كنا في رمضان ...
إبراهيم بن سلطان العريفان
1436/10/01 - 2015/07/17 07:42AM
الحمدُ للهِ الذي وفَّقَ لبلوغِ وإدراك وإتمام شَهرِ رمضانَ، وهيَّأ أسبابَ المغفرةِ والرِّضوانِ، أحمدُه سبحانَه وأشكرُه على نِعمةِ الهدايةِ والإيمانِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةً أدَّخرُها ليومِ الجزاءِ والإحسانِ، وأشهدُ أن سيدَنا ونبيَّنا محمداً عبدُه ورسولُه، بيَّنَ طريقَ الهُدى والرَّشادِ، وحذَّرَ من الضَّلالِ والعصيانِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه البَررةِ الكرامِ، وسلمَ تسليماً كثيراً
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ).
إخوة الإيمان والعقيدة ... لقد استخرجَ رمضانُ ما فينا من الخيرِ، وأثْبَتَ لنا أننا قادرونَ على فعلِ الكثيرِ من الصَّالحاتِ، وأننا نستطيعُ الاستزادةَ من وافرِ الحسناتِ، وأوضحَ لنا بما لا يقبلُ الشَّكَ، كيفَ أن عندنا من القوَّةِ على العملِ الصَّالحِ ما نستطيعُ أن نُنافسَ فيه أهلَ العبادةِ والصَّلاحِ على أعلى منازلِ الجنَّاتِ امتثالاً لقولِه تعالى( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ).
فها نحنُ صُمنا رمضان في هذه الأيامَ الطَّويلةَ الحارَّةَ .. لأننا نعلمُ أنَّ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيِمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )، وتحمَّلنا ما فيها من الجوعِ والعطشِ .. وتركنا فيه لذيذَ الشَّهواتِ .. ابتغاءَ عظيمِ الأجرِ من ربِّ الأرضِ والسماواتِ .. فأبشروا يا أهلَ الصَّومِ! فقد أعدَّ اللهُ تعالى لكم ثواباً لا يعلمُه إلا هو، فهو القائل في الحديث القدسي (إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ).
عباد الله .. من صامَ رمضانَ، استطاعَ أن يصومَ ستةَ أيامٍ بعدَه، لحديثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) بل إن المُحافظةَ على الصَّومِ لا نظيرَ له في العباداتِ، كما جاءَ عن عَنْ أَبِي أمامةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلى عَمَلٍ أَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ)، فَكَانَ أَبُو أُمامَةَ لا يُرَى في بَيْتِهِ الدُّخَانُ نهاراً إِلَّا إِذَا نَزَلَ بهمْ ضَيْفٌ، من كثرةِ صيامِه رضيَ اللهُ عنه امتثالاً لوصيَّةِ حبيبِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.
ومن أرادَ علاجاً لصدرِه فعليه بهذه النَّصيحةِ .. عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) .. ووَحَرَ الصَّدْرِ: هو ما يكونُ في القلبِ من غِشٍّ وَوَسَاوِسٍ وَحِقْدٍ وَحَسَدٍ وقَسْوَةٍ .. فكم نحتاجُ لعلاجِ قلوبِنا .. لأنه في يومِ القيامةِ (لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
عباد الله ... في رمضان حافظنا على قيامِ اللَّيلِ .. ابتغاءَ أجرِ ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ذلكَ القيامُ الذي قالَ عنه رسولُنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ، وَمَنْهَاةٌ عَنْ الإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ) .. فلا تحرمُ نفسَك يا عبدَ اللهِ من هذا الفضلِ. واجعلْ لك في كلِّ ليلةٍ بعدَ رمضانَ ركعاتٍ، فيها استغفارٌ وتسبيحٌ وتحميدٌ ووِترٌ ودعواتٌ .. تُكتبُ فيها من القانتينَ للهِ.
شكراً رمضانَ .. فلقدْ ختمنا فيكَ القرآنَ مرةً أو مرَّاتٍ .. مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْه فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، لاَ أقولُ: (ألم) حَرفٌ، وَلكِنْ: ألِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ .. فما أكرمَ اللهِ تعالى على عبادِه .. فقد كانتْ حروفاً كثيرةً .. فمن يستطيعُ أن يُحصيَ معها الحسناتِ .. فيا أيُّها الحبيبُ لا تتركْ يوماً إلا وقد ضممتَ المُصحفَ بينَ يديكَ .. وتحرَّكتْ ببعضِ الآياتِ شَفتيكَ .. تكنْ لك بركةٌ في السَّماءِ ومن تحتَ رِجليكَ .. عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: (أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ الأَمْرِ كُلِّهِ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: (عَلَيْكَ بِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ).
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ .. ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ .. أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كُلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرَّحيمُ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين .. في رمضان كنا نُحافظُ على الصَّلاةِ في بيوتِ اللهِ تعالى .. فصَلَّيْنَا الفريضةَ فيه والنَّافلةَ .. ومشينا إليه خُطُواتٍ كثيرةً .. مُستشعرينَ قولَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ هذِهِ الْمَسَاجِدِ إلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً) .. فكم من حسنةٍ كُتبتْ، وكم من درجةٍ رُفعتْ، وكم من سيئةٍ حُطَّتْ .. فما أعظمَك من ربٍّ تُعينُ على الطَّاعةِ من تشاءُ من عبادكَ .. وتَجزيهم عليها ما لا يتخيَّلونَ من واسعِ عطاءِكَ .. وعِشنا فيه تلك اللَّحظاتِ الرَّوحانيَّةَ .. عندما كُنا نمشي للمسجدِ في صلاةِ الفجرِ .. فنشعرُ بسعادةٍ غامرةٍ لا نعلمُ سببَها .. ولكننا نستبشرُ ببُشرى نبيِّنا وحبيبِنا محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلمَ حينَ قالَ: (بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَم إلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
في رمضان .. تعلَّمتنا أن نتقلَّبَ في أنواعِ الطَّاعاتِ .. وأن نجنيَ جميلَ أعمالِ البِرِّ من بُستانِ العباداتِ .. ما ينفعنا في ذلكَ اليومِ الَّذي لا ينفعُ العبدَ فيه إِلاّ ما قدَّمَ من الحسناتِ .. كما قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (يُؤتَى الرجلُ في قبرِه فإذا أُتِيَ من قِبَلِ رأسِه دفَعَتْه تلاوةُ القرآنِ وإذا أُتِيَ من قِبَلِ يدَيه دفعَتْه الصدقةُ وإذا أُتِيَ من قِبَلِ رِجلَيه دَفَعَه مَشيُه إلى المساجدِ) .. حينها ستعلمُ أهميَّةَ هذه الأعمالِ الصَّالحةِ .. وكيفَ أنها حِصنٌ لك في قبرِكَ .. ودرعٌ لك من عذابِ القبرِ.
عباد الله .. نستودعُ اللهَ تعالى ما قدَّمنا في رمضان من الأعمالِ .. ونسألُه تعالى أن يجعلَنا ممن صامَ رمضانَ وقامَه إيماناً واحتساباً .. وأن يتقبلَ ما قدَّمنا فيه من الأعمالِ الصَّالحةِ .. وأن يُعيدَه علينا أعواماً عديدةً .. ونحنُ في صحةٍ وخيرٍ وهُدى والأمَّةُ الإسلاميَّةُ في عِزٍّ وتمكينٍ .. لا إله إلا أنت سُبحانَك إنا كٌنَّا من الظَّالمينَ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ).
إخوة الإيمان والعقيدة ... لقد استخرجَ رمضانُ ما فينا من الخيرِ، وأثْبَتَ لنا أننا قادرونَ على فعلِ الكثيرِ من الصَّالحاتِ، وأننا نستطيعُ الاستزادةَ من وافرِ الحسناتِ، وأوضحَ لنا بما لا يقبلُ الشَّكَ، كيفَ أن عندنا من القوَّةِ على العملِ الصَّالحِ ما نستطيعُ أن نُنافسَ فيه أهلَ العبادةِ والصَّلاحِ على أعلى منازلِ الجنَّاتِ امتثالاً لقولِه تعالى( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ).
فها نحنُ صُمنا رمضان في هذه الأيامَ الطَّويلةَ الحارَّةَ .. لأننا نعلمُ أنَّ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيِمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )، وتحمَّلنا ما فيها من الجوعِ والعطشِ .. وتركنا فيه لذيذَ الشَّهواتِ .. ابتغاءَ عظيمِ الأجرِ من ربِّ الأرضِ والسماواتِ .. فأبشروا يا أهلَ الصَّومِ! فقد أعدَّ اللهُ تعالى لكم ثواباً لا يعلمُه إلا هو، فهو القائل في الحديث القدسي (إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ).
عباد الله .. من صامَ رمضانَ، استطاعَ أن يصومَ ستةَ أيامٍ بعدَه، لحديثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) بل إن المُحافظةَ على الصَّومِ لا نظيرَ له في العباداتِ، كما جاءَ عن عَنْ أَبِي أمامةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلى عَمَلٍ أَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ)، فَكَانَ أَبُو أُمامَةَ لا يُرَى في بَيْتِهِ الدُّخَانُ نهاراً إِلَّا إِذَا نَزَلَ بهمْ ضَيْفٌ، من كثرةِ صيامِه رضيَ اللهُ عنه امتثالاً لوصيَّةِ حبيبِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.
ومن أرادَ علاجاً لصدرِه فعليه بهذه النَّصيحةِ .. عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ، صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) .. ووَحَرَ الصَّدْرِ: هو ما يكونُ في القلبِ من غِشٍّ وَوَسَاوِسٍ وَحِقْدٍ وَحَسَدٍ وقَسْوَةٍ .. فكم نحتاجُ لعلاجِ قلوبِنا .. لأنه في يومِ القيامةِ (لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
عباد الله ... في رمضان حافظنا على قيامِ اللَّيلِ .. ابتغاءَ أجرِ ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ذلكَ القيامُ الذي قالَ عنه رسولُنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ، وَمَنْهَاةٌ عَنْ الإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ) .. فلا تحرمُ نفسَك يا عبدَ اللهِ من هذا الفضلِ. واجعلْ لك في كلِّ ليلةٍ بعدَ رمضانَ ركعاتٍ، فيها استغفارٌ وتسبيحٌ وتحميدٌ ووِترٌ ودعواتٌ .. تُكتبُ فيها من القانتينَ للهِ.
شكراً رمضانَ .. فلقدْ ختمنا فيكَ القرآنَ مرةً أو مرَّاتٍ .. مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْه فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، لاَ أقولُ: (ألم) حَرفٌ، وَلكِنْ: ألِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ .. فما أكرمَ اللهِ تعالى على عبادِه .. فقد كانتْ حروفاً كثيرةً .. فمن يستطيعُ أن يُحصيَ معها الحسناتِ .. فيا أيُّها الحبيبُ لا تتركْ يوماً إلا وقد ضممتَ المُصحفَ بينَ يديكَ .. وتحرَّكتْ ببعضِ الآياتِ شَفتيكَ .. تكنْ لك بركةٌ في السَّماءِ ومن تحتَ رِجليكَ .. عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: (أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ الأَمْرِ كُلِّهِ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: (عَلَيْكَ بِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ).
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ .. ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ .. أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كُلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرَّحيمُ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين .. في رمضان كنا نُحافظُ على الصَّلاةِ في بيوتِ اللهِ تعالى .. فصَلَّيْنَا الفريضةَ فيه والنَّافلةَ .. ومشينا إليه خُطُواتٍ كثيرةً .. مُستشعرينَ قولَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ هذِهِ الْمَسَاجِدِ إلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً) .. فكم من حسنةٍ كُتبتْ، وكم من درجةٍ رُفعتْ، وكم من سيئةٍ حُطَّتْ .. فما أعظمَك من ربٍّ تُعينُ على الطَّاعةِ من تشاءُ من عبادكَ .. وتَجزيهم عليها ما لا يتخيَّلونَ من واسعِ عطاءِكَ .. وعِشنا فيه تلك اللَّحظاتِ الرَّوحانيَّةَ .. عندما كُنا نمشي للمسجدِ في صلاةِ الفجرِ .. فنشعرُ بسعادةٍ غامرةٍ لا نعلمُ سببَها .. ولكننا نستبشرُ ببُشرى نبيِّنا وحبيبِنا محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلمَ حينَ قالَ: (بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَم إلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
في رمضان .. تعلَّمتنا أن نتقلَّبَ في أنواعِ الطَّاعاتِ .. وأن نجنيَ جميلَ أعمالِ البِرِّ من بُستانِ العباداتِ .. ما ينفعنا في ذلكَ اليومِ الَّذي لا ينفعُ العبدَ فيه إِلاّ ما قدَّمَ من الحسناتِ .. كما قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (يُؤتَى الرجلُ في قبرِه فإذا أُتِيَ من قِبَلِ رأسِه دفَعَتْه تلاوةُ القرآنِ وإذا أُتِيَ من قِبَلِ يدَيه دفعَتْه الصدقةُ وإذا أُتِيَ من قِبَلِ رِجلَيه دَفَعَه مَشيُه إلى المساجدِ) .. حينها ستعلمُ أهميَّةَ هذه الأعمالِ الصَّالحةِ .. وكيفَ أنها حِصنٌ لك في قبرِكَ .. ودرعٌ لك من عذابِ القبرِ.
عباد الله .. نستودعُ اللهَ تعالى ما قدَّمنا في رمضان من الأعمالِ .. ونسألُه تعالى أن يجعلَنا ممن صامَ رمضانَ وقامَه إيماناً واحتساباً .. وأن يتقبلَ ما قدَّمنا فيه من الأعمالِ الصَّالحةِ .. وأن يُعيدَه علينا أعواماً عديدةً .. ونحنُ في صحةٍ وخيرٍ وهُدى والأمَّةُ الإسلاميَّةُ في عِزٍّ وتمكينٍ .. لا إله إلا أنت سُبحانَك إنا كٌنَّا من الظَّالمينَ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...