في ظلال آيـة

أحمد عبدالله صالح
1443/02/26 - 2021/10/03 18:39PM

خطبــة جمعــة بعنـــوان

في ظــلال آيــــة

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾

أمّــا بعــد :                                     

في ضلِّ الأوضاع والأحداث الأليمة والمتسارعة التي يشهدها عالم اليوم، وفي ضل الأوبئة والأمراض الفتاكة التى تفتك بمعظم دول العالم ..

يتوجب علينا كمسلمين للوقاية والسلامة من هذه الأوبئة والجائحات والنوازل أخذُ الحيطة والحذر 

واتخاذُ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة ..

والأهم من ذلك هو إلتزام تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ..

ولأجل ذلكم احبتي الكـرام اقفُ وإياكم اليوم مع آيةٍ مباركةٍ من كتاب الله عــزوجـل..

هذه الآية هي من سـورة يوسف..

هذه الآية ترشدنا إلى الطريق الذي يحفظنا من كل وباءٍ ومن كلِّ مرض ومن كلِّ شر، ومن كلِّ محنةٍ وبلاء ...

هذه الآيه تدلنا على السلاح الذي ندافعُ به عن أنفسنا وأولادنا وأهلنا وأموالنا، هذه الآية هي قول الله جل وعـــلا :

﴿ فاللهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين ﴾ [يوسف64

يا ربِّ انت الذي حفظتني إذ لا خلقَ يحفظني

وقدرت أقواتي وأوقاتي وحالاتي

ولم تزل عينُ بــرٍ منك تلحظني

وفي العسر واليسر انت تكلؤني

أشكـو إليك أمـوراً أنت تعلمها

فأنت يا ربِّ عــلّامُ الخفيّاتِ

هيهات مالي عند الخَلقِ من فـرجٍ

فأنت أنت وحدك الذي أرجو لحاجاتي

( فاللهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين )

هذه الآية قالها سيدنا يعقوب لمّا ضاع منه ولده الحبيب يوسف،وتذكر أنّ الذئاب سوف تأكله فقال : ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ .. 

وتذكر أنّ الفرقة حلّت بينه وبين ابنه الحبيب، فقال : ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾. 

وتذكر أنّ فلذةَ كبده لا يدري هل يعود أم لا ؟! 

فقال : ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾.

يا حافظَ الآمــالِ أنت حفظتني 

وعدى الظلومُ عليَّ كي يجتاحني فنصرتني 

فانقاد لي متخشعاً لمّا رآك منعتني

وكأنّ الله عزوجل من خلال هذه الآية الكريمه يريدُ ان يُخاطب كلّ مسلمٍ فيقول له : 

يا من تريد ان تحفظَ نفسك من الظالمين والماكرين والمخادعين والمتربصين احفظ الله ( فالله خير حافظ وهو ارحم الراحمين )..

ويا من تريد ان يحفظك الله في نفسك وولدك واهلك ( احفظ الله يحفظك ).

ويا من تريد ان يحفظك الله من كل وباءٍ ومرضٍ وسقم ( احفظ الله يحفظك ).

ويا من تريد ان يحفظ الله مالك من الضياع والسرقة والتلف ( احفظ الله )..                   

يا من تريد ان تحافظ على منصبك ( إحفظ الله )..

يا من تريد ان تحافظ على وظيفتك ( إحفظ الله ) ..

يامن تريد ان تعيش الحياة السعيدة، والحياة الطيبه ، والحياة المطمئنة ( إحفظ الله )..

فما أبلغها من كلمة، وما أروعها من عبارة

وما أغلاها وما أثمنها من وصية ..

وهاهو أستاذُ البشرية ومعلّم الإنسانية ومنقذها من الظلماتِ إلى النور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما في الترمذي يوصي إبنُ عمه العباس بوصيةٍ غالية، رسم فيها طريق النجاة من الهلاك ..!

ألقاها له من فوق دابة، لم يُلقها من فندقٍ ضخم، 

ولا من برجٍ عالي ولا من قصرٍ مشيّد ولا من حديقةٍ غنّاء او من صالةٍ كبيرة، إنّما ألقاها من فوق ظهر الدابة وبكلماتٍ موجزةٍ وعباراتٍ بليغة فيها قواعد مهمة وتعليمات وتوجيهات نافعه ووصايا قيّمه..

وهذه الوصية ليست خاصةً بابن عباس رضي الله عنهما إنّما هي لكلِ الناس : للملوكِ، والوزراء، والامراء، والروؤساء، والموظفين، والأطباء ، والمهندسين، والتجار، والعمّال، والفلاحين، والابيض والاسود والرجال والنساء، بل هي للأولين والآخرين :

(( يَا غُلامُ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ : احفظ اللهَ يَحْفَظْكَ، احفظ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ، وَاعْلَمْ : أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ )).                  

هذا هو طريقُ الخلاص مـن البلايا والمحن ..!

طريقُ النجاةِ مـن الشرورِ والفتن ..!

طريقُ السلامةِ مـن الآثام والرزايا .!

طريقُ الوقايةِ مـن الأوبئةِ والأسقام .!

طريقُ الأمانِ وطريقُ السعادةِ، إنّه طريق :

( احفظ حدود الله، احفظ أوامر الله ، يحفظك الله )

ووالله ما حفظ الله جل وعلا من أفنى عمره وأبلى شابه في غير طاعة الله ..

ما حفظ الله من ينفق ماله في غير مرضاة الله.

ما حفظ الله، من أطلق لجوارحه العَنَانَ لتهيم في معاصي الله.

ماحفظ الله من عبدَ شهوته وانقاد وراء نفسه الأمارّةِ بالسوء ..

ما حفظ الله من وقع أسيراً لشيطانه فضلّ به عن الطريق المستقيم ..

ماحفظ الله من ضيّع حدود الله وغرق في الشهوات والملذات وانكبّ على المعاصي والسيئات .

فصار عُرضةً لعقابِ الله وسخطه، ودخل عليه الضررُ والأذى، وحلَّ عليه المرضُ والوباء ..

بل وربما أصاب ذلك ممّن كان يرجو نفعه من أهله وماله، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله : (( إني لأعصي الله فأعرفُ ذلك في خلقِ دابتي وخادمي وإمرأتي وفأر  بيتي ))...                                              

نعم / 

حينما تتعثر قدمك إعلم انّها بسبب معصية .

حينما تتعطل سيارتك إعلم انّها بسبب معصية.

حينما تَحلُ عليك الكرب والشدائد إعلم انّها معصية .

حينما تقع في إشكالاتٍ وبلايا إعلم انّها معصية .

حينما تُظلم بوجهك الدنيا إعلم انّها معصية .

وحينما تُفتحُ امامك الطرق الصعبة وتُحلُ لك القضايا المستعصية ...

وحينما ترى المستحيل مسخر لك وفي خدمتك

فأعلم ان ذلك كان وسيبقى وسيظل لانّك حفظت الله وجعلت رضاه عنك هي اهم وأول أولوياتك .

إحدى النماذج العظيمة والمشرقة لأولئك العظماء الذين حفظوا الله تعالى فحفظهم ودافع عنهم وسخّر لهم كل شيءٍ من اجل خدمتهم إنّه المجاهد البطل :

عقبة بن نافع رضي الله عنه وأرضاه وهو ينادي الوحوش :

نعم ينادي وحوشاً مفترسة، وحوشاً لاترحم بني الإنسان ، وحوشاً تعيش على أكل اللحوم .

عندما ذهبَ هذا القائد العظيم عقبة بن نافع رضي الله عنه لفتحِ شمال أفريقيا ..!               

