قبل أن يُختطف أبناؤنا منا .. المحاضن التربوية الآمنة هي الحل ! / عبدالملك ابن الأمير

احمد ابوبكر
1436/11/09 - 2015/08/24 11:47AM
[align=justify]معالي وزير التعليم .. لقد سرني كثيرا حرص معاليكم منذ توليكم منصب الوزارة على تشخيص مشكلة الفكر المنحرف ، وجعلتم ذلك من أولويات اهتمامكم ، والبحث عن تقديم حلول فاعلة لحماية أبناءه الطلاب من الأفكار الدخيلة التي تعصف بالأمة وتفرق المجتمع وتستبيح الدماء ، ولقد كان لحرص معاليكم الدافع الأكبر لي لتقديم هذا المقترح لعلي أن أساهم ولو بالقليل في حماية فكر أبنائنا الطلاب وتعزيز المنهج الوسطي والحفاظ على لحمتنا الوطنية.

وأعتقد من أهم الخطوات العملية لمواجهة هذه المشكلة علاجاً وتحصيناً فتح المحاضن التربوية الجادة لأبنائنا الطلاب ، والتي تتسم بالممارسة والمحاكات والخلطة والحوار والتنفيس عما يجول في الخاطر في جو تربوي آمن ، مع ملء فراغهم الروحي والإيماني ببرامج تتناسب مع نوعية الفئة المستهدفة ، لاحتوائهم ، وقطع الطريق على مختطفي أبنائنا منا بسبب قلة المحاضن التربوية الرسمية الجادة وضعفها مؤخرا .

وقد عشت في تلك المحاضن التربوية عقوداً من الزمن ما بين طالب ومعلم ومشرف ، وكان لدى أولئك المستهدفين في تلك المحاضن حصانة شرعية متينة مبنية على فهم عميق لنصوص الكتاب والسنة ، تُجرِّم الخروج على ولاة الأمر ، وتعظّم دماء المستأمنين والمعاهدين فضلا عن المعصومين من المسلمين .

وأعتقد أن وزارة التعليم (سواء على مستوى التعليم العام أو الجامعي) في أمس الحاجة لإعادة حساباتها وتفعيل أدوارها لتقديم محاضن تربوية جاد كما كانت سابقاً ، بل وأكثر احترافية وتوسع.

لقد كانت حلقات جمعيات تحفيظ القرآن الكريم تقوم ببعض الأنشطة التي تشبع شيئا من احتياجات أبنائنا ، رغم بعض الاجتهادات وضعف الإشراف عليها . وفي النهاية توقفت بتوجيه من وزارة الشؤون الإسلامية بحكم أنها ليست الجهة المعنية بأنشطة الطلاب فقصر عملها على تعليم وتحفيظ كتاب الله .
ومن خلال الخبرة المتواضعة التي قضيتها بين أروقة الأنشطة في وزارة التربية والتعليم والتي تجاوزت (23) عاما أجزم أننا لم نقدم وبالذات في السنوات الأخيرة للشريحة المستهدفة ما يشبع فراغهم الروحي ، ويروي ظمأهم الفكري ، من خلال تكثيف البرامج الإيمانية (التعبدية ، والسلوكية ، والفكرية ) ، وافتتاح المحاضن التربوية الجادة .

وعلى سبيل المثال وفيما يخص التعليم العام فقد كان للتوعية الإسلامية في مدارس التعليم العام أدواراً فاعلة رغم قلة مواردها المالية وضعف المحفزات لكوادرها البشرية ، لكنها أبقت بصمات مشرّفة من خلال مبادرات بعض المعلمين المتطوعين الذين يقضون بين أروقة المدرسة أكثر من الوقت الذي يقضونه بين أسرهم ، وتحت مظلة رسمية وإشراف تربوي .

ولعل المتابع لواقع الشباب اليوم يدرك التلازم بين ظهور فكر الدواعش والتكفير على السطح في وقت ضمرت فيه برامج التوعية الإسلامية ، وتقلصت أدوارها حيال المحاضن التربوية ، وتركز دور الميدان التربوي على مسابقات في حفظ القرآن الكريم وحفظ السنة النبوية ، وبعض البرامج المساندة.
وفي ظني أن المستهدفين في هذه البرامج لا يتجاوزون 5% من طلابنا فمن للشريحة العظمى؟
بل إن أبنائنا في أمس الحاجة إلى فهم النصوص وفق مرادها ، فالتكفيري يحتج بالآية على ظاهرها ، والمتحصن يدرك أبعادها وموانعها بإدراك نصوص الكتاب والسنة معاً ، بفهم السلف ومناسبة إنزالها على الواقع ، ولذا يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلمهن ونعمل بهن، ونعلمهن، ونعلم حلالهن وحرامهن، فأوتينا العلم والعمل)، فكانوا يكرّسون جهودهم في العشر الآيات حفظاً وفهماً وعملاً، وهم من أقوى الناس حفظاً، وأصفاهم ذهناً، وأعرفهم بمواطن التنزيل ودلالة النصوص، وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول، ومع ذلك كانوا يحفظون عشر آيات فقط.
ولن يتأتى ذلك إلا من خلال الدروس العلمية ، والبرامج التربوية في تلك المحاضن .

فهل ندرك دورنا وأهمية المرحلة ، ونعيد تلك المحاضن للواجهة من جديد ، في وقت نجد الإعلام المضلل وأصحاب الفكر المنحرف من خلال شبكات الانترنت والفضائيات والأماكن المشبوهة يسابقوننا على استهداف أبنائنا لإفساد فكرهم المعتدل ، ومنهجهم الوسطي ، وانتمائهم الوطني، وإفساد أخلاقهم ، والتمرد على قيمهم .

فأين خطواتنا العملية الجادة في تفعيل دور تلك المحاضن واحتواء أبنائنا وجعلهم أكثر حصانة وفقها بمقاصد الشريعة ؟

وأين أنشطة التوعية الإسلامية المسائية بالمدارس ؟ وهي المحضن الأكثر فاعلية .
وأين مراكز التوعية الإسلامية الدائمة ؟

وقد بح صوتنا معالي الوزير ونحن نناشد منذ سنوات بوضع محفزات عملية لرواد التوعية بالمدارس وتفريغهم ولو جزئياً لننتقي الأميز منهم لحساسية دورهم الذي يرتكز على تقويم السلوك والفكر والتعبد .

- وأين برامج الفسح الصباحية ؟
- وأين المدارس الصيفية لتحفيظ القرآن التي أوصي بافتتاحها ونشرها بأمر سامي ؟
- وأين المقارئ القرآنية للمعلمين والطلاب ؟

لقد تلاشت بعد تطبيق مشروع تطوير التعليم مؤخراً ، فقصرت الأنشطة المسائية على أندية الحي التي خصصت 70% من وقتها للمناشط الرياضية .. !

وقصرت المناشط الصيفية على مراكز النشاط الطلابي
وغالب هذه المناشط لاتستهوي الطالب الجاد ، الذي يرغب في إشباع فراغه الروحي والإيماني للالتحاق بها ، مما أوجدت فراغا خطيرا لدى أبنائنا الجادين في إشباعهم احتياجاتهم ..

فلماذا لا تفتح مسارات أخرى مستقلة لأنشطة التوعية الإسلامية الصباحية والمسائية بالمدارس لاستيعاب المناشط الآنف ذكرها .

فأين يذهب طلابنا الجادون في حياتهم ؟
وأين يقضي الطالب الذي قد امتلأ قلبه حرقة على واقع أمته الإسلامية ؟
وأين يتجه الشاب المتعطش للجهاد ولا يجد من يفرغ طاقته في وجهتها الصحيحة ، وأخص بالذكر الطالب (وأوكد عليها ) الطالب صاحب السوابق السلوكية الخاطئة ، وقد تديّن حديثا بدافع الحماسة والعاطفة دون أدنى حصانة ، ولم يترعرع في تلك المحاضن منذ نعومة أظفاره ، ولم يمتلك حصانة تحميه من أمواج ذلك الفكر الغالي المظلل ، وهم غالب ضحايانا .

لقد كانت تلك البرامج المحضن التربوي الأروع ، والأكثر شمولية ونفعا وتخصصا ، بل تميزت بالضوابط الرسمية التي اتسمت بالوضوح والعمل المؤسسي ..

إننا اليوم أحوج ما نكون إليه من تعزيز المحاضن الرسمية التي تربي على الوسطية ، وتضبط الانفعالات العاطفية لأبناءنا بتحصينن تربوي وشرعي .

فالأندية الرياضة لم تشبع احتياجهم
وأندية الحي لا تحقق طموحهم
وجمعيات تحفيظ القرآن ومكاتب الدعوة مقصورة على برامجها بعيدا عن الأنشطة .

فما المؤسسة التربوية التي ترعاهم وتفهم احتياجهم معالي الوزير ؟!
أجزم أن وزارة التعليم هي الجهة الأولى .. فهل تتدارك ما يمكن تداركه ؟

والذي أدين الله به ، ويقع في دائرة تأثيرنا ومسؤوليتنا أن الجهات التربوية والتعليمية ، سواء في مدارس التعليم العام أو في الجامعات قصرت في افتتاح محاضن تربوية جادة تتوافق مع هذه الفئة من أبنائنا لإشباع فراغهم الروحي والإيماني .. بل وأصبح غالب دور الجامعات على الدراسة الأكاديمية البحتة ، وإن وجدت أنشطة فهي محدودة ولفئة محدودة جدا ، مع ندرة للمحاضن التربوية

وإنني أناشد معاليكم بافتتاح إدارات للتوعية الإسلامية في كل الجامعات أسوة بإدارات التعليم مع تفعيل أدورها ، وقد أدرك ولاتنا وفقهم الله أهمية هذه الإدارات فأسسوا إدارات للتوعية الإسلامية في مختلف القطاعات العسكرية والصحية ، وتبقى الجامعات يا معالي الوزير أولى بذلك .

ومن الخطأ أن نصب طلابنا في قالب واحد يتمحور حول الرياضة ومجالات الأنشطة فحسب

فنحن في بلد إسلامي ، والأصل أن أبناءنا متدينون بالفطرة ويعيشون في مجتمع محافظ .. وعلينا أن ندرك طبيعة التركيبة المجتمعية وخصوصيتنا ، فنحن في مهبط الوحي ومنبع الرسالة ، وأبناؤنا من أعظم الشعوب غيرة ونخوة وانتماء لدينهم .. لكنهم بحاجة إلى الاحتواء ، وهم شعب محب للخير والنفع للآخرين ، ويتسم بالفدائية والشجاعة .. فإن تمت رعايته واستصلاحه فسيكون مصلحا ونافعا لمجتمعه ، ودرعا لوطنه ، وإن قصرنا في رعايته وفهم احتياجاته فقد يصبح معول هدم وخنجر في خاصرة وطنه ومجتمعة بسوء فقهه .

معالي الوزير :
لقد وصل الفكر المنحرف مرحلة خطيرة جدا غير مسبوقة في هذا العصر الحديث ، وأصبح أبناؤنا أداة تستخدم لقتل المسلمين حتى في المساجد ، بل وصل الأمر أن يطلق الابن زناد رشاشه على والده ويرديه قتيلا
فهل يدرك التربويون خطورة المرحلة ، ونسابق الزمن قبل استفحال المشكلة ؟

عبدالملك بن عثمان ابن الأمير
رئيس التوعية الإسلامية
بتعليم محافظة المجمعة[/align]
المشاهدات 1002 | التعليقات 0