِ فإن الواجبَ أخذُ الخبرِ من المصادرِ الموثوقةِ، والتثبتُ في هذا، والحذرُ من الاستعجالِ، قال الله تعالى: ﴿وَإِذا جاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذاعوا بِهِ وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ مِنهُم﴾.
فما يتعلق بمرض كورونا وانتشارِه يُرجع فيه إلى وزارة الصحة في مواقعها الإعلاميةِ الرسميةِ، ليُستفادَ منها في الإرشاداتِ والتوجيهاتِ وعددِ الحالات، وغيرِ ذلك.
اللهم احفظنا وإخواننا المسلمين من كل شر، اللهم اصرف عن المسلمين شر هذا المرضِ، وسائرَ الشرور، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار...