( قف وانتبه .. الطريق من هنا ) 1
حامد ابراهيم طه
1437/10/10 - 2016/07/15 17:52PM
لمتابعة جديد الخطب نشرف بزيارتكم لموقعنا الرسمى الجديد على هذا الرابط
http://hamidibrahem.com/
الخطبة الأولى ( قف وانتبه .. الطريق من هنا ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أخي وأختي في الله ، قف ، وانتبه ، الطريق من هنا
هذه كلمات خرجت من قلبي، فلعلها تصل إلى قلبك،
وامتزجت بروحي ، فلعلها تمتزج بروحك
كتبتها بمداد المحبة والصفاء، والنصح والوفاء، فلعلها لا تجد عن نفسك الصافية مصرفا.
فها هو العالم بين يديك تتجول فيه أنى أردت ، فأخذت تتنقل ووجهك تعلوه الابتسامة،
ونظراتك تطارد المشاهد المكشوفة، ولعابك يسيل على المناظر الفاضحة،
فمن فيلم إلى مسرحية، ومن رقصة إلى أغنية، ومن ذنب إلى معصية، ومن صغيرة إلى كبيرة . ومن خليل وخليلة ، إلى حبيبة وعشيقة
فتشاهد بعينيك الفواحش ، وتسمع بأذنيك القبيح ،
فينكت في قلبك النكتة السوداء، فتتوالى هذه النقط السوداء على قلبك الأبيض الصافي ، حتى يغلب السواد على البياض،
فيموت قلبك، ويبقى جسمك، فتكره كل خير، وتحب كل شر، وتبتعد عن كل معروف، وتقترب من كل منكر، وتحب المعصية ، وتكره الايمان
وهنا .. تبدو على وجهك آثار الكآبة والضيق، والهم العميق .
ورغم كل الملهيات، وما تملكه من مسليات،
سوف تصبح معيشتك ضنكا، ولياليك سوداء، وسوف تعاني من الاكتئاب، والطفش والحيرة، والتخبط والفراغ .. والنكد والضياع
لأن سيدك ومولاك يقول :
((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124))) طه.
أخي وأختي في الله..
أعرف أنك الآن تغطي عينيك ،لكي لا ترى شيئا غير جهازك، وتغلق أذنيك حتى لا تسمع أحدا سوى أنغامك
أعرف أنك الآن تجري وتجري .. وأنت لا تفكر إلا بفيلم اليوم وسهرة الليلة . والليالي الحمراء والصفراء
أعرف أنك تجري وتجري .. وأنت لا تفكر إلا في الشرق ومغرياته، والغرب وملهياته
أعرف أنك تجري وتجري .. وتلهث وتلهث أعرف أنك تجري وراء الشهوات، وتلهث وراء اللذائذ والموبقات
ولكنك يا أخي .. لا تعرف أن في آخر هذا الطريق حفرة عميقة، ذات هوة سحيقة !! (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ،وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ ،فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (39) النور
أخي .. اسمح لي بأن أقف أمام وجهك في منتصف الطريق وأقول لك : قف !! وانتبه ، الطريق من هنا
قف وانتبه .. وعد إلى ربك .. واتق النار .. اتق نار السعير . اتق نار السموم ، ونار الحريق ، نارا تلظى ، (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) (106) هود
إن أمامك أهوالا وصعابا، إن أمامك نعيما وعذابا، أمامك حزنا وسعادة
أمامك ثعابين وحيات .. وأمورا هائلات . تشيب لهولها الولدان ،
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ )(2) ) الحج
والله الذي لا إله إلا هو .. لن تنفعك الأفلام والسهرات، والرقص والأغنيات . والفاجرات الماجنات ، لن ينفعك ذلك
أخي الحبيب : قف .. مع نفسك لحظة .. وانتبه من غفلتك
وأسألها : إلى متى أجري خلف الشهوات .. وألهث وراء المنكرات ..
كم سأعيش في هذه الدنيا ؟ ستين سنة ؟.. ثمانين سنة؟ ..
مائة سنة؟ .. ألف سنة ؟.. ثم ماذا بعد ؟ ..
ثم موت ، ثم قبر ، ثم بعث وحشر ونشور .. ويوم الحساب،
فإما النعيم، أو في نار الجحيم ، وماء الحميم ، والصديد والغسلين
أخي .. تخيل نفسك وقد نزل بك الموت، ودخلت القبر ورأيت ظلمته، ووحدته، وضيقه ووحشته
تذكر .. الملكين وهما يقعدانك ويسألانك ..
تذكر .. كيف يكون جسمك بعد الموت ..تقطعت أوصالك، وتفتت عظامك، وبلي جسمك، وأصبحتَ قوتا للديدان ،وسال منك الصديد وغارت العينان
تذكر .. يوم تسمع الصيحة .. إنها صيحة العرض على الله .. فيطير فؤادك، ويشيب رأسك ..
فتخرج من قبرك مغبرا حافيا عاريا .
تذكر ..قد رجت الأرض، وبست الجبال، وشخصت الأبصار لتلك الأهوال .وطارت الصحائف .. وقلق الخائف .. وزفرت النار .. وأحاطت الأوزار. .ونصب الصراط .. وآلمت السياط .. وحضر الحساب .. وقوي العذاب ..وشهد الكتاب .. وتقطعت الأسباب
تذكر مذلتك في ذلك اليوم العظيم، وانفرادك بخوفك وأحزانك، وهمومك وغمومك وذنوبك
فتتبرأ حينها من بنيك، وأمك وأبيك، وزوجك وأخيك . والخل والصديق
تذكر .. يوم توضع الموازين، وتتطاير الصحف ..
كم في كتابك من زلات؟ .. وكم في عملك من خلل ومنكرات؟ ..
تذكر .. يوم ينادى باسمك بين الخلائق ..
يا فلان بن فلان : هيا إلى العرض على الله ،
فتقوم أنت، ولا يقوم غيرك، لأنك أنت المطلوب..
تذكر .. حينئذ ضعفك .. وشدة خوفك، وانهيار أعصابك، وخفقان قلبك ..
وها أنت وقفت بين يدي الملك الحق المبين، الذي كنت تهرب منه، ويدعوك فتصد عنه ..
وقفت بين يديه وبيدك صحيفة .. لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتْها، فتقرؤها بلسان كليل ..وقلب كسير،
قد عمك الحياء والخوف من الله ..فبأي لسان تجيبه حين يسألك
عن .. مالك الذي أضعته .. وعمرك الذي أسرفت فيه ..وعينك التي خنت بها .. وسمعك الذي عصيت به ..
بأي قدم تقف غدا بين يديه ، وبأي عين تنظر إليه، وبأي قلب تجيب عليه !!!
ماذا تقول له غدا .. عندما يقول لك : يا عبدي .. لماذا لم تُجلَّني ؟، لماذا لم تستح مني؟، لماذا لم تراقبني؟ .. لماذا جعلتني أهون الناظرين إليك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يا عبدي .. هل استخففتَ بنظري إليك .يا عبدي؟ .. ألم أحسن إليك؟ .. ألم أنعم عليك ؟
أخي الحبيب ..
تذكر .. هذه المواقف العصيبة، والأوقات الرهيبة ...يوم ينسى الإنسان كل عزيز وحبيب، ولا ينجو إلا من كان له قلب سليم . وحمل من الذنوب والاوزار خفيف
أخي .. قف مع نفسك هذه الوقفة المصيرية، واعلم أنك ما وجدت في هذه الدنيا إلا للعبادة
((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) ( الذاريات : 56) .
ولم تخلق للهو واللعب والعبث
((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ )) (المؤمنون:115)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قف وانتبه .. الطريق من هنا ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أخي .. إني أخاطب فيك دينك .. الذي يحرم هذه المنكرات .
و أخاطب فيك أخلاقك التي تترفع عن هذه الشهوات .
و أخاطب فيك عقلك الذي يأبى هذه الترهات .
و أخاطب فيك قلبك الذي يخاف من هذه الموبقات .
و أخاطب فيك غيرتك على نسائك العفيفات المحصنات
فانتصر على نفسك .. وتغلب على هواك .. وأخرج من هذه الغفلة وذاك الضياع
عد إلى ربك ، وتب من ذنبك ، وابدأ صفحة جديدة من حياتك ،
وعوض ما فاتك بكثرة الطاعات واعلم أن ربك يفرح بتوبتك ورجوعك إليه ، ويبسط يده إليك لتسعد بجواره ،
أخي في الله
قم فانفض هذا الهم الجاثم على قلبك،
قم فكبِّر من جديد، واصدح في العالمين،
قم لا يعوقك مثبِّطٌ، أو يستولي عليك شيطان،
قم فالقيود مهما كانت قوية لا تصمد أمام همم الأقوياء،
والتاريخ مهما كان مظلمًا تضيئه شمسُ الرجال الشارقة،
والرجال بتاريخ اليوم، وليس بذكريات الأمس،
قم ومن وجدتَه أمامك يذكِّرك بماضيك، فاركله بقدم الواثق،
وإذا أحسست به من خلفك يجرك إلى الوراء، فلا تلتفت إليه،
فإنْ قَرُب منك أو طمع فيك، فمدَّ في خطوك؛ فهو أحق بالتخلُّف منك.
قم، فقد قتل رجلٌ مائة نفس، ثم لما حملتْ نفسه أماني الرحمة،
وخطَتْ قدمُه نحوها بعظمة العزيمة،
أوحى الله - تعالى - إلى الأرض الطيبة أن تتقارب؛
ليُكتبَ في عداد الفالحين،
وربُّك يفرح لتوبة مذنب أشدَّ من فرح الفاقد لطعامه وشرابه على أرضٍ ضلَّتْ فيها دابتُه، فقال من شدة الفرح لما رآها:
"اللهم أنت عبدي وأنا ربُّك!"،
قم فرسولك - صلى الله عليه وسلم - قد قال في لمسة حنان ورحمة:
((لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون، فيغفر الله لهم))،
فهل بقي لك عذرٌ في التعلُّق بأوهام الماضي؟!
أو بقي لك عذر في العيش على آمال المستقبل الغائب المنتظر؟!
((كلُّ ابن آدم خطَّاء))، هذا قَدَرُ الإنسان،
وقَدَرُه الآخر: أن له الحرية المطلقة في التحرُّر من ربق الخطأ مهما كان كبيرًا.
أخي العائد إلى الله
حتّى نبدأ بدايةً صحيحة وسليمة وجب علينا اتّباع بعض النصائح التي ستعيننا لكسب رضا الله ومحبته من جديد، وهي كالآتي:
النية الخالصة لله بوجوب التغيير إلى الأفضل كسباً لرضاه،
ومن بعد ذلك المسارعة إلى طلب المغفرة والعفو من الله عمّا سبق وظهر منا من معاصي،
والسعي المستمر إلى مواصلة طلب الاستغفار من الله، ومحاربة النفس ومنعها من العودة إلى معاصيها.
السعي الدائم إلى أداء كافات العبادات على أكمل وجه ممكن، والحرص على أداء الصلوات بوقتها وعدم تأخيرها أو تركها؛ فالصلاة عمود الدين وإن صلحت صلح سائر عمل المسلم، كما أنّها أول ما يحاسب عليه المرء عند موته، ولذلك وجب علينا أن نحافظ عليها.
الحفاظ على قيام الليل ومناجاة الله بالدعاء بأن يمُنّ علينا بفضله ويهدينا إلى صراطه ويثبت قلوبنا على دينه وحسن عبادته.
الحفاظ الدائم على قراءة القرآن الكريم وعدم تركه حتى تعرف أرواحنا وقلوبنا السبيل إلى راحتها وطمأنينتها، وتتخلّص من كل المشاعر السلبية التي تختزنها.
المحافظة على بر والدينا واحترامهما وتقديرهما، والابتعاد كل البعد عن عقوقهما لما في ذلك من كسب لرضاهم وبالتالي كسب رضا الله.
السعي إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
والإسراع إلى مساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم إن أمكن ذلك،
وفعل الخير بجميع صوره والابتعاد عن الرذيلة بكل ألوانها .
أخي وأختي في الله قف .. وانتبه ... فالطريق من هنا
الدعاء
لمتابعة جديد الخطب نشرف بزيارتكم لموقعنا الرسمى الجديد على هذا الرابط
http://hamidibrahem.com/
http://hamidibrahem.com/
الخطبة الأولى ( قف وانتبه .. الطريق من هنا ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أخي وأختي في الله ، قف ، وانتبه ، الطريق من هنا
هذه كلمات خرجت من قلبي، فلعلها تصل إلى قلبك،
وامتزجت بروحي ، فلعلها تمتزج بروحك
كتبتها بمداد المحبة والصفاء، والنصح والوفاء، فلعلها لا تجد عن نفسك الصافية مصرفا.
فها هو العالم بين يديك تتجول فيه أنى أردت ، فأخذت تتنقل ووجهك تعلوه الابتسامة،
ونظراتك تطارد المشاهد المكشوفة، ولعابك يسيل على المناظر الفاضحة،
فمن فيلم إلى مسرحية، ومن رقصة إلى أغنية، ومن ذنب إلى معصية، ومن صغيرة إلى كبيرة . ومن خليل وخليلة ، إلى حبيبة وعشيقة
فتشاهد بعينيك الفواحش ، وتسمع بأذنيك القبيح ،
فينكت في قلبك النكتة السوداء، فتتوالى هذه النقط السوداء على قلبك الأبيض الصافي ، حتى يغلب السواد على البياض،
فيموت قلبك، ويبقى جسمك، فتكره كل خير، وتحب كل شر، وتبتعد عن كل معروف، وتقترب من كل منكر، وتحب المعصية ، وتكره الايمان
وهنا .. تبدو على وجهك آثار الكآبة والضيق، والهم العميق .
ورغم كل الملهيات، وما تملكه من مسليات،
سوف تصبح معيشتك ضنكا، ولياليك سوداء، وسوف تعاني من الاكتئاب، والطفش والحيرة، والتخبط والفراغ .. والنكد والضياع
لأن سيدك ومولاك يقول :
((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124))) طه.
أخي وأختي في الله..
أعرف أنك الآن تغطي عينيك ،لكي لا ترى شيئا غير جهازك، وتغلق أذنيك حتى لا تسمع أحدا سوى أنغامك
أعرف أنك الآن تجري وتجري .. وأنت لا تفكر إلا بفيلم اليوم وسهرة الليلة . والليالي الحمراء والصفراء
أعرف أنك تجري وتجري .. وأنت لا تفكر إلا في الشرق ومغرياته، والغرب وملهياته
أعرف أنك تجري وتجري .. وتلهث وتلهث أعرف أنك تجري وراء الشهوات، وتلهث وراء اللذائذ والموبقات
ولكنك يا أخي .. لا تعرف أن في آخر هذا الطريق حفرة عميقة، ذات هوة سحيقة !! (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ،وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ ،فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (39) النور
أخي .. اسمح لي بأن أقف أمام وجهك في منتصف الطريق وأقول لك : قف !! وانتبه ، الطريق من هنا
قف وانتبه .. وعد إلى ربك .. واتق النار .. اتق نار السعير . اتق نار السموم ، ونار الحريق ، نارا تلظى ، (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) (106) هود
إن أمامك أهوالا وصعابا، إن أمامك نعيما وعذابا، أمامك حزنا وسعادة
أمامك ثعابين وحيات .. وأمورا هائلات . تشيب لهولها الولدان ،
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ )(2) ) الحج
والله الذي لا إله إلا هو .. لن تنفعك الأفلام والسهرات، والرقص والأغنيات . والفاجرات الماجنات ، لن ينفعك ذلك
أخي الحبيب : قف .. مع نفسك لحظة .. وانتبه من غفلتك
وأسألها : إلى متى أجري خلف الشهوات .. وألهث وراء المنكرات ..
كم سأعيش في هذه الدنيا ؟ ستين سنة ؟.. ثمانين سنة؟ ..
مائة سنة؟ .. ألف سنة ؟.. ثم ماذا بعد ؟ ..
ثم موت ، ثم قبر ، ثم بعث وحشر ونشور .. ويوم الحساب،
فإما النعيم، أو في نار الجحيم ، وماء الحميم ، والصديد والغسلين
أخي .. تخيل نفسك وقد نزل بك الموت، ودخلت القبر ورأيت ظلمته، ووحدته، وضيقه ووحشته
تذكر .. الملكين وهما يقعدانك ويسألانك ..
تذكر .. كيف يكون جسمك بعد الموت ..تقطعت أوصالك، وتفتت عظامك، وبلي جسمك، وأصبحتَ قوتا للديدان ،وسال منك الصديد وغارت العينان
تذكر .. يوم تسمع الصيحة .. إنها صيحة العرض على الله .. فيطير فؤادك، ويشيب رأسك ..
فتخرج من قبرك مغبرا حافيا عاريا .
تذكر ..قد رجت الأرض، وبست الجبال، وشخصت الأبصار لتلك الأهوال .وطارت الصحائف .. وقلق الخائف .. وزفرت النار .. وأحاطت الأوزار. .ونصب الصراط .. وآلمت السياط .. وحضر الحساب .. وقوي العذاب ..وشهد الكتاب .. وتقطعت الأسباب
تذكر مذلتك في ذلك اليوم العظيم، وانفرادك بخوفك وأحزانك، وهمومك وغمومك وذنوبك
فتتبرأ حينها من بنيك، وأمك وأبيك، وزوجك وأخيك . والخل والصديق
تذكر .. يوم توضع الموازين، وتتطاير الصحف ..
كم في كتابك من زلات؟ .. وكم في عملك من خلل ومنكرات؟ ..
تذكر .. يوم ينادى باسمك بين الخلائق ..
يا فلان بن فلان : هيا إلى العرض على الله ،
فتقوم أنت، ولا يقوم غيرك، لأنك أنت المطلوب..
تذكر .. حينئذ ضعفك .. وشدة خوفك، وانهيار أعصابك، وخفقان قلبك ..
وها أنت وقفت بين يدي الملك الحق المبين، الذي كنت تهرب منه، ويدعوك فتصد عنه ..
وقفت بين يديه وبيدك صحيفة .. لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتْها، فتقرؤها بلسان كليل ..وقلب كسير،
قد عمك الحياء والخوف من الله ..فبأي لسان تجيبه حين يسألك
عن .. مالك الذي أضعته .. وعمرك الذي أسرفت فيه ..وعينك التي خنت بها .. وسمعك الذي عصيت به ..
بأي قدم تقف غدا بين يديه ، وبأي عين تنظر إليه، وبأي قلب تجيب عليه !!!
ماذا تقول له غدا .. عندما يقول لك : يا عبدي .. لماذا لم تُجلَّني ؟، لماذا لم تستح مني؟، لماذا لم تراقبني؟ .. لماذا جعلتني أهون الناظرين إليك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يا عبدي .. هل استخففتَ بنظري إليك .يا عبدي؟ .. ألم أحسن إليك؟ .. ألم أنعم عليك ؟
أخي الحبيب ..
تذكر .. هذه المواقف العصيبة، والأوقات الرهيبة ...يوم ينسى الإنسان كل عزيز وحبيب، ولا ينجو إلا من كان له قلب سليم . وحمل من الذنوب والاوزار خفيف
أخي .. قف مع نفسك هذه الوقفة المصيرية، واعلم أنك ما وجدت في هذه الدنيا إلا للعبادة
((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) ( الذاريات : 56) .
ولم تخلق للهو واللعب والعبث
((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ )) (المؤمنون:115)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قف وانتبه .. الطريق من هنا ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أخي .. إني أخاطب فيك دينك .. الذي يحرم هذه المنكرات .
و أخاطب فيك أخلاقك التي تترفع عن هذه الشهوات .
و أخاطب فيك عقلك الذي يأبى هذه الترهات .
و أخاطب فيك قلبك الذي يخاف من هذه الموبقات .
و أخاطب فيك غيرتك على نسائك العفيفات المحصنات
فانتصر على نفسك .. وتغلب على هواك .. وأخرج من هذه الغفلة وذاك الضياع
عد إلى ربك ، وتب من ذنبك ، وابدأ صفحة جديدة من حياتك ،
وعوض ما فاتك بكثرة الطاعات واعلم أن ربك يفرح بتوبتك ورجوعك إليه ، ويبسط يده إليك لتسعد بجواره ،
أخي في الله
قم فانفض هذا الهم الجاثم على قلبك،
قم فكبِّر من جديد، واصدح في العالمين،
قم لا يعوقك مثبِّطٌ، أو يستولي عليك شيطان،
قم فالقيود مهما كانت قوية لا تصمد أمام همم الأقوياء،
والتاريخ مهما كان مظلمًا تضيئه شمسُ الرجال الشارقة،
والرجال بتاريخ اليوم، وليس بذكريات الأمس،
قم ومن وجدتَه أمامك يذكِّرك بماضيك، فاركله بقدم الواثق،
وإذا أحسست به من خلفك يجرك إلى الوراء، فلا تلتفت إليه،
فإنْ قَرُب منك أو طمع فيك، فمدَّ في خطوك؛ فهو أحق بالتخلُّف منك.
قم، فقد قتل رجلٌ مائة نفس، ثم لما حملتْ نفسه أماني الرحمة،
وخطَتْ قدمُه نحوها بعظمة العزيمة،
أوحى الله - تعالى - إلى الأرض الطيبة أن تتقارب؛
ليُكتبَ في عداد الفالحين،
وربُّك يفرح لتوبة مذنب أشدَّ من فرح الفاقد لطعامه وشرابه على أرضٍ ضلَّتْ فيها دابتُه، فقال من شدة الفرح لما رآها:
"اللهم أنت عبدي وأنا ربُّك!"،
قم فرسولك - صلى الله عليه وسلم - قد قال في لمسة حنان ورحمة:
((لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون، فيغفر الله لهم))،
فهل بقي لك عذرٌ في التعلُّق بأوهام الماضي؟!
أو بقي لك عذر في العيش على آمال المستقبل الغائب المنتظر؟!
((كلُّ ابن آدم خطَّاء))، هذا قَدَرُ الإنسان،
وقَدَرُه الآخر: أن له الحرية المطلقة في التحرُّر من ربق الخطأ مهما كان كبيرًا.
أخي العائد إلى الله
حتّى نبدأ بدايةً صحيحة وسليمة وجب علينا اتّباع بعض النصائح التي ستعيننا لكسب رضا الله ومحبته من جديد، وهي كالآتي:
النية الخالصة لله بوجوب التغيير إلى الأفضل كسباً لرضاه،
ومن بعد ذلك المسارعة إلى طلب المغفرة والعفو من الله عمّا سبق وظهر منا من معاصي،
والسعي المستمر إلى مواصلة طلب الاستغفار من الله، ومحاربة النفس ومنعها من العودة إلى معاصيها.
السعي الدائم إلى أداء كافات العبادات على أكمل وجه ممكن، والحرص على أداء الصلوات بوقتها وعدم تأخيرها أو تركها؛ فالصلاة عمود الدين وإن صلحت صلح سائر عمل المسلم، كما أنّها أول ما يحاسب عليه المرء عند موته، ولذلك وجب علينا أن نحافظ عليها.
الحفاظ على قيام الليل ومناجاة الله بالدعاء بأن يمُنّ علينا بفضله ويهدينا إلى صراطه ويثبت قلوبنا على دينه وحسن عبادته.
الحفاظ الدائم على قراءة القرآن الكريم وعدم تركه حتى تعرف أرواحنا وقلوبنا السبيل إلى راحتها وطمأنينتها، وتتخلّص من كل المشاعر السلبية التي تختزنها.
المحافظة على بر والدينا واحترامهما وتقديرهما، والابتعاد كل البعد عن عقوقهما لما في ذلك من كسب لرضاهم وبالتالي كسب رضا الله.
السعي إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
والإسراع إلى مساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم إن أمكن ذلك،
وفعل الخير بجميع صوره والابتعاد عن الرذيلة بكل ألوانها .
أخي وأختي في الله قف .. وانتبه ... فالطريق من هنا
الدعاء
لمتابعة جديد الخطب نشرف بزيارتكم لموقعنا الرسمى الجديد على هذا الرابط
http://hamidibrahem.com/