قضـاء الـدّيـن عـن المسـلم ( 4 )
أحمد عبدالله صالح
خطبــة جمعــة بعنـوان
( قضاءُ الدَّين عن المسلم ) ( 4 )
ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام :
كما وعدتكم بالاستمرار قُدماً لاستكمال سلسلة احبُّ الاعمال الى الله كما ورد في الحديث الذي رواه الطبراني وابن أبي الدنيا من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أيّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟
فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :
(( أحبُّ الناسِ إلى الله تعالى أنفعُهم للنّاس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدخِله إلى مسلمٍ، أو تكشِف عنه كربةً، أو تقضِي عنه دينًا، أو تطرُد عنه جوعًا
ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبَّ إليّ مِن أن أعتكِفَ في هذا المسجد شهرا))
وقد تناولنا في جُمعٍ مضت عملين :
الاول : ادخال السرور على المسلم..
والثاني : كشفُ الكربه عن المسلم..
واليوم موعدنا مع العمل الثالث
(( او تقضي عنه ديناً ))
(( قضاء الدَّين عن المسلم ))
قضية الدين : تلك القضية التي أخافت قلوب الأمناء، وأذلَّت كرائم الشرفاء.
قضية الدين : ظاهرة فَشَتْ وعمَّت, وانتشرت وطمَّت, وارتفع سُعارها وتعالى لهيبها.
همٌّ بالليل، وذلٌّ بالنهار، يُشغلُ البال، ويُكدّرُ الحال،
يَكسرُ الفؤاد، ويستخفي صاحبه عن العباد، استعاذ منه النبي صلى الله عيه وسلم وكان يقول : ( اللهم انّى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ).
فالرسول استعاذ منه وتساهلنا نحن فيه، حتى غصَّت محاكمنا من التشاكي به.
وليس عيبًا إخوة الإيمان أن يستدين المرءُ
ويقترض إذا ألجأته الظروف أو نزلت به حاجة؛
فرسول الهدى استدان من حاجةٍ وقضى دَيْنَه، واشترى طعامًا من يهوديٍّ إلى أجلٍ، ورَهِنَ درعًا من حديدٍ عند اليهودي.
وروى مسلمٌ في "صحيحه" أنّه عليه الصلاة والسلام استدان من رجل بَكْرًا، فقُدِّمت إليه إبلٌ من إبل الصَّدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بَكْرَهُ، فلم يجد إلا خيارًا رباعيًّا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم -: ((أَعْطِهِ إيَّاه؛ فإنَّ خيار الناس أحسنهم قضاءً))..
بل كان عليه الصلاة والسلام يقضي الدائن بأكثر مما استدان منه، ويضاعف له الوفاء، ويدعو له، كما قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دينٌ فقضاني وزادني.
وروى النسائي من حديث عبد الله بن أبي ربيعة قال: إستقرض مني النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألفًا، فجاءه مال، فدفعه إلي، وقال:
"بارك الله تعالى في أهلك ومالك"..
ولذلكم
- معذورٌ أن يستدين المرء لأجل علاج مرضه
أو مداوة مريضه...
- ومقبولٌ أن يقترض الإنسانُ لإكمال أمر زواجه وإعفاف نفسه...
- ولا تثريب أن يستلفَ الرجل لإتمام بناءِ منزله وإكماله.
ولكن العجب من أناسٍ ولجوا لجج الدَّيْن وذاقوا علقمه لأجل مجاراةٍ في كماليَّات، أو تنافسٍ في مظهريَّات!!
• فهذا يستدين من أجل تغيير أثاثه..
• وآخر له في كل إجازة موعدٌ مع القروض للسفر والسياحة..
• وثالثٌ يقترض لمواكبة كل جديد، وامتلاك ما رآه عند غيره..
• ورابعٌ جعل الاستدانة مهنته كلما لاحت إليه رغبة، أو هامت بخاطره نزوة، فتراه يقترضُ من هذا، ويستدينُ من ذاك، ثمّ لا يعبأُ بعد ذلك بإراقةِ ماءِ وجهه؛ فيقرعُ الأبواب، ويلحُ في المسألة، ويَتَمَسْكَنُ في الكلام، وقد كان في سَعَةٍ وغنىً عن مثل هذه المواقف!!!
ومن التعقُّلِ والاتِّزانِ الذي يدعو إليه الشرعُ والعُرْف ألاَّ يلجأَ الإنسانُ للدَّيْنِ إلا عند الاضطرار..
وأن يكبحَ المرءُ جماحَ هوى نفسه، ويؤُطِرَها على العفاف أَطْرًا، وأن يمدَّ عينه إلى مَنْ هو دونه ..
فهو أحرى ألاَّ يزدريَ نعمةَ ربِّه عليه، وفي الحديث الذي أخرجه أحمد: ((ارضَ بما قسم الله لكَ؛ تكن أغنى الناس))..
ورسالة اليوم هي لكل اولئك الذين أدمنوا الدّين
وفي نفوسهم النية على عدم سداده وقضاءه
رسالتنا لهم ان الدّين أمره عظيم، وخطره جسيم
ففي الحديث الذي رواه مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدَّين".
فإذا كان الدّينُ لا يغفرهُ الله لمن قُتِلَ في سبيله فكيف بمن هو دون ذلك؟!
وفي الحديث الذي رواه مسلم ايضاً عن أبي قتادة أن رجلاً قال: يا رسول الله: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "نعم، وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلاّ الدّين".
وفي الحديث الذي رواه أحمد عن محمد بن جحش قال: كنا جلوسًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلى السماء ثم وضع راحته على جبهته، ثم قال: "سبحان الله! ماذا نزل من التشديد؟!".
فسكتنا وفزعنا، فلما كان من الغد سألته: يا رسول الله: ما هذا التشديد الذي نزل؟!
فقال: "والذي نفسي بيده، لو أن رجلاً قُتل في سبيل الله، ثم أُحيي، ثم قُتل، ثم أحيي، ثم قتل، وعليه دين، ما دخل الجنة حتى يقضيَ عنه دينه".
بل بلغ من الترهيب من أمر الدِّين أنَّ أرحم الخَلْق بالخَلْق، وخير الخَلْق للخَلْق؛ محمدًا صلى الله عليه وسلم كان إذا أُتي إليه برجلٍ متوفَّى ليصلِّي عليه؛ سأل: ((هل عليه من دَيْنٍ؟)) فإن قيل: نعم؛ سأل:((هل ترك وفاءً؟))، فإن حُدِّثَ أنه ترك وفاءً صلَّى عليه، وإلا قال: ((صلُّوا على صاحبكم)).
وجاء في الحديث الذي رواه البخاري من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كنّا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازة، فقالوا: يا رسول الله: صلّ عليها، قال: "هل ترك شيئًا؟!"
قالوا : لا، ... قال: "فهل عليه دين؟!"
قالوا: ثلاثة دنانير. قال: "صلوا على صاحبكم"
قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعليّ دينه... فصلى عليه.
وفي الحديث الذي رواه أحمد بسندٍ صحيحٍ
انّه تُوفِّي رجلٌ من صحابة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعليه دَيْنٌ، فلمَّا صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر سأل: ((ها هنا من بني فلان أحدٌ؟)) قالها ثلاثًا، فقام رجلٌ فقال:أنا منهم فقال عليه الصلاة وسلم : ((إن صاحبكم محبوسٌ عن الجنَّة بدَيْنه)، وفي لفظٍ عند أبي داود: ((نَفْسُ المؤمن معلَّقةٌ بدَيْنه حتى يُقضي عنه)).
ومن الأحاديث الدالة على خطورة الّدين وشدته
ما رواه أبو داود عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه بها عبد بعد الكبائر التي نهى عنها: أن يموت رجل وعليه دين لا يدعُ له قضاء".
فهذه الأحاديث العظيمة القاطعة بِعِظَمِ ذنب من مات وعليه دين كفيلةٌ بردع كل قلب يشم رائحة الإيمان، ومحذرة كل التحذير أن يأخذ المسلم مال أخيه لا يريد أداءه، ولقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يُريد أداءها، أدى الله عنه، ومن أخذها يُريد إتلافها أتلفه الله".
ولذلكم أحبتي الكرام :
بهذا الأهمية البالغة للّدين وبيان اهمية سداده وقضاءه، لا غرابه ان يكون قضاءُ دين المسلم وإنظارُ المَدِين والمعسر الذي لا يملك ما يسد دينه، والتجاوز عن الديون ومسامحة أصحابها والعفو عنهم عملٌ جليلٌ من أعمال البر والخير والمعروف العظيمة التى وعد الله من يفعلها بالجزاء الجزيل يوم القيامة، وبالظل الظليل يوم العرض على الله، والثواب الكبير ..
ففي الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ)) .
نعم/ إنّه ظلُ الله يومَ لا ضل ألا ظله، والنّاسُ تحت لفحاتِ الشمسِ المحرقه، يكون الذين قضوا ديون إخوانهم المسلمين وتجاوزوا عنهم في مأمنٍ وطمانينةٍ وفرحٍ وسرور، وعند الحسابِ يتجاوزُ اللهُ عنهم لانهم تجاوزوا عن المعسرين من عبادة ولا سيما عند قضاءِ الديونِ وحلولِ الأجل ..
وكم يكون سرور المديون حين يَرفعُ عنه صاحبُ الدّينِ الهم والغم والكرب الذي أرقّه الليل والنهار فيقولُ له صاحبُ الدّين : قد أجلت قضاءَ الدّينِ عنك شهراً أو شهرين..
- وأفضل منه من قال : لحين ميسرة ..
- وأعلي منه درجة : من وضع عنه جُزءاً من الدين..
- وفي القمة : من تجاوز عن دينه كُلِه صدقةً لله ورحمةً بهذا المفلسَ الضائع ..
نعم / كم من عزيزِ قومٍ ذل، وكم من غنيٍ دارت عليه الدوائر فافتقر، وكم من اولئك الذين كانوا يعيشون عيشة الهناء والترف والنعيم والدِعةِ والراحة ونسوا من حولهم فأتى عليهم يوم سُلبوا كل شيء عقوبةً من الله.
فأين من يقيلون عثرات الناس، هل ترجونَ رحمةَ الله؟، هل ترجونَ حفظَ الله؟، هل ترجونَ إكرامَ الله؟
أكرموا أخوانكم بتخفيف العبءِ عنهم، ليُخففَ الله عنكم يومَ القيامهِ ويتجاوزَ عنكم..
ولا اجمل ولا اروع من التجاوز عنك يوم القيامة لانك تجاوزت عن المسلمين في الدنيا .
أيها الأخوة المؤمنون:
تمثّلت روح عبدٍ بين يدي الله عز وجل يوم القيامة، فقال الله له: يا عبدي ماذا فعلت في الدنيا من الخيرات؟ سؤال : ماذا فعلت في الدنيا من الخيرات؟فقال: يا رب وكان تاجراً : يا ربُّ كنت أنتظر أُنظر الموسِر و أتجاوز عن المعسر ..
يعني إذا جاءه من يشتري بضاعته، وسوف يدفع له ثمنها، يقول له: يا أخي إن كنت بحاجة إلى هذا المال فاستعمله في حاجتك وادفع لي الثمن بعد حين، وإن رأى الذي يريد أن يشتري حاجة رآه معسراً فقيرا كنت أتجاوز عنه الثمن، فقال الله
عزوجل: يا عبدي أنا أحق بذلك منك، فأنا العفوّ الغفور، ويقول الله عزوجل لملائكته: خذوه إلى الجنّة فقد غفرت ذنوبه...
- وللبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ رجلاً لم يعمل خيراً قط، وكان يُداين الناس وكان يقول لفتاه : إذا أتيت مُعسراً فتجاوز عنه لعل الله ان يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه " .
وأخرج مسلم والترمذي عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" حوسب رجلٌ ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط النّاس وكان موسرا، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر فقال الله: نحن أحق بذلك .. تجاوزا عنه ".
وروي البخاري ومسلم و أحمد عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ رجلا أتى به الله عزوجل فقال: ماذا عملت في الدنيا ؟ فقال له الرجل : ما عملت مثقال ذرة من خير . فقال له ثلاثاً، فقال في الثالثة: إنّي كنت أعطيتني فضلاً من المال في الدنيا فكنت أبايع الناس، فكنت أُيسر على الموسر وأنظر المعسر. فقال تبارك وتعالى : أنا أولى بذلك منك تجاوزا عن عبدي فغفر له " .
وروي أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه البيهقي عن بريدة الأسلمي قال: قال رسول الله : " من أنظر معسراً كان له بكل يوم مثله صدقة، قال : ثمّ سمعته يقول : من أنظر معسراً فله بكل يوم مثليه صدقة فقلت : يا رسول الله إني سمعتك تقول : فله بكل يوم مثله صدقة، وقلت الآن : فله بكل يوم مثليه صدقة فقال : " إنّه ما لم يحل الدين فله بكل يوم مثله صدقة، وإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة "
بل ايّن نحن يا اخواني الكرام من تلك الصور المشرقة، تلك الصور الفريدة في مشهد السموّ الإيماني، التى تمثلت في في سلفنا الصالح في قضاء الديون عن إخوانهم المسلمين:
- فروي أن مسروقاً استدان ديناً ثقيلاً، وكان على أخيه خيثمة دين، فذهب مسروقٌ فقضى دين خيثمة وهو لا يعلم، وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم!
- وعن شعبةَ رحمه الله قال: "لمّا توفِّي الزبير لقِيَ حكيم بنُ حزام عبدَ الله بن الزّبير فقال: كم ترك أخي من الدّين؟ فقال: ألفَ ألفٍ، قال: عليَّ منها خمسمائة ألف.
- ورُوىَ أن جاراً لـأبي حاتم رحمه الله قد لحقه دينٌ عظيم، فاضطره أن يبيع بيته، فجاءوا يتزاودون على داره فقال: الدار بمائتي ألف دينار، فعجبوا من ذلك، قال: نعم، أما الدار فبخمسين ألف دينار،
وجواري من أبي حاتم بمائة وخمسين ألفاً..
فلما علم أبو حاتم بفعله هذا؛ قضى دينه وقال: اجلس في دارك جزاك الله خيراً من جار.
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ...
الخطبـة الثانيـة :
ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام:
لازلنا عند سلسلة حديث احب الاعمال الى الله
وجمعه اليوم نقف فيها مع أصحاب الأيادي البيضاء، الذين طابت أنفسهم وطابت أيديهم؛
فأقرضوا إخوانهم قرضًا حسنًا، وكانوا سببًا في تفريج همومهم، وإعانتهم على قضاء حوائجهم.
اعلم يا مَنْ حباك الله هذه النعمة: أنّ خدمة الناس والوقوف معهم في نوائبهم برهانٌ على طيب المعدِن، ونقاء الأصل، وشهامة الطَّبْع، وسخاء النَّفْس.
نعم / إنّ من نعِمِ الرحمنِ على العبد في دنياه؛
أن يجعله مفتاحًا للخير، صانعًا للمعروف، مُفرِّجًا لضائقة أخوانه ومداويًا لضرهم، ((ومن فَرَّج عن مسلمٍ كربةً من كرب الدنيا؛ فرَّج الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة)).
وفي الحديث الذي رواه الحاكم، وصحَّحه الألباني.
قال صلى الله عليه وسلم : ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدينا هم أهل المعروف في الآخرة))
يا أصحاب المعروف: أتبعوا المعروف بالمعروف، وأنْظِروا المُعْسِر إلى حال الميسرة، واستمعوا إلى مَنْ أعطاكم ومنع، وسَنَّ لكم وشَرَع؛ فقال سبحانه:
{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:
يا من يرجو الله واليوم الآخر: خفِّفْ عن أخوانك المُعْسرين، وأَنْظِرهم إلى حال ميسرتهم، اصبر واحتسب، وأبشِر بأجرِك عند من لا يُضيعُ عنده أجر مَنْ أحسن عملاً.
تذكر يا أخي الكريم : أنّ هذه الأيام التي تؤخِّرها عن غريمك مدَّخرةٌ لك، وحسناتك في ميزانك.
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسندٍ صحيحٍ، (( مَنْ أَنْظَر مُعْسِرًا ( اي أخّر حتى يوسر )..
مَنْ أَنْظَر مُعْسِرًا فله بكلِّ يومٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ))..
نعم / إلى كل من يريد الجزاء الوافر من رب العالمين، يامن يريد ما عند الله من الثواب والمثوبة، يامن يريد ان يُيسر الله عليه دنيا وآخرة
اسمع الى رسولك صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ((وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ))..
تُيسر على اخوك المسلم الَمدِين الفقير المُعسر
(( بانتظاره إلى وقت يساره)) ليس هناك داعيٍ لمذكرة قضائية، ولا هناك داعيٍ لحجزه وحبسه..
وليس هناك داعٍ لمضايقته وتخويفه، وانت تعلم على عوزه وتعرف انّه لا يملك أن يؤدي لك الحقوق، خاصه إذا ماثبت لك أنه فقير مُعسر..
فالانتظار مطلوب، وانتظارك رحمة، وانتظارك قربة،
وانتظارك على هذا المعسر صدقة تُضاف إلى أعمالك الصالحة.
انتظره إلى وقت يساره، اوبتجزئة الأقساط عليه حتى يؤدي ما عليه براحة، او تحط عنه بعض الدين ..
وهناك من يرجوا ثواب الله فيحط الدين كله..
وهناك من يسامحه بكل الدين، وهذا من أفضل الصدقات الخفية..
- يا أهل المعروف: يسِّروا، وسامحوا، وارحموا؛ فإنما يرحم الله من عباده الرُّحماء؛ وحقٌّ على مَنْ بلغه عن نبيِّه صلى الله عليه وسلم هذا الأجر والفضل، أن تطيب نفسه، ويحتسب أجره، وتمتدَّ عينه لثواب الآخرة، {وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى]
- اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين إنك على كل شيء قدير وبالإجابة أهلٌ وجدير.
- اللهم انا نسألك أن تجزيَ كلَّ صاحب معروف على معروفه، وأن تبارك له في ولده وماله..
وتُديم عليه صحته وعافيته, وأن تحفظه بعنايتك وتكلؤه برعايتك.
- اللهم صُبّ له من الخير وافتح له من ابواب رزقك فتحاً...
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه وثنى به ملائكته المسبحة بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال : (( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ....