في ظــلال حـديث نبـوي
أحمد عبدالله صالح
خطبــة جمعــه بعنــوان
في ظـــلال حـديث نبــوي
امّــا بعــد :
عشنا في جمعةٍ سبقت في ظلال آية كريمة من كتاب الله جل وعلا فيها الخير والآمان والوقاية والسلامة هي :
﴿ فاللهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين ﴾
واليوم نحن على موعدٍ جديد للعيشِ في النصف الساعة تقريباً في ظلال حـديث نبويٍ شريف
وهذا الحديث كذلك يرسم لنا قبل الأربعة عشر قرناً من الزمان معالمَ النجاة وأسباب الوقاية والسلامة.!
فكما روى الترمذي وصحح ذلك الالباني يأتي الصحابيُ الجليل عقبة بن عامر رضي الله عنه وأرضاه الــى رسـول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له يارسول الله : مـــا النجــــاة ؟
وكأنّه يقول :
ما النجاة من الأخطار ؟ ما النجاة من الأضرار ؟
ما النجاة من كل شر ؟ ما النجاة من كل مرض خبيث؟ ما النجاة من كل نازله ؟ ما النجاة من كل بليه ؟ ما النجاة من كل محنةٍ وفتنه ؟..
الصحابي الجليل عقبة يسأل عن طرق السلامه.!
يريد تدابير الوقايه ! يطلب ارشادات النجاة ؟
يسأل عـن الحل ..!؟
ولعلكم ترون وتشاهدون ما يُصيب عالم اليوم وما يمرُ به حتى هذه اللحظه ..!
فما زال مرض "كورونا" هو المسيطر وهو المتصدر للشاشات والقنوات والمنابر الإعلامية ومنصات التواصل .
ما زال هذا المرض في موسم حصاده، يحصدُ في العالم كل يوم مزيداً من الأرواح، لا يدري أحدٌ متى ؟ ولا أين تَنزِل ضرباته لتُكدّرَ الأفراح، وتَبُثَ في العالمِ الأتراح ..
لقد تحولت بسببه المدن الحضارية في العالم إلى مدن اشباح ... وكشف الله به عن هشاشة تقدم الإنسان في الصناعة..
وظهر ما فيها من النقص في الوقايةِ والمناعة..
وانكشفت سوءتها في سوء البضاعة..
نشرَ الجهلاء بسببه الخرافات والأوهام ..
وبحثوا عن العلاج حتى في أضغاث الأحلام ..
فمنهم من وجد الحل بالعيشِ في الحجرِ الصحي على موائد اليأس والخوف والقلق والقنوط والهلع والإحباط ..
ومنهم من لم يجد الحل إلاّ في وضع الحدِّ لحياته بالانتحارِ بالسقوط من شاهق العمارات؛ وما ذلك إلا لسيطرة اليأس والإحباط والقلق على ضِعافِ الإيمانِ والنفوس.
أمّـا ديننا ، دينُ السماحة والحبِّ والرحمة فقد حملَ إلينا في طياته الحلول الناجعة، والوسائل النافعة، في كثيرٍ من المشاكل الواقعة؛ فلا يكاد مشكلْ يطفو على الساحة العالمية إلا ووجدت في اللجوءِ إلى الإسلام أنجع الدواء لعلاجِ أفظع الأدواء ..
إعترف بذلك المنصفون من الأعداء وإن أنكره المجحفون من الأدعياء ..
اعترف العالم للإسلام بمشاركته في طرح الحلول لكثيرٍ من المشاكل المستعصية التي تُعاني منها الإنسانية :
كمشاكل السيدا، ومشاكل الديون الربوية، ومشاكل الخمور والمخدرات، ومشاكل البيئة الطبيعية، ومشاكل الإقصاء والعنصرية ..!
وأخيراً اعترفوا بأن سيدنا محمداﷺ هو أول من دعا لمحاربةِ الوباء بالنظافة والحجر الصحي ..
ولأجل هذا لخص لنا النبيﷺفي هذا الحديث الشريف العلاج الوافي والبلسم الشافي فحينما سأله الصحابي الجليل عقبة بن عامرٍ :
يا رسول الله؛ ما النجـــاةُ ؟
هنا يدله عليه الصلاة والسلام على ثلاثة أمور للنجاة والوقاية من الأخطارِ والأمراض والفتن .
ثلاث وصايا قصيرةٌ.. فيها المعاني الكثيرةُ فقالﷺ : « أَمسِك عليك لسانكَ، وليَسعُك بيتُك، وابكِ على خطيئتك ».
فطـوقُ النجاةِ النبوي الاول هو :
« أَمسِك عليك لسانَكَ »
أتعلمــونَ لماذا؟..
لأنَّ الفِتن والنوازل والأوبئة إذا جاءتْ اختلطتْ الأمورُ.. وغابتْ العقولُ وانطفأَ النُّورُ.. " فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ"..
فينظرُ المرءُ أمامَه فلا يرى شيئاً.. وينظرُ خلفَه فلا يرى شيئاً.. وينظرُ عن يمينِه فلا يرى شيئاً.. وينظرُ عن شِمالِه فلا يرى شيئاً..
عندها لا ينبغي للإنسانِ أن يتكلمُ بغيرِ عِلمٍ مع الجاهلينَ.. ولا يخوضُ بغيرٍ تَثبُّتٍ مع الخائضينَ.. بل عليه أن يُمسكَ لِسانَه من الخوضِ في الأعراضِ والدِّماءِ او يبثّ الرعبَ والخوف والهلع بإشاعاته ..
فقدْ لا يُصيبُ الحقَّ فيظلمَ المظلومَ ويتَّهمَ الأبرياءَ وقد قالَ صلى اللهُ عليه وسلمَ :
" إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرق والمغرب "
نعم « أَمسِك عليك لسانَكَ »
اللسـان وما أدراكم ما اللسـان ؟
صغيرٌ حجمه, عظيمٌ جرمه، كم أوقع من أمةٍ في الهلاك، وكم قاد جيشاً الى الهاوية، وكم أودى بحياة جمعٍ كثيرٍ من البشر وذلك لسوءِ حركته وتعذّر إلجامه..
اللسان نعمةٌ او نقمه وسلاحٌ ذو حدين, إمّا أن يجرحك و إمّا أن يمنحك.
إن ضبطه صاحبه سَلِم وإن تخلى عنه عقره .
له خاصية لا توجد في سائرِ الأعضاء :
فالعينُ لا تصل إلاّ الى الألوان والصور ، والأذُن لا تصل إلاّ الى الأصوات، واليد لاتصل إلاّ الـى الأجسام، وكذا سائر الأعضاء، إلاّ اللسان فهو رحبُ الميدان ليس له مرد، ولا لمجاله منتهىً واحد،
له في الخير مجالٌ رَحِبْ وله في الشرّ ذيلٌ سَحِبْ .
قال صلى الله عليه وسلم كماروى ذلك ابو داوود : (لما عُرِجَ بي (أي في رحلة الإسراء) مررتُ بقوم لهم أظفار من نحاس يخْمِشُون (يجرحون) وجوههم وصدورهم، فقلت: مَنْ هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم).
ولهذا معنى « أَمسِك عليك لسانَكَ » بالواقع الحالي وما يحدث لعالم اليوم أي :
إبتعد عن نشرِ الأراجيف والإشاعات..
لأن الإشاعات أضر على الإنسان من كورونا نفسه .
الإشاعات ألهبت المشاعر، وحطمت المشاريع، وانتشرت مثل النار في الهشيم عبر المواقع والشوارع؛ فطال مرض "كورونا" بكل جوانبه :
( في وجوده وحقيقته، وفي أصله وتكوينه، وفي انتشاره وتمدده، وفي علاجه ودوائه، بل وحتى في نهايته وزواله ) ..
إشاعات وخرافات؛ وأباطيل وضلالات لم ينجُ منها حتى القرآن الكريم ففسروا الناقور بـ " كورونا " وادعى غيرهم من الضالّون أن احد المبشرين بالجنه ذكره في " قرون وقرون وقرون "..
أمّا عن ابتكار العلاجات فحدث عن البحر ولا حرج، أبخرة وشعوذة، وطلاسيم وأعشاب، ومرض "كورونا" يمضي في طريقة ولا يبالي؛ وكثير من المنشورات إنما تبثُ اليأس والجهل والإحباط ..
ومواجهة "كورونا" يحتاج للوعي ،يحتاج للأمل
يحتاج للاحتياط،والأهم من ذلك انه يحتاج الى قوة ورباطة جأش لاخوف او رعب اوقلق ، واكثر ما تمكن كورونا من اصحاب النفوس الضعيفة الخائفة القلقه المضطربة .. وحيا من قال :
إذا شئْت أنْ تحْيا سَليماً من الأذى
وَحَظّكَ مَوْفورٌ وعِرْضُكَ صَيّنُ
لسانُكَ لا تذْكُرْ به عَوْرةَ امرئ
فكُلّكَ عَوراتٌ وللناسِ ألسُنُ
وعيْنُك إنْ أبدتْ إليكَ معايباً
لقومٍ فقل يا عَيْنُ للناسِ أعْيُنُ
طـوقُ النجاة الثاني من الأوبئةِ والفتن والنوازل الذي وجهنا إليه عليه الصلاة والسلام هو قوله عليه الصلاة والسلام : « وليسعك بيتُك »
البيتُ في أوقاتِ الفِتنِ والأوبئة يصبحُ جنَّةً من الجنَّاتِ..
البيتُ في أيام الفتنِ أفضل لمن أرادَ السَّلامةَ..
يحفظُ نفسَه واهله وولده ويأنسُ بربِّه..
يقول أبو الدرداء رضي الله عنه :
( نِعمَ صومعةُ المرء المسلم بيتُه، يكفُ لسانه وفرجه وبصره ).
البيتُ والاهتمامُ به هو الوسيلةُ الكبيرة لبناءِ المجتمع المسلم، فإن المجتمع يتكوّن من بيوت هي لبناته، والبيوت أحياء، والأحياء مجتمع،
فلو صلَحت اللبنة لكان مجتمعنا قوياً بأحكامِ الله، صامداً في وجه أعداء الله، يشعُ منه الخير ولا ينفذُ إليه الشر.
يتخرجُ منه الداعيةُ القدوة، والقائدُ الرباني، وطالبُ العلم المجتهد، والمجاهدُ الصادق، والشابُ الغيور على دينه وعلى عرضه، والبنتُ العفيفة الطاهرة، والزوجةُ المخلصة، والأمُ المربية، وبقيةُ الصالحين المصلحين.
ولذلكم البيتُ في زمنِ الجائحات والأمراض والفتن يقيكَ بإذنِ اللهِ كثيراً من الشُّرورِ والآفاتِ..
لأنّ كثيراً من الخُلطةِ والاجتماعاتِ في أيامِ الفِتنِ والابئة يَغلبُ عليها الإصابةُ واللَّغو والإشاعاتُ والقولُ بغيرِ علمٍ..
فيكثرُ الجِدالُ والمِراءُ والخِصامُ،وتشتبهُ الأمورُ على الكثيرِ فهم في حِيرةٍ وأوهامٍ..
والعالمُ اليوم كله يعود لحلولِ الاسلام ومعالجاته هاهو العالم ينادي بالنداءِ النبوي الشريف :( وليسعُك بيتُك )وينادي بالتوجيه القرآني الكريم :
ادخلوا مساكنكم) ..
عند الإحساس بالخطر ( ادخلوا مساكنكم ) تسلموا ويسلم غيركم..
نادت بهذا نملةٌ استشعرت الواجب وقامت المسئولية حين احست بالخطر وقدوم المكروة فنادت بلسان المنطق واليقين كون البيت هو الملاذ الآمن فقالت :
(يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [النَّمْلِ: 18].
والمستهترون بالإجراءات الاحترازية لاتقاءِ خطر الفيروس (كورونا) تحت أسباب الجهل أو الغفلة وسوءِ فهم التوكلِ على الله تعالى ، أو البكاء غير المشروع على صلاةِ الجمعة والجماعة ومزاولة الأعمال ..
إذا قدّر الله ولا سمح الله بالأصابة المؤكدة بهذا الفيروس فإن الذين سيرفضون للانصياع لتحذيرات الجهات المسؤولة، وعلماء الطب والشرع الراسخين في منع التجول ولزوم البيوت إنّما هم مهما كانت المبررات سيُفسدون في حق الناس ويُجرمون من حيث لايشعرون .
وهل تذكرون مقولة سيد الخلق علية الصلاة والسلام : ( قتلوه.. قتلهم الله)
قالها صلى الله عليه وسلم في حقِّ أناس أفتوا رجلاً واحداً بالاغتسالِ ولم يروا له رخصةً في التيمم من شجةٍ في رأسه فمات ..
فكيف بمن يتسبب بطمعه وجشعه بمقتل مئات بل آلآف من البشر ، او أولئك الذين أفضت فتواهم إلى قتل مئات الآلاف؟! ذلك أنهم توهموا أنهم مثقفون أو مفتون، والحقيقة أنهم مفتونون، و(الجنون - حقا - فنون).
ولهذا أكد النبيﷺ في هذا الحديث وفي أحاديث كثيرة، على البقاءِ في البيتِ فامتنع عن مصافحةِ المريض بالجذام، ونهى عن إدخالِ المُمْرِض على المُصِحّ ..
بل واعتبرﷺ من التزم بالحجرِ الصحي في هذه الظروف بمنزلةِ الشهيد في سبيل الله ..
وهل تدورن ما هو أجرُ الشهيد !؟
إقرءوا إن شئتم قول الله تعالى :
{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني واياكم بمافيه من الآيات والذكر الحكيم واستغفروا الله لي ولكم ويافوز المستغفرين .
الخطبـة الثـانيـة
أمّـا بعـد أيهـا الاخــوة المؤمنون :
لَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ، وَتَفَكَّرَ مُتَفَكِّرٌ، بعينِ البصر والبصيرة لَعَلِمَ أَنَّ كَثِيرًا مِن مُشكِلاتِ العالم وَمَآسِيهَا، وَغَالِبَ آلامِها وَأَوجَاعِهَا حلُّها وعلاجها الأول والأخير في كتاب الله وسنّه رسوله صلى الله عليه وسلم علم ذلك من علم وجهل ذلك من جهل، ولو جحد ذلك الجاحدون او أنكره المنكرون إلاّ أن مرجعهم في الاخير الـى الاسلام وشرائعة ومبادئه وقيمّه وأخلاقه واهدافه النبيلة والساميه ..
ولهذا نحن اليوم مع وصفةٍ نبويَّة.. وهِداية ربانيَّة.. لمن أرادَ النَّجاةَ والْفَكَاكَ.. في أيامِ الفِتنِ والهَلاكِ والأوبئة الفتاكة..
فعندما سمعَ عقبةُ بنُ عَامرٍ رضيَ اللهُ عنه أحاديثَ الفِتنِ العَديدةَ وأنّ الإنسانَ قد يبيعُ فيها دينَه ببضاعةٍ زهيدةٍ او لعاعةٍ يسيرة او بعرضٍ من الدنيا كما في حديثِ :
" بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا"..
عندما سمع هذا قال يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا النَّجَاةُ ؟ .
اي : دلني على طريق السلامه - دلني على طريق النجاة والوقايه !
وهنا يرشده ويدلّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ثلاث وقايات وثلاث وصفات للنجاة فقال :
طوقُ النجاة الاول : " أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ "
طوقُ النجاة الثاني : "وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ "
أمّـا طوقُ النجاة الثالث والأخير لمن أراد النجاة من كل شرٍ وبلاءٍ ومحنٍ وفتن فهو :
" وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ "
وَلا يَعني ذَلِكَ أَيُّهَا الكــرام أَن يَعِيشَ المَرءُ في مَعزِلٍ عَمَّا حَولَهُ وَيَترُكَ النَّصِيحَةَ، أَو يُقَصِّرَ في وَاجِبِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ،أَو يَنكُصَ عَنِ المُسَاهَمَةِ في إِصلاحِ النَّاسِ وَدِلالَتِهِم عَلَى الخَيرِ وَأَطرِهِم عَلَى الحَقِّ، وَلَكِنَّ المَقصُودَ أَنَّهُ مَتى ما كَانَت مُخَالَطَةُ الناس ضارةٌ له في صحته او عقيدته او اخلاقه فالانعزال والبعد عنهم أولى للوقوف على اخطاء النفس وإصلاح اعوجاجها والبكاء على خطاياها.
ومعنى «وابكِ على خطيئتك» بالأمر الواقعي وما يحدث ويحصل لعالمِ اليوم هو اللجوء إلى الله تعالى بالاستغفارِ والدعاء ..!
اللجوء الى باب الله بالتضرع والإبتهال له.
لقد التجأ غير المسلمين إلى ما كانوا يعبدون من دون الله؛ فاستنجد اليهود والنصارى بالأحبار والرهبان، وتمسحوا بأخشابِ الصلبان، وغيرهم استنجد بالكواكب والنجوم واخرون بالأفلاك والحيوان، كما استنجد غيرهم من الديانات الأخرى بالمنجمين والمشعوذين والكهان ..
أفلا يكون المسلمون هم الاولى والأحرى بالإلتجاء إلى الله تعالى وعبادتة وطاعتة سبحانه جل في علاه؟
يلجؤن إليه بطلبِ العفو والمغفرة .
يلجؤن إلى الله تعالى بالتوبة والإنابة بترك الربا والمراباه، بترك اكل مال اليتيم واكل أموال الناس بالباطل ،بترك مؤاذاة الجار وتتبع عورات الناس والتجسس عليهم، بترك القمار والرشوه.
بالبعد عن الزنا والخمر، بالبعد عن محاربة الله ورسوله وأولياءه.
اللجوء إلى الله تعالى بالبعدِ عن المحرمات والفواحش ومواطن الضياع والشقاء والقسوة .
والآيات القرآنية الداعية للعودةِ الى الله والتضرع به كثيرةٌ في هذا المجال قال سبحانه وتعالى :
( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ (( لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ؛) ) 94 الأعراف والله سبحانه يقول :
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الروم 41]
اللهــم إنّا تبنا إليكَ ورجعنا إليك فاقبلنا واسترنا وتجاوز عنا واصفح عنا ولاتؤخذنا بذنوبنا ولا بسيئاتنا ولابتقصيرنا ولابأخطائنا ولا بما فعله السفهاء منا ..
اللهــم ارفع عنا الوباء والبلاء والغلاء والزنا والربا وسوء الفتن ماظهر منها وما بطن .
اللهــم انا نعوذُ بك من البرص والجنون والجذامِ ومن سيئِ الأسقام ..
اللهــم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن ايماننا وعن شمائلنا ومن وفوقنا ونعوذ بعظمتك ان نغتال من تحتنا ..
اللهمّ إنّـا نسألُك العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرةِ.
اللهمّ إنـا نسألُك العفوَ والعافيةَ في دِيننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا .
اللهمّ استُرْ عوراتنا وآمِنْ روعاتنا. ووحد صفنا ولم شتاتنا واجمع كلمتنا واحقن دمائنا وصن أعراضنا
اللهــم شافي كل مريض ، وعافي كل مبتلي وارحم كل ميّت واشبع كل جائع ، وأغني كل فقير ، وأكسي كل عاري ، وواسي كل مكروب ، وأسعد كل محزون ، وانصر كل مظلوم، واحمل كل عائل .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].