أَصدر أمره إلى كتيبةٍ من الجيش لتقوم ببناءِ مدينةِ القيروان في تونس لتكون قاعدة حربية للجيش، فذهبت الكتيبة لتنفيذ أوامر القائد عقبة فوجدت المكان الذي ستبني فيه المدينة هو عبارة عن أحراش عالية وأودية واسعه تسكنها الأسودُ والذئابُ والثعابين والضباع فَرَجَعوا إلى القائد عقبة وقالوا له :

“ إنّك أمرتنا بالبناءِ في شعابٍ ومستنقعاتٍ لا تُرام، فيها السباع والذئاب والحيات ونحن نخاف من السباع والحيات وغير ذلك من دوابِّ الأرض”

فقام رضي الله عنه على الفور ليصلى لله ركعتين ..

التوجة الــى الله عند هؤلاء سريع..    

الالتجاء الــى مفرج الكربات وقاضي الحاجات عند هؤلاء العظماء لايتأخر ..

رفع ملف القضايا الشائكة الــى ملك الملوك عند هؤلاء الربانيين لا يؤجل ..

          قام القائد ُعقبه فصلى ركعتين، 

وكان في عسكره خمسة عشر رجلاً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فجمعهم وقال لهم :

” إني داعٍ فأمّنوا” فقام  ودعا الله عزوجل طويلاً والصحابة والناس من خلفه يُؤمّنون.

ثمّ خرج رضي الله عنه مترجلاً حتى صعد على صخرةٍ في وسط الغابة وقام يُنادي سكان الوادي بصوت عالٍ مرتفعٍ جهور :   

" أيتها الأسود ! أيتها السباع ! أيتها الحيات ! 

أيتها الضباع .! أيتها العقارب ! ايتها الذئاب .!

نحن أصحابُ محمد عليه الصلاة والسلام جئنا نفتح الدنيا بلا إله إلا الله محمد رسول الله، 

فارتحلي عنا واخرجي سالمة فإنا نازلون ، ومن وجدناه بعد ذلك فلا لوم علينا إذا قتلناه”.

وقف الجيش كله يتعجب اشدّ العجب من كلمات ونداءات القائد عقبة بن نافع للحيوانات متسائلين : أيخاطب اسوداً .! أينادي ذئاباً.! أيُحدثُ ضباعاً .! أيناشد ثعابين وأفاعي.!..

لكنّ عقبة رجلٌ عظيم وقائدٌ ملهم حفظ الله في كلِّ شيء ..وانظروا كيف حفظه الله ..! وكيف سخّر الله له كل شيء..

ما هي إلاّ لحظات يسيرة حتى خرجت الحيوانات كلها عن بكرة أبيها ، خرجت الأسودُ تحملُ أشبالها ،والذئابُ تحمل جراءها ،والثعابينُ تحمل أفراخها في مشهدٍ لا يرى له في التاريخ مثيل ..!

كم نطلبُ الله في كلّ ضرٍ يحلُ بنا

فإن تولت بلايانا نسيناه

ندعوه في البحر ان يُنجي سفينتنا

فإن رجعنا الى الشاطئ عصيناه

ونركبُ الجو في أمنٍ وفي دَعَةٍ

فما سقطنا لأن الحافظ اللهُ

احبتي الكرام                                

وعند خروج الحيوانات طائعةً وملبيةً نداء القائد عقبة حاول بعض الجنود قتل بعضٍ منها فنادى عقبة في جنوده وقال لهم :                                          

” كفوا أيديكم عنها حتى ترتحل عنا ..فلقد أعطيناها الأمان وعاهدناها باسم الله ان لانؤذيها ؛ فكيف نخون عهد الله وننقض عهدنا معها " ؟

ما اكثر الذين يخونون العهد وينقضون الميثاق مع الله في هذا الزمان البغيض.!

ما أكثر الذين يخونون عهودهم ويخلفون وعودهم مع بني البشر !

حياتهم خداع ، وعيشتهم مكر ، ودنياهم كذب .

لايُقيمون للوعود وزناً ، ولا للعهود قدراً ، ولا للمواثيق قيمه .

( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ). البقرة 27

فهل رأيتم يوم أن حفظ عقبة بن نافع ربه في رخائه 

كيف حفظه الله في مختلف أحواله، وسخّر الله تعالى له البهائم والسباع ،وحفظه من شرها ووقاه من خطرها : 

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾.

وليس بعيداً عنكم  المجاهد صلةُ بن أشيم الذي كان يغزو مع قتيبة بن مسلم ..

كان هذا الرجل من بعد صلاة العشاء حتى الفجر وهو في ذكرٍ ودعاء وصلاة ومناجاة ..

فقل لأهل اللهو والطرب ، قل لأهل الغنا واللعب

قل لمجالس الغيبه والنميمة ، قل لعشاق الشبكات ومنصات التواصل الإجتماعي .

صلة بن أشيم من بعد العشاء حتى الفجر وهو مع الله في صلاة وقيامٍ وعباده .

قلت لليل هل بجوفك سرٌ عامرٌ

بالحديث والاسرار

قال لم ألقى في حياتي حديثاً

كحديث الأحباب في الأسحار

يقول عنه قتيه بن مسلم :

الحمد لله الذي جعل في جيشي من امثالك يا صله .

كان اذا قام يصلي يشتري بردةً بالف دينار ثم يُطيبها ويعطرها ويقول :

اللهــم انك جميلٌ تحب الجمال ما لبستها إلاّ لك

فإذا جاء النهار خلعها ..

وفي إحدى  الليالي وبينما الجيش يعسكر في احدى جبهات الجهاد وقد نام الجميع يخرج صلة بن أشيم الــى الغابة سراً وقام هناك يصلي ويتنقل ويركع ويدعو ويبكي، وبينما هو كذلك إذا جاءه الليث ..!

والليث من هو ؟ إنّه حيدرة، الهزير ، الذي كانت تسميه العرب ملك الحيوانات، لايستطيع أحدٌ ان يواجهه او يصارعه، كان اذا زأر في احدى الوديان تتنقل العرب خوفاً من صوته .

فلمّا جاء الليث صلة وهو يصلي أخذ يلف ويدور ويتحرك حول صلة وهو ثابت ثبوت الجبال ، ما خاف وما ارتعدت أوصاله ولا فرّ هارباً لانه كان متصلاً بالملك العلام الحافظ سبحانه .

ولما اكمل صلة ركعتين وسلَّم إلتفت الــى الأسد وقال له : ياليث يا حيدرة إن كنت أُمرت بقتلي وأكلي فقتلني وكُلني فليس معي حمايةٌ إلا حماية ورعاية وحفظ المولى سبحانه، وإن كنت ما أُمرت بقتلي ولا بأكلي ولم تسلط عليّ فاتركني مع ربي .

فما كان من الأسد إلاّ ان حرك ذيله كأنّه جرو الكلب ثم انصرف وغادر ..

إننا يا كرام لمّا أطعنا الله وعرفنا حدوده وأتمرنا بأوامره وانتهينا عمّا نهاه سخّر لنا وذلل الوحوش

ولما عصيناه سلط علينا الفئران .

﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني واياكم بمافيه من الآيات والذكر الحكيم واستغفروا الله لي ولكم ويافوز المستغفرين .

   

الخطبة الثانية :

اما بعد :

والعالم اذ يعيش حالة من القلق والذعر والخوف بسبب فيروس كورونا ..                  

اقف واياكم اليوم مع أيةٍ من كتاب الله جل وعلا فيها الخير وفيها السلامة وفيها الوقاية والأمان إنّها: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾.

والمحافظة على أوامر الله إمتثالاً للمأمور وتركاً للمحظور سببٌ لوقاية العبْد وسلامته وحفْظِ الله جلّ وعلا له في دنياه وأخراه، فإن أُصيب بمصيبةٍ أو نزل به وباءٌ او ضرّاء فلن تكون إلاَّ رفعةً له عند الله، وفي هـذا يقول نبيُّنا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ :

« عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ » ..

فيا من تريد ان يحفظك الله.. احفظ الله ..

يا من تريد سعادةَ الدنيا والآخرة.. احفظ الله ..

يا من تريد النجاة من الأخطار.. احفظ الله... 

يامن تريد البركه في مالك وصحتك .. احفظ الله.

إحفظ الله في إيمانك، إحفظ الله في طهارتك..

إحفظ الله في صلاتك، إحفظ الله في عقلك..

إحفظ الله في بصرك، إحفظ الله في سمعك..

إحفظ الله في لسانك، إحفظ الله في بطنك..

إحفظ الله في رجلك، إحفظ الله في فرجك..

إحفظ الله عند نومك، إحفظ الله في زوجتك وأولادك ..

وإذا حفظنا الله عزوجل في كل هذا وغيره فإنّ المقابل هو حفظُ الله لنا.. وسيحفظنا في ماذا ؟! 

يحفظنا في أنفسنا، يحفظنا في عقولنا، يحفظنا في أموالنا، يحفظنا في صحتنا، يحفظنا في ذريتنا، 

يحفظنا في نومنا وفي يقظتنا وفي بيوتنا وفي سفرنا وإقامتنا، يحفظنا في ذهابنا وإيابنا وفي دخولنا وخروجنا ،يحفظنا من أمامنا ومن خلفنا، وعن إيماننا وعن شمالنا، ومن بين ايدينا ،يحفظنا من المكائد والشرور، يحفظنا في دنيانا وفي ديننا، وفي آخرتنا، يحفظنا من اعدائنا ..

وأعظمُ حفظ الله لنا انّه يحفظنا في مشاهد الآخرة : 

وايُّ مشهدٍ اعظم من مشهدِ لحظة الموت وساعة الكربات والسكرات حينما تأتي الشياطين بالفتن والشبهات وحينما تثقلُ اللسان ويصفر الوجه وتتجمد الأطراف ... 

وهناك لانك بالدنيا حفظت ربك سيحفظك هنا ويثبتك ...

(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ) [إبراهيم: 27]. 

ولتأتي بعد ذلك مرحلةُ حفظُ الله لك الثانيه وهي حفظة لك في قبرك، فبعد أن تسمع قرع النعال فوق قبرك، وبعد أن تركوك، واقتسموا الأموال ونكحوا النساء، فيقعِدكَ منكرٌ ونكير (أسماء مرعبة) فضلاً عن الواقع، فيقولان : من ربك؟!                 

ومن حفظ الله سيقول ربي الله، يعرف ربه، ليس ربه الدينار ولا الدرهم ولا الدولار ولا الذهب ولاالفضه!!  لان ربه الله ممتلئ به قلبه ..

وما دينك ؟! ديني الإسلام، يعرف حدود الحلال والحرام..

من نبيك ؟! نبيي محمد، وليس الأسماء الساقطة المشهورة في الإعلام، مفتخرٌ بمحمد ،معظمٌ لشرع محمد صلى الله عليه وسلم فيقول بكل ثقة : نبيي محمد صلى الله عليه وسلم.

ويتواصل الحفظ على الصراط، وعند الميزان، وعند دخول الجنة، وعندما يرى المؤمنون الرعب والأهوال تتنزل الملائكة للتثبيت، والحفظ في الدنيا والآخرة : (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) [الرعد: 11] 

حافظون متعاقبون عليك، والحفظ يتواصل حتى الجنة : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ )[فصلت: 30،]. 

اللهــم انا نعوذُ بك من البرص والجنون والجذامِ ومن سيئِ الأسقام ..

اللهــم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك..

اللهــم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن ايماننا وعن شمائلنا ومن وفوقنا ونعوذ بعظمتك ان نغتال من تحتنا ..

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].

المشاهدات 1680 | التعليقات 0