كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا

محمد البدر
1439/01/09 - 2017/09/29 02:07AM

الخطبة الأولى :

اما بعد: عِبَادَ اللهِ :قَالَ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ .

إن مما ينبغي التأكيد عليه والتذكير به، ولا سيما عند ظهور بوادر الفتنة، وجوب السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين، إذ هو أصل من أصول العقيدة الصحيحة، فلا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة، وقد كان السلف يولون هذا الأمر اهتماما خاصا نظرا لما يترتب على إغفاله أو الجهل به من الفساد العريض في العباد والبلاد.عِبادَ اللهِ :على الجميع أن يستشعر نعمة الأمن والأمان، واعلموا أن أهل الفتن لا يهمهم إنكار منكر ولا أمر بمعروف لأنهم يرون بأعينهم ويسمعون بآذانهم الموبقات العظيمة والمنكرات الشنيعة التي يقع فيها الكثير ممن ينتمي لأحزابهم من القادة والتابعين فلا يحرك فيهم شعرة بل يدافعون عن تلك المنكرات ويبررون لهم ويكذبون لهم حتى ربما جعلوها من الدين لئلا يسقط الحزب ولا يدان المنتمي إليه ببدعة أو انحراف ، والعجيب أن من يتكلم في بعضهم أنه مخالف للتوحيد والسنة أو يرد على من يكفر المسلمين قاطبة وينشر فكر الارهاب وفكر العنف والفساد وطعنه في الأنبياء وانتقاصه من الصحابة في مؤلفاته ويحذر الناس منه ومن أفكاره الضالة والفاسدة ،من يفعل هذا يتهم بأنه يغتاب أو يأكل لحوم العلماء ولحوم العلماء مسمومة وستكتب شهادتهم ويسألون..إلخ بينما تراه عندما يتكلم ولي الأمر أو العلماء المعتبرين من أهل السنة الصحيحة في أي أمر يصادم هواه أو ينتقص من حزبه وقاداتهم يتمعر وجهه ويشتاط غضباً ويكيل الاتهامات (مداهن ، يكتم الحق ، كلمة حق عند سلطان جائر...إلخ) ويشتم هذا ويقذف هذا ولا يعتبر ذلك غيبة والله المستعان أين الغيرة يا عِبَادَ اللهِ أين الغيرة على الأنبياء والصحابة والعلماء والأمراء قَالَ تَعَالَى :﴿ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا ﴾  [الكهف: ه] فاحذروا من مشاركتهم في تحقيق مآربهم بالطعن في الأمراء أو العلماء أو بتناقل تغريداتهم أو صوتياتهم أو رسائلهم. بل الزموا الجماعة والزموا غرز كبار أهل العلم فذلك خير لكم في الحال والمآل. وذلك هو مقتضى الكتاب والسنة قَالَ تَعَالَى :﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.أقول قولي هذا ...

 

الخطبة الثانية:

عِبَادَ اللهِ :لقد عظم الشرع أمر اجتماع الكلمة على ولاة الأمر، وحذر أبلغ التحذير من الخروج عليهم، أو التأليب ونزع اليد من الطاعة.

قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ كَيْفَ قَالَ « يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فالأمة عِبَادَ اللهِ في رفعة ومنعة متى ما التفت حول ولاتها وعلمائها، وأعداء الإسلام أحرص ما يكونون على خلق الاختلاف والفرقة، وصنع الفجوة والجفوة بين الحاكم والمحكوم.

فاحمدوا الله عباد الله، على ما من به عليكم، من تحكيم شرعه، والعمل باتباع سنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وسنته، وليقارن ذو لب بين حالنا وحال أقرب البلاد إلينا، ولن يخطئ منصف رشداً.ألا وصلوا ...

المشاهدات 1279 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا