كثرة طرق الخير.. ومآسي المسلمين..!

HAMZAH HAMZAH
1440/06/19 - 2019/02/24 09:32AM

كثرة طرق الخير.. ومآسي المسلمين..!
2/4/1425 هـ

حمزة يافع الفتحي

إن الحمد لله نحمده...
معاشر المسلمين: ذكروا في ترجمة أمير المؤمنين عمر أنه كان يتردد على بيت من بيوتات المدينة بالليل فرصده طلحة بن عبدالله ، فدخل قبله فنظر، فاذا هي امرأة عجوز عمياء مقعدة، فقال لها طلحة : ما يصنع هذا الرجل عندك ؟ قالت هذا له من كذا، وكذا، يطعمني ويصلح شأني، ويخرج الأذى عني، فقال طلحة ثكِلتك أمُك طلحة عثراتِ عُمر تَتبَع !!
إن المرء ليعجب من هذه النفوس الكبيرة ، مع صلاحها وعظم تقواها، تفكّر في التماس الأجر في كل مكان، ولا تزهد أن تبحث وتسأل، ولا تستثقل أن تصيب حسنة أو تزور قرية نائية، أو منزلا بئيسا تطعم أهله، وتواسيهم بالمعروف والإحسان.
مَن منا فكّر في جاره الفقير، أو قريبه اليتيم ، أو ذلك البيت الواسع بالعيال، أو الملئ بالديون ؟!
هل فكر أحدكم أن يزور جاره ، أو يداوي فقر أخيه ، أو يمسح دمعة اليتامى ؟!
ألم يقل فيما صح عنه ( ما آمن بي من بات شبعان، وجاره جائع عنده)
وقال ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة )
وقال : (اتقوا النار ولو بشق تمرة)؟.
إن الطرق إلى الجنة يا عباد الله فسيحة كثيرة ، ولكن أين العاملون ، وأين المتنافسون الذين يتلمسون الثواب في كل مكان ؟!
جاء في الصحيح من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل رسول الله قال : أيُّ الأعمال أفضل ؟ قال : الإيمان بالله ، والجهاد في سبيله ، قال: أي الرقاب أفضل؟ قال أَنفسُها عند أهلها وأكثرُها ثمنا ، قلت: فإن لم أفعل ؟ قال : تعين صانعاً أو تصنع أو لأخرق، قلت : يا رسول الله : أرأيت أن ضعفتُ عن بعض العمل ؟ قال: تكفُ شرك عن الناس ، فإنها صدقة منك على نفسك) .
وجاء في صحيح مسلم عن أبي ذر أيضاً ( عُرضت عليّ أعمالُ أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها، الأذى يُماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها، النخاعةُ تكون في المسجد لا تُدفن) .
ليس شرطا يا مسلمون، أن يدخل أحدكم الجنة بالعلم، أو بشدة اليقين أو بالدعوة الصادقة! بل ثمة أمور سهلة، بالإمكان لآحاد الناس، طرقها والتماس مكانها.
حكى أن رجلا ممن كان قبلنا أزال غصن شوك عن طريق، فشكر الله له وأدخله الجنة.
ورجل أيضا ممن كان قبلنا، سقى كلباً كان يأكل الثرى من العطش، فملأ له خفه فغفر الله له .
بل أعجب من ذلك امرأة بغي (زانية) من بني إسرائيل فعلت من الجرائم والآثام ما فعلت، تسقي كلبا على العطش فيغفر الله لها، أين نحن من ذلك ؟ !
أين الهمم التي تسابق إلى الله؟ وأين العزائم التي تركض إلى الله لتلتمس الرحمات، وتطلب الخيرات والسعادات؟!
ليس كل الناس يصلح لعمل معين ، بل إن الهمم تتفاوت ، والعزائم تختلف، فلينظر كل امرئ ما يصلح له ، فقيمة كل امرئ ما يُحسنه .
إن في قصة عمر تلك همةً عالية، جعلته يتجاوز أعباءه الثقيلة، ومشاغله الضخمة ومصالحه الملحة، ليصيب رحمة من الله، ومغفرة يرجوها .
له هممٌ لا منتهى لكبارِها
وهمته الصغرى أجلُّ من الدهرِ
تعلّموا يا مسلمون من سلفكم الحرصَ على الخير، وجمع الحسنات، وبادروا في أزمان الفتن والشرور ففي صحيح مسلم قال ( العبادة في الهرْج كهجرة إلى) والهرج القتل والفتن.
فاستعصموا عباد الله بدينكم، وتشبثوا بسنة نبيكم ، وفروا إلى الله دينا وخضوعاً وعبادة، وإياكم وأخلاق الجاهلين ، ورخاوة الباردين، وخنوع المستكينين .
قال تعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عرضها السموات والارض اعدت للمتقين ). (ال عمران: 133).
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها ...
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي .....
الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه
أيها الإخوة الفضلاء: المخاطر فيكم جسيمة ، والأرزاء جمّة !!
لا أدري !! هل أحدثكم عن تدبير (مخيم رفح) في الأيام الفائتة، أم أحدثكم عن صور الأسرى المسلمين في (العراق)، التي تقزز النفوس ، ويتمنى العاقل أن لو ما رآها؟ أم أحدثكم عن المواقف العربية المخزية، وسلسلة المهانات المتوالية .
إن مثل تلك الأحداث ما ينبغي أن تورث لنا الهزيمة واليأس والإحباط ، بل يجب أن تكون حافزا للعمل والجد، وطريقا لتحمل المسئولية .
لأنكم مسلمون.. لا لستم غرباء عن الأحداث ، وقد أوجب الله عليكم النصرة والمؤازرة لإخوانكم لايصيبكم ما أصابهم، فجد لإخوانك بدعوة صادقة، أو كلمة طيبة، أو تهمم صادق، أو ريالات مباركة .
أنهم في أمس الحاجة إلى وقفتكم ونصرتكم يا مسلمون، لا تسلموهم للاعتداء ولا تتركوا المنافقين والمتأمركين أن يبطشوا بهم ، ويجعلوهم فريسة للصليبين .
هبوا يا مسلمون لنصرة إخوانكم، واستبسلوا في الدعم والصبر، فإنكم في زمان كثرت فيه الشرور، وقلّ المعاون والنصير .
لكن أهل الإيمان لا يئيسون ولا ينهزمون (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ( آل عمران: 139). فدينكم منصور ، وبشائره قادمة .
قال كما في صحيح مسلم ( إن الله زَوَى- أي قرّبها- لي الأرض فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغُ ما زُوي لي منها ).
وصلوا وسلموا يا عباد الله على من أمركم الله ...

المشاهدات 668 | التعليقات 0