قصائد لكل مناسك الحج

الفريق العلمي
1435/11/20 - 2014/09/15 09:43AM
قصيدة ابن الأمير الصنعاني المشهورة
في ذكر الحج وبركاته


أيا عذبات البان من أيمـن الحمـى * رعى الله عيشا في ربـاك قطعنـاه
سرقناه من شرخ الشباب وروْقـه * فلما سرقنا الصفو منـه سُرقنـاه
وجاءت جيوش البين يقدمها القضا *فبـدد شمـلا بالحجـاز نظمـنـاه
حرام بـذي الدنيـا دوام اجتماعنـا * فكم صرمت للشمل حبـلاً وصلنـاه
فيا أين أيام تولـت علـى الحمـى * وليل مع العشـاق فيـه سهرنـاه
ونحن لجيـران المحصـب جيـرة * نوفي لهم حسـن الـوداد ونرعـاه
ونخلو بمن نهوى إذا رقـد الـورى * ويجلو علينـا مـن نحـب محيـاه
فقـرب ولا بعـد وشمـل مجمـع * وكأس وصـال بيننـا قـد أدرنـاه
فهاتيـك أيـام الحيـاة وغيـرهـا * ممات فياليت النـوى مـا شهدنـاه
فيا ما أمر البين ما أقتـل الهـوى * أما يا الهوى إن الهنا قـد سلبنـاه
فـو الله لـم يبـق الفـراق لـذاذة * فلو مـن سبيـل للفـراق فرقنـاه
فأحبابنا بالشوق بالحـب بالجـوى * لحرمة عقـد عندنـا مـا حللنـاه
لحـق هوانـا فيـكـم وودادنــا * لميثاق عهد صـادق مـا نقضنـاه
أعيـدوا لنـا أعيادنـا بربوعكـم * ووقت سرور في حماكـم قضينـاه
فما العيش إلا ما قضينا على الحمى * فداك الذي من عمرنا قـد عددنـاه
فياليت عنا أغمض البيـن طرفـه * ويا ليـت وقتـا للفـراق فقدنـاه
وترجع أيام المحصـب مـن منـى * ويبـدو ثـراه للعيـون حصـبـاه
وتسرح فيه العيـس بيـن ثمامـة * وتستنشق الأوراح نشـر خزامـاه
ونشكو إلى أحبابنـا طـول شوقنـا * إليهـم ومـاذا بالفـراق لقيـنـاه
فلا كانـت الدنيـا إذا لـم يعاينـوا * هم القصد في أولى المشوق وأخراه
عليكم سلام الله يا ساكني الحمـى * بكم طاب رياه بكـم طـاب سكنـاه
وربكـم لـولاكـم مــا نــوده * ولا القلب من شـوق إليـه أذبنـاه
أسكان وادي المنحنـى زاد وجدنـا * بمغنى حماكم ذاك مغنـى شغفنـاه
نحنّ إلـى تلـك الربـوع تشوقـاً * ففيها لنـا عهـد وعقـد عقدنـاه
ورب يرانا مـا سلونـا ربوعكـم * وما كان من ربع سـواه سلونـاه
فيا هل إلى ربع الأعاريـب عـودة * فـذاك وحـق الله ربـع حببـنـاه
قضينا مع الأحبـاب فيـه مآربـا * إلى الحشر لا تنسى سقى الله مرعاه
فشدوا مطايانا إلـى الربـع ثانيـا* فإن الهوى عن ربعكم مـا ثنينـاه

ذكر البيت والطواف

ففـي ربعهـم لله بيـت مـبـارك * إليه قلوب الخلـق تهـوى وتهـواه
يطوف بـه الجانـي فيغفـر ذنبـه * ويسقـط عنـه جرمـه وخطايـاه
فكـم لـذة كـم فرحـة لطـوافـه * فلله مـا أحلـى الطـواف وأهنـاه
نطوف كأنا فـي الجنـان نطوفهـا * ولا هـم لا غـم فــذاك نفيـنـاه
فواشوقنـا نحـو الطـواف وطيبـه * فذلـك شـوق لا يعـبـر معـنـاه
فمن لم يذقه لـم يـذق قـط لـذة * فذقه تذق يا صاح مـا قـد أذقنـاه
فوالله ما ننسـى الحمـى فقلوبنـا * هناك تركناهـا فيـا كيـف ننسـاه
ترى رجعـة هـل عـودة لطوافنـا * وذاك الحمى قبـل المنيـة نغشـاه
ووالله ما ننسـى زمـان مسيرنـا * إليه وكل الركـب قـد لـذ مسـراه
وقـد نسيـت أولادنـا ونسـاؤنـا * وأموالنـا فالقلـب عنهـم شغلنـاه
تراءت لنا أعلام وصل على اللـوى * فمن أجلها فالقلـب عنهـم لوينـاه
جعلنا إله العـرش نصـب عيوننـا * ومَنْ دونه خلـف الظهـور نبذنـاه
وسرنا نشـق البيـد للبلـد الـذي * بجهـد وشـق للنفـوس بلغـنـاه
رجالاً وركبانا علـى كـل ضامـر * ومن كـل ذي فـج عميـق أتينـاه
نخوض إليه البر والبحـر والدجـى * ولا قاطـع إلا وعـنـه قطعـنـاه
ونطوي الفلا من شدة الشوق للقـا * فتمسي الفلا تحكي سجـلاً قطعنـاه
ولا صدنا عن قصدنـا فقـد أهلنـا * ولا هجـر جـار أو حبيـب ألفنـاه
وأموالـنـا مبـذولـة ونفوسـنـا * ولم نبق شيئاً منهمـا مـا بذلنـاه
عرفنا الذي نبغـي ونطلـب فضلـه * فهـان علينـا كـل شـيء بذلنـاه
فمن عرف المطلوب هانـت شدائـد * عليه ويهوى كـل مـا فيـه يلقـاه
فيا لو ترانـا كنـت تنظـر عصبـة * حيارى سكـارى نحـو مكـة وُلاه
فلله كـم ليـل قطعنـاه بالسـرى * وبـر بسيـر اليعمـلات بريـنـاه
وكم من طريق مفزع فـي مسيرنـا * سلكنـا وواد بالمخـاوف جـزنـاه
ولو قيـل إن النـار دون مزاركـم * دفعنـا إليهـا والعـذول دفعـنـاه
فمولى الموالي للزيـارة قـد دعـا * أنقعـد عنهـا والمـزور هـو الله
ترادفت الأشواق واضطـرم الحشـا * فمن ذا له صبـر وتضـرم أحشـاه
وأسرى بنا الحادي فأمعن في السرى * وولى الكرى نـوم الجفـون نفينـاه

الإحرام من الميقات

ولمـا بـدا ميقـات إحـرام حجـنـا * نزلنـا بـه والعيـس فيـه أنخـنـاه
ليغتسـل الحجـاج فيـه ويحـرمـوا * فمنـه نلـبـي ربـنـا لا حرمـنـاه
ونـادى منـاد للحجـيـج ليحـرمـوا * فلـم يبـق إلا مـن أجــاب ولـبـاه
وجـردت القمصـان والكـل أحرمـوا* ولا لبـس لا طيـب جميعـاً هجرنـاه
ولا لهو ولا صيـد ولا نقـرب النسـا * ولا رفـث لا فسـق كُـلاً رفضـنـاه
وصرنـا كأمـوات لففنـا جسومـنـا * بأكفانـنـا كــل ذلـيـل لـمــولاه
لعـل يـرى ذل العـبـاد وكسـرهـم * فيرحمـهـم رب يـرجـون رحـمـاه
ينادونـه : لبيـك لبـيـك ذا الـعـلا* وسعديك كـل الشـرك عنـك نفينـاه
فلو كنـت يـا هـذا تشاهـد حالهـم * لأبكاك ذاك الحـال فـي حـال مـرآه
وجوههـم غبـر وشعـث رءوسهـم * فــلا رأس إلا لـلإلـه كشـفـنـاه
لبسنـا دروعـاً مـن خضـوع لربنـا * وما كان من درع المعاصـي خلعنـاه
وذاك قليـل فــي كثـيـر ذنوبـنـا * فيـا طالمـا رب العـبـاد عصيـنـاه
إلـى زمـزم زمـت ركـاب مطيـنـا * ونحو الصفا عيـس الوفـود صففنـاه
نــؤم مقـامـاً للخلـيـل معظـمـاً * إليـه استبقنـا والـركـاب حثثـنـاه
ونحـن نلبـي فـي صعـود ومهبـط * كذا حالنـا فـي كـل مرقـى رقينـاه
وكـم نشـز عـال علتـه رفـودنـا * وتعلو بـه الأصـوات حيـن علونـاه
نحـج لبيـت حجـه الرسـل قبلـنـا * لنشهـد نفعـاً فـي الكتـاب وعدنـاه
دعـانـا إلـيـه الله قـبـل بنـائـه * فقلـنـا لــه لبـيـك داع أجبـنـاه
أتيـنـاك لبيـنـاك جئـنـاك ربـنـا * إلـيـك هربـنـا والأنــام تركـنـاه
ووجهـك نبفـي أنـت للقلـب قبـلـة * إذا مـا حججنـا أنـت للحـج رمنـاه
فما البيت ما الأركان ما الحجر ما الصفا * وما زمـزم أنـت الـذي قـد قصدنـاه
وأنـت منانـا أنـت غايـة سولـنـا * وأنـت الـذي دنيـا وأخـرى أردنـاه
إليـك شددنـا الرحـل نختـرق الفـلا * فكـم سُـدَّ سَـدُّ فـي سـواد خرقنـاه
كذلـك مـا زلنـا نـحـاول سيـرنـا * نهـارا وليـلاً عيسنـا مـا أرحـنـاه
إلى أن بدا إحدى المعالـم مـن منـى * وهـب نسيـم بالـوصـال نشقـنـاه
ونادى بنـا حـادي البشـارة والهنـا * فهـذا الحمـى هـذا ثـراه غشيـنـاه

رؤية البيت

وما زال وفـد الله يقصـد مكـة * إلى أن بدا البيت العتيق وركنـاه
فضجت ضيوف الله بالذكر والدعا * وكبرت الحجـاج حيـن رأينـاه
وقد كادت الأرواح تزهق فرحـة * لما نحن من عظم السرور وجدناه
تصافحنا الأملاك من كان راكبـا * وتعتنـق الماشـي إذا تتلـقـاه

طواف القدوم

فطفنـا بــه سبـعـاً رملـنـا * وأربعة مشينا كمـا قـد أمرنـاه
كذلك طـاف الهاشمـي محمـد * طواف قدوم مثل ما طاف طفنـاه
وسالت دموع من غمام جفوننـا * على ما مضى من إثم ذنب كسبناه
ونحن ضيـوف الله جئنـا لبيتـه * نريد القرى نبغي من الله حسنـاه
فنادى بنا أهلا ضيوفي تباشـروا * وقروا عيونـا فالحجيـج قبلنـاه
غدا تنظروني في جنان خلودكـم * وذاك قراكم مـع نعيـم ذخرنـاه
فأي قرى يعلـو قرانـا لضيفنـا * وأي ثواب مثـل مـا قـد أثبنـاه
وكل مسيء قـد أقلنـا عثـاره * ولا وزر إلا عنكم قـد وضعنـاه
ولا نصـب إلا وعنـدي جـزاؤه * وكـل الـذي أنفقتمـوه حسبنـاه
سأعطيكم أضعاف أضعاف مثلـه * فطيبوا نفوساً فضلنا قد فضلنـاه
فيـا مرحبـا بالقادميـن لبيتنـا * إلـى حججتـم لا لبيـت بنينـاه
علي الجزا مني المثوبة والرضى * ثوابكـم يـوم الجـزا أتــولاه
فطيبوا سروراً وافرحوا وتباشروا *وتيهوا وهيموا بابنا قـد فتحنـاه
ولا ذنب إلا قـد غفرنـاه عنكـم * وما كان من عيب عليكم سترناه
فهذا الـذي نلنـا بيـوم قدومنـا * وأول ضيـق للصـدور شرحنـاه

المبيت بمنى والمسير إلى عرفات

وبتنا بأقطار المحصب من منـى * فيا طيب ليـل بالمحصـب بتنـاه
في يومنا سرنا إلى الجبل الـذي * من البعد جئناه لما قـد وجدنـاه
فلا حـج إلا أن نكـون بأرضـه * وقوفاً وهذا في الصحيح روينـاه
إليـه ابتدرنـا قاصديـن إلهنـا * فلولاه مـا كنـا لحـج سلكنـاه
وسرنا إليـه قاصديـن وقوفنـا * عليه ومن كـل الجهـات أتينـاه
على علميـه للوقـوف جلالـة * فلا زالتا تحمى وتحـرس أرجـاه
وبينهمـا جزنـا إليـه بزحمـة * فيا طيبها ليت الزحـام رجعنـاه
ولمـا رأينـاه تعالـى عجيجنـا * نلبـي وبالتهليـل منـا ملأنـاه
وفيـه نزلنـا بكـرة بذنوبـنـا * وما كان من ثقل المعاصي حملناه


الوقوف بعرفة

وبعد زوال الشمس كـان وقوفنـا * إلى الليل نبكـي والدعـاء أطلنـاه
فكم حامـد كـم ذاكـر ومسبـح *وكم مذنب يشكـو لمـولاه بلـواه
فكم خاضـع كـم خاشـع متذلـل * وكم سائل مـدت إلـى الله كفـاه
وساوى عزيز في الوقوف ذليلنـا * وكم ثوب عز في الوقوف لبسنـاه
ورب دعانـا ناظـر لخضوعـنـا * خبير عليـم بالـذي قـد أردنـاه
ولما رأى تلك الدموع التي جرت *وطول خشوع مع خضوع خضعناه
تجلى علينـا بالمتـاب وبالرضـى * وباهى بنا الأملاك حيـن وقفنـاه
وقال انظروا شعثا وغبرا جسومهم * أجرنـا أغثنـا يـا إلهـا دعونـاه
وقد هجـروا أموالهـم وديارهـم * وأولادهم والكـل يرفـع شكـواه
إلـي فإنـي ربـهـم ومليكـهـم * لمن يشتكي المملـوك إلا لمـولاه
ألا فاشهدوا أني غفـرت ذنوبهـم *ألا فانسخوا ما كان عنهم نسخنـاه
فقد بدأت تلك المسـاوي محاسنـا *وذلك وعـد مـن لدنـا وعدنـاه
فيا صاحبي من مثلنا فـي مقامنـا * ومن ذا الذي قد نال ما نحن نلنـاه
على عرفات قـد وقفنـا بموقـف * به الذنب مغفـور وفيـه محونـاه
وقد أقبل البـاري علينـا بوجهـه * وقال ابشروا فالعفو فيكم نشرنـاه
وعنكم ضمنا كـل تابعـة جـرت * عليكـم وأمـا حقـنـا فوهبـنـاه
أقلناكم من كـل مـا قـد جنيتـم *وما كان من عذر لدينـا عذرنـاه
فيا من أسا يا من عصى لو رأيتنـا * وأوزارنـا ترمـى ويرحمنـا الله

ذكر خزي إبليس اللعين

فإبليس مغموم لكثرة ما يرى * من العتق محقوراً ذليلاً دحرناه
على رأسه يحثو التراب مناديا * بأعوانه : ويلاه ذا اليوم ويلاه
وأظهر من حسـرة وندامـة * وكل بناء قـد بنـاه هدمنـاه
تركناه يبكي بعدما كان ضاحكاً * فكم مذنب من كفه قد سللنـاه
وكم أمل نلناه يـوم وقوفنـا * وكم من أسير للمعاصي فككناه
وكم قد رفعنا للإلـه مطالبـا * ولا أحد ممن نحـب نسينـاه
وخصصت الآباء والأهل بالدعا * وكم صاحب دان وناء ذكرنـاه
كذا فعل الحجاج هاتيك عـادة *وما فعل الحجاج فيه فعلنـاه
وظل إلى وقت الغروب وقوفنا * وقيل ادفعوا فالكل منكم قبلناه

الإفاضة والمبيت بمزدلفة وذكر الله عند المشعر

أفيضوا وأنتم حامدون إلهكـم * إلى مشعر جاء الكتاب بذكراه
وسيروا إليه واذكروا الله عنده * فسرنا وفي وقت العشاء نزلناه
وفيه جمعنا مغرباً وعشاءهـا * ترى عائداً جمعاً لجمع جمعناه
وبتنا به حتى لقطنـا جمارنـا * وربا شكرناه على ما هدانـاه
ومنه أفضنا حيثما الناس قبلنا * أفاضوا وغفران الإله طلبنـاه

نزول منى والرمي والحلق والنحر

ونحو منى ملنا بها كان عيدنـا * ونلنا بها ما القلب كان تمنـاه
فمن منكـم بالله عيـد عيدنـا * فعيد منـى رب البريـة أعـلاه
وفيه رمينـا للعقـاب جمارنـا * ولا جرم إلا مع جمار رمينـاه
وبالجمرة القصوى بدأنا وعندها * حلقنا وقصرنا لشعر حضرنـاه
ولما حلقنا حل لبـس مخيطنـا * فيا حلقة منها المخيط لبسنـاه
وفيها نحرنا الهدي طوعاً لربنا * وإبليس لما أن نحرنـا نحرنـاه
ومن بعدها يومان للرمي عاجلاً *ففيها رمينـا والإلـه دعونـاه
وإياه أرضينا برمـي جمارنـا *وشيطاننا المرجوم ثم رجمنـاه
وبالخيف أعطانا الإلـه أماننـا * وأذهب عنا كل ما نحن نخشـاه

النفرة من منى

وردت إلى البيت الحرام وفودنا * تحن له كالطير حـن لمـأواه
وطفنا طوافا للإفاضة حولـه * وفزنا به بعد الجمار وزرنـاه
ومن بعد ما زرنا دخلناه دخلة *كأنا دخلنا الخلد حين دخلنـاه
ونلنا أمان الله عنـد دخولـه * كذا أخبر القرآن فيما قرأنـاه
فيا منزلاً قد كان أبرك منـزل *نزلناه في الدنيا وبيتاً وطئنـاه
ترى حجةً أخرى إليه ودخلـةً * وهذا على درب الورى نتمناه
فإخواننا ما كان أحلى دخولنا * إليه ولبثـا فـي ذراه لبثنـاه

طواف الإفاضة

نطوف به والله يحصي طوافنـا * ليسقط عنا ما نسينـا وأحصـاه
وبالحجر الميمون عجنـا فإنـه * لرب السما والأرض للخلق يمناه
نقبلـه مـن حبـنـا لإلهـنـا * وكم لثمة طي الطـواف لثمنـاه
وذاك لنا يـوم القيامـة شاهـد * وفيـه لنـا لله عهـد عهدنـاه
ونستلم الركن اليمانـي طاعـة *ونستغفر المولى إذا ما لمسنـاه
وملتـزم فيـه التزمنـا لربنـا *عهوداً وعقبى الله فيه لزمنـاه
وكم موقف فيه يجاب لنا الدعـا *دعونا به والقصد فيـه نوينـاه

الصلاة بالمقام والشرب من زمزم والسعي

وصلى بأركـان المقـام حجيجنـا * وفي زمزم ماءً طهـوراً وردنـاه
وفيه الشفا فيـه بلـوغ مرادنـا *لما نحن ننويـه إذا مـا شربنـاه
وبين الصفا والمروة الوفد قد سعى * فإن تمام الحـج تكميـل مسعـاه
فسبعاً سعاها سيد الرسـل قبلنـا *ونحـن تبعنـاه فسبعـاً سعينـاه
نهرول فـي أثنائهـا كـل مـرة * فهذاك من فعل الرسـول فعلنـاه

تمام الحج والتحلل الثاني

وبعد تمـام الحـج والنسـك كلهـا * حللنا وباقـي عيسنـا قـد أنخنـاه
فمن شاء وافى الصيد والطيب والنسا * وقـد تـم حـج للإلـه حججـنـاه
ولما اعتمرنا كـان أبـرك عمرنـا * زمانـا نـراه باعتمـار عمـرنـاه

ذكر أقسام الدعاء بعد تمام النسك

ولما قضينـا للإلـه مناسكـاً * ذكرناه والمطلوب منه سألنـاه
فمن طالب حظاً بدنيا فمـا لـه * خـلاق بأخـراه إذا الله لاقـاه
ومن طالب حسنا بدنيـا لدينـه *وحسنـا بأخـراه وذاك يوفـاه
وآخر لا يبغي مـن الله حاجـة * سوى نظرة في وجهه يوم عقباه


طواف الوداع

وبات حجيج الله بالبيت محدقـاً * ورحمة رب العرش ثمت تغشاه
تداعت رفاقا بالرحيل فما تـرى * سوى دمع عين بالدماء مزجنـاه
لفرقة بيت الله والحجـر الـذي * لأجلهما صعب الأمور سلكنـاه
وودعت الحجاج بيـت إلههـا * وكلهم تجري من الحزن عينـاه
فللَّه كم باك وصاحـب حسـرة * يـود بـأن الله كـان تـوفـاه
فلو تشهد التوديع يومـاً لبيتـه * فإن فراق البيت مـر وجدنـاه
فمـا فرقـة الأولاد والله إنـه * أمر وأدهى ذاك شيء خبرنـاه
فمن لم يجرب ليس يعرف قدره * فجرب تجد تصديق ما قد ذكرناه
لقد صدعـت أكبادنـا وقلوبنـا * لما نحن من مر الفراق شربنـاه
والله لـولا أن نؤمـل عــودة ي * إليه لذقنا الموت حيـن فجعنـاه

ذكر الرحيل إلى طيبة وزيارة النبي عليه الصلاة والسلام

ومن بعد ما طفنـا طـواف وداعنـا * رحلنا لمغنى المصطفـى ومصـلاه
ووالله لـو أن الأسنـة أشـرعـت * وقامت حروب دونـه مـا تركنـاه
ولـو أننـا علـى الـروس دونـه * ومن دونه جفـن العيـون فرشنـاه
وتملـك منـا بالوصـول رقبـانـا * ويسلب منـا كـل شـيء ملكنـاه
لكـان يسيـراً فـي محبـة أحمـد * وبالروح لو يشرى الوصال شرينـاه
ورب الورى لولا محمـد لـم نكـن * لطيبـة نسعـى والركـاب شددنـاه
ولولاه ما اشتقنـا العقيـق ولا قبـا * ولولاه لـم نهـوى المدينـة لـولاه
هو القصد إن غنـت بنجـد حداتنـا * وإلا فمـا نجـد وسـلـع أردنــاه
وما مكة والخيف قل لـي ولا منـى * وما عرفـات قبـل شـرع أردنـاه
بـه شرفـت تلـك الأماكـن كلهـا * وربك قد خـص الحبيـب وأعطـاه
لمسجـده سرنـا وشـدت رحالنـا * وبيـن يديـه شوقنـا قـد كشفنـاه
قطعنـا إليـه كـل بـر ومهـمـه * ولا شاغـل إلا وعـنـا قطعـنـاه
كـذا عزمـات السائريـن لطيـبـة * رعى الله عزمـاً للحبيـب عزمنـاه
وكم جبـل جزنـا ورمـل وحاجـز * ولله كـم واد وشـعـب عبـرنـاه
ترنحنـا الأشـواق نحـو محـمـد * فنسري ولا ندري بما قـد سرينـاه
ولمـا بـدا جـزع العقيـق رأيتنـا * نشاوى سكـارى فارحيـن برؤيـاه
شممنا نسيماً جاء من نحـو طيبـة * فأهلاً وسهلاً يـا نسيمـا شممنـاه
فقـد ملئـت منّـا القلـوب مسـرة * وأي سرور مثل مـا قـد سررنـاه
فوا عجبـاه كيـف قـرّت عيوننـا * وقـد أيقنـت أن الحبيـب أتيـنـاه
ولقيـاه منـا بَعـدَ بُعـدٍ تقـاربـت * فـو الله لا لقيـا تـعـادل لقـيـاه
وصلنـا إليـه واتصلنـا بقـربـه * فلله مـا أحلـى وصـولاً وصلنـاه
وقفنـا وسلمنـا علـيـه وإنــه * ليسمعنا مـن غيـر شـك فدينـاه
ورد علينـا بالـسـلام سلامـنـا * وقد زادنا فـوق الـذي قـد بدأنـاه
كذا كان خلق المصطفـى وصفاتـه * بذك في الكتـب الصحـاح عرفنـاه
وثـم دعـونـا للأحـبـة كلـهـم * فكم من حبيب بالدعـاء خصصنـاه
وملنـا لتسليـم الإماميـن عـنـده * فإنهمـا حقـاً هـنـاك ضجيـعـاه
وكم قد مشينا في مكان بـه مشـى * وكـم مدخـل للهاشمـي دخلـنـاه
وآثـاره فيهـا العيـون تمتـعـت * وقمنـا وصلينـا بحيـث مـصـلاه
وكم قـد نشرنـا شوقتنـا لحبيبنـا * وكم من غليل في القلـوب شفينـاه
ومسجـده فيـه سجـدنـا لربـنـا * فلله مـا أعلـى سجـوداً سجدنـاه
بروضـة قمنـا فهاتـيـك جـنـة * فيا فوز من فيهـا يصلـي وبشـراه
ومنبـره الميمـون مـنـه بقـيـة * وقفنـا عليهـا والفـؤاد كـررنـاه
كذلك مثـل الجـذع حنـت قلوبنـا * إليـه كمـا ود الحبيـب وددنــاه
وزرنا قبـا حبـا لأحمـد إذ مشـى * عسى قدماً يخطـو مقامـا تخطـاه
لنبعث يـوم البعـث تحـت لوائـه * إذا الله مـن تلـك الأماكـن نـاداه
وزرنـا مـزارات البقيـع فليتـنـا * هنـاك دفنـا والممـات رزقـنـاه
وحمزة زرناه ومـن كـان حولـه * شهيـداً وأحـداً بالعيـون شهدنـاه
ولمـا بلغنـا مـن زيـارة أحمـد * منانـا حمدنـا ربـنـا وشكـرنـاه
ومن بعد هذا صاح بالبيـن صائـح * وقال ارحلوا يا ليتنـا مـا أطعنـاه
سمعنا له صوتـاً بتشتيـت شملنـا * فيا ما أمر الصوت حيـن سمعنـاه
وقمنـا نـؤم المصطفـى لوداعـه * ولا دمـع إلا لـلـوداع صببـنـاه
ولا صبر كيف الصبر عند فراقـه ؟ * وهيهات إن الصبر عنـه صرفنـاه
أيصبـر ذو عقـل لفرقـة أحـمـد * فلا والذي من قاب قوسيـن أدنـاه
فواحسرتـاه مــن وداع محـمـد * وأواه مـن يــوم التـفـرق أواه
سأبكي عليه قـدر جهـدي بناظـر * من الشوق ما ترقى من الدمع غرباه
فيا وقت توديعـي لـه مـا أمـره * ووقت اللقا والله مـا كـان أحـلاه
عسـى الله يدنينـي لأحمـد ثانيـاً * فيا حبـذا قـرب الحبيـب ومدنـاه
فيـا رب فارزقنـي لمغنـاه عـودة * تضاعف لنا فيها الثـواب وترضـاه
رحلنـا وخلفنـا لـديـه قلوبـنـا * فكم جسد مـن غيـر قلـب قلبنـاه
ولمـا تركنـا ربعـه مـن ورائنـا * فـلا نـاظـر إلا إلـيـه رددنــاه
لنغنـم منـه نظـرة بعـد نـظـرة * فلمـا أغبنـاه السـرور أغبـنـاه
فلا عيش يهنى مـع فـراق محمـد * أأفقـد محبوبـي وعيشـي أهـنـاه
دعوني أمت شوقـاً إليـه وحرقـة * وخطوا علـى قبـري بأنـي أهـواه
فيا صاحبي هذي التي بي قد جـرت * وهذا الذي في حجنـا قـد عملنـاه
فإن كنت مشتاقاً فبادر إلى الحمـى * لتنظـر آثـار الحبيـب وممـشـاه
وتحظى بيت الله مـن قبـل منعـه * كأنـا بـه عمـا قليـل منعـنـاه
أليس ترى الأشراط كيـف تتابعـت * فبادر واغنمـه كمـا قـد غنمنـاه
إلى عرفات عاجل العمـر واستبـق * فثـم إلـه الخلـق يسبـغ نعمـاه
وعيد مع الحجاج يا صاح في منـى * فعيد منـى أعـلاه عيـداً وأسنـاه
وضح بها واحلـق وسـر متوجهـاً * إلى البيت واصنع مثل ما قد صنعناه
وكـن صابـراً إنـا لقينـا مشقـة * فإن تلقها فاصبر كصبـر صبرنـاه
لقد بعـدت تلـك المعالـم والربـا * فكم من رواح مـع غـدو غدونـاه
فبـادر إليهـا لا تـكـن متوانـيـا * لعلك تحظـى بالـذي قـد حظينـاه
وحـج بمـال مـن حـلال عرفتـه * وإيـاك والمـال الـحـرام وإيــاه
فمن كـان بالمـال المحـرم حجـه * فعن حجـه والله مـا كـان أغنـاه
إذا هـو لبـى الله كـان جـوابـه * مـن الله لا لبيـك حـج رددنــاه
كذلك جانـا فـي الحديـث مسطـرا * ففي الحج أجر وافـر قـد سمعنـاه
ومن بعد حج سـر لمسجـد أحمـد * ولا تخـطـه تـنـدم إذا تتخـطـاه
فوا أسف الساري إذا ذكـر الحمـى * إذا ربـع خيـر المرسليـن تخطـاه
ووالهـف الآتـي بحـج وعـمـرة * إذا لـم يكمـل بالزيـارة ممـشـاه
يعزى على ما فاتـه مـن مـزاره * فقـد فاتـه أجـر كثيـر بـأخـراه
نظرناه حقـاً حيـن بانـت ركابنـا * على طيبـة حقـاً وصدقـاً نظرنـاه
وزادت بنـا الأشـواق عنـد دنونـا * إليهـا فمـا أحلـى دنـوا دنيـنـاه
ولمـا بـدت أعلامهـا وطلولـهـا * تحـدرت الركبـان عمـا ركبـنـاه
وسرنـا مشـاة رفعـة لمحـمـد * حثنا الخطا حتـى المصلـى دخلنـاه
لنغنـم تضعيـف الثـواب بمسجـد * صـلاة الفتـى فيـه بألـف يوفـاه
كذلـك فاغنـم فـي زيـارة طيبـة * كما قد فعلنا واغتنـم مـا غنمنـاه
فإذ ما رأيـت القبـر قبـر محمـد * فلا تـدن منـه ذاك أولـى لعليـاه
وقـف بوقـار عـنـده وسكيـنـة * ومثـل رسـول الله حيـا بمـثـواه
وسلـم عليـه والوزيريـن عنـد * هوزره كـم زرنـا لنحصـد عقبـاه
وبلغـه عنـا لا عدمـت سلامـنـا * فأنـت رسـول للرسـول بعثـنـاه
ومن كـان منـا مبلغـا لسلامنـا * فإنـا بمبـلاغ السـلام سبقـنـاه
فيـا نعمـة لله لسنـا بشكـرهـا * نقوم ولـو مـاء البحـور مددنـاه
فنحمد رب العرش إذا كـان حجنـا * بزورة مـن كـان الختـام ختمنـاه
عليك سلام الله مـا دامـت السمـا *سلام كمـا يبغـى الإلـه ويرضـاه
المرفقات

557.doc

558.doc

المشاهدات 2671 | التعليقات 0