قيمة الحياء والفطرة السويّة

محمد بن سليمان المهوس
1443/05/18 - 2021/12/22 03:34AM

الخُطْبَةُ الأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدِ اعْتَنَى دِينُنَا الإِسْلاَمِيُّ بِجَانِبِ الْقِيَمِ عِنَايَةً بَالِغَةً، وَعَدَّهَا مِنَ الرَّكَائِزِ الأَسَاسِيَّةِ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا الدِّينُ الصَّحِيحُ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا﴾ [الأنعام : 161]؛ أَيْ: «يَأْمُرُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقُولَ وَيُعْلِنَ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: الدِّينِ الْمُعْتَدِلِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْعَقَائِدِ النَّافِعَةِ، وَالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالأَمْرِ بِكُلِّ حَسَنٍ، وَالنَّهْيِ عَنْ كُلِّ قَبِيحٍ، الَّذِي عَلَيْهِ الأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ..»  [تفسير السعدي]، وَهَذَا مَا أَكَّدَهُ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ» [ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِي ]

فَالأَخْلاَقُ الْحَسَنَةُ، وَالْقِيَمُ الرَّفِيعَةُ : رُوحُ الأُمَّةِ ، فَإِذَا صَحَّتِ الرُّوحُ عَاشَتِ الأُمَّةُ قَوِيَّةً عَزِيزَةً مَرْهُوبَةَ الْجَانِبِ، وَإِذَا فَسَدَتِ الرُّوحُ تَهَاوَتِ الأُمَّةُ وَخَارَتْ قُوَاهَا، وَأَصْبَحَتْ مَطْمَعًا لِلطَّامِعِينَ، وَهَدَفًا لِلأَعْدَاءِ.

وَكَمَا قَالَ الأَوَّلُ:

وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاَقُ مَا بَقِيَتْ *** فَإِنْ هُمُو ذَهَبَتْ أَخْلاَقُهُمْ ذَهَبُوا

وَمِنْ هَذِهِ الْقِيَمِ الرَّفِيعَةِ، وَالأَخْلاَقِ الْحَسَنَةِ: خُلُقُ الْحَيَاءِ ؛ وَالَّذِي قَالَ اللهُ فِيهِ: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف:26].

وَقَدْ فُسِّرَ لِبَاسُ التَّقْوَى بِأَنَّهُ الْحَيَاءُ، كَمَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَمَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ رَحِمَهُمُ اللهُ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، أَعْلاَهَا: قَوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ. وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ. وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» [ رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

وَإِنَّمَا أَفْرَدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْخَصْلَةَ مِنْ خِصَالِ الإِيمَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَاقِي شُعَبِ الإِيمَانِ؛ لأَنَّ الْحَيَاءَ كَالدَّاعِي إِلَى بَاقِي الشُّعَبِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْحَيَاءِ يَخَافُ فَضِيحَةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَيَأْتَمِرُ وَيَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَ الْحَيَاءُ كَالسَّبَبِ لِفِعْلِ بَاقِي الشُّعَبِ؛ خُصَّ بِالذِّكْرِ وَلَمْ يُذْكَرْ غَيْرُهُ مَعَهُ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ»؛ وَذَلِكَ لأَنَّ الْحَيَاءَ يَمْنَعُ الشَّخْصَ عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَيَجْعَلُهُ يَسْتَتِرُ بِخُلُقِ الْحَيَاءِ إِذَا دَعَتِ النَّفْسُ لَهَا؛ فَهُوَ خُلُقٌ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ إِلَى التَّحَلِّي بِكُلِّ جَمِيلٍ مَحْبُوبٍ، وَالتَّخَلِّي عَنْ كُلِّ قَبِيحٍ مَكْرُوهٍ.

وَاعْلَمُوا - عِبَادَ اللهِ - أَنَّ أَشَدَّ الْحَيَاءِ هُوَ حَيَاءُ الْعَبْدِ مِنْ خَالِقِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» فَقُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّا لَنَسْتَحْيِي، قَالَ: «لَيْسَ ذَلِكَ وَلَكِنْ مَنِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا حَوَى، وَالْبَطْنَ وَمَا وَعَى، وَلْيَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ»

[رَوَاهُ الحَاكِمُ وغَيرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ]

فَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ مِنْ خَالِقِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى قَلَّ حَيَاؤُهُ مِنَ النَّاسِ، فَاخْتَلَّتِ الْمَفَاهِيمُ لَدَيْهِ فَيَرَى الْحَقَّ بَاطِلاً وَالْبَاطِلَ حَقًّا ، وَالْحَسَنَ قَبِيحًا وَالْقَبِيحَ حَسَنًا ، وَالْحَلاَلَ حَرَامًا وَالْحَرَامَ حَلاَلاً؛ حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَبْذُلُ جُهْدَهُ لِلصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، وَفِتْنَةِ الْمُؤْمِنِينَ لإِخْرَاجِهِمْ مِنْ عِبَادَةِ الْوَاحِدِ الدَّيَّانِ إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَمِنْ تَكْرِيمِ اللهِ لَهُمْ بِالإِسْلاَمِ إِلَى جَعْلِ أَنْفُسِهِمْ كَالأَنْعَامِ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ يُرَوِّجُ لِلْمُنْكَرِ لِيَخْدِشَ بِذَلِكَ الْحَيَاءَ، أَوْ يَدْعُو لِحُرِّيَّةٍ مَزْعُومَةٍ لِتَغْيِيرِ فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ مَعْلُومَةٍ.

فاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- وَتَخَلَّقُوا بِهَذَا الْخُلُقِ الْحَسَنِ وَالْخَصْلَةِ الْحَمِيدَةِ ؛ وَالَّتِي هِيَ أَدَبٌ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الْخَالِقِ وَالْخَلْقِ، وَطَرِيقُ خَيْرٍ وَصَلاَحٍ، وَسَعَادَةٍ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ وَفَلاَحٍ.

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مِنَ الأَعْمَالِ أَخْلَصَهَا وَأَزْكَاهَا، وَمِنَ الأَخْلاَقِ أَحْسَنَهَا وَأَكْمَلَهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا..

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ أَدْرَكَ أَعْدَاءُ الدِّينِ أَنَّ الْمُجْتَمَعَ الْمُسْلِمَ فُطِرَ عَلَى أَخْلاَقِ الإِسْلاَمِ، وَالَّتِي مِنْهَا: خُلُقُ الْحَيَاءِ، وَلَنْ يَنْحَرِفَ عَنْ تَعَالِيمِ الدِّينِ وَيَسْلُكَ طَرِيقَ الْغَوَايَةِ إِلاَّ إِذَا انْعَدَمَتْ فِي قُلُوبِ أَبْنَائِهِ هَذِهِ الْخِصَالُ الْحَمِيدَةُ.

وَلِذَلِكَ تَجِدُهُمْ يَسْعَوْنَ جَاهِدِينَ إِلَى تَغْيِيرِ فِطْرَةِ اللهِ الَّتِي خَلَقَ اللهُ النَّاسَ عَلَيْهَا؛ وَمِنْ ذَلِكَ التَّرْوِيجُ إِلَى جَرِيمَةِ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ الَّذِي يَصِلُ إِلَى حَدِّ زَوَاجِ الرَّجُلِ مِنَ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ مِنَ الْمَرْأَةِ، بِاعْتِبَارِهَا –حَسَبَ ظَنِّهِمْ- مِنَ الْحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ، الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَكْفُلَهَا الْقَانُونُ حَتَّى فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَنَسِيَ هَؤُلاَءِ أَنَّ هَذِهِ الْجَرَائِمَ الْجِنْسِيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ أَخْلاَقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلاَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ عَامَّةً، وَمُجْتَمَعِنَا الْمُحَافِظٍ خَاصَّةً، فَكُلُّ هَذِهِ السُّلُوكِيَّاتِ خَارِجَةٌ عَنْ تَعَالِيمِ الإِسْلاَمِ، بَلْ خَارِجَةٌ عَنِ الْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ، وَانْتِكَاسٌ لِلْفِطْرَةِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَانْحِرَافٌ خَطِيرٌ عَنْ سُنَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفَاحِشَةٌ عَظِيمَةٌ، وَسُقُوطٌ فِي مُسْتَنْقَعِ الرَّذِيلَةِ ؛ يَجِبُ عَلَيْنَا جَمِيعًا مُحَارَبَتُهَا وَاقْتِلاَعُهَا مِنْ جُذُورِهَا، فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ [الأعراف: 81]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ»

[رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وابْنُ مَاجَه ، وَصَحَّحَهُ العَلامَةُ الأَلْبانيُّ].

وَإِنَّنَا لَنَحْمَدُ اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَى بِلاَدِنَا مِنْ مُحَارَبَةِ هَذِهِ الْجَرَائِمِ الْمَشِينَةِ عَبْرَ الْوَسَائِلِ الْمُخْتَلِفَةِ وَفِي الْمَجَامِعِ الْمَحَلِّيَّةِ وَالدَّوْلِيَّةِ، وَالدَّوْرُ مَوْصُولٌ بِنَا بِرِعَايَةِ أَبْنَائِنَا وَأُسَرِنَا وَتَوْجِيهِهِمْ بِالتَّمَسُّكِ بِتَعَالِيمِ دِينِهِمُ الْحَنِيفِ الَّذِي يَكْفُلُ لَهُمُ السَّعَادَةَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، وَقَالَ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رَوَاهُ مُسْلِم].

المرفقات

1640144056_قيمة الحياء والفطرة السوية.doc

المشاهدات 947 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا