قيمة الأمن واستنكار حاثة الحدود الشمالية.
عبد الله بن علي الطريف
1436/03/18 - 2015/01/09 20:49PM
قيمة الأمن واستنكار حاثة الحدود الشمالية. 18/3/1436هـ
الحمد لله القائل فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ.) [قريش:3،4] ، وأشهد ألا إله الله وحده لا شريك له الذي حرم قتل المؤمن وجعل قتله سبب للعنته وغضبه وخلوده في نار جهنم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي حذر من الغلو في الدين والمارقين عنه، القائل فيهم كما في الصحيحين: بأنهم يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.. أما بعد أيها الإخوة يقول الله تعالى حاثاً على تقوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281]
أحبتي: الأمنُ مطلبٌ عزيزٌ، فهو قِوامُ الحياةِ الإنسانيّة وأسَاسُ الحضارةِ المدنيّة، تتطَلّع إليه المجتمعات، وتتسابَق لتحقيقِه السُّلُطات، وتتَنافسُ في تأمينهِ الحكومات، تُسَخَّر له الإمكانات الماديّة والوَسائلُ العلميّة وتُحشَد لَه الأجهزةُ المدنيّة والعسكريّة، وتُستَنفَر له الطَّاقات البشريّة.
مَطلبُ الأمنِ يَأتي مع مَطلبِ الغِذاء، وبغيرِ الأمن لا يُستَساغ طعام، ولا يَهنَأ عيش، ولا يَلذُّ نوم، ولا يُنعَم براحَة، قال أهلُ الحكمةِ: الخائفُ لا عَيشَ له، وقال ربنا: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش:3،4]. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» أي بأسرها.. وفي الآية والحديث جعل الهر ورسوله الأمن والغذاء من أكبر النعم.
وجعل الهن الأمنَ مقروناً بالإيمان: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام:82]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «.. المُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ». رواه الترمذي والنسائي وقال الألباني حديث حسن صحيح. والسّلام مقرونٌ بالإسلام: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ». ومَن دخل في الإسلام فقد دخل في دائرة الأمن قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مَنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ، وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ». رواه مسلم
أيها الإخوة: ولئن كانَ الأمن يتوفَّر برسوخِ الإيمان في القلوب وتَطهير الأخلاق في السّلوك وتصحيح المفاهيمِ في العقول فإنّه لا بدَّ مَع ذلك مِن الشّرعِ العادِل والسّلطان القويِّ والولاية الحاكمة، قال الله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد:25].
في ظلِّ الأمنِ تحفَظُ النّفوسُ، وتُصانُ الأعراضُ والأموَالُ، وتأمَنُ السّبُل، وتُقامُ الحدود، ويكبُرُ العمرانُ، وتنمُو الثّروات، وتتوافَر الخيرات، ويكثُر الحرثُ والنّسلُ. في ظلِّ الأمنِ تقوم الدعوةُ إلى الله، وتُعمَرُ المساجدُ، وتُقام الجُمَع والجماعات، ويسودُ الشّرع، ويفشو المعروف، ويقلُّ المنكَر، ويحصُل الاستقرارُ النفسيُّ والاطمئنان الاجتماعيُّ.
والأمنُ بالدين يبقَى، والدين بالأمن يقوى، فاحتَموا من المعاصي مخافةَ البلاءِ كما تحتمون بالطيّبات مخافةَ الداء..
أيها الأحبة: ومِن أجلِ هذا فإنّ كلَّ عمَلٍ تخرِيبيٍّ يستهدِفُ الآمِنين ومَعصومِي الدّماء والنّفوس المحرّمة فهو عملٌ إجراميّ محرَّم مخالفٌ لأحكامِ شرعِ الله.
ولقد نمت في أواسط بعض المجتمعات نابتة سوء عند بعض الشباب في بلادنا وبعض بلاد المسلمين غلو في دينهم، فجعلوا الذنب كفراً استحلوا به الدماء والأموال والأعراض، ولم يجعلوا لولي أمر طاعة مهما كان تمسكه بدين الله وشرعه.. وحرضوا على الخروج عليهم وقتل المعصومين من المسلمين والمعاهدين.. وباشروا هم ذلك فما الأحداث التي تقع هذه الأيام وما كان قبلها إلا نتيجة لهذا الفكر الشاذ والفهم الضال.
وأغلقوا آذانهم عن كل نصيحة وبيان وتجاهلوا كل دليل وبرهان، فهم سليلوا ذلك الفكر الشاذ الذي قوي ظهوره في عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فناظرهم هو وعلماء الصحابة فرجع من رجع منهم وأبى بعضهم إلا الخروج واستحلال الدماء والأموال المعصومة فسموهم خوارج؛ فقاتلهم رضي الله عنه وكسر شوكتهم ولكنه استشعر قول المصطفي فيهم كما في الصحيحين: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم مالاً بين المؤلفة قلوبهم يتألفهم فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلاَ تَأْمَنُونِي» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ، - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: " إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ. فعندما قيل له بعد هزيمتهم الحمد الله لقد قطع الله دابرهم قال: لا.. والله إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء. تأكيداً لاستمرار وجودهم وإنهم وإن خبوا في زمان فسيظهرون في غيره، وعلى الأمة أن تحزم في مجابهتهم وبيان ضلالهم والضرب بيد من حديد على من ألحق القول بالعمل فباشر الخروج والقتل والترويع. وتبني جيلٍ على أساسٍ قويم وعقيدة صافية يتولى بيان ذلك لهم العلماء الربانيون الصالحون وهم في بلاد المسلمين بفضل الله كثر..
أسأل الله أن يهدي الضالين ويدلهم على الصواب، ويقمع المارقين المصرين إنه جواد كريم.. بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم...
الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا اله تعظيما لشنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله المؤيد ببرهانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد أيها الإخوة: (اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب:70،71]
أيها الإخوة: لقد راعنا وأقض مضاجعنا ما حدث من محاولة تسلل مجموعة من الإرهابيين فجر يوم الاثنين الماضي عبر الحدود الشمالية للملكة مع العراق بمركز سويف التابع لجديدة عرعر بمنطقة الحدود الشمالية، وتصدى لهم رجال حرس الحدود الأشاوس وأحبطوا محاولة تسللهم وقتلهم وقضى عدد من رجال الأمن الذين نحتسبهم من الشهداء في هذا الإعتداء الأثيم.
إن هذا الاعتداء جريمة شنيعة واعتداء إرهابي آثم لما فيها من الإفسادِ في الأرض وزعزعةِ الأمن في هذا البلد الطاهر وخروج على ولي الأمر وشق لعصا الطاعة، وهذا الاعتداء جرم بَينٌ في باعثه وغايته وتنفيذه..
أيها الإخوة: نعم هذا الاعتداء جرم في باعثه وغايته وتنفيذه.. فما الباعثُ لمثل هذه الجريمة وما الغاية منها..؟ باعثها ضلالُ الفكر وفسادُ المنهج والفهمِ الخاطئ للدين وتنزيلُ الأدلة على الوقائع.. وأما غايته فزعزعة أمن هذه البلاد وشق عصا الطاعة ومحاولة تهوين مثل هذه الأعمال الإرهابية وكسر هيبة رجال الأمن..
أما تنفيذه بهذه الصورة غدر وخيانة وربنا يقول (وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) [يوسف:52] قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله بعد هذه الآية: فإن كل خائن، لا بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره.
وفي صحيحِين أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ" أي يركزُ علمٌ قائمٌ عنده لأجل فضحه ليكون علامة فاضحة له على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.
وهو كذلك تنفيذٌ لجريمة قتل عمد لأنفس معصومة حرم الله إزهاقها وهم حرس الحدود المرابطين الذين يحرسون أمن هذا البلد ويقومون عليه وقد توعد الله القاتل بأعظم وعيد فقال: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء:93] وتوعد عليه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا» رواه البخاري.
وعن أَبَي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلاَّ مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا». وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». رواهما أبو داود وصححهما الألباني.
