كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة
محمد البدر
1437/07/01 - 2016/04/08 08:44AM
[align=justify]الخطبة الأولى
أما بعد : عباد الله :قال تعالى :﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾.
فإن الله تعالى أكمل لنا دينه الذي ارتضاه لنا ، وقام بتبليغه المصطفى صلى الله عليه وسلم أتم بلاغ ؛ بأوضح بيان ، فما بقي على أمته إلا السير على خطى هديه والاتباع لمنهجه .
وقال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ ؛ قال التابعي المفسر مجاهد : ﴿ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾: البدع والشهوات.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلاَ صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ « صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ ». وَيَقُولُ « بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ ». وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ « أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ »رواه مسلم .
وعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا قَالَ :« أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ »رواه أَبُو داود وصححه الألباني .
قال الإمام مالك رحمه الله : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً. ومعنى كلام الإمام مالك : أن الدين كامل بإخبار الله ، وقد أرسل الله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتبليغه كاملا ، فمن يبتدع في الدين كأنه يتهم الرسول أنه ما بلغ الدين كاملا .
قال ابن رجب رحمه الله : فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يَرجع إليه فهو ضلالة؛ والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة .
ويقول ابن كثير : ومن لم تسعه طريقة الرسول وطريقة المؤمنين السابقين فلا وسَّع الله عليه.
عباد الله : مع كمال هذا الدين وبلاغه لنا بتمامه ؛ إلا أن بعض المسلمين هداهم الله ظنوا أنه لا مانع شرعا من الزيادة في الدين ،قال تعالى :﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ وهؤلاء وقعوا في مصيدةِ خُطوة ماكرة من خطوات الشيطان ؛ ألا وهي خُطوة البدعة والتي هي من أخطر خطوات الشيطان ؛ فأشغلهم الشيطان بالبدعة عن السنة ، وظنوا أنهم يحسنون صنعا.أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية :
عباد الله :البدعة مردودة على فاعلها، والعمل المبتدع ليس فيه أجر ، بل هو إلى الإثم أقرب ، لمخالفته لهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ » وَفِي رِوَايَةٍ : « مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا ؛ فَهُوَ رَدٌّ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فهذا الحديث يدل بمنطوقه على أن كل عمل ليس عليه هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو مردود على صاحبه . قال ابن حجر صاحب فتح الباري شرح صحيح البخاري : (وَهَذَا الْحَدِيث مَعْدُود مِنْ أُصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة مِنْ قَوَاعِده ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ : مَنْ اِخْتَرَعَ فِي الدِّين مَا لَا يَشْهَد لَهُ أَصْل مِنْ أُصُوله فَلَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ).
عباد الله:إن قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كلُّ بدعة ضلالة)) ، يدل على أنه لا بدعة في الدين حسنة. ولذا يقول ابن عمر رضىي الله عنهما : (كل بدعة ضلالة ؛ وإن رآها الناس حسنة). وقال الإمام الشاطبي:قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( ((كل بدعة ضلالة)) محمول عند العلماء على عمومه؛ لا يستثني منه شيء البتة ، وليس فيها ( يعني البدع ) ما هو حسن أصلاً . وقال الشيخ رومي الحنفي: فمن أحدث شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى من قول أو فعل فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، فعُلم أن كلَّ بدعة من العبادات الدينية لا تكون إلا سيئة.
الا وصلوا ...
[/align]
أما بعد : عباد الله :قال تعالى :﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾.
فإن الله تعالى أكمل لنا دينه الذي ارتضاه لنا ، وقام بتبليغه المصطفى صلى الله عليه وسلم أتم بلاغ ؛ بأوضح بيان ، فما بقي على أمته إلا السير على خطى هديه والاتباع لمنهجه .
وقال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ ؛ قال التابعي المفسر مجاهد : ﴿ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾: البدع والشهوات.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلاَ صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ « صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ ». وَيَقُولُ « بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ ». وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ « أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ »رواه مسلم .
وعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا قَالَ :« أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ »رواه أَبُو داود وصححه الألباني .
قال الإمام مالك رحمه الله : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً. ومعنى كلام الإمام مالك : أن الدين كامل بإخبار الله ، وقد أرسل الله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتبليغه كاملا ، فمن يبتدع في الدين كأنه يتهم الرسول أنه ما بلغ الدين كاملا .
قال ابن رجب رحمه الله : فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يَرجع إليه فهو ضلالة؛ والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة .
ويقول ابن كثير : ومن لم تسعه طريقة الرسول وطريقة المؤمنين السابقين فلا وسَّع الله عليه.
عباد الله : مع كمال هذا الدين وبلاغه لنا بتمامه ؛ إلا أن بعض المسلمين هداهم الله ظنوا أنه لا مانع شرعا من الزيادة في الدين ،قال تعالى :﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ وهؤلاء وقعوا في مصيدةِ خُطوة ماكرة من خطوات الشيطان ؛ ألا وهي خُطوة البدعة والتي هي من أخطر خطوات الشيطان ؛ فأشغلهم الشيطان بالبدعة عن السنة ، وظنوا أنهم يحسنون صنعا.أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية :
عباد الله :البدعة مردودة على فاعلها، والعمل المبتدع ليس فيه أجر ، بل هو إلى الإثم أقرب ، لمخالفته لهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ » وَفِي رِوَايَةٍ : « مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا ؛ فَهُوَ رَدٌّ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فهذا الحديث يدل بمنطوقه على أن كل عمل ليس عليه هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو مردود على صاحبه . قال ابن حجر صاحب فتح الباري شرح صحيح البخاري : (وَهَذَا الْحَدِيث مَعْدُود مِنْ أُصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة مِنْ قَوَاعِده ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ : مَنْ اِخْتَرَعَ فِي الدِّين مَا لَا يَشْهَد لَهُ أَصْل مِنْ أُصُوله فَلَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ).
عباد الله:إن قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كلُّ بدعة ضلالة)) ، يدل على أنه لا بدعة في الدين حسنة. ولذا يقول ابن عمر رضىي الله عنهما : (كل بدعة ضلالة ؛ وإن رآها الناس حسنة). وقال الإمام الشاطبي:قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( ((كل بدعة ضلالة)) محمول عند العلماء على عمومه؛ لا يستثني منه شيء البتة ، وليس فيها ( يعني البدع ) ما هو حسن أصلاً . وقال الشيخ رومي الحنفي: فمن أحدث شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى من قول أو فعل فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، فعُلم أن كلَّ بدعة من العبادات الدينية لا تكون إلا سيئة.
الا وصلوا ...
[/align]