{كتب ربكم على نفسه الرحمة}
عبدالله محمد الطوالة
الحمد لله الذي كتب على نفسه الرحمة، والحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء، والحمد لله الذي سبقت رحمته غضبه، {فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِين}، {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا}، {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا}..
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، فازَ واللهِ من تولاهُ، وسعُدَ من أطاعهُ واتقاهُ، وأفلحَ من لجأَ إليهِ ولاذَ بحماهُ، {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}..
وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهُ ورسولهُ، وصفيه وخليله، إمامُ الأنبياءِ، وصفوةُ الأولياءِ .. وأجملُ منك لم ترَ قطُّ عينٌ، وأفضلُ منك لم تلدِ النساءُ، خُلِقتَ مبرّأً من كلِّ عيبٍ، كأنّك قد خُلِقتَ كما تَشاءُ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آله السادةِ النجباءِ، وأصحابهِ البررةِ الأتقياءِ، والتابعين وتابعيهم مادامتِ الأرضُ والسماءُ ..
أمَّا بعدُ: فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ تبارك وتعالى، فاتقوا اللهَ ربكم، والتزموا شريعتهُ، وارجوا رحمتهُ، واحذروا معصيتهُ، ولا تأمنوا مكْرهُ؛ فإنه لا يأمنُ مكْرَ اللهِ إلا القومُ الخاسرون .. من تنبَّهَ سلِمَ، ومن غفَلَ ندِمَ، ومن عمِلَ صالحاً ربح وغنِمَ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} ..
معاشر المؤمنين الكرام: جاء في صحيح البخاري ومسلم: قَالَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ». قُلْنَا لاَ وَاللَّهِ وَهِىَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» ..
فيا له من درسٍ نبويٍّ رائعٍ، ويا له من مشهدٍ مؤثر، تجلت فيه رحمةُ الأمِ بوليدها، الرحمةُ التي لا يمكن أن يرى البشرُ أعظمَ ولا أحنَّ منها فيما بينهم .. ولذا جعلها المصطفى ﷺ مؤشراً لما لا نستطيعُ أن نُقَدِّرَ حجمهُ من رحمه أرحم الراحمين .. جاء في الحديث الصحيح، قَالَ: رَسُولُ اللهِ ﷺ: «جَعَلَ اللهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الْخَلَائِقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ».. بل جاء في صحيح البخاري: قال ﷺ: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي»، وفي البخاري أيضاً: "إنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي" ..
ورحمة الله جل وعلا: تتجلى في كل شيء .. تتجلى ابتداءً في إيجاد البشر وخلقهم في احسن تقويم، وفي نشأتهم وتكريمهم وتفضيلهم على كثيرٍ ممن خلق تفضيلا ..
وتتجلى في تسخيره لهم كلما في هذا الكون العظيم من النعم والأرزاق: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} ..
وتتجلى في تعليم الإنسان ما لم يعلم مما يحتاجه في حياته: قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ..
وتتجلى في إنزال هذا القرآن العظيم: قال تعالى: {الرَّحْمَن * عَلَّمَ الْقُرْآن}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ..
ورحمة الله تتجلى في ارسال المصطفى ﷺ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ..
ورحمة الله تتجلى في انزال الغيب: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}..
ورحمة الله تتجلى في تجاوزه عن المذنبين إذا تابوا، قال الرحيم سبحانه: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وفي الحديث الصحيح: "أنَّ شيخا كبيرا هرما، قد سقط حاجباه على عَينيه، أتى النبيَّ ﷺ وهو مُدعِمٌ على عصًا أي: متَّكئ على عصًا، حتى قام بين يدي النبيِّ ﷺ فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوبَ كلَّها، لم يترك داجةً ولا حاجة إلاَّ أتاها، لو قُسمَت خطيئتُه على أهل الأرض لأوبقَتهم (لأهلكَتهم) أله من تَوبة؟ فقال ﷺ: "هل أسلمتَ؟، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّك رسول الله، قال: "تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهنَّ الله لك كُلهنَّ خيرات"، قال: وغدرَاتي وفَجراتي يا رسولَ الله؟ قال: "نعم، وغَدراتك وفجراتك"، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثمَّ ادعم على عصاه، فلم يزل يردِّد: الله أكبر، حتى توارى عن الأنظار" ..
