كلوا واشربوا هنيئًا ‌بما ‌أسلفتم في الأيّام الخالية

عناصر الخطبة
1- العمل الصالح أنيس المؤمن. 2- عظيم الأجر من الغفور الشكور. 3- الصبر على طاعة الله.
 

الحمد للهِ الغفورِ الشكور، يغفِرُ الكثيرَ من الزلل، ويشكرُ القليلَ من العمل، ويَجزي عبادَه بأحسن ما كانوا يعملون، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسوله، صلى الله عليه وسلَّم تسليمًا كثيرا.

أمّا بعد؛ فاتقوا الله عبادَ الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

عِبادَ الله:

«أنا عَملُكَ الصالح!»

ما أطيبَ هذه الكلمةَ عندما يسمعُها العبدُ في قَبرِه، حيثُ يَحتاجُ إلى أنيسٍ يُؤْنسه.

لقد أخبرنا نبيُّنا ﷺ أن المؤمن في هذا الموطن: «يَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْه، حَسَنُ الثِّيَاب، طَيِّبُ الرِّيح، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، أَبْشِرْ بِكَرَامَةٍ مِنْ اللَّهِ وَنَعِيمٍ مُقِيمٍ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَد! فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ. فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، كُنْتَ وَاللَّهِ سَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا». رواه أحمد([1]).

فيا أيها العبدُ المؤمنُ الذي يعملُ الصالحات، ويجتهدُ في شهر الخير والبركات، أبشر:

أعمالُكَ الصالحةُ ستَحُوطُك في قبرك، تدفعُ عنك السوء.

يقول النبي ﷺ: «إنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِه، إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا، كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ، فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ، فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَتَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ». رواه ابن حبان([2]).

عبادَ الله:

إنَّ الله وَعَد عبادَه المؤمنين الذين يعملونَ الصالحاتِ الحياةَ الطيبةَ في الدنيا، والنعيمَ المقيمَ في الآخرة.

قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ ‌حَيَاةً ‌طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97].

العملُ الصالحُ كلُّ ما شَرَعهُ الله تعالى من قولٍ أو عملٍ يُتَقَرَّبُ به إليه، إنْ أدَّاه العبدُ مخلِصًا موافِقًا لـهَديِ النبيِّ ﷺ كانَ جزاؤُهُ من الله أحسنَ ما يكون.

يا عبدَ الله! إنْ حدَّثَتْكَ نفسُك بالتَّواني والفُتُور، فذكِّرها بعظِيمِ الأُجور، من ربٍّ غفورٍ شكور، يجزي على القليلِ الكثير، لقد قال سبحانه: ﴿وَمَنْ ‌يَقْتَرِفْ ‌حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ [الشورى: 23].

إذا صُمتَ، فتركتَ طعامكَ وشرابكَ وشَهْوتكَ لأجل الله تعالى معَ أن نفسك تتوقُ إليها، فذكِّر نفسَك ببابِ الرَّيّان.

يقول النبي ﷺ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ». رواه البخاري ومسلم([3]).

إنْ تغيَّرتْ رائحةُ فمِك من صيامِك، فذكِّر نفسَك بأنَّ ذلك أطيبُ عند الله من ريحِ المِسك.

ألم يقلِ النبيُّ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ»؟ رواه البخاري ومسلم([4]).

حينَ تسعَى إلى بيتٍ من بُيوتِ الله، حتَّى تؤدِّيَ فريضةً من فرائضِ الله، اعلَم أنَّكَ على موعدٍ بالكرمِ والفضلِ مِن الله، أنتَ على بُشرى بفرَحِ الله وإقبالِه علَيك، كفَرَحِ أهلِ الغائب بقُدومِه علَيهم.

أوَلم تَسمعْ حديثَ النبي ﷺ: «لَا يُوَطِّنُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ له كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ»؟! رواه ابن ماجه([5]).

عندما تسجُدُ بينَ يدَيِ الله فأنت تقوم بأحب الأعمالِ إلى الله.

ألَم يسألْ ثَوْبانُ رسولَ الله ﷺ عن أَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ، فَقَالَ له: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ ، فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً ، إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً»؟ رواه مسلم([6]).

تُصلِّي لله ركعتَين، لا تَغفُلُ فيهما، تُقبِل فيهما على اللهِ خاشعًا مُخبِتًا، فيغفرُ الله لكَ ما تقدَّم من ذنبك.

يقول النبي ﷺ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يَسْهُو فِيهِمَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه أحمد([7]).

ويقول النبي ﷺ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ يُصَلِّي وَخَطَايَاهُ مَرْفُوعَةٌ عَلَى رَأسِهِ، كُلَّمَا سَجَدَ تَحَاطَّتْ، فَيَفْرُغُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلَاتِهِ، وَقَدْ تَحَاطَّتْ خَطَايَاهُ». رواه الطبراني([8]).

عندما تُقبل على كتاب الله تعالى لتتلوَه، تذكَّر أنَّكَ تَروِي رُوحَكَ الظَّمْأَى مِنَ الرُّوحِ والنُّور، وتملأُ قلبَك هدىً وشفاءً، وتُثقِّلُ موازينَك بالأجرِ العَظيم.

أوَلم تسمع قول النبي ﷺ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ الْم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ»؟ رواه الترمذي([9]).

إنَّ ختمةً واحدةً تعدلُ لك أكثرَ من ثلاثةِ ملايينَ حسنة، فأقْبِلْ ولا تتوانَ.

يا عبد الله! إن عَشْرَ آياتٍ تتلوها خير لك من الدنيا وما فيها.

يقول ﷺ: «مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ، كُتِبَ لَهُ قِنْطَارٌ، وَالْقِنْطَارُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». أخرجه الطبراني ([10]).

باركَ الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

point.png  point.png  point.png

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فاتقوا الله عباد الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصُوه.

إخوةَ الإسلام:

ما أجملَ تلك النداءاتِ الربانيةَ يومَ القيامة، عندما يعلمُ العبدُ عظيمَ فضلِ الله وكبيرَ ثوابه وإحسانه.

يومَ أن يناديَ سبحانه: ﴿يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ ‌تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [الزخرف: 68-73].

إنّ سببَ هذه الكرامةِ والجزاءِ العظيم تلكَ الأعمالُ التي تعملُها الآن: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

ستحمَدُ ظَمَأَك وجُوعَك لأجلِ الله في هذه الأيام، حين يُقالُ لك وأنتَ في قصورِك في جنان الخلد، والنعيم المقيم: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا ‌أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: 19-24].

عندما ترى درجاتِ الجنة، والتفاوتَ العظيم بينهما، تتمنَّى حينئذٍ أن تُرَدَّ إلى الدُّنيا، كي تزدادَ اجتهادًا في طاعةِ الرحمن.

يقول النبي ﷺ: «لَوْ أَنَّ عَبْدًا خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى أَنْ يَمُوتَ هَرَمًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَحَقَّرَهُ ذَلِكَ الْيَوْم، وَلَوَدَّ أَنَّهُ يُرَدُّ إِلَى الدُّنْيَا كَيْمَا يَزْدَادَ مِنْ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ». رواه أحمد([11]).

إنّ المؤمَن في حاجةٍ إلى الصَّبر والتَّصبُّرِ على طاعة الله.

تصبَّر؛ لأنَّ الله ذو الكمال والجلال، وهو وحدَه الـمُستحِقُّ أن يُعبَد، ومهما قدَّم العبد فلَن يعبُد الله حقَّ عبادته.

ألم يقُلِ الله: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ ‌وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾؟ [مريم: 65].

تصبَّر؛ لأنّ الجنة حُفَّت بالمكاره، والله يقول: ﴿‌وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ [الإنسان: 12].

تصبَّر؛ فإنّ سلعة الله غالية. يقول ﷺ: «أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةُ». رواه الترمذي([12]).

اللهم إنَّا نسألك الجنّةَ وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل، اللهم إنا نسألك إيمانًا لا يرتدّ، ونعيمًا لا ينفد، ومرافقةَ نبيِّك محمد ﷺ في أعلى جنّة الخلد.

اللهم انصُر عِبادَك المجاهِدين في سَبيلِك، ودَمِّر اليهودَ القتَلةَ الـمُجرِمين، ونجِّ برحماتك عبادَك المستضعَفين.

اللهمَّ وفِّق وليَّ أمرنا لِما تُحبُّ وترضى، وخُذ بناصيتهِ للبِرِّ والتَّقوى، ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخِرةِ حَسَنةً وقِنا عذَابَ النَّار.

عِبَادَ الله: اذكرُوا اللهَ ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوهُ بُكرةً وأصيلًا، وآخرُ دَعوانا أَنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.



([1])  المسند (18534، 18614)، وصححه الألباني في أحكام الجنائز (1/159).
([2])  صحيح ابن حبان (3113)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3561).
([3])  صحيح البخاري (1896)، وصحيح مسلم (1152).
([4])  صحيح البخاري (1904)، وصحيح مسلم (1151).
([5])  سنن ابن ماجه (800)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (652).
([6])  صحيح مسلم (488).
([7])  المسند (17054)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (228).
([8])  المعجم الكبير (6/250)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3402).
([9])  جامع الترمذي (2910)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1416).
([10])  المعجم الكبير (2/50)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (638).
([11])  المسند (17650)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (3597).
([12])  جامع الترمذي (2450)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2335).

المرفقات

1710992150_كلوا واشربوا هنيئًا ‌بما ‌أسلفتم في الأيّام الخالية A5.docx

1710992151_كلوا واشربوا هنيئًا ‌بما ‌أسلفتم في الأيّام الخالية.pdf

1710992152_كلوا واشربوا هنيئًا ‌بما ‌أسلفتم في الأيّام الخالية A5.pdf

1710992158_كلوا واشربوا هنيئًا ‌بما ‌أسلفتم في الأيّام الخالية.docx

المشاهدات 758 | التعليقات 0