في مسجدنا مـدخن

إبراهيم الحدادي
1434/02/07 - 2012/12/20 21:48PM
[font="]في مسجـدنا مدخـن[/font]
[font="]الجمعة8/2/1434هـ[/font]
[font="] إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نتوب إليه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله, بلَّغ الرسالة و أدى الأمانة و نصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين, فصلوات الله و سلامه عليه و على آله و صحبه أجمعين أما بعد : [/font]
[font="]فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى فبها صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب والفوز العظيم في الدنيا والآخرة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ﴾ ( سورة الأحزاب)[/font]
[font="]عباد الله :[/font][font="] إنني اليوم في مقامي هذا أوجه الحديث إلى أخ عزيز ، وجار غال على قلوبنا ، يشهد معنا الصلاة ، ويحضر اجتماعاتنا وزياراتنا ، ولا يتخلف عن الخير ، ولكنه واقع في داء عضال ، ومرض فتاك ، وشر مستطير ، ويتجرع سماً زعافا . [/font]
[font="]وإن من حقه علينا جميعا أن نقوم بواجبنا تجاهه ، وأن نأخذ على يده ونقف بجواره حتى يتعافا من هذا الداء ، أما إن سألتم عنه فإنه ذلك الشاب بل وقد يكون ذلك الكهل ، الذي أغواه الشيطان ورفقاء السوء وانقاد لشهوات نفسه ، حتى وقع في شراك ذلك الداء . [/font]
[font="]وأما إن سألتم عن ذلكم الداء العضال والمرض الفتاك ، فإنه التدخين ، نعم التدخين ، الداء العضال والمرض الفتاك ، الذي وقع فيه الكثير من أبناءنا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله وإننا هنا أبعث إلى ذاك المدخن هذه الكلمات قائلاً له:[/font]
[font="]أخي الحبيب[/font][font="] : إن التدخين خطره عظيم وضرره جسيم ، كيف لا وقد أثبتت الدراسات وقررت المنظمات والهيئات بأنه سبب لارتفاع ضغط الدم .والتهاب القصبية الهوائية . بل وسبب لسرطان الدم وسرطان الرئة وسرطان القلب . وسرطان اللسان . وسرطان اللثة ، وتسارع دقات القلب. وتسوس الأسنان .والتهاب اللثة .وحساسية الصدر ، ثم الربو .وكثرة الكحة والسعال .وكثير من الأمراض .. [/font]
[font="] إنه باختصار قنبلة موقوتة ، وموت بطيء وخنجر مسموم تقتل به نفسك !!! [/font]
[font="]فيا - رعاك الله –[/font][font="] أيليق بعاقل مثلك أن يقتل نفسه ؟ أيليق بمسلم مثلك يقترف الحرام ويهلك نفسه ؟ أيليق بك أن تقتل نفسك ، بسبب لذة مزعومة ؟ ألم تعلم أن الله نهاك عن قتل نفسك ؟ أو التسبب في قتلها بأي سبب يكون فيه هلاكها ، ورتب على ذلك العقوبة العظيمة ؟ قال تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) (النساء:29-30) . [/font]
[font="]وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يَجأ بها بطنَه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سُمًّا فقتل نفسه فهو يتحسَّاه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا)) رواه البخاري ومسلم [/font]
[font="] [/font]
[font="]أيها العاقل اللبيب :[/font][font="]لقد أفتى العلماء بحرمة التدخين ؛ وذلك لأن الشريعة حريصة على صحة الإنسان ولذلك أحلت كل طيب وحرمت كل خبيث ، ومضر على عقل الإنسان أو بدنه أو دينه ، أو عرضه ، أو ماله ، قال تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) (الأعراف:157) [/font]
[font="]ولا يشك عاقل في خبث هذه المادة ، بل ولا حتى يرضاها لولده ؛ لأنه يعرف أنها مادة خبيثة سامة قاتلة ، إذاً فلماذا ترضاه لنفسك ؟ ولماذا تصر على اقترافه وتعاطيه ؟ [/font]
[font="] [/font]
[font="]أيها الغالي :[/font][font="] ألم تعلم أن الله تعالى حرم التبذير والإسراف وبين أن المسرفين إخوان الشياطين فقال : ( وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الإسراء:26-27) فسل نفسك كم تصرف على قتل نفسك ؟ كم تبذر أموالك وتحرق نفسك بنفسك ؟ [/font]
[font="]ألم تعلم أن رسول الله صلى الله وسلم أخبر أن الإنسان يسأل عن ماله يوم القيامة ، من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟ [/font]
[font="] [/font]
[font="]أخي المدخن :[/font][font="] هل تعلم بأنك عندما تدخن فإنك بذلك تلحق الضرر بمن حولك من والد ووالدة ، وزوجة وأبناء ، وإخوة وأخوات ، بل وبالناس في مكاتبهم ومتاجرهم وحال ركوبهم السيارات والطائرات ، والقطارات ، بل وحتى بإخوانك المصلين في مساجدهم ، ألا تنظر إلى من بجوارك كيف يفرون منك ويتحاشى كل واحد أن يصف بجانبك مما يجد من رائحتك الكريهة ! [/font]
[font="]ألم تسمع لكلام ربك وهو يقول : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً } ( سورة الأحزاب: الآية 58) . [/font]
[font="]وإنك أيضاً تلحق الضرر والأذى بالملائكة الكرام الملازمين لك ، فهي تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم . [/font]
[font="]ولقد نهى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مَن أكل ثومًا أو بصلاً أو كُرّاثًا أن لا يقرب المسجد وأن يعتزل مجتمعَ المسلمين لئلا يتأذّوا من رائحته حتى تزول ـ مع أنها من المباح ـ فقال : ((من أكل البصل والثوم والكُرّاث فلا يقربنّ مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى فيه بنو آدم )) . رواه مسلم [/font]
[font="]فكيف بالدخان ؟ [/font]
[font="]ولقد وصل قلة الحياء ببعض المدخنين أنه لا يطفئ السجارة إلا عند باب المسجد فيدخل وما زالت رائحة التدخين في فمه ، ونسي أنه سيقف بين يدي ربه فيناجيه . [/font]
[font="]فقل لي بربك كيف تناجي مولاك برائحة نَتة كريهة ؟ كيف تقف بين يديه بهذه الرائحة ؟ وقد أمرك أن تأخذ زينتك عند الذهاب إلي بيته والوقوف بين يديه لمناجاته ، بقوله ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) . [/font]
[font="]وفي فتوى للجنة الدائمة للإفتاء حول الدخول إلى المسجد بعد التدخين قالت : [/font]
[font="]وإذا كان تعاطي الدخان والتدخين بالسيجارة ونحوها معصية فارتكابها في المسجد أو حين دخوله أو حين الاستماع لتلاوة القرآن من شخص مباشرة أو بواسطة المذياع مطلقًا أو تلاوة إنسان القرآن وهو يتعاطاه وبيده السيجارة - ارتكاب هذه المعصية في أي حال من هذه الأحوال أشنع وأشد نكارة؛ لما فيه من امتهان الأماكن التي أعدت للعبادة بارتكاب المعصية فيها، وعدم الرعاية لحرمة القرآن الذي هو كلام الله . [/font]
[font="]وأما عن حمل بكت الدخان في المسجد فقد أفتت اللجنة بقولها : وحيث إنه خبيث فينبغي صيانة بيوت الله عنه، وحمله إليها مما يتعارض مع تعظيم بيوت[/font][font="] [/font][font="]الله وتكريمها ، فلا يجوز[/font][font="] [/font][font="].[/font][font="] [/font][font="][/font]
[font="]فيا أخي المدخن :[/font][font="] إني أدعوك دعوة صادقة خالصة ، بأن تقلع عن هذه العادة الخبيثة ، أدعوك بأن تتوب وتقلع عن هذا الذنب العظيم ، فكلنا يخطيء وليس هذا عيباً بل العيب كل العيب أن نستمر على الخطأ .[/font]
[font="]ولعلك تتسائل وكيف الطريق إلى الخلاص من هذه السجارة التي سلبت عقلي ، وأنهكت قواي وأصبحتُ لا أستطيعَ التخلي عنها لحظة واحدة ؟[/font]
[font="]إن الحل سهل والطريق واضح ، ولكن لا بد من أمور أهمها : [/font]
[font="]* أن تقف مع نفسك وقفة صادقة وتعترف بأنك واقع في خطر عظيم وداء عضال وأن تصدق اللجوء إلى الله تعالى ، ودعائه بأن يعافيك مما أنت فيه وأن يشرح صدرك . [/font]
[font="]* ثم العزم الصادق ، نعم العزيمة الصادقة هي من أهم الوسائل .[/font]
[font="]* واعلم أن رفيق السوء من أهم الأسباب لتعطي التدخين ، فغير جليسك ، ولا تصحب الأردي فتردى ، بل اصحب أهل الخير والصلاح . ومن يعينك على الخير ويدلك عليه .[/font]
[font="]* حاول أن تقلل من الكمية التي تتعاطاها حتى يسهل عليك ترك التدخين ، واستعن بالصيام ، فهو بإذن الله مما يعين على ترك التدخين . [/font]
[font="]*استخدم السواك على كل أحوالك . واجعله معك دوماً ، ليكون عوضاً عن التدخين [/font]
[font="]* ومما يعتبر من خطوات العلاج زيارة المراكز الصحية المتخصّصة في مكافحة التدخين، وأن تشغل نفسك بما هو مفيد لك ولمجتمعك . [/font]
[font="]فيا أيها الغالي :[/font][font="] لا تتردد في التوبة والإقلاع عن الذنب فإن ربك رحيم ودود يحب توبة التائب ويفرح بها ، ويقبل التائبين ويغفر ذنوب المستغفرين ، فالآن ، الآن بادر قبل أن يفجأك الموت وينزل بك هادم اللذات وأنت على معصيتك ، ولا تمهل وتسوف ، وتخيل لو نزل بك ملك الموت وأنت على هذه الحالة التي لا تراضاها ! [/font]
[font="]أسأل الله أن يوفقك لتوبة النصوح وأن يعينك على ترك التدخين وأن يجنبك رفاق السوء ، آمين[/font]
[font="]
[/font] [font="]الخطبة الثانية : [/font]
[font="]أما بعد:[/font]
[font="]فإن خيرَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمور مُحدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة.[/font]
[font="]عباد الله :[/font][font="] إنَّ الجهودَ يجِب أن تتَضافَر في علاجِ هذا الدّاءِ وأن نكون عوناً لأخينا المدخن ليقلع عما هو واقع فيه من مرض وداء عضال ، فرَبُّ الأسرةِ مسؤول. ووسائل الإعلام مسئولة عن التحذير منه والتوعية بأضراره ، ورجال التربيةِ والتعليم مسئولون ، وتجارنا مسؤولون بل قد يقع عليهم جزء كبير من المسؤولية ، وليعلموا أن استيراد وبيع الدخان والاتجار به وترويجه لا يجوز ، وأن كسبه حرام وخبيث ولا يقبل الله إلا طيباً . [/font]
[font="]وعلى المسلمة أماً أو بنتاً أو زوجة أو أختاً أن تسهم في العلاج والتوعية بحكمة وبقدر ما تستطيع ، فالمرأة تستطيع أن تغير مالا يستطيع غيرها .[/font][font="][/font]
المشاهدات 2835 | التعليقات 0