كتاب عزيز
خالد الكناني
كتاب عزيز
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا } 1، 2الكهف ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا
أمّا بعدُ : أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله سبحانه وتعالى ، تفلحوا وتفوزوا وتسودوا
أيها المسلمون : بين أيديكم كتاب عظيم ، القرآن الكريم ، أنزله ربّ العالمين على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين ، القرآن الكريم كتاب هداية ورشد، قال تعالى : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا } 9 الإسراء
وَزَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ، وَأَخَذَ بِهِ، كَانَ عَلَى الْهُدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ، ضَلَّ» صحيح مسلم (4/ 1874)
القرآن الكريم كتاب معجزة خالدة إلى يوم القيامة لا يستطيع كائن من كان أن يأتي بمثله ، قال تعالى : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } 88 الإسراء
القرآن الكريم فيه عزكم ومجدكم ورفعتكم وسؤددكم ، قال تعالى : { لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } 10 الأنبياء،
{فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي: شرفكم وفخركم وارتفاعكم )) تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 519)
القرآن الكريم هو سبب الهداية والرفعة للمسلمين ، وهو سبب الاستخلاف في الأرض والتمكين ، القرآن الكريم كتاب عزيز، قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } 41 ، 42 فصلت ، {عَزِيزٌ} أي: منيع من كل من أراده بتحريف أو سوء. تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 750)
أيها المسلمون : ولأن القرآن الكريم كلام ربنا سبحانه وتعالى جعل الله تعالى فيه القوة والتأثير على القلوب والعقول فهو يحرر العقول من الجهل والخرافة والقلوب من الضلالة والزيغ والنفوس من الضنك والشقاء، ولذلك أدرك أعداء الإسلام موطن عزة الأمة المسلمة ورفعتها وتحرير عقولها باعتصامها بكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم ، فشنوا عداء على هذا الكتاب العظيم بالتحريف والانتقاص منه ،
وقد بلغ بهم الخوف والذعر من القرآن الكريم ، فعمدوا شرارهم على تمزيقه وحرقه وإهانتهم له ، تعديا على أعظم كتاب وأجل كتاب في هذه الدنيا ، إنه القرآن العظيم ، مزقهم الله وأهانهم .
وهذا العمل الدني الرخيص الحقير من أعداء الاسلام والمسلمين
كل مرادهم أن يطفوا نور الله تعالى ، { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } الصف8 ، ولكن الله تعالى متم نوره
وتعهد جل في علاه بحفظ كتابه ، قال تعالى { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الحجر 9 ، وإنا له لحافظون ( وإنا للذكر الذي أنزلناه على محمد صلى الله عليه وسلم لحافظون يعني من الزيادة فيه , والنقص منه والتغيير والتبديل والتحريف , فالقرآن العظيم محفوظ من هذه الأشياء كلها لايقدر أحد من جميع الخلق من الجن والإنس أن يزيد فيه , أو ينقص منه حرفاً واحداً أو كلمة واحدة ) تفسير الخازن (4/ 57)
اللهم بارك لنا في الكتاب والسنة وانفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرفِ خلقِ الله نبينا مُحمدٍ رسولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد أيها المسلمون : القرآن الكريم ، كلام رب العالمين ، هذا عزه ومجده وكرامته ورفعته ، فحقه أن يستوطن القلوب ويسكن الأرواح هو حياتنا ، قال تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } الشورى52 ، {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} وهو هذا القرآن الكريم، سماه روحا، لأن الروح يحيا به الجسد، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالح الدنيا والدين، لما فيه من الخير الكثير والعلم الغزير ) تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 762) ، أيها المسلمون : أن علينا أن نتمسك بكتاب ربنا وأن نتلوه حق تلاوته ، تلاوة وحفظا وتدبرا، فكم للقرآن من نصيب في كل يوم من حياتنا واسمعوا ماذا قال الله تعالى لأهل الأعذار قال تعالى : { وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } المزمل 20، فما هو نصيب أهل الصحة والفراغ من القرآن ، إن مما يقيض الأعداء الإقبال على القرآن الكريم ، وأن نقوم بما فيه من أوامر وننتهي عما فيه من نهي وزجر ، والحذر الحذر من هجرانه لننجوا من { وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } الفرقان 30
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهب همومنا وغمومنا، وسائقنا وقائدنا ودليلنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
المرفقات
1675346124_كتاب عزيز.pdf