قصة موسى عليه الصلاة والسلام وفضل يوم عاشوراء-7-1-1436هـ-صالح العصيمي-الملتقى-بتصرف
محمد بن سامر
1436/01/06 - 2014/10/30 18:17PM
[align=justify]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا-أما بعد:
فيا أيها الإخوة، أَوَّلُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ، شهرُ اللهِ المُحَرَّمُ، ويُسَنُّ صيامُ أكثرِ أيَّامِهِ، وصيامُهُ أَفْضَلُ الصِّيامِ بَعْدَ صِيامِ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لقولِهِ النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ"، وأفضلُ أيَّامِهِ صِيَامًا، صِيَامُ يومِ عاشورَاءَ، شُكرًا للهِ-سبحانه وتعالى-، عَلَى نَجَاةِ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-مِنْ أَكْبَرِ طَاغِيَةٍ عَرَفَهُ التَّارِيخُ، حيثُ ذَكَرَ اللهُ-عز وجل-فِي كِتَابِهِ تِلْكَ القصةَ، الَّتِي تُبَيِّنُ كيفَ اِنتَصَرَ الحقُّ عَلَى البَاطِلِ، لتحيي فِي قُلُوبِ المؤمنينَ الثَّبَاتَ؛ فقوةُ البَاطِلِ لا تُقَاوِمُ الحقَّ مهمَا بلَغَتْ؛ فهي مبنيةٌ على أَسَاسٍ فَاسِدٍ، لقدْ كانَ فرعونُ ،يَسْتَضْعِفُ بنِي إِسرائِيلَ، ويُقتِّلُ أبناءَهُم، ويَسْتَحْيِيِ نساءَهُمْ، ولكنَّ مشيئةَ اللهِ نافذةٌ، وقدرتَهُ قاهرةٌ، فشاءَ اللهُ لمُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-،أَنْ ينجُوَ مِنْ القَتْلِ، عكسَ مواليدِ بنِي إسرائيلَ في تلكَ السَّنةِ، وأنْ يَتَرَبَّى فِي بيتِ فِرْعَونَ، تحرسُهُ عنايةُ اللهِ، حتَّى كَبُرَ، وبَلَغَ أَشُدَّهُ، وبَعَثَهُ اللهُ برسالتِهِ إِلَى فِرْعَونَ، وآتاهُ من الآياتِ مَا يدلُ عَلَى صِدْقِهِ، ولكنَّ فِرْعَونَ كَمَا قالَ-تَعَالَى-: [فَكَذَّبَ وَعَصَى*ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى *فَحَشَرَ فَنَادَى*فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى]، ولمَّا غَلَبَهُ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-بالحُجَجِ، والبيِّنَاتِ، وكَشَفَهُ لقومِهِ؛ اِدَّعَى هَذَا الطَّاغِيَةُ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-سِحْرٌ، وأنَّ عِنْدَهُ مِنَ السِّحْرِ والسَّحَرَةِ مَا يَنْتَصِرُ بِهِ عَلَى مَوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-،فَجَمَعَ سَحَرَتَهُ مِنْ جَمِيعِ مَمْلَكَتِهِ: [فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ*وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ*لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ]، فَعَرضُوا مَا عِنْدَهُمْ مِنَ السِّحْرِ، وعَرَضَ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-مَا عِنْدَهُ مِنَ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، فانتَصَرَ عَليهِم بِالْحَقِّ، قالَ-تَعَالى-: [فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ*وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ*قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ*رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ]، فلَجَأَ فِرْعَونُ إِلَى القوةِ والبطشِ، وهدَّدَ وتوعَّدَ، وقَتَلَ السَّحَرَةَ-رحمهم الله تعالى-الذِينَ آمَنُوا باللهِ-سبحانه-فَأَوحَى اللهُ إِلَى مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-أنْ يَخرُجَ بالمؤمنِينَ، فِرارًا مِنْ هَذَا الطَّاغِيَةِ العنِيدِ، فانتَهَى مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ مِنَ المُؤمِنِينَ إِلَى البَحْرِ، فاستَنْفَرَ فِرعونُ جُنُودَهُ وقَوْمَهُ، وخَرَجَ فِي إِثْرِهِمْ بِقُوَّتِهِ وعَتَادِهِ، يُريدُ قَتْلَهُمْ وإِبَادَتَهُمْ كلَهم، وسَارَ فِي طَلَبِهِمْ، وَلَحِقَ بِهِمْ فِرعونُ وجُنُودُهُ، وهُنَاكَ تَزَايَدَ خَوفُ المُؤمِنِينَ؛ البَحْرُ أَمَامَهُمْ، والعَدُو مِنْ خَلْفِهِم، وبمقاييس الْبَشَرِ المعركةُ مَحْسُومةٌ؛ فيَسْتَحِيلُ أَنْ يَنْتَصِرَ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-وأَصْحَابُه على أَعْتَى قُوَّةٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ جَمْعًا وَعَتَادًا في ذلك الزمن، وَهُمْ ضُعَفَاءُ مُسْتَضْعَفُونَ، لا قُوَّةَ مَعَهُمْ وَلا عَتَادَ، فكيف لِقَوْمٍ عُزَّلٍ أَنْ يُوَاجِهُوا أَقْوَى قوةٍ عَسْكَرِيَّةٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ؛ فَضْلا عَلَى أَنْ يَنْتَصِرُوا عَلَيْهَا؟! وهَذَا مَا أَيْقَنَ بِهِ أَصْحَابُ مُوسَى، كَمَا قَالَ-تَعَالَى-حَاكيًا عَنْهُمْ: [فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ]،وَلَكِنَّ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-أيقنَ بِالاِنْتِصَارِ، وَرَفَضَ الاِنْهِزِامَ؛ لَقَدْ نظر إلى المعركة بمنظارٍ آخَرَ؛ منظارِ المتوكلِ على الله-سبحانه-، الواثقِ بنصرِ الله-عز وجل-: [قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ]،فمَا خَذَلَهُ اللهُ، فأَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ البَحْرَ؛ فَضَرَبَهُ، فَانْفَتَحَ طُرُقًا يَابِسَةً، فَسَارَ مُوسَى وقَومُهُ، لا يَخَافُ ولا يخشى أن يلحقه ويدركه فرعون وقومه، وَدَخَلَ فِرعونُ وجُنُودُهُ خلفهم بكبرهم وخيلائهم، يظنون أنَّ الطُرَقَ الَّتِي اِنفَتَحَتْ فِي الْبَحْرٍ لِلْجَمِيعِ، يَمْكُرُونَ فَمَكَرَ اللهُ بِهِمْ، فَلَمَّا تَكَامَلَ قومُ مُوسَى خَارِجَينَ مِنَ البَحْرِ، وتَكَامَلَ قومُ فِرعونُ دَاخِلينَ فِيهِ، أَمَرَ اللهُ-سبحانه-البحرَ فانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، وأَغْرَقَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَاِنْتَصَرَ الحقُّ عَلَى البَاطِلِ، وَأَعَزَّ اللهُ جُنْدَهُ، وصَدَقَ وَعْدَهُ، حيثُ قَالَ لَهُمْ: [قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ]، وتَحَقَّقَتْ إِرَادَةُ اللهِ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا بِقَولِهِ-سبحانه-: [وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ]، لَقَدْ حَصَلَ هَذَا الْحَدَثُ الْعَظِيمُ فِي اليومِ العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ، فهُوَ يومٌ عظيم، صَامَهُ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-،شُكْرًا للهِ، على نَصْرِهِ؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-أَنَّ رَسُولَ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟" فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: "فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ"، وحث-صلى الله عليه وآله وسلم-على صِيَامِهِ، وبَيَّنَ فَضْلِهُ، فَقَالَ: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ"، وقَدْ عَزَمَ النَّبِيُّ-صلى الله عليه وآله وسلم-عَلَى أَلا يَصُومَهُ مُفْرَدًا؛ بَلْ يَضُمُ إِلَيهِ يَومًا آخَرَ، مُخَالَفَةً لأَهْلِ الكِتَابِ فِي صِيَامِهِ؛ فعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ-رَضِيَ اللهُ عنهُمَا-قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ-إِنْ شَاءَ اللهُ-صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ"، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا"، والأَجْرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الصِّيامِ، هُوَ صَومُ اليومِ العَاشِرِ، فَمَنْ صَامَهُ كَفَّرَ اللهُ عَنْهُ خَطَايَا سَنَةٍ ماضية كَامِلَةٍ، ومَنْ صَامَ مَعَهُ يَومًا قَبْلَهُ أَو بَعْدَهُ؛ نَالَ مَعَ أَجْرِ التَّكْفِيرِ أَجْرَ مخَالَفَةِ اليهود، فَلْيُصَمْ يَوْمَ التَّاسِعِ، معَ صِيامِ اليومِ العاشِرِ، وإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَصِيَامُ يومِ العَاشِرِ وَحْدَهُ، يحصلُ بِهِ الأَجْرُ بِإِذْنِ اللهِ.
فيا إخواني: لَقَدْ أَحْدَثَ الناس بِسَبَبِ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ-رضي الله عنه-وصلى الله وسلم عليه وعلى جده وآله-بدعتين فِي عَاشُورَاءَ:
البِدْعَةُ الأُولَى: يَفعلها الشِّيعَةُ، وَخَاصَّةً الرَّافِضَةَ-هدانا الله وإياهم إلى الحق-؛ حيثُ أَخْرَجُوا عَاشُورَاءَ عَنْ شُكْرِ اللهِ لنجاةِ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-وجعلُوهُ مُتَعَلِّقًا بِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بنِ علِيٍّ-رَضِيَ اللهُ عنهُمَا-فجعَلُوهُ بَدَلَ الصِّيَامِ، وَالشُّكْرِ مُتَعَلِّقًا بِالْحُزْنِ، والنُّوَاحِ، واللَّطْمِ، والصُّرَاخِ، والبُكَاءِ، وجَرْحِ الأَجْسَادِ، وإِسَالَةِ دِمَاءِ الصِّغَارِ والْكِبَارِ بِضَرْبِ أَجْسَادِهِمْ، وجَرْحِهَا بِالسَّكَاكِينِ والسيوف، وإِظْهَارِ الْجَزَعِ وَإِنْشَادِ الْمَرَاثِي، وقِرَاءَةِ أَخبَارٍ كاذبة مُثِيرَةٍ لِلْعَوَاطِفِ، مُهِيِّجَةٍ لِلْفِتَنِ، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، ومِنْ أَفْحَش الذُّنُوب وأَكْبَرِالْمُحَرَّمَاتِ؛ حَيْثُ حَرَّمَ اللهُ النِّيَاحَةَ عَلَى الْمَيِّتِ، وَلَطْمَ الخدودِ، وشق الجيوب، قَالَ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ"، وعن أبي بُرْدَةَ اِبْنِ أَبِي مُوسَى-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-قَالَ: وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا شَدِيدًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَصَاحَتِ اِمْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَة وَالشَّاقَّةِ"، فَكَيْفَ بِالنِيَاحَةِ عَلَى الحسين-رضي الله عنه-الذي مَاتَ مُنْذُ قَرْنٍ وَنِصْفٍ؟! وَحَطَّ رِحَالَهُ فِي الْجَنَّةِ؛ فهوَ سيِّدُ شَبابِها؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ"، بَلْ وَجَعَلَ الرَّافِضَةُ هَذَا الْيَوْمَ الْعَظِيمَ مَنَ الأَيَّامِ الَّتِي يُكْثِرُونَ فِيهَا مِنْ لَعْنِ وَسَبِّ الصَّحَابّةِ-رُضْوَانُ اللِه علِيهِمْ-وقد حذر الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-من ذلك: "لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلا نَصِيفَهُ".
الْبِدْعَةُ الثَّانية: مِنْ بَعْضِ جُهَّالِ أَهْلِ السُّنَّةِ، حَيْثُ جَعَلُوهُ يَوْمَ سُرُورٍ وفَرَحٍ، وجَعَلُوا هَذَا الْيَوْمَ عِيدًا، بِحُجَّةِ أَنَّ اللهَ أَنْجَى فِيهِ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-وَوَضَعُوا الأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا حَثٌ عَلَى الاِكْتِحَالِ، وَالاِخْتِضَابِ، وَالاِغْتِسَالِ، وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الأَهْلِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الأَحَادِيثِ الْمُوْضُوعَةِ المكذوبة فِي فَضْلِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَأَحْدَثَ الشيعة الْحُزْنَ، وأَحْدَثَ جهال السنة الفرح، وكُلُّ هَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ؛ فَعَاشُورَاءُ لَيْسَ فِيهِ إِلا الصِيَامُ شُكْرًا للهِ، لا فَرَح، وَلا حُزْن.
[/align]
فيا أيها الإخوة، أَوَّلُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ، شهرُ اللهِ المُحَرَّمُ، ويُسَنُّ صيامُ أكثرِ أيَّامِهِ، وصيامُهُ أَفْضَلُ الصِّيامِ بَعْدَ صِيامِ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لقولِهِ النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ"، وأفضلُ أيَّامِهِ صِيَامًا، صِيَامُ يومِ عاشورَاءَ، شُكرًا للهِ-سبحانه وتعالى-، عَلَى نَجَاةِ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-مِنْ أَكْبَرِ طَاغِيَةٍ عَرَفَهُ التَّارِيخُ، حيثُ ذَكَرَ اللهُ-عز وجل-فِي كِتَابِهِ تِلْكَ القصةَ، الَّتِي تُبَيِّنُ كيفَ اِنتَصَرَ الحقُّ عَلَى البَاطِلِ، لتحيي فِي قُلُوبِ المؤمنينَ الثَّبَاتَ؛ فقوةُ البَاطِلِ لا تُقَاوِمُ الحقَّ مهمَا بلَغَتْ؛ فهي مبنيةٌ على أَسَاسٍ فَاسِدٍ، لقدْ كانَ فرعونُ ،يَسْتَضْعِفُ بنِي إِسرائِيلَ، ويُقتِّلُ أبناءَهُم، ويَسْتَحْيِيِ نساءَهُمْ، ولكنَّ مشيئةَ اللهِ نافذةٌ، وقدرتَهُ قاهرةٌ، فشاءَ اللهُ لمُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-،أَنْ ينجُوَ مِنْ القَتْلِ، عكسَ مواليدِ بنِي إسرائيلَ في تلكَ السَّنةِ، وأنْ يَتَرَبَّى فِي بيتِ فِرْعَونَ، تحرسُهُ عنايةُ اللهِ، حتَّى كَبُرَ، وبَلَغَ أَشُدَّهُ، وبَعَثَهُ اللهُ برسالتِهِ إِلَى فِرْعَونَ، وآتاهُ من الآياتِ مَا يدلُ عَلَى صِدْقِهِ، ولكنَّ فِرْعَونَ كَمَا قالَ-تَعَالَى-: [فَكَذَّبَ وَعَصَى*ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى *فَحَشَرَ فَنَادَى*فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى]، ولمَّا غَلَبَهُ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-بالحُجَجِ، والبيِّنَاتِ، وكَشَفَهُ لقومِهِ؛ اِدَّعَى هَذَا الطَّاغِيَةُ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-سِحْرٌ، وأنَّ عِنْدَهُ مِنَ السِّحْرِ والسَّحَرَةِ مَا يَنْتَصِرُ بِهِ عَلَى مَوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-،فَجَمَعَ سَحَرَتَهُ مِنْ جَمِيعِ مَمْلَكَتِهِ: [فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ*وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ*لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ]، فَعَرضُوا مَا عِنْدَهُمْ مِنَ السِّحْرِ، وعَرَضَ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-مَا عِنْدَهُ مِنَ الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، فانتَصَرَ عَليهِم بِالْحَقِّ، قالَ-تَعَالى-: [فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ*وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ*قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ*رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ]، فلَجَأَ فِرْعَونُ إِلَى القوةِ والبطشِ، وهدَّدَ وتوعَّدَ، وقَتَلَ السَّحَرَةَ-رحمهم الله تعالى-الذِينَ آمَنُوا باللهِ-سبحانه-فَأَوحَى اللهُ إِلَى مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-أنْ يَخرُجَ بالمؤمنِينَ، فِرارًا مِنْ هَذَا الطَّاغِيَةِ العنِيدِ، فانتَهَى مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ مِنَ المُؤمِنِينَ إِلَى البَحْرِ، فاستَنْفَرَ فِرعونُ جُنُودَهُ وقَوْمَهُ، وخَرَجَ فِي إِثْرِهِمْ بِقُوَّتِهِ وعَتَادِهِ، يُريدُ قَتْلَهُمْ وإِبَادَتَهُمْ كلَهم، وسَارَ فِي طَلَبِهِمْ، وَلَحِقَ بِهِمْ فِرعونُ وجُنُودُهُ، وهُنَاكَ تَزَايَدَ خَوفُ المُؤمِنِينَ؛ البَحْرُ أَمَامَهُمْ، والعَدُو مِنْ خَلْفِهِم، وبمقاييس الْبَشَرِ المعركةُ مَحْسُومةٌ؛ فيَسْتَحِيلُ أَنْ يَنْتَصِرَ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-وأَصْحَابُه على أَعْتَى قُوَّةٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ جَمْعًا وَعَتَادًا في ذلك الزمن، وَهُمْ ضُعَفَاءُ مُسْتَضْعَفُونَ، لا قُوَّةَ مَعَهُمْ وَلا عَتَادَ، فكيف لِقَوْمٍ عُزَّلٍ أَنْ يُوَاجِهُوا أَقْوَى قوةٍ عَسْكَرِيَّةٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ؛ فَضْلا عَلَى أَنْ يَنْتَصِرُوا عَلَيْهَا؟! وهَذَا مَا أَيْقَنَ بِهِ أَصْحَابُ مُوسَى، كَمَا قَالَ-تَعَالَى-حَاكيًا عَنْهُمْ: [فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ]،وَلَكِنَّ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-أيقنَ بِالاِنْتِصَارِ، وَرَفَضَ الاِنْهِزِامَ؛ لَقَدْ نظر إلى المعركة بمنظارٍ آخَرَ؛ منظارِ المتوكلِ على الله-سبحانه-، الواثقِ بنصرِ الله-عز وجل-: [قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ]،فمَا خَذَلَهُ اللهُ، فأَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ البَحْرَ؛ فَضَرَبَهُ، فَانْفَتَحَ طُرُقًا يَابِسَةً، فَسَارَ مُوسَى وقَومُهُ، لا يَخَافُ ولا يخشى أن يلحقه ويدركه فرعون وقومه، وَدَخَلَ فِرعونُ وجُنُودُهُ خلفهم بكبرهم وخيلائهم، يظنون أنَّ الطُرَقَ الَّتِي اِنفَتَحَتْ فِي الْبَحْرٍ لِلْجَمِيعِ، يَمْكُرُونَ فَمَكَرَ اللهُ بِهِمْ، فَلَمَّا تَكَامَلَ قومُ مُوسَى خَارِجَينَ مِنَ البَحْرِ، وتَكَامَلَ قومُ فِرعونُ دَاخِلينَ فِيهِ، أَمَرَ اللهُ-سبحانه-البحرَ فانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، وأَغْرَقَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَاِنْتَصَرَ الحقُّ عَلَى البَاطِلِ، وَأَعَزَّ اللهُ جُنْدَهُ، وصَدَقَ وَعْدَهُ، حيثُ قَالَ لَهُمْ: [قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ]، وتَحَقَّقَتْ إِرَادَةُ اللهِ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا بِقَولِهِ-سبحانه-: [وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ]، لَقَدْ حَصَلَ هَذَا الْحَدَثُ الْعَظِيمُ فِي اليومِ العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ، فهُوَ يومٌ عظيم، صَامَهُ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-،شُكْرًا للهِ، على نَصْرِهِ؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-أَنَّ رَسُولَ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟" فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: "فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ"، وحث-صلى الله عليه وآله وسلم-على صِيَامِهِ، وبَيَّنَ فَضْلِهُ، فَقَالَ: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ"، وقَدْ عَزَمَ النَّبِيُّ-صلى الله عليه وآله وسلم-عَلَى أَلا يَصُومَهُ مُفْرَدًا؛ بَلْ يَضُمُ إِلَيهِ يَومًا آخَرَ، مُخَالَفَةً لأَهْلِ الكِتَابِ فِي صِيَامِهِ؛ فعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ-رَضِيَ اللهُ عنهُمَا-قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ-إِنْ شَاءَ اللهُ-صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ"، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا"، والأَجْرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الصِّيامِ، هُوَ صَومُ اليومِ العَاشِرِ، فَمَنْ صَامَهُ كَفَّرَ اللهُ عَنْهُ خَطَايَا سَنَةٍ ماضية كَامِلَةٍ، ومَنْ صَامَ مَعَهُ يَومًا قَبْلَهُ أَو بَعْدَهُ؛ نَالَ مَعَ أَجْرِ التَّكْفِيرِ أَجْرَ مخَالَفَةِ اليهود، فَلْيُصَمْ يَوْمَ التَّاسِعِ، معَ صِيامِ اليومِ العاشِرِ، وإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَصِيَامُ يومِ العَاشِرِ وَحْدَهُ، يحصلُ بِهِ الأَجْرُ بِإِذْنِ اللهِ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
البِدْعَةُ الأُولَى: يَفعلها الشِّيعَةُ، وَخَاصَّةً الرَّافِضَةَ-هدانا الله وإياهم إلى الحق-؛ حيثُ أَخْرَجُوا عَاشُورَاءَ عَنْ شُكْرِ اللهِ لنجاةِ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-وجعلُوهُ مُتَعَلِّقًا بِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بنِ علِيٍّ-رَضِيَ اللهُ عنهُمَا-فجعَلُوهُ بَدَلَ الصِّيَامِ، وَالشُّكْرِ مُتَعَلِّقًا بِالْحُزْنِ، والنُّوَاحِ، واللَّطْمِ، والصُّرَاخِ، والبُكَاءِ، وجَرْحِ الأَجْسَادِ، وإِسَالَةِ دِمَاءِ الصِّغَارِ والْكِبَارِ بِضَرْبِ أَجْسَادِهِمْ، وجَرْحِهَا بِالسَّكَاكِينِ والسيوف، وإِظْهَارِ الْجَزَعِ وَإِنْشَادِ الْمَرَاثِي، وقِرَاءَةِ أَخبَارٍ كاذبة مُثِيرَةٍ لِلْعَوَاطِفِ، مُهِيِّجَةٍ لِلْفِتَنِ، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، ومِنْ أَفْحَش الذُّنُوب وأَكْبَرِالْمُحَرَّمَاتِ؛ حَيْثُ حَرَّمَ اللهُ النِّيَاحَةَ عَلَى الْمَيِّتِ، وَلَطْمَ الخدودِ، وشق الجيوب، قَالَ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ"، وعن أبي بُرْدَةَ اِبْنِ أَبِي مُوسَى-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-قَالَ: وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا شَدِيدًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَصَاحَتِ اِمْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَة وَالشَّاقَّةِ"، فَكَيْفَ بِالنِيَاحَةِ عَلَى الحسين-رضي الله عنه-الذي مَاتَ مُنْذُ قَرْنٍ وَنِصْفٍ؟! وَحَطَّ رِحَالَهُ فِي الْجَنَّةِ؛ فهوَ سيِّدُ شَبابِها؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وآله وسلم-: "الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ"، بَلْ وَجَعَلَ الرَّافِضَةُ هَذَا الْيَوْمَ الْعَظِيمَ مَنَ الأَيَّامِ الَّتِي يُكْثِرُونَ فِيهَا مِنْ لَعْنِ وَسَبِّ الصَّحَابّةِ-رُضْوَانُ اللِه علِيهِمْ-وقد حذر الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-من ذلك: "لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلا نَصِيفَهُ".
الْبِدْعَةُ الثَّانية: مِنْ بَعْضِ جُهَّالِ أَهْلِ السُّنَّةِ، حَيْثُ جَعَلُوهُ يَوْمَ سُرُورٍ وفَرَحٍ، وجَعَلُوا هَذَا الْيَوْمَ عِيدًا، بِحُجَّةِ أَنَّ اللهَ أَنْجَى فِيهِ مُوسَى-عليه ونبينا الصلاة والسلام-وَوَضَعُوا الأَحَادِيثَ الَّتِي فِيهَا حَثٌ عَلَى الاِكْتِحَالِ، وَالاِخْتِضَابِ، وَالاِغْتِسَالِ، وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الأَهْلِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الأَحَادِيثِ الْمُوْضُوعَةِ المكذوبة فِي فَضْلِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَأَحْدَثَ الشيعة الْحُزْنَ، وأَحْدَثَ جهال السنة الفرح، وكُلُّ هَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ؛ فَعَاشُورَاءُ لَيْسَ فِيهِ إِلا الصِيَامُ شُكْرًا للهِ، لا فَرَح، وَلا حُزْن.
[/align]
المرفقات
قصة موسى عليه الصلاة والسلام وفضل يوم عاشوراء-7-1-1436هـ-صالح العصيمي-الملتقى-بتصرف.doc
قصة موسى عليه الصلاة والسلام وفضل يوم عاشوراء-7-1-1436هـ-صالح العصيمي-الملتقى-بتصرف.doc