فهلمَّ يا عباد الله إلى التوبة، فالغفور الرحيم يقول: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} .. وعوداً على الرحمة، فالإسلام كله رحمه، جاء في الحديث الحسن، قَالَ: ﷺ: «لَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَرَاحَمُوا، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا رَحِيمٌ، قَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صَاحِبَهُ وَلَكِنَّهَا رَحْمَةُ النَاسِ رَحْمَةٌ الْعَامَّةِ»، وفي صحيح البخاري، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لاَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ» .. وجاء رَجُلٌ إلى النَّبِيَّ ﷺ يَشْتَكِي قَسَاوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ؟" فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "ارْحَمِ الْيَتِيمَ, وَامْسَحْ رَأسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُلَيِّنُ قَلْبَكَ، وَتَقْدِرُ عَلَى حَاجَتِكَ" والحديث صححه الألباني ..
ثم إن رحمة الله قريبةٌ جداً يا عباد الله، وكل من طلبها بصدق، وبذل أسبابها فسيجدها بإذن الله وفضله ورحمته، فقد وجدها إبراهيمُ عليهِ السلامُ في النَّارِ، ووجدها يوسُفُ عليهِ السلامُ في الجُبِّ وفي السجنِ، ووجدها يونُسُ عليهِ السلامُ في بطنِ الحوتِ في ظُلماتٍ ثلاثٍ، ووجدها موسى عليهِ السلامُ في موج اليمِّ وفي قصر فرعون الطاغية، ووجدها أصحابُ الكهفِ في ذلك الكهفِ الموحش، في حينَ افتقدوها في بيوت وأحضان آبائهم وأمهاتهم، حتى قالَ بعضُهم لِبعضٍ: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً} .. ووجدها المصطفى ﷺ هو وصاحبُهُ في الغارِ الضيق، ووجدها شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه اللهُ عندما أُدخِلَ السجن، فالتفتَ إلى السجانِ وتثملَ قولَ اللهِ تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} ..
وهكذا سيجدُها كلُّ من طلبها مخلصاً لله، صادقاً مع اللهِ، {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} ..
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم}..
أقول ما تسمعون ...
الحمد وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده اللذين اصطفى ..
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من اللذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ....
معاشر المؤمنين الكرام: رحمةٌ الله رحمةٌ عظيمةٌ وقريبة، ومن أراد أن يستجلبُ رحمةَ اللهِ، فإن هناك طرقاً كثيرةً يسيرة، وأسباباً عديدةً ممكنة: أول وأعظمُ هذه الأسباب، هو الايمانُ والعمل الصالح، قالَ جلَّ وعلا: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}..
ومن الأسباب الجالبة لرحمة الله تبارك وتعالى: طاعتهُ جل وعلا، وطاعةُ رسولِه ﷺ، قالَ سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}..
ومن أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى: إتباعُ الكتابِ والسنةِ .. قال تبارك وتعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}..
ومن أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى: رحمةُ الخلقِ، والرفق بهم، قالَ ﷺ في الحديث الصحيح: «الراحمونَ يرحمُهم الرحمنُ، ارحموا من في الأرضِ يرحمُكم من في السماءِ» .. وفي البخاري قال ﷺ: «من لا يرحم لا يُرحمُ» ..
ومن أعظم أسباب استجلاب رحمة الله تعالى: السعي في الصلح بينَ الأخوةِ المتخاصمين، قالَ تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}..
ومن أعظم أسباب استجلاب رحمة الله زيارةُ المرضى، ففي الحديث الصحيح، قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «مَن عادَ مريضًا لم يزَلْ يخوضُ في الرحمةِ حتى يجلِسَ، فإذا جلَسَ اغتمَسَ فيها»، ومن أعظم أسباب استجلاب رحمة الله تعالى: التقوى، قالَ جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}..
ومن أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى: الاستماعُ والإنصاتُ للقرآن الكريمِ، وكذلك مدارسته وتعلمه وتعليمه .. قال عز وجل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.. وفي صحيح مسلم: «ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ يتلونَ كتابَ اللهِ، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينةُ، وغشيتهم الرحمةُ، وحفتهم الملائكةُ وذكرهم اللهُ فيمن عنده» ..
ومن أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى: الإكثارُ من التوبة والاستغفارُ، قال تعالى: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}..
كما أن من أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى: الصبرُ بأنواعه الثلاثة، الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على الأقدار المؤلمة، قال تبارك وتعالى: {وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ} ..
ومن أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى: الإنفاقُ في سبيلِ اللهِ، قالَ سبحانه وتعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ..
ومن أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله تعالى: الأمرُ بالمعروفِ والنهيِّ عن المنكرِ، قالَ تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ..
فاتقوا الله يا عباد الله، واحرصوا على استجلاب رحمة الله، بفعل ما تيسر من هذه الأسباب، جعلني الله وإياكم من المرحومين ..
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان ..
اللهم صل على محمد ...