ولَمَّا نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَةِ، قَالَ: "مَرْحَبًا بِكِ مِنْ بَيْتٍ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَلَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةَ عِنْدَ اللهِ مِنْكِ، إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مِنْكِ وَاحِدَةً وَحَرَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ ثَلَاثًا: دَمَهُ، وَمَالَهُ، وَأَنَ يُظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ" رواه البيهقي بالشعب وصححه الألباني.
وفهم الصحابة هذه النصوص، وقدّروها حق قدرها، فَقَالَ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ»رواه البخاري (في فسحة) أي سعة من دينه يرتجى رحمة الله ولطفه، ولو باشر الكبائر سوى القتل، فإذا قتل ضاقت عليه ودخل في زمرة الآيسين من رحمة الله تعالى، ومعنى (ورطات) جمع ورطة وهي الشيء الذي قلما ينجو منه، أو هي الهلاك. (لا مخرج) لا سبيل للخلاص منها. (سفك الدم الحرام) قتل النفس المعصومة. (بغير حله) بغير حق يبيح القتل.
أيها الإخوة: الواجب علينا استنكار هذا الحادث الآثم وتجريم فاعليه.. وحشانا أن نفرح بمثله. والحمد لله أن طهر أيدينا منه، ونسأله أن يطهر ألسنتنا وقلوبنا من الاغتباط به..
ثم إن علينا أن ننتبه ونحذر كل الحذر من الأطروحات الشاذة ونعرض كل ما يعن لنا أو يطرح علينا على أهل العلم الثقات الذين يصدرون من الفهم الصحيح للكتاب والسنة..
أمّا رجالُ حرس الحدودِ فهم حراس بواسِل على خيرٍ عظيم، وهم يرابطون في ثغرٍ من ثغور الإسلام، يعلَمون مقامَهم وشرفَ مكانهم وصلاحَ عمَلهم ونُبلَ مقصَدهم، يؤدّون مهمَّاتهم في إخلاصٍ وتفانٍ وإتقانٍ وكفاءةٍ، فهم على الحقّ والهدَى بإذن الله، بأعمالهم وشجاعتِهم ويقظَتهم عازمون على التصدي لمحاولات الخوارج ومن يقف وراءهم، وإحباط مؤامراتهم للنيل من أمن واستقرار هذا الوطن، مستمدين العون في ذلك من الله سبحانه وتعالى ثم مِمَّا يلقونه من دعم وتعاون المواطنين والمقيمين كافة لتبقى هذه البلادُ عزيزة محفوظة رافعةً لمنار الدين حاميةً لمقدّساتِ المسلمين محافظةً على حُرُماتهم بإذن الله.
وعلينا أن نترحم على من قضى من رجال حرس حدودنا البواسل الذين فدوا بأرواحهم أمن بلادنا واستقرارها؛ فها نحن ننعم بوارف الأمن بفضل الله ثم بما يقومون عليه من حراسة لهذا الوطن. في القر الشديد كما في هذه الأيام وفي القيض المحرق في الصيف.
وهذه الدولة بجميع مكوناتها حكاماً ومحكومين مدنيين وعسكريين ومواطنين ومقيمين على استعداد بحول الله تعالى للتصدي لكل عابث بأمن هذا البلد ومن ورائهم كل مسلم، ولن ينال أحد مهما كانت قوته ومكره من قناعتنا بأهمية حراسة أمن هذا البلد فأمنه ليس أمناً لنا نحن المواطنين والمقيمين فحسب بل هو أمن لأمة الإسلام التي تؤمه لما يحويه من الحرمين والمشاعر المقدسة.
