قصة موسى عليه السلام مع فرعون وفضل يوم عاشوراء.

أبو شهد
1436/01/06 - 2014/10/30 16:26PM
الحمد لله الرحيم الودود ، سبحانه من خالق عظيم ، وبخلقه رؤوف رحيم ، وأشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 0
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ، فَإِنَّ الْعِبَادَةَ للهِ رَبِّكُمْ، وَإِنَّ حَاجَتَكُمْ إِلَيْهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِكُمْ وَأَزْمَانِكُمْ،وَمَنْ عَرَفَ اللهَ تَعَالَى فِي الرَّخَاءِ عَرَفَهُ اللهُ تَعَالَى فِي الشِّدَّةِ .، وَلَا مَفَرَّ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ {فَفِرُّواإِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} أما بعد:
أيها المسلمون: إن كتاب ربنا -عز وجل- مملوء بالعظات والمواعظ، مملوء بآيات التفكر والتدبر؛ وإن من أعظم ما يستلهم منه المسلم العبرة والعظة ما قصّه الله -عز وجل- في الذكر الحكيم من قصص الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم الذين أرسلوا إليهم، هذه القصص التي تمثل نماذج من الصراع بين الحق والباطل منذ أن خلق الله الخليقة، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
عباد الله، ومن هذه القصص العظيمة قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون مصر في عهده، والتي تكرر ذكرها في القرآن فيما يقارب ثلاثين موضعًا، وهي أكثر القَصص القرآني تكرارًا؛ وذلك لمشابهتها لما كان يعانيه الرسول من صناديد قريش وفراعين هذه الأمة, ولما فيها من التسلية له وللمؤمنين حينما يشتد عليهم أذى الكفار والمنافقين،. وتحكي الصراع الذي نشاهد أمثلة منه في واقعنا على أرض فلسطين وعلى أرض الشام وعلى أرض بورما واليمن وعلى كل أرضٍ ينادي فيها أهلها بتطبيق دين الله وتطبيق شرعه، ويعارضهم في ذلك المفسدون والطغاة والظالمون.
وتبدأ قصة موسى مع فرعون منذ أن كان موسى حملاً في بطن أمه، فقد قيل لفرعون: إن مولودًا من بني إسرائيل سيولد، وسيكون على يديه هلاكك وزوال ملكك. وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، وعندما أخبِر فرعون أن زوال ملكه سيكون على يد غلام من بني إسرائيل، أصدر أوامره بقتل أبنائهم واستحياء نسائهم، حذرًا من وجود هذا الغلام، ولن يغني حذر من قدر، وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ واحترز فرعون كل الاحتراز أن لا يوجد هذا الغلام، حتى جعل رجالاً وقابلات يدورون على النساء الحوامل، ويعلمون ميقات وضعهن، فلا تلد امرأة ذكرًا إلا ذبحه من ساعته.
وكان هارون عليه السلام قد ولد قبل بدء هذه المحنة، فأنجاه الله من كيد فرعون، وأما موسى عليه السلام فإنه لما حملت به أمه حرصت على إخفاء حملها خوفًا عليه من القتل، وكان خوفها عليه يزداد مع مرور الأيام وقرب وقت المخاض، ولما وضعته ذكرًا ضاقت به ذرعًا، وضاقت عليها الأرض بما رحبت، وركبها من الهمّ والخوف ما لا يعلمه إلا الله، وكان خوفها عليه أضعاف أضعاف فرحها بقدومه، ولكن الله جل وعلا ألهمها بما يثبّت به فؤادها، كما قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
فاستجابت أم موسى لهذا الإلهام، وصنعت لابنها صندوقًا وألقته في نهر النيل، حيث كانت دارها مجاورة له، ألقته في النهر وكأنما ألقت معه عقلها وقلبها، فأصبح صدرها خاليًا من الطّمأنينة، خاليًا من الرّاحة والاستقرار، ولولا أنّ الله ربط على قلبها بالإيمان وشدّ عزمها باليقين، لكشفت السر وأفسدت التدبير، وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
ويمضي الموج بالوليد الضعيف داخل الصندوق، يحفه الله بعنايته، حتى بلغ قصر فرعون، فالتقطه آل فرعون، ولما فتحوا التابوت وجدوا فيه ذلك الغلام الضعيف، ولكن رب الأرباب ومالك القلوب والألباب يلقي في قلب آسية زوجة فرعون فيضًا من الرحمة والرأفة والحنان على هذا الطفل الرضيع، وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَوكانت آسيا عاقرًا لا تلد، وقوله تعالى: وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أي: كدناهم هذا الكيد وجعلناهم يلتقطون موسى ليكون لهم عدوًا وحزنا وهم لا يشعرون.
وقد أنالها الله ما رجت منه من النفع والخير, فهداها الله بسببه، وجعلها من أهل جواره وجنته، ولكن هذا الطفل المحفوف بعناية الله يفاجئهم بأنه لا يقبل ثدي امرأة ليرضع، فحاروا في أمره، واجتهدوا في تغذيته بكل ممكن، وهو لا يزيدهم إلا عنتًا وحيرة ورفضًا واستعصاءً، وبينما هم كذلك إذا بأخته تقبل عليهم، وكانت أمها قد أمرتها بأن تتابع أخاها وهو في الصندوق، وأن تقفو أثره، لتعلم مستقره وتستطلع خبره، وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَوَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ
ففرحوا بذلك فرحًا شديدًا، وذهبوا معها إلى منزلهم، فلما رأته أمه ما كادت تصدق عينيها، فأخذته وضمته إلى صدرها وألقمته ثديها، فأخذ يرضع بنَهَم شديد، وهم في غاية الدهشة والسرور. وهكذا يأبى الله عز وجل إلا أن يحمل آل فرعون هذا الوليد إلى أمه التي خافت عليه منهم، ثم يعطوها مع ذلك أجرة إرضاعها له، ويتعهدوا وليدها بالتربية والرعاية، قال الله تعالى: فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ
وما زالت الأيام تمضي والأعوام تترى، وكبر موسى وبلغ أشده، وآتاه الله حكمًا وعلمًا، فصار يأمر وينهى، ويقول فيسمع، قال الله تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
وبعد فتره وقع في محنة عظيمة، حيث قتل رجلاً من قوم فرعون ما كان يريد قتله، وتخوف من الطلب، ففر هاربًا إلى أرض مدين، ولبث فيهم عشر سنين، تزوج في أثنائها، ثم عاد إلى أرض مصر مع أهله، وفي الطريق إليها أكرمه الله برسالته، وأوحى إليه بوحيه، وكلمه من غير واسطة ولا ترجمان، وأرسله إلى فرعون بالآيات القاطعات والسلطان المبين، ولكن فرعون عاند وكابر، فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى
وادعى أن ما جاء به موسى سحر، وأن عنده من السحر ما يبطله، وجمع السحرة من جميع أنحاء مملكته، فألقوا ما عندهم من السحر، فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ[يونس:81]، فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ[الشعراء:4]، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ولما انقطعت حجة فرعون وخاب كيده، وانكشف باطله وزيفه لجأ إلى القوة والبطش والتعذيب والتنكيل والملاحقة والتشريد وإرهاب الناس بالنار والحديد. إنه منطق الطغيان ، كلما أعوزته الحجة وخذله البرهان خاف أن يظهر الحق ويتمكن أهله ورواده.
ثم أرسل الله عز وجل على فرعون وقومه آيات عجيبة وعقوبات متنوعة، من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ولكنها ـ والعياذ بالله ـ لم تزدهم إلا عنادًا واستكبارًا وظلمًا وعدوانًا، يقول الله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ولما تمادى فرعون في طغيانه وإيذائه لموسى ومن معه أوحى الله إلى موسى أن يخرج بالمسلمين من أرض مصر ليلاً، فخرجوا قاصدين بلاد الشام، فلما علم فرعون بخروجهم جمع جيشه وجند جنوده من شتى أنحاء مملكته ليلحقهم ويمحقهم في زعمه،فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ
فخرج فرعون وجنوده في أثرهم، حتى أدركهم عند البحر الأحمر،فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون فالبحر أمامهم، والعدو خلفهم، فأجابهم موسى بلسان المؤمن الواثق بأن الله معه ولن يضيعه، وقال لهم بكل ثقة وثبات: كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر، فضربه وهو يتلاطم بأمواجه، فانفلق ـ بإذن الله ـ اثني عشر طريقًا يابسًا، وصار هذا الماء السائل وتلك الأمواج العاتيات كأطواد الجبال الراسيات، فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين، ودخل فرعون وجنوده في أثرهم لاهثين ، فلما جاوزه موسى وقومه وتكاملوا خارجين وتكامل فرعون وقومه داخلين أطبقه الله عليهم وأغرقهم أجمعين، وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى وهذا هو مصير أعداء الله في كل حين، وتلك هي عاقبة المكذبين الضالين، وما ربك بظلام للعبيد، يقول الله تعالى: فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه؛ وأشهد ألا إله إلا الله وحدهلا شريك له تعظيماً لشأنه؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آلهوصحبه وسلم تسليماً كثيرا . أما بعد
ويستفاد من هذه القصة أن العاقبة للمتقين والنصر حليفهم متى ما تمسكوا بدينهم، واستنزلوا النصر من ربهم، وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
ويستفاد منها كذلك أن الباطل مهما انتفخ وانتفش وتجبر وتغطرس وظن أنه لا يمكن لأحد أن ينازعه أو يرد كيده وباطله أو يهزم جنده وجحافله فإن مصيره إلى الهلاك وعاقبته هي الذلة والهوان، فهذا فرعون الطاغية بلغ به التكبر والغرور أن يدعي الألوهية، وأن يعلن للناس بكل جرأة وصفاقة: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي وأن يقول بملء فيه من غير حياء: أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى ثم يفتخر بقوته وسلطانه فيقول:يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ثم يحتقر موسى عليه السلام وهو النبي الصالح والداعية الناصح فيقول: أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ولكنه حين حل به العذاب لم يغن عنه ملكه وسلطانه، ولا جنده وأعوانه، ولا تبجحه وادعاؤه، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى
ويستفاد منها كذلك أن الايمان بالله والتوكل عليه ضروري للمسلم في كل حال، وهما في حال الشدة عُدّة وقال موسى يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين
ويستفاد منها كذلك أن الدعاء وصدق اللجوء إلى الله يصنع أملاً من الضيق، وفيه فرج من الكروب وخلاص من فتنة الظالمين ونجاة من الكافرين.
فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين
فيا ترى متى وقع هذا الحدث العظيم وتحقق هذا النصر المبين؟! لقد كان ذلك في اليوم العاشر من هذا الشهر الكريم شهر الله المحرم، فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال: ((ما هذا اليوم الذي تصومونه؟)) قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرَّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه، فقال رسول الله : ((فنحن أحق وأولى بموسى منكم))، فصامه رسول الله وأمر بصيامه. وقد كان صيام يوم عاشوراء واجبًا قبل أن يفرض صيام رمضان، فلما فرض صيام رمضان أصبح صيام عاشوراء سنة مؤكدة.
ولا زالت الأمة تصوم هذا اليوم وتتأسى بنبيها في صيامه. وسن لنا نبينا أيضا صيام اليوم التاسع من هذا الشهر، يقول في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه عن ابن عباس: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) أي: إن عشت إلى العام المقبل لأصومن التاسع أيضا، ولكنه مات قبل أن يصومه ،
ورتب الله سبحانه على صيام عاشوراء أجرا عظيما، لا ينبغي لمسلم أن يزهد فيه أو يفرط، فقد ذكر أن صيام عاشوراء يُكفِّر السنة التي قبله، فيا له من فضل عظيم، ويا لها من بشرى طيبة، عن أبي قتادة أن رسول الله قال عن صيام يوم عاشوراء: ((إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)) أخرجه أبو داود.
يصوم الإنسان هذا اليوم مؤمنا مخلصا محتسبا، فيكفر الله عنه خطايا عامه المنصرم، ويستقبل عامه الآتي بنفس منشرحة وقلب عامر بالإيمان، فهذه نعمة يتفضل بها الله سبحانه على عباده، وهذا ميدان للتنافسِ والتسابقِ على كسبِ الحسنات، ينبغي لكل حازم أن يضرب فيه بسهم، وأن يزاحم عليه ما دام في العمر فرصة وفي الجسد قوة، فلا نضيع تلك الفرصه وأن غيري وغيرك قد حرموا تلك الفرصه ووسدوا القبور ، وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير سنة كامله والله ذو الفضل العظيم
هذا صلوا وسلموا على النبي النبي المصطفى والرسول المجتبى والحبيب المرتضى كما قال تعالى في كتابه الكريم (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ))
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته الابرار والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين ، اللهم أعز الاسلام والمسلمين وأخذل الطغاة والمفسدين وسائر أعداء الدين ، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا غيثاً هنيئاً مريئاً مجلِّلاً نافعا غير ضار اللهم لتحيي به البلاد وتسقي به العباد ، اللهم إنا نسألك في هذه الساعه المباركه أن تغيثنا بالأمطار وقلوبنا بإلايمان يارب العالمين .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المشاهدات 2169 | التعليقات 0