قراءة سورة "ق", وبيان سنّتها وبعض الحكم في قراءتها-الحديث عن النصر في سوريا 20-7-1436

أحمد بن ناصر الطيار
1436/07/16 - 2015/05/05 13:24PM
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ}..
{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً}..
{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيِمَاً}..
أما بعد :
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله, وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم, وشرَّ الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
عباد الله: لقد أمرنا ربّنا تبارك وتعالى أنْ نقتدي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم, في أخلاقه وتعامله وعبادته, قال تعالى: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ}.
وجعل طاعته من طاعة الله, قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}.
وجعل اتّباعه سببًا في محبة الله ومغفرته, قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}.
معاشر المسلمين: لقد كان من سنّةِ نبيِّنا صلى الله عليه وآله وسلم في بعض الخطب, قراءةُ سورةِ "ق", فقد ثبَت في صحيح مسلم عن بنتٍ لحارثة بن النعمان رضي الله عنهما أنها قالت: "ما حَفِظت "ق" إلا مِن فِي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يَخطُب بها كلَّ جمعة، قالت: وكانت تَنُّورنا وتنُّور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدًا".

وقد نصّ أهلُ العلم على اسْتحباب قراءة سورة "ق", في الخطبة الجمعة في بعض الأحيان؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

قال النووي رحمه الله (قال المصنف وسائر الأصحاب: ويستحب أن يقرأ في الخطبة سورة (قۤ), قال الدارمي وغيرُه: ويستحب في الخطبة الأولى.
ويستحب قراءتها بكمالها, للحديث الصحيح في «صحيح مسلم» وغيره, ولما اشتملتْ عليه من المواعظ والقواعد, وإثباتِ البعثِ ودلائلِه, والترغيبِ والترهيبِ وغير ذلك. ا.ه

ومن هنا فإن المشروع للخطباء, أن يقرؤوا هذه السورةَ في بعض خُطَب الجمعة؛ كما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعل.

علمًا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر عليها في الخطبة، بل زاد عليها, سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى-: كيف تكون الخطبة بسورة ق؟ هل تقرأ أم يُفَسَّر معناها؟

فأجاب بقوله: كان النبي عليه الصلاة والسلام يخطب بسورة: ق, وكان يقول في خطبته: أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد، وشرَّ الأمور محدثاتها ـ
وهذا يدل على أنه لا يقتصر على السورة فقط، وأنه يذكر معها أشياء. ا.هـــ
والسنة أنْ تُقرأَ قراءةً مُتأنّيةً مُرتّلةً, كما أمَرَ رَبُّنا تبارك وتعالى نبيَّه بذلك فقال: [ورتّل القرآن ترتيلاً].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم:
﴿ ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ *بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ * أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ * أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ * يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ * وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 1- 45].

نسأل الله تعالى أنْ يجعل القرآن ربيع قلوبنا, ونور صدورنا, وجلاء همومنا وأحزاننا, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.





الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أمَّا بعدُ: معاشر المسلمين, إنّ ما نراه من انتصاراتٍ وفتوحاتٍ في اليمن والشام, واندحار مُموّلي الإرهاب والكراهية في طهران, وهزيمةِ حلفائهم وتلقّيهم ضرباتٍ مُوجعةٍ وقاتلة, أصابت الملالي في إيران بحيرةٍ لم يستفيقوا منها.

لقد هُزموا خلال شهرين, وهم من ثلاثين سنةً يُجنّدون بعض العرب الأغبياء, الذي جعلوهم ينتمون إليهم على حساب أوطانهم, بل إنهم أحرقوا أوطانهم لأجلهم, كما في اليمن ولبنان والعراق.

إن هذه الصدمة لم تكن عليهم وحدهم, بل إنّ الْدولة العظمى بزعمهم, لم يجفَّ الحبر الذي وقّعته معهم بشأن السلاح النووي, الذي يقضي بموجَبه رفعُ العقوبات عليهم, وجعلِهم شُرْطةً يُوكِلُون إليها أَمْرَ الْعَرَبَ, هي الأخرى أُصيبت بالذهول, واحترقت كلّ الأوراق والصفقات التي عقدتها مع نظام الملالي.
فهذا يُؤكّد أنّه لا سبيل لعزنا ونهضتنا بعد الله تعالى, إلا بالقوة والحزم, قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.

حينما وجد ملالي إيران وحلفاؤهم الغلظة والحزم والقوة, أُصيبوا بالذل والانهيار الحسيّ والمعنويّ.

إنّ هذا الحزم والقوة في تطبيق الأنظمة, وحمايةِ الوطن والمواطنين, لم تكن سياسةً خارجيّة فحسب, بل رأينا وزراء وأُمرا أُزيحوا, حينما بدرت منهم فلتات لسان على المواطنين, وكأن قيادتنا الحكيمة تقول للوزاء والرؤساء وغيرِهم: هذا المنصب ليس تشريًفا لكم, بل تكليفٌ وخدمةٌ للوطن والمواطنين, فمن لم يكن أهلاً لذلك فلْيُتح المجال لغيره.



معاشر المسلمين: إنّنا نحمد الله تعالى على اجتماعنا ووحدتنا, حتى بعد تغييرٍ جذريٍّ في الوزراء وولايةِ العهد, فقد سارت الأمور على أحسن حال, ومحبّةٍ ومودّة ورضا, ورأينا وليّ العهد السابقِ يُعانق وليّ العهد الجديد, وزيارةَ الملك له في بيته, ورأينا وقوف الشعب مع القيادة.

إنّ هذا يُذكرنا يقول رَسُولِنا صلى الله عليه وسلم: « خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ, وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ- أي يدعون لكم, وتدعون لهم-. رواه مسلم

اللهم وفق قادتنا لِمَ تُحب وترضى, وخذ بناصيتهم للبر والتقوى, إنك على كل شيء قدير.
المشاهدات 2238 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا