كارثة السنة التحضيرية د.مازن مطبقاني
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
1433/07/20 - 2012/06/10 07:14AM
كارثة السنة التحضيرية
د.مازن مطبقاني
قبل سنوات بعيدة كتبت مقالة عن خطر تعليم لغة ثانية للطفل في سنواته الأولى لأنها تتداخل مع لغته الأم وتؤثر على تلك اللغة، وإن التربويين يحذرون من العبث بالطفل في هذه السن، ولذلك فإن الألمان يصرون على أن لا يتعلم أطفالهم شيئاً مع اللغة الألمانية في المرحلة الأولى. وكتب أحدهم مقالة بعنوان (حتمية تعليم اللغة الإنجليزية في الصفوف الابتدائية)ويا سبحان الله أصحاب الحتميات انتهت حتمياتهم ولمن لا يذكر فهؤلاء هم الشيوعيون الذين كانوا يتحدثون عن حتمية الصراع بين الطبقات وانتصار طبقة العمال (البروليتاريا) وحتيمة انتهاء الرأسمالية، فكانت النتيجة أن زالوا هم ولم تنته الرأسمالية (وإن كانت في طريقها بإذن الله مهما انخدع بها الناس) فأردت أن أرد عليه سجعاً بسجع ولكني تراجعت لعدم إجادتي السجع (يقال سجع الكهان)
وها نحن بعد سنوات من النقاش الطويل حول جدوى تعلم اللغات الأجنبية نتهاوي ونتردي ونسقط سقوطاً ذريعاً في قرارات جائرة لفرض السنة التحضيرية (التحضير للموت) بفرض اللغة الإنجليزية بطريقة كهنوتية دكتاتورية إلزامية دون تفكير ولا روية.
لماذا اللغة الإنجليزية؟ هل اللغة العربية عاجزة عن تقديم علم الإدارة والنظم والسياحة ؟ لقد عملت في الخطوط السعودية ثنتي عشرة سنة وكم من دورة أخذتها في الإدارة كنت أجد مادتها وفكرتها موجودة في تراثنا الإسلامي، كل ما كان مطلوباً إخراج تلك الكنوز ووضعها في ملفات وترتيبها.
اللغة الإنجليزية أكبر خطأ نرتكبه في الجامعات السعودية ، هل نكون كالغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة فنسي مشيته ولم يتعلم مشية الحمامة.
كنت قد ذهبت إلى كلية العلوم الإدارية لتدريس مادة سلم 104 (مساكين أساتذة سلم ينقلونهم من كلية إلى كلية ولو صحت الترتيبات لجعلوا الطلاب يأتون إليهم) المهم ومن عاداتي أن ألتقط أية أوراق أجدها ملقاة على الأرض لأتعلم منها وهي نصيحة غالية سمعتها من أبي رحمه الله أعطاه إياها أحد معلميه (إذا وجدت ورقة في الأرض فالتقطها ولا تقرأها كاملة اقرأ أول كلمة من كل سطر فقد تخرج بثلاث كلمات جديدة أو ثلاثة طرق تعبير )
ووجدت الورقة المكتوبة باللغة الإنجليزية وعنوانها: "التيارات والرضى الوظيفي) وفي أقل من عشرة أسطر هناك أكثر من خمسين كلمة مترجمة من الإنجليزية إلى العربية وإليكم الكلمات التي احتاج الطالب إلى ترجمتها،
· Attitudes
· Introduction
· Evaluative
· Either
· Favorable
· Unfavorable
· Values
· Events
· People
· Interrelated
· Opinion
· Belief segment
· Intention
· Certain
وهذه الترجمة الحرفية في صفحة واحدة فهل عجزت اللغة العربية أن نكتب بها عن المواقف والاتجاهات والرضى النفسي، نحن أمة الرضا والرضوان. وهل عجز الأساتذة الذين بعثناهم وحصلوا على أعلى الشهادات من الغرب وبخاصة الدول الناطقة بالإنجليزية أن ينتجوا لنا المعلومات المتوفرة في هذه الأوراق المصورة من كتاب نشر عام 2009 وصاحب حق النشر مؤسسة بيرسون التعليمية (Pearson Education, Inc. publishing as Prentice Hall)
وثمة نقطة مهمة وهي حقوق النشر والتصوير، فهذه الأوراق تعد سرقة فهل تشجع الجامعة على سرقة حقوق النشر،- لست ضليعاً في مسألة الحقوق الفكرية، ولكن اذهب إلى مراكز التصوير وانظر كم هي الكتب المنسوخة (المسروقة) وأين معايير الجودة العالمية إن لم يكن لدينا كتباً منهجية Text Books؟ وأود أن أضيف استطراداً ما هذه الجامعة التي ليس فيها مكتبة للكتب المنهجية والقراءة العامة؟ ولا حتى قريباً من الجامعة سوى بعض مكتبات الكتب المستعملة في أول طريق الملك عبد الله؟
أعود إلى كارثة اللغة الإنجليزية؟ عندما طلب مني أن أقدم محاضرة عن المملكة بعنوان (تطلعات نحو التغيير والاستقرار أو الجمود والتراجع Stagnation) أزعجتني كلمة تراجع وجمود ولكني أرى أن هذه الهجمة من اللغة الإنجليزية أو هذا التردي إلى اللغة الإنجليزية لن يكسبنا أي تقدم أو يرفع معايير الجودة ولكنه الخذلان والتردي والتراجع والتخلف. لماذا لا يفرض على الأساتذة أن يترجموا الجديد في مجالات المعرفة وبخاصة ما يحتاجونه من كتب منهجية ولن تبخل الدول الغربية عن إعطائنا حقوق النشر باللغة العربية وما أسهلها، إن قيمة لاعب واحد من لاعبي كرة القدم يكفي لترجمة عشرين كتاباً لو صدقت النيات والعزائم.
لا تقولي سبق السيف العذل أو كما تقول العامة (فات الفاس في الرأس) فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
وأخيراً ما دمنا في أسبوع التعاون العلمي بين الجامعات السورية والجامعات السعودية فهل لنا أن نفيد من إخواننا السوريين في قضايا التعليم باللغة العربية ولن أتجاوز قدري فأحيلكم إلى الدكتور النطاسي الشهير زهير السباعي في كتابه (تجربتي في تعليم الطب باللغة العربية) وكان كتابه صيحة في واد وكأنه كان كما قال الشاعر (لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن ..... )
أوقفوا البرامج الكارثة في الإصرار على اللغة الإنجليزية فإن الكوريين صنعوا كل شيء ولم يجبروا أبناءهم على تعلم اللغة الإنجليزية، وأكاد أجزم أن البرازيليين صنعوا الطائرات ولم يخضعوا للغة الإنجليزية ، وكانت أندونيسيا سادس دولة في صناعة الطائرات ولم تفرض اللغة الإنجليزية، وإن الطب يدرس في فيتنام باللغة الفيتنامية، فلماذا هي اللغة العربية تتعرض لهذا الهجوم الشرس من أبنائها؟
وسأسكت مضطراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د.مازن مطبقاني
قبل سنوات بعيدة كتبت مقالة عن خطر تعليم لغة ثانية للطفل في سنواته الأولى لأنها تتداخل مع لغته الأم وتؤثر على تلك اللغة، وإن التربويين يحذرون من العبث بالطفل في هذه السن، ولذلك فإن الألمان يصرون على أن لا يتعلم أطفالهم شيئاً مع اللغة الألمانية في المرحلة الأولى. وكتب أحدهم مقالة بعنوان (حتمية تعليم اللغة الإنجليزية في الصفوف الابتدائية)ويا سبحان الله أصحاب الحتميات انتهت حتمياتهم ولمن لا يذكر فهؤلاء هم الشيوعيون الذين كانوا يتحدثون عن حتمية الصراع بين الطبقات وانتصار طبقة العمال (البروليتاريا) وحتيمة انتهاء الرأسمالية، فكانت النتيجة أن زالوا هم ولم تنته الرأسمالية (وإن كانت في طريقها بإذن الله مهما انخدع بها الناس) فأردت أن أرد عليه سجعاً بسجع ولكني تراجعت لعدم إجادتي السجع (يقال سجع الكهان)
وها نحن بعد سنوات من النقاش الطويل حول جدوى تعلم اللغات الأجنبية نتهاوي ونتردي ونسقط سقوطاً ذريعاً في قرارات جائرة لفرض السنة التحضيرية (التحضير للموت) بفرض اللغة الإنجليزية بطريقة كهنوتية دكتاتورية إلزامية دون تفكير ولا روية.
لماذا اللغة الإنجليزية؟ هل اللغة العربية عاجزة عن تقديم علم الإدارة والنظم والسياحة ؟ لقد عملت في الخطوط السعودية ثنتي عشرة سنة وكم من دورة أخذتها في الإدارة كنت أجد مادتها وفكرتها موجودة في تراثنا الإسلامي، كل ما كان مطلوباً إخراج تلك الكنوز ووضعها في ملفات وترتيبها.
اللغة الإنجليزية أكبر خطأ نرتكبه في الجامعات السعودية ، هل نكون كالغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة فنسي مشيته ولم يتعلم مشية الحمامة.
كنت قد ذهبت إلى كلية العلوم الإدارية لتدريس مادة سلم 104 (مساكين أساتذة سلم ينقلونهم من كلية إلى كلية ولو صحت الترتيبات لجعلوا الطلاب يأتون إليهم) المهم ومن عاداتي أن ألتقط أية أوراق أجدها ملقاة على الأرض لأتعلم منها وهي نصيحة غالية سمعتها من أبي رحمه الله أعطاه إياها أحد معلميه (إذا وجدت ورقة في الأرض فالتقطها ولا تقرأها كاملة اقرأ أول كلمة من كل سطر فقد تخرج بثلاث كلمات جديدة أو ثلاثة طرق تعبير )
ووجدت الورقة المكتوبة باللغة الإنجليزية وعنوانها: "التيارات والرضى الوظيفي) وفي أقل من عشرة أسطر هناك أكثر من خمسين كلمة مترجمة من الإنجليزية إلى العربية وإليكم الكلمات التي احتاج الطالب إلى ترجمتها،
· Attitudes
· Introduction
· Evaluative
· Either
· Favorable
· Unfavorable
· Values
· Events
· People
· Interrelated
· Opinion
· Belief segment
· Intention
· Certain
وهذه الترجمة الحرفية في صفحة واحدة فهل عجزت اللغة العربية أن نكتب بها عن المواقف والاتجاهات والرضى النفسي، نحن أمة الرضا والرضوان. وهل عجز الأساتذة الذين بعثناهم وحصلوا على أعلى الشهادات من الغرب وبخاصة الدول الناطقة بالإنجليزية أن ينتجوا لنا المعلومات المتوفرة في هذه الأوراق المصورة من كتاب نشر عام 2009 وصاحب حق النشر مؤسسة بيرسون التعليمية (Pearson Education, Inc. publishing as Prentice Hall)
وثمة نقطة مهمة وهي حقوق النشر والتصوير، فهذه الأوراق تعد سرقة فهل تشجع الجامعة على سرقة حقوق النشر،- لست ضليعاً في مسألة الحقوق الفكرية، ولكن اذهب إلى مراكز التصوير وانظر كم هي الكتب المنسوخة (المسروقة) وأين معايير الجودة العالمية إن لم يكن لدينا كتباً منهجية Text Books؟ وأود أن أضيف استطراداً ما هذه الجامعة التي ليس فيها مكتبة للكتب المنهجية والقراءة العامة؟ ولا حتى قريباً من الجامعة سوى بعض مكتبات الكتب المستعملة في أول طريق الملك عبد الله؟
أعود إلى كارثة اللغة الإنجليزية؟ عندما طلب مني أن أقدم محاضرة عن المملكة بعنوان (تطلعات نحو التغيير والاستقرار أو الجمود والتراجع Stagnation) أزعجتني كلمة تراجع وجمود ولكني أرى أن هذه الهجمة من اللغة الإنجليزية أو هذا التردي إلى اللغة الإنجليزية لن يكسبنا أي تقدم أو يرفع معايير الجودة ولكنه الخذلان والتردي والتراجع والتخلف. لماذا لا يفرض على الأساتذة أن يترجموا الجديد في مجالات المعرفة وبخاصة ما يحتاجونه من كتب منهجية ولن تبخل الدول الغربية عن إعطائنا حقوق النشر باللغة العربية وما أسهلها، إن قيمة لاعب واحد من لاعبي كرة القدم يكفي لترجمة عشرين كتاباً لو صدقت النيات والعزائم.
لا تقولي سبق السيف العذل أو كما تقول العامة (فات الفاس في الرأس) فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
وأخيراً ما دمنا في أسبوع التعاون العلمي بين الجامعات السورية والجامعات السعودية فهل لنا أن نفيد من إخواننا السوريين في قضايا التعليم باللغة العربية ولن أتجاوز قدري فأحيلكم إلى الدكتور النطاسي الشهير زهير السباعي في كتابه (تجربتي في تعليم الطب باللغة العربية) وكان كتابه صيحة في واد وكأنه كان كما قال الشاعر (لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن ..... )
أوقفوا البرامج الكارثة في الإصرار على اللغة الإنجليزية فإن الكوريين صنعوا كل شيء ولم يجبروا أبناءهم على تعلم اللغة الإنجليزية، وأكاد أجزم أن البرازيليين صنعوا الطائرات ولم يخضعوا للغة الإنجليزية ، وكانت أندونيسيا سادس دولة في صناعة الطائرات ولم تفرض اللغة الإنجليزية، وإن الطب يدرس في فيتنام باللغة الفيتنامية، فلماذا هي اللغة العربية تتعرض لهذا الهجوم الشرس من أبنائها؟
وسأسكت مضطراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرفقات
149.doc