اللهم احم هذه البلاد وأهلها من الشر وارزقنا التقوى ظاهرا وباطنا وادفع عنا الشرور والفرقة بحولك وقوتك اللهم أعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا.. اللهم اغفر لمن قضى من رجال أمننا واجعلهم من الشهداء يا رب العالمين، وشف المصابين أجمعين اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك واكلأه برعايتك وهيئ له بطانة الخير وادفع عنه بطانة السوء يارب العالمين، اللهم ابسط الأمن والأمان والسلامة والإسلام والمحبة والوئام على جميع بلاد الإسلام.. وصلوا وسلموا.... إلخ
الحمد لله القائل فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ.) [قريش:3،4] ، وأشهد ألا إله الله وحده لا شريك له الذي حرم قتل المؤمن وجعل قتله سبب للعنته وغضبه وخلوده في نار جهنم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي حذر من الغلو في الدين والمارقين عنه، القائل فيهم كما في الصحيحين: بأنهم يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.. أما بعد أيها الإخوة يقول الله تعالى حاثاً على تقوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281]
أحبتي: الأمنُ مطلبٌ عزيزٌ، فهو قِوامُ الحياةِ الإنسانيّة وأسَاسُ الحضارةِ المدنيّة، تتطَلّع إليه المجتمعات، وتتسابَق لتحقيقِه السُّلُطات، وتتَنافسُ في تأمينهِ الحكومات، تُسَخَّر له الإمكانات الماديّة والوَسائلُ العلميّة وتُحشَد لَه الأجهزةُ المدنيّة والعسكريّة، وتُستَنفَر له الطَّاقات البشريّة.
مَطلبُ الأمنِ يَأتي مع مَطلبِ الغِذاء، وبغيرِ الأمن لا يُستَساغ طعام، ولا يَهنَأ عيش، ولا يَلذُّ نوم، ولا يُنعَم براحَة، قال أهلُ الحكمةِ: الخائفُ لا عَيشَ له، وقال ربنا: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش:3،4]. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» أي بأسرها.. وفي الآية والحديث جعل الهر ورسوله الأمن والغذاء من أكبر النعم.
وجعل الهن الأمنَ مقروناً بالإيمان: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام:82]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «.. المُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ». رواه الترمذي والنسائي وقال الألباني حديث حسن صحيح. والسّلام مقرونٌ بالإسلام: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ». ومَن دخل في الإسلام فقد دخل في دائرة الأمن قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مَنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ، وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ». رواه مسلم
أيها الإخوة: ولئن كانَ الأمن يتوفَّر برسوخِ الإيمان في القلوب وتَطهير الأخلاق في السّلوك وتصحيح المفاهيمِ في العقول فإنّه لا بدَّ مَع ذلك مِن الشّرعِ العادِل والسّلطان القويِّ والولاية الحاكمة، قال الله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد:25].
في ظلِّ الأمنِ تحفَظُ النّفوسُ، وتُصانُ الأعراضُ والأموَالُ، وتأمَنُ السّبُل، وتُقامُ الحدود، ويكبُرُ العمرانُ، وتنمُو الثّروات، وتتوافَر الخيرات، ويكثُر الحرثُ والنّسلُ. في ظلِّ الأمنِ تقوم الدعوةُ إلى الله، وتُعمَرُ المساجدُ، وتُقام الجُمَع والجماعات، ويسودُ الشّرع، ويفشو المعروف، ويقلُّ المنكَر، ويحصُل الاستقرارُ النفسيُّ والاطمئنان الاجتماعيُّ.
والأمنُ بالدين يبقَى، والدين بالأمن يقوى، فاحتَموا من المعاصي مخافةَ البلاءِ كما تحتمون بالطيّبات مخافةَ الداء..
أيها الأحبة: ومِن أجلِ هذا فإنّ كلَّ عمَلٍ تخرِيبيٍّ يستهدِفُ الآمِنين ومَعصومِي الدّماء والنّفوس المحرّمة فهو عملٌ إجراميّ محرَّم مخالفٌ لأحكامِ شرعِ الله.
ولقد نمت في أواسط بعض المجتمعات نابتة سوء عند بعض الشباب في بلادنا وبعض بلاد المسلمين غلو في دينهم، فجعلوا الذنب كفراً استحلوا به الدماء والأموال والأعراض، ولم يجعلوا لولي أمر طاعة مهما كان تمسكه بدين الله وشرعه.. وحرضوا على الخروج عليهم وقتل المعصومين من المسلمين والمعاهدين.. وباشروا هم ذلك فما الأحداث التي تقع هذه الأيام وما كان قبلها إلا نتيجة لهذا الفكر الشاذ والفهم الضال.
وأغلقوا آذانهم عن كل نصيحة وبيان وتجاهلوا كل دليل وبرهان، فهم سليلوا ذلك الفكر الشاذ الذي قوي ظهوره في عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فناظرهم هو وعلماء الصحابة فرجع من رجع منهم وأبى بعضهم إلا الخروج واستحلال الدماء والأموال المعصومة فسموهم خوارج؛ فقاتلهم رضي الله عنه وكسر شوكتهم ولكنه استشعر قول المصطفي فيهم كما في الصحيحين: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم مالاً بين المؤلفة قلوبهم يتألفهم فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلاَ تَأْمَنُونِي» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ، - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: " إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ. فعندما قيل له بعد هزيمتهم الحمد الله لقد قطع الله دابرهم قال: لا.. والله إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء. تأكيداً لاستمرار وجودهم وإنهم وإن خبوا في زمان فسيظهرون في غيره، وعلى الأمة أن تحزم في مجابهتهم وبيان ضلالهم والضرب بيد من حديد على من ألحق القول بالعمل فباشر الخروج والقتل والترويع. وتبني جيلٍ على أساسٍ قويم وعقيدة صافية يتولى بيان ذلك لهم العلماء الربانيون الصالحون وهم في بلاد المسلمين بفضل الله كثر..
أسأل الله أن يهدي الضالين ويدلهم على الصواب، ويقمع المارقين المصرين إنه جواد كريم.. بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم...
الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا اله تعظيما لشنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله المؤيد ببرهانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد أيها الإخوة: (اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب:70،71]
أيها الإخوة: لقد راعنا وأقض مضاجعنا ما حدث من محاولة تسلل مجموعة من الإرهابيين فجر يوم الاثنين الماضي عبر الحدود الشمالية للملكة مع العراق بمركز سويف التابع لجديدة عرعر بمنطقة الحدود الشمالية، وتصدى لهم رجال حرس الحدود الأشاوس وأحبطوا محاولة تسللهم وقتلهم وقضى عدد من رجال الأمن الذين نحتسبهم من الشهداء في هذا الإعتداء الأثيم.
إن هذا الاعتداء جريمة شنيعة واعتداء إرهابي آثم لما فيها من الإفسادِ في الأرض وزعزعةِ الأمن في هذا البلد الطاهر وخروج على ولي الأمر وشق لعصا الطاعة، وهذا الاعتداء جرم بَينٌ في باعثه وغايته وتنفيذه..
أيها الإخوة: نعم هذا الاعتداء جرم في باعثه وغايته وتنفيذه.. فما الباعثُ لمثل هذه الجريمة وما الغاية منها..؟ باعثها ضلالُ الفكر وفسادُ المنهج والفهمِ الخاطئ للدين وتنزيلُ الأدلة على الوقائع.. وأما غايته فزعزعة أمن هذه البلاد وشق عصا الطاعة ومحاولة تهوين مثل هذه الأعمال الإرهابية وكسر هيبة رجال الأمن..
أما تنفيذه بهذه الصورة غدر وخيانة وربنا يقول (وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) [يوسف:52] قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله بعد هذه الآية: فإن كل خائن، لا بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره.
وفي صحيحِين أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ" أي يركزُ علمٌ قائمٌ عنده لأجل فضحه ليكون علامة فاضحة له على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.
وهو كذلك تنفيذٌ لجريمة قتل عمد لأنفس معصومة حرم الله إزهاقها وهم حرس الحدود المرابطين الذين يحرسون أمن هذا البلد ويقومون عليه وقد توعد الله القاتل بأعظم وعيد فقال: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء:93] وتوعد عليه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا» رواه البخاري.
وعن أَبَي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلاَّ مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا». وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً». رواهما أبو داود وصححهما الألباني.
ولَمَّا نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَةِ، قَالَ: "مَرْحَبًا بِكِ مِنْ بَيْتٍ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَلَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةَ عِنْدَ اللهِ مِنْكِ، إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مِنْكِ وَاحِدَةً وَحَرَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ ثَلَاثًا: دَمَهُ، وَمَالَهُ، وَأَنَ يُظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ" رواه البيهقي بالشعب وصححه الألباني.
وفهم الصحابة هذه النصوص، وقدّروها حق قدرها، فَقَالَ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ»رواه البخاري (في فسحة) أي سعة من دينه يرتجى رحمة الله ولطفه، ولو باشر الكبائر سوى القتل، فإذا قتل ضاقت عليه ودخل في زمرة الآيسين من رحمة الله تعالى، ومعنى (ورطات) جمع ورطة وهي الشيء الذي قلما ينجو منه، أو هي الهلاك. (لا مخرج) لا سبيل للخلاص منها. (سفك الدم الحرام) قتل النفس المعصومة. (بغير حله) بغير حق يبيح القتل.
أيها الإخوة: الواجب علينا استنكار هذا الحادث الآثم وتجريم فاعليه.. وحشانا أن نفرح بمثله. والحمد لله أن طهر أيدينا منه، ونسأله أن يطهر ألسنتنا وقلوبنا من الاغتباط به..
ثم إن علينا أن ننتبه ونحذر كل الحذر من الأطروحات الشاذة ونعرض كل ما يعن لنا أو يطرح علينا على أهل العلم الثقات الذين يصدرون من الفهم الصحيح للكتاب والسنة..
أمّا رجالُ حرس الحدودِ فهم حراس بواسِل على خيرٍ عظيم، وهم يرابطون في ثغرٍ من ثغور الإسلام، يعلَمون مقامَهم وشرفَ مكانهم وصلاحَ عمَلهم ونُبلَ مقصَدهم، يؤدّون مهمَّاتهم في إخلاصٍ وتفانٍ وإتقانٍ وكفاءةٍ، فهم على الحقّ والهدَى بإذن الله، بأعمالهم وشجاعتِهم ويقظَتهم عازمون على التصدي لمحاولات الخوارج ومن يقف وراءهم، وإحباط مؤامراتهم للنيل من أمن واستقرار هذا الوطن، مستمدين العون في ذلك من الله سبحانه وتعالى ثم مِمَّا يلقونه من دعم وتعاون المواطنين والمقيمين كافة لتبقى هذه البلادُ عزيزة محفوظة رافعةً لمنار الدين حاميةً لمقدّساتِ المسلمين محافظةً على حُرُماتهم بإذن الله.
وعلينا أن نترحم على من قضى من رجال حرس حدودنا البواسل الذين فدوا بأرواحهم أمن بلادنا واستقرارها؛ فها نحن ننعم بوارف الأمن بفضل الله ثم بما يقومون عليه من حراسة لهذا الوطن. في القر الشديد كما في هذه الأيام وفي القيض المحرق في الصيف.
وهذه الدولة بجميع مكوناتها حكاماً ومحكومين مدنيين وعسكريين ومواطنين ومقيمين على استعداد بحول الله تعالى للتصدي لكل عابث بأمن هذا البلد ومن ورائهم كل مسلم، ولن ينال أحد مهما كانت قوته ومكره من قناعتنا بأهمية حراسة أمن هذا البلد فأمنه ليس أمناً لنا نحن المواطنين والمقيمين فحسب بل هو أمن لأمة الإسلام التي تؤمه لما يحويه من الحرمين والمشاعر المقدسة.
اللهم احم هذه البلاد وأهلها من الشر وارزقنا التقوى ظاهرا وباطنا وادفع عنا الشرور والفرقة بحولك وقوتك اللهم أعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا.. اللهم اغفر لمن قضى من رجال أمننا واجعلهم من الشهداء يا رب العالمين، وشف المصابين أجمعين اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك واكلأه برعايتك وهيئ له بطانة الخير وادفع عنه بطانة السوء يارب العالمين، اللهم ابسط الأمن والأمان والسلامة والإسلام والمحبة والوئام على جميع بلاد الإسلام.. وصلوا وسلموا.... إلخ
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق