قبل الرحيل
خالد الكناني
رحل .... فلان
الحمد لله ربّ العالمين{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ}، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
جُبِلَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا ... صَفْوًا مِنْ الْأَقْذَاءِ وَالْأَكْدَارِ
أيها المسلمون : هذه الدنيا وهذه حقيقتها ، نحن فيها غرباء كل واحد منا عابر سبيل يوشك أن يرتحل ، .... ينام الواحد منا وهو يحدث نفسه أنه سيفعل كذا وكذا ........... ، ويركب سيارته وهو يريد الذهاب إلى هنا وهناك ، يودع أولاده خارجا من داره على أمل أن يعود إليهم ، فلا يستيقظ ولا يعود إلى داره إلا وقد نسجت له الأكفان وحمل على أكتاف الرجال وقيل رحل فلان مات فلان .... الموت حقيقة نغفل عنها ، قال تعالى : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } لابد أن نرحل لن تبقى أسرة كاملة مدى الحياة سيموت الصغير والكبير والذكر والأنثى وكل مخلوق مآله إلى الرحيل ، قال تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ }
وهنا أمور لا بد أن نتآملها ونقف معها :
*أن نستعد ونتأهب لهذه الرحلة وهذا الرحيل ولنعلم أننا عابري سبيل لابد لنا أن نرحل ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» وكان ابن عمر، يقول: «إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» صحيح البخاري (8/ 89)
وهنا وقفة أيها المسلمون : وهي أنه ينبغي لنا أن نحافظ على الطاعات ونتقرب من ربّ الأرض والسموات ، بفعل الفرائض والواجبات والتزود من النوافل والحسنات والاستقامة على أمر الله لتنالنا البشارات عند الرحيل ، قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ }
*أيها المسلمون : قبل أن يرحل القريب والصديق والجار وكل من لك به صلة انشروا المحبة بينكم وبينهم أسعدوا بهم واسعدوهم عبروا لهم عن حبكم لهم واحترامكم ،اغفروا زلاتهم اعفوا عنهم ، أكرموهم ، فقد ترحلون أو يرحلون يوما ما .... وفي القلب لهم حديث وشوق
فالحياة قصيرة والرحلة مؤكدة، فلا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تحاقدوا ولا تقاطعوا، ابتسموا وسامحوا كل من أساء إليكم قبل الرحيل وفوات الأوان وقبل أن يقال رحل فلان .
*هنا وقبل الرحيل صلوا الأرحام، واخشوا الملك العلام، واقيموا الصلاة وانفقوا مما رزقكم الله وأطعموا الطعام، واتبعوا السيئة الحسنة، تفوزوا بالجنان.
قال تعالى : { وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }
*وفي المقابل احذروا أن تقاطعوا أرحامكم وتفسدوا في الأرض بالمعاصي والمنكرات والفواحش والزلات .
قال تعالى : { وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }
قبل الرحيل تصالحوا وتصافحوا وتسامحوا، قبل الرحيل تقربوا إلى ربكم بالطاعات والحسنات والصالحات، قبل الرحيل تجنبوا السيئات والموبقات والمهلكات
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم
الحمد لله على إحسانه الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّمَ تسليما كثيرا .
أما بعد عباد الله : اتقوا الله تعالى حق التقوى وتزودوا من الأعمال الصالحات
قبل الرحيل وانقطاع الأعمال ، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ))
قبل الرحيل ..... وفوات الأوان
تَزَوَّدْ للَّذِي لا بُدَّ مِنْهُ ... فَإِنَّ المَوْتَ مِيقَاتُ العِبَادِ
وتُبْ مِمِّا جَنَيتَ، وأنْتَ حَيٌ، ... وكُنْ مُتَنَبّهًا، قَبلَ الرّقادِ
سَتَنْدَمُ إنْ رَحَلْتَ بغيرِ زَادٍ ... وتَشْقَى، إذْ يُناديكَ المُنادِي
أَتَرْضَى أَنْ تكون رَفِيقَ قَوْمٍ ... لَهُمْ زَادٌ وَأَنْتَ بِغَيْرِ زَادِ
هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
المرفقات
1671013453_قبل ... الرحيل.pdf