قراءة في قواعد تنظيم عمل المرأة لعبد الرحمن بن ظافر القشيري
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
1432/03/24 - 2011/02/27 10:41AM
قراءة في قواعد تنظيم عمل المرأة
عبد الرحمن بن ظافر القشيري
إذا أردت التسوق في بعض المراكز التجارية الكبرى ( الهايبرات ) التي يرتادها الرجال والنساء على حدّ سواء – خصوصا في محافظة جدة - يلفت نظرك قيام وزارة العمل بتشغيل النساء في مهنة ( الكاشيرات ) وهذا يضطرنا في الحقيقة للرجوع إلى قواعد تنظيم عمل المرأة ، التي تستند عليها وزارة العمل في تشغيل النساء – والمنشورة على موقعها الرسمي – تحت هذا الرابط : https://mol.gov.sa/ar/Pages/WomenWorkRules.aspx?m=3 ، واستعراض ما ورد فيها من قرارات بهذا الخصوص ، فقد حددت الفقرة 2/أ من قرار مجلس القوى العاملة رقم 1/م19/1405هـ وتاريخ 1/4/1408هـ المبني على الأمر السامي رقم 111/8 وتاريخ 10/2/1408هـ الصادر بشأن تنظيم عمل المرأة أن يكون عملها طبقا للضوابط التالية .. ومنها :
4- أن تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماما عن الرجال .
5- أن تؤدي المرأة عملها في وقار وحشمة ، وأن تلبس طبقا للحجاب الشرعي .
وتلاحظ أخي القارئ من خلال الضابطين أعلاه أن الأمر السامي أوجب أن يكون المكان الذي تؤدي المرأة عملها فيه منفصلا تماما عن الرجال ، وحيث إن النظام الأساسي للحكم نص في المادة الأولى منه على أن لغة الدولة هي اللغة العربية فنحن مضطرون لتفسير كلمة ( الفصل ) في لغة العرب ، فقد ورد في لسان العرب : الفصل بون ما بين الشيئين ، والفصل الحاجز بين الشيئين . والحاجز هو الفاصل بين الشيئين .
وقد نص قرار مجلس الوزراء رقم 120 وتاريخ 12/4/1425هـ بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية على تسعة إجراءات لتوسيع فرص ومجالات عمل المرأة السعودية ومنها :
2- على جميع الجهات الحكومية التي تقدم خدمات ذات علاقة بالمرأة إنشاء وحدات وأقسام نسائية بحسب ما تقتضيه حاجة العمل فيها وطبيعته .
يفهم من هذا الإجراء أن الجهات الحكومية التي تقدم خدمات لها علاقة بالمرأة يجب أن تُنشئ هذه الجهات فيها أقساما نسائية لتتولى هذه الأقسام خدمة النساء ، بعيدا عن مزاحمة ومخالطة الرجال ، وبناء على ذلك فإذا كانت الجهات الحكومية على شدّة الانضباط الموجود فيها قد أُلزمت بفصل الرجال عن النساء ، وتقديم الخدمات اللازمة لهنّ بعيدا عن أعين الرجال ، حرصا على كرامة المرأة ، فمن باب أولى أن تلزم الشركات والمؤسسات الأهلية بذلك ابتداء .
كذلك نص قرار مجلس الوزراء رقم 187 وتاريخ 17/7/1426هـ بشأن تراخيص تشغيل النساء في أقسام وفروع المنشآت الخاصة في فقرته ( ثانيا ) على أنه إذا رغبت المنشآت المرخص لها في فتح فرع ( مستقل تعمل به نساء) فإن الأمر يتطلب الحصول على موافقة الجهة التي رخصت للمنشأة ابتداء ، وذلك وفقا للأنظمة المرعية .
وعلى ذلك فهذه الفقرة قد قررت بعبارة صريحة ( استقلالية عمل النساء بعيداً عن الرجال ) ، واشترطت على المنشأة في حال رغبتها فتح فرع مستقل تعمل فيه نساء الحصول على موافقة الجهة التي رخصت للمنشأة ابتداء شريطة أن يكون ذلك وفقا للأنظمة المرعية ، وإذا رجعنا إلى الأنظمة المرعية نجد المادة التاسعة من نظام هيئة الأمر بالمعروف قد نصت على أن : من أهم واجِبات هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..النهي عن المُنكر بما يحول دون ارتِكاب المُحرمات والممنوعات شرعاً .. وقد أوضحت اللائحة التنفيذية لنظام الهيئة أنواع هذه المحرمات ومنها الاختلاط والتبرج المحرمان شرعا .
وإذا تأملنا في القرار الوزاري رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1426هـ الذي أصدرته وزارة العمل بشأن تطبيق الإجراء الخاص بقصر العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية نجدها في الفقرة ( ثانيا ) قد اشترطت تهيئة أماكن ومحلات بيع المستلزمات النسائية ( وذلك بحجبها عن ما حولها بشكل يمنع رؤية من بداخلها من العاملات والمتسوقات أو اختلاطهن بالرجال ، وبأن يكون لتلك المحلات والأقسام أبواب خاصة يتم التحكم فيها من الداخل ).. انتهى نص الفقرة .
وبما أن قرار مجلس الوزراء رقم 187 وتاريخ 17/7/1426هـ ، بشأن تراخيص تشغيل النساء في أقسام وفروع المنشآت الخاصة ، قد نص في الفقرة ( ثالثا ) منه على : أن وزارة العمل هي الجهة صاحبة الاختصاص في تطبيق ضوابط تشغيل النساء كأجيرات لدى أصحاب العمل باعتبارها الجهة المعنية بتطبيق نظام العمل الذي تضمن في الفصل العاشر( التاسع الجديد ) منه الأحكام المنظمة لذلك ، ومنها ما يتعلق بعدم اختلاطهن بالرجال في أماكن العمل وما يتبعها من مرافق وغيرها . فإن وزارة العمل قد أوجبت في قرارها الوزاري رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1426هـ - سالف الذكر - ضرورة حجب محلات النساء عن ما حولها بشكل يمنع رؤية من بداخلها من العاملات والمتسوقات أو اختلاطهنّ بالرجال ، وبمعنى أوضح وأصرح فإن وزارة العمل قد فصلت فصلا نهائيا في تعريف الاختلاط وهو : " حجب النساء عن الرجال بما يمنع رؤيتهنّ " فإذا قال قائل إنّ هذا التعريف لا يقتضي ذلك ، فأقول : إن اختلاط الرجال بالنساء يقتضي رؤيتهنّ ، وإلا فما الداعي إذن أن تلزم وزارة العمل بحجب محلات النساء عن ما حولها بشكل يمنع رؤية من بداخله من العاملات والمتسوقات . وعليه فوزارة العمل الآن ملزمة بتطبيق قرارها سالف الذكر على الكاشيرات اللاتي يعملن في الأسواق التجارية المفتوحة ، والتي يرتادها الرجال والنساء على حدّ سواء كــ ( الهايبرات ) الكبيرة ، كونهنّ يؤدين عملهنّ أمام وبين الرجال لاسيما في أوقات ذروة التسوق ، والمواسم ، وهو ما يخالف مضمون قرارها الوزاري رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1426هـ .
ولا يفوتنا أن المادة الثالثة والأربعون بعد المائتين من نظام العمل الجديد نصت على أن يصدر الوزير القرارات واللوائح اللازمة لتنفيذ أحكام هذا النظام ، كما نص قرار مجلس الوزراء رقم 187بتاريخ 1426/7/17الصادر في هذا الخصوص والقاضي بأن وزارة العمل هي جهة الاختصاص في تطبيق ضوابط تشغيل النساء كأجيرات . ولم تتضمن المادة أو قرار مجلس الوزراء أن يتولى وزير العمل أو وزارته ، تفسير معنى ( الاختلاط ) .
بقي أن أقول إن قرار مجلس الوزراء رقم 120 وتاريخ 12/4/1425هـ بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية ، نص في فقرته ( 6 ) بأن على وزارة العمل التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية ووزارة الشؤون الاجتماعية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ أسلوب العمل عن ( بُعد ) كأحد المجالات الجديدة التي يمكن أن تعمل من خلالها المرأة ، وتنفيذ برنامج الأسر المنتجة ، وتوفير الدعم اللازم لإنجاحها .
والسؤال : ماذا قدّمت وزارة العمل في هذا المجال – أعني العمل من المنزل Working From Home ، ، والذي يعتبر مشروعا ناجحا وله ثماره التي تعود بالنفع الكبير للمرأة نفسها ومجتمعها دون الحاجة إلى مخالطة الرجال أو الخروج من منزلها ، وهذا المجال سبق تطبيقه في دول غربية وأثبت نجاحه ، ففي أمريكا كشفت دراسة نشرت في عام 1996 م ، أن ما يقارب من 46 مليون من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا - معظمهم من النساء- يعملون من منازلهم لإيجاد موازنة أفضل بين العمل والأسرة ، ويكسبون دخلا أكثر من دخل أصحاب المكاتب بحوالي 28% .
وقد ذكر الدكتور حسين شحاته ، أستاذ المحاسبة بكلية التجارة في جامعة الأزهر في إحدى دراساته الميدانية أن المرأة التي تعمل خارج بيتها تنفق من دخلها ما نسبته 40% على مظهرها والمواصلات ، أما المرأة التي تعمل في بيتها فتوفر من تكلفة الطعام والشراب مالا يقل نسبته عن 30% ، وانتهت الدراسة إلى أن المرأة التي تمكث في البيت توفر مالا يقل عن 70% من الدخل الذي يمكن أن تحصل عليه، بل يمكنها أن تحقق دخلا أكثر مما تحققه الموظفة ؛ إذ تستطيع أن تحول بيتها إلى ورشة إنتاجية فتصنع في وقت فراغها ما يحتاج إليه بيتها ومجتمعها.
وهذا المشروع مطروح في ماليزيا ، كما صرحت بذلك شهرزاد عبد الجليل ، وزيرة تنمية المرأة والأسرة بماليزيا ، ذكرت أنها بصدد اتخاذ المنزل مكتبا للمرأة .
ولهذا النظام – أعني العمل عن بعد - تأثيره على إنتاجية العمل، وليس أدل على ذلك من تحويل شركة "ثري كوم" للحاسبات 120 عاملا إلى العمل عن بعد، ووجدت أنهم يقضون 25 ساعة أسبوعيا مع العملاء، بدلا من 12-15 ساعة أو أقل قبل تطبيق هذا النظام . كذلك فإن العمل عن بعد يساعد على تكافؤ فرص العمل بين شرائح المجتمع المختلفة من حيث النوع والعمر والظروف الصحية والاجتماعية .
أشير كذلك إلى أن قرار مجلس الوزراء رقم 63 وتاريخ 11/3/1424هـ والمنشور على موقع وزارة العمل ، نص في الفرة ( 5 ) على الموافقة على إنشاء لجنة عليا دائمة متخصصة في شؤون المرأة ، تستند في آرائها إلى نساء مؤهلات في مختلف التخصصات ، وتعمل على إعداد لائحة لعمل المرأة ، تُراعي خصوصية المجتمع ..
وكلنا نعلم أن المجتمع في هذه البلاد له خصوصية تمنع تشغيل المرأة في مهنٍ تؤدي إلى اختلاطها ومزاحمتها للرجال ، والذي هو ( خطر ) على أخلاق المرأة والمجتمع ، وقد حظر نظام العمل الجديد في المادة التاسعة والأربعون بعد المائة منه " تشغيل المرأة في الأعمال الخطرة " .. ولا أظنّ أنّ هناك صاحب فطرة سليمة لا يدرك خطورة عمل المرأة بين الرجال ، فالخطورة لا تكمن في عمل المرأة في أعمال قد تسبب لها ضررا جسديا فحسب ، بل تشمل تلك الأعمال التي لها خطر على أخلاقها وأخلاق مجتمعها ، والتي أدرك الغرب خطورتها مؤخرا من خلال تراجعه عن التعليم المختلط ، كما ذكر ذلك ( بفرلي شو Beverley Shaw) في كتابه : ( الغرب يتراجع عن التعليم المختلط ) .
ولخطورة الاختلاط وعمل المرأة بين الرجال، فإن الأمر السامي رقم (11651) في 16/5/1403هـ، وغيره من الأوامر ، نص على عدم السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال، سواءً في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة والخاصة، أو الشركات أو المهن، سواءً كانت سعودية أو غير سعودية، لأن ذلك محرمٌ شرعا ويتنافى معى عادات وتقاليد هذه البلاد " .
هذه قراءة سريعة في قواعد تنظيم عمل المرأة المنشور على موقع وزارة العمل ، وكلنا أمل في معالي وزيرها المحبوب - لا سيما بعد النجاحات التي حققها أثناء شغله لمنصب أمين محافظة جدة ، والتي اجتاحت هذه النجاحات وتلك المشاريع الرائعة التي ابهرت العالم ( غربيه قبل شرقيه ) ، سيولُ الأربعاء الثامن من شهر ذي الحجة عام 1430هـ ، وكذلك سيول الأربعاء 22/صفر/1432هـ - أن تهتمّ وزارته الموقرة بتشغيل المرأة في الأعمال التي لا تتنافى مع تعاليم شرعنا الحنيف ، ولا تتعارض مع الأنظمة المرعية ، ولا تتصادم مع عادات وتقاليد وأخلاق أهل هذه البلاد ، ولتكن خير معين على حفظ الأمن الأخلاقي الذي ننعم فيه في هذه بلادنا المباركة . والله يحفظك ويرعاك
المصدر: مجموعة الحقيل البريدية
عبد الرحمن بن ظافر القشيري
إذا أردت التسوق في بعض المراكز التجارية الكبرى ( الهايبرات ) التي يرتادها الرجال والنساء على حدّ سواء – خصوصا في محافظة جدة - يلفت نظرك قيام وزارة العمل بتشغيل النساء في مهنة ( الكاشيرات ) وهذا يضطرنا في الحقيقة للرجوع إلى قواعد تنظيم عمل المرأة ، التي تستند عليها وزارة العمل في تشغيل النساء – والمنشورة على موقعها الرسمي – تحت هذا الرابط : https://mol.gov.sa/ar/Pages/WomenWorkRules.aspx?m=3 ، واستعراض ما ورد فيها من قرارات بهذا الخصوص ، فقد حددت الفقرة 2/أ من قرار مجلس القوى العاملة رقم 1/م19/1405هـ وتاريخ 1/4/1408هـ المبني على الأمر السامي رقم 111/8 وتاريخ 10/2/1408هـ الصادر بشأن تنظيم عمل المرأة أن يكون عملها طبقا للضوابط التالية .. ومنها :
4- أن تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماما عن الرجال .
5- أن تؤدي المرأة عملها في وقار وحشمة ، وأن تلبس طبقا للحجاب الشرعي .
وتلاحظ أخي القارئ من خلال الضابطين أعلاه أن الأمر السامي أوجب أن يكون المكان الذي تؤدي المرأة عملها فيه منفصلا تماما عن الرجال ، وحيث إن النظام الأساسي للحكم نص في المادة الأولى منه على أن لغة الدولة هي اللغة العربية فنحن مضطرون لتفسير كلمة ( الفصل ) في لغة العرب ، فقد ورد في لسان العرب : الفصل بون ما بين الشيئين ، والفصل الحاجز بين الشيئين . والحاجز هو الفاصل بين الشيئين .
وقد نص قرار مجلس الوزراء رقم 120 وتاريخ 12/4/1425هـ بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية على تسعة إجراءات لتوسيع فرص ومجالات عمل المرأة السعودية ومنها :
2- على جميع الجهات الحكومية التي تقدم خدمات ذات علاقة بالمرأة إنشاء وحدات وأقسام نسائية بحسب ما تقتضيه حاجة العمل فيها وطبيعته .
يفهم من هذا الإجراء أن الجهات الحكومية التي تقدم خدمات لها علاقة بالمرأة يجب أن تُنشئ هذه الجهات فيها أقساما نسائية لتتولى هذه الأقسام خدمة النساء ، بعيدا عن مزاحمة ومخالطة الرجال ، وبناء على ذلك فإذا كانت الجهات الحكومية على شدّة الانضباط الموجود فيها قد أُلزمت بفصل الرجال عن النساء ، وتقديم الخدمات اللازمة لهنّ بعيدا عن أعين الرجال ، حرصا على كرامة المرأة ، فمن باب أولى أن تلزم الشركات والمؤسسات الأهلية بذلك ابتداء .
كذلك نص قرار مجلس الوزراء رقم 187 وتاريخ 17/7/1426هـ بشأن تراخيص تشغيل النساء في أقسام وفروع المنشآت الخاصة في فقرته ( ثانيا ) على أنه إذا رغبت المنشآت المرخص لها في فتح فرع ( مستقل تعمل به نساء) فإن الأمر يتطلب الحصول على موافقة الجهة التي رخصت للمنشأة ابتداء ، وذلك وفقا للأنظمة المرعية .
وعلى ذلك فهذه الفقرة قد قررت بعبارة صريحة ( استقلالية عمل النساء بعيداً عن الرجال ) ، واشترطت على المنشأة في حال رغبتها فتح فرع مستقل تعمل فيه نساء الحصول على موافقة الجهة التي رخصت للمنشأة ابتداء شريطة أن يكون ذلك وفقا للأنظمة المرعية ، وإذا رجعنا إلى الأنظمة المرعية نجد المادة التاسعة من نظام هيئة الأمر بالمعروف قد نصت على أن : من أهم واجِبات هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..النهي عن المُنكر بما يحول دون ارتِكاب المُحرمات والممنوعات شرعاً .. وقد أوضحت اللائحة التنفيذية لنظام الهيئة أنواع هذه المحرمات ومنها الاختلاط والتبرج المحرمان شرعا .
وإذا تأملنا في القرار الوزاري رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1426هـ الذي أصدرته وزارة العمل بشأن تطبيق الإجراء الخاص بقصر العمل في محلات بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية نجدها في الفقرة ( ثانيا ) قد اشترطت تهيئة أماكن ومحلات بيع المستلزمات النسائية ( وذلك بحجبها عن ما حولها بشكل يمنع رؤية من بداخلها من العاملات والمتسوقات أو اختلاطهن بالرجال ، وبأن يكون لتلك المحلات والأقسام أبواب خاصة يتم التحكم فيها من الداخل ).. انتهى نص الفقرة .
وبما أن قرار مجلس الوزراء رقم 187 وتاريخ 17/7/1426هـ ، بشأن تراخيص تشغيل النساء في أقسام وفروع المنشآت الخاصة ، قد نص في الفقرة ( ثالثا ) منه على : أن وزارة العمل هي الجهة صاحبة الاختصاص في تطبيق ضوابط تشغيل النساء كأجيرات لدى أصحاب العمل باعتبارها الجهة المعنية بتطبيق نظام العمل الذي تضمن في الفصل العاشر( التاسع الجديد ) منه الأحكام المنظمة لذلك ، ومنها ما يتعلق بعدم اختلاطهن بالرجال في أماكن العمل وما يتبعها من مرافق وغيرها . فإن وزارة العمل قد أوجبت في قرارها الوزاري رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1426هـ - سالف الذكر - ضرورة حجب محلات النساء عن ما حولها بشكل يمنع رؤية من بداخلها من العاملات والمتسوقات أو اختلاطهنّ بالرجال ، وبمعنى أوضح وأصرح فإن وزارة العمل قد فصلت فصلا نهائيا في تعريف الاختلاط وهو : " حجب النساء عن الرجال بما يمنع رؤيتهنّ " فإذا قال قائل إنّ هذا التعريف لا يقتضي ذلك ، فأقول : إن اختلاط الرجال بالنساء يقتضي رؤيتهنّ ، وإلا فما الداعي إذن أن تلزم وزارة العمل بحجب محلات النساء عن ما حولها بشكل يمنع رؤية من بداخله من العاملات والمتسوقات . وعليه فوزارة العمل الآن ملزمة بتطبيق قرارها سالف الذكر على الكاشيرات اللاتي يعملن في الأسواق التجارية المفتوحة ، والتي يرتادها الرجال والنساء على حدّ سواء كــ ( الهايبرات ) الكبيرة ، كونهنّ يؤدين عملهنّ أمام وبين الرجال لاسيما في أوقات ذروة التسوق ، والمواسم ، وهو ما يخالف مضمون قرارها الوزاري رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1426هـ .
ولا يفوتنا أن المادة الثالثة والأربعون بعد المائتين من نظام العمل الجديد نصت على أن يصدر الوزير القرارات واللوائح اللازمة لتنفيذ أحكام هذا النظام ، كما نص قرار مجلس الوزراء رقم 187بتاريخ 1426/7/17الصادر في هذا الخصوص والقاضي بأن وزارة العمل هي جهة الاختصاص في تطبيق ضوابط تشغيل النساء كأجيرات . ولم تتضمن المادة أو قرار مجلس الوزراء أن يتولى وزير العمل أو وزارته ، تفسير معنى ( الاختلاط ) .
بقي أن أقول إن قرار مجلس الوزراء رقم 120 وتاريخ 12/4/1425هـ بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية ، نص في فقرته ( 6 ) بأن على وزارة العمل التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية ووزارة الشؤون الاجتماعية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ أسلوب العمل عن ( بُعد ) كأحد المجالات الجديدة التي يمكن أن تعمل من خلالها المرأة ، وتنفيذ برنامج الأسر المنتجة ، وتوفير الدعم اللازم لإنجاحها .
والسؤال : ماذا قدّمت وزارة العمل في هذا المجال – أعني العمل من المنزل Working From Home ، ، والذي يعتبر مشروعا ناجحا وله ثماره التي تعود بالنفع الكبير للمرأة نفسها ومجتمعها دون الحاجة إلى مخالطة الرجال أو الخروج من منزلها ، وهذا المجال سبق تطبيقه في دول غربية وأثبت نجاحه ، ففي أمريكا كشفت دراسة نشرت في عام 1996 م ، أن ما يقارب من 46 مليون من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا - معظمهم من النساء- يعملون من منازلهم لإيجاد موازنة أفضل بين العمل والأسرة ، ويكسبون دخلا أكثر من دخل أصحاب المكاتب بحوالي 28% .
وقد ذكر الدكتور حسين شحاته ، أستاذ المحاسبة بكلية التجارة في جامعة الأزهر في إحدى دراساته الميدانية أن المرأة التي تعمل خارج بيتها تنفق من دخلها ما نسبته 40% على مظهرها والمواصلات ، أما المرأة التي تعمل في بيتها فتوفر من تكلفة الطعام والشراب مالا يقل نسبته عن 30% ، وانتهت الدراسة إلى أن المرأة التي تمكث في البيت توفر مالا يقل عن 70% من الدخل الذي يمكن أن تحصل عليه، بل يمكنها أن تحقق دخلا أكثر مما تحققه الموظفة ؛ إذ تستطيع أن تحول بيتها إلى ورشة إنتاجية فتصنع في وقت فراغها ما يحتاج إليه بيتها ومجتمعها.
وهذا المشروع مطروح في ماليزيا ، كما صرحت بذلك شهرزاد عبد الجليل ، وزيرة تنمية المرأة والأسرة بماليزيا ، ذكرت أنها بصدد اتخاذ المنزل مكتبا للمرأة .
ولهذا النظام – أعني العمل عن بعد - تأثيره على إنتاجية العمل، وليس أدل على ذلك من تحويل شركة "ثري كوم" للحاسبات 120 عاملا إلى العمل عن بعد، ووجدت أنهم يقضون 25 ساعة أسبوعيا مع العملاء، بدلا من 12-15 ساعة أو أقل قبل تطبيق هذا النظام . كذلك فإن العمل عن بعد يساعد على تكافؤ فرص العمل بين شرائح المجتمع المختلفة من حيث النوع والعمر والظروف الصحية والاجتماعية .
أشير كذلك إلى أن قرار مجلس الوزراء رقم 63 وتاريخ 11/3/1424هـ والمنشور على موقع وزارة العمل ، نص في الفرة ( 5 ) على الموافقة على إنشاء لجنة عليا دائمة متخصصة في شؤون المرأة ، تستند في آرائها إلى نساء مؤهلات في مختلف التخصصات ، وتعمل على إعداد لائحة لعمل المرأة ، تُراعي خصوصية المجتمع ..
وكلنا نعلم أن المجتمع في هذه البلاد له خصوصية تمنع تشغيل المرأة في مهنٍ تؤدي إلى اختلاطها ومزاحمتها للرجال ، والذي هو ( خطر ) على أخلاق المرأة والمجتمع ، وقد حظر نظام العمل الجديد في المادة التاسعة والأربعون بعد المائة منه " تشغيل المرأة في الأعمال الخطرة " .. ولا أظنّ أنّ هناك صاحب فطرة سليمة لا يدرك خطورة عمل المرأة بين الرجال ، فالخطورة لا تكمن في عمل المرأة في أعمال قد تسبب لها ضررا جسديا فحسب ، بل تشمل تلك الأعمال التي لها خطر على أخلاقها وأخلاق مجتمعها ، والتي أدرك الغرب خطورتها مؤخرا من خلال تراجعه عن التعليم المختلط ، كما ذكر ذلك ( بفرلي شو Beverley Shaw) في كتابه : ( الغرب يتراجع عن التعليم المختلط ) .
ولخطورة الاختلاط وعمل المرأة بين الرجال، فإن الأمر السامي رقم (11651) في 16/5/1403هـ، وغيره من الأوامر ، نص على عدم السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال، سواءً في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة والخاصة، أو الشركات أو المهن، سواءً كانت سعودية أو غير سعودية، لأن ذلك محرمٌ شرعا ويتنافى معى عادات وتقاليد هذه البلاد " .
هذه قراءة سريعة في قواعد تنظيم عمل المرأة المنشور على موقع وزارة العمل ، وكلنا أمل في معالي وزيرها المحبوب - لا سيما بعد النجاحات التي حققها أثناء شغله لمنصب أمين محافظة جدة ، والتي اجتاحت هذه النجاحات وتلك المشاريع الرائعة التي ابهرت العالم ( غربيه قبل شرقيه ) ، سيولُ الأربعاء الثامن من شهر ذي الحجة عام 1430هـ ، وكذلك سيول الأربعاء 22/صفر/1432هـ - أن تهتمّ وزارته الموقرة بتشغيل المرأة في الأعمال التي لا تتنافى مع تعاليم شرعنا الحنيف ، ولا تتعارض مع الأنظمة المرعية ، ولا تتصادم مع عادات وتقاليد وأخلاق أهل هذه البلاد ، ولتكن خير معين على حفظ الأمن الأخلاقي الذي ننعم فيه في هذه بلادنا المباركة . والله يحفظك ويرعاك
المصدر: مجموعة الحقيل البريدية
المرفقات
90.doc
91.doc