في الصحراء
علي بن عقيل السهيمي
1438/07/17 - 2017/04/14 06:13AM
الحمد لله الذي لا يرام جنابه، ولا يقهر سلطانه، الملك ملكه، والأمر أمره، والحكم حكمه، من توكل عليه كان كفاه، ومن السوء وقاه، والخير كله جناه، من توكل على الله فهو حسبه ، ومن استعان بغيره خاب سعيه ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا.
والصلاة والسلام، على من بعثه الله هاديا وبشيرا، ومبلغا ونذيرا، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
ولد له بعد أمد، وأتاه بعد مدد، فأتت البشارة، وحلت السعادة، فانشرح الصدر، وزال العسر، مكث غير كثير، فغارت الزوج الكسير، فبشرت سارة بإسحاق، ولكن أبت إلا الفراق، فأتى الوحي من السماء، أن امض بهم إلى العراء، فأخذهم إبراهيم عليه السلام إلى بعيد من المكان، فمضوا وطال الزمان، فجعلهم في صحراء، لا أكل ولا ماء، فلا شيء هناك ولا جليس، ولا بشر ولا أنيس .
تركهم وولى، لا يلوي على أحد ثم قفى، قالت يا إبراهيم متمسكة بثوبه، متعلقة بجسده، يا إبراهيم إنما أنا زوجك وذاك ولدك، يا إبراهيم أنى تتركنا في العراء، لا زاد ولا ماء، يا إبراهيم، وإبراهيم يمضي بلا التفات، وقلبه من الحزن كعظم رفات، فقالت كلمة بعد كل ذلك الهلع، لما أيقنت أن زوجها لن يلتفت لذلك الجزع، قالت هاجر عليها السلام:
يا إبراهيم آلله أمرك بذلك، آلله أمرك أن تتركنا في هذه الصحراء، لا زاد ولا ماء، ولا أنيس ولا جليس، شمس لاهبة، ورمال محرقة، وصحراء مقفرة، آلله أمرك أن تتركنا بشيء قليل من الزاد، ولا شيء يذكر من الماء، أجابها إبراهيم عليه السلام دون أن يلتفت، حتى لا يلين قلبه ، ولا يحزنه زوجه وولده، نعم ، نعم يا هاجر الله أمرنا بذلك.
فقالت : (إذًا لا يضيعنا الله)
لقد نست هاجرُ الجوعَ والخوفَ، لما علمت أنّ الأمر كان من الرؤوف، علمت أن الله تعالى لم يأمرْ إبراهيمَ عليه السلام بأمر ثم يضيعهم، رغم أنها في صحراءَ قاحلة، وشمسٍ حارقة، في مكانٍ مخيف، وزادٍ خفيف، إلا أنّ يقينها بأن الله العالم بالحال، المطلعُ على المآل، القريبُ من العباد، إذا لاذ به العبدُ متيقنا، وتوكلَ عليه مخلصا، وفر إليه تائبا، أن الله يعطيه سؤله، ويكفيه شر عدوه، ويقضي حاجته ، ويجيبُ دعوته.
قال تعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء..) .
فلما كان يقين هاجر بالله عظيما، وتوكلها عليه كبيرا، لم يساورها شك ولا ريب، فقالت (إذا لا يضيعنا الله)
ففجر الله تعالى زمزم، ليكون على قلبها بلسم، فنحن اليوم نرتوي بمائها، ونشربُ من معينها، بقول هاجر رضي الله عنها (إذا لا يضيعنا الله) ، بنيت الكعبة، وأقيمت مكة، وحلت السكنى، وحسن لأم إسماعيل العقبى ، فنعم عاقبة قولها (إذا لا يضيعنا الله)
أيها الأحبة: من لاذ بالله كفاه، ومن توكل عليه أغناه، ومن استجار به وقاه، ومن لجأ إليه أعطاه.
إن التوكل على الله يا أحبة، يحول العسير إلى يسير، ويحول الكبير إلى صغير، إن التوكل على الله ، يعين العبد في حوائجه، ويكون سندا له عند نوائبه، من شك بإجابة الله دعاءه، أو بشفاء مريضه، أو بقضاء دينه، أو بإعانة الله له، فقد خرم التوكل من قلبه، وحل اليأس في صدره، واتصف بصفة أهل الكفر والضلال في قوله (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) (الضالون)
أيها الأحبة: إن اليقين بنصر الله، وإجابة الدعاء، وتعلق القلب على الله بالتوكل والرجاء، ذكرت في كتاب الله في أكثر من آية، وكانت سمة لرسل الله في الدعوة والنذارة
فلقد رُمي إبراهيم عليه السلام بالمنجنيق فكان بين السماء والأرض معلقا، فأتاه جبريل فقال له ألك حاجة ، قال إبراهيم عليه السلام أما منك فلا وأما من الله فنعم ، فقال الله تعالى للنار (كوني بردا وسلاما)
وموسى طرد وقومه من فرعون وملأه، فحبسه البحر؛، فقال أصحابه إنا لمدركون، فأجاب متيقنا متوكلا كلا إن معي ربي سيهدين..
ونبي الله صلى الله عليه وسلم حوصر وصاحبه من قريش، فقال أبو بكر رضي الله عنه، يارسول الله، والله لو نظر أحدهم إلى شراك نعليه لأبصرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بكل طمأنينة
وسكينة، متيقنا متوكلا (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)
أما بعد :
قد يكون أحدنا قد أثقله الهم أو الدين، أو حبسه الغبن أو الضيم، أو أثقله الابن أو العين.
قد يكون أحدنا يبني فشق عليه البناء، أو يرجوا الهداية لحبيب، فقنط من ذلك الرجاء، أو يعمل بعمل فأثقل ظهره بذلك العناء.
قد يكون أحدنا قد ابتلي بسحر أو عرض، أو عين أو مرض ، ومن منا يسلم من الكبد والعناء، أو التعب والبلاء
ولكن السؤال:
من منا، حينما نابه شيء من ذلك ، قال كما قالت هاجر عليها السلام (إذا لا يضيعنا الله)
فحلق بقلبه حول العرش، يرجوا ربه أن يقضي دينه، أو يحل غيثه، أو يشفي مريضه، أو يزيل همه وغمه.
من منا يا أحبة، حينما نابه شيء من ذلك قال (حسبنا الله ونعم الوكيل) فلاذ بربه، ولجأ لمولاه، ليجيبه ربه (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ..)
من منا يا أحبة ، توكل على الله في كل أمره، وفي جميع شأنه، ليجعل الله له الدنيا والآخرة تحت قدمه، (ومن يتوكل على الله فهو حسبه..) ألا يكفيك أن الله حسبك، أن الله ناصرك، أن الله وليك، أن الله مولاك ورازقك .
أيها الأحبة: إن المؤمن الحق الذي يتوكل على الله في جميع شؤون حياته، دق أو عظم، صغر أم كبر، كان في أمر من أمور معاشه، أو أمرا من أمور معاده، فهذا هو العبد الحق، الذي علق كل شيء بربه.
يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله (كل شأني ، شأن نفسي، شأن رزقي، شأن ولدي، شأن زوجي، شأن همي وغمي، شأن عملي، شأن مركبي ) أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلا نفسي طرفة عين .
وفررتُ نحوك من وحوش كآبتي وإليك - يا ربّي - رفعتُ سؤالي
ربّاهُ من ذا إنْ طُردتُ يجبرني ؟! أو من سِواكَ يسرُّه إقبالِي ؟!
حاشاكَ تطردُ من رجاكَ ومنْ عصَى حاشاكَ تفعل - يا رحيمُ - بحالِي
من استجار بغير الله في فزع فإن ناصره عجز وخذلان
فالزم يديك بحبل الله معتصما فإنه الركن إذا خانتك أركان
والصلاة والسلام، على من بعثه الله هاديا وبشيرا، ومبلغا ونذيرا، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
وأبْيضَ يُسْتَسْقى الغَمامُ بِوَجْهِه ثِمالَ اليَتامى عِصْمَةٌ للأرامِلِ
يَلوذُ بِهِ الهُلاّكُ مِنْ آلِ هاشِم فَهُمْ عِنْدَهُ في رَحْمَة وفَواضِلِ
ولد له بعد أمد، وأتاه بعد مدد، فأتت البشارة، وحلت السعادة، فانشرح الصدر، وزال العسر، مكث غير كثير، فغارت الزوج الكسير، فبشرت سارة بإسحاق، ولكن أبت إلا الفراق، فأتى الوحي من السماء، أن امض بهم إلى العراء، فأخذهم إبراهيم عليه السلام إلى بعيد من المكان، فمضوا وطال الزمان، فجعلهم في صحراء، لا أكل ولا ماء، فلا شيء هناك ولا جليس، ولا بشر ولا أنيس .
تركهم وولى، لا يلوي على أحد ثم قفى، قالت يا إبراهيم متمسكة بثوبه، متعلقة بجسده، يا إبراهيم إنما أنا زوجك وذاك ولدك، يا إبراهيم أنى تتركنا في العراء، لا زاد ولا ماء، يا إبراهيم، وإبراهيم يمضي بلا التفات، وقلبه من الحزن كعظم رفات، فقالت كلمة بعد كل ذلك الهلع، لما أيقنت أن زوجها لن يلتفت لذلك الجزع، قالت هاجر عليها السلام:
يا إبراهيم آلله أمرك بذلك، آلله أمرك أن تتركنا في هذه الصحراء، لا زاد ولا ماء، ولا أنيس ولا جليس، شمس لاهبة، ورمال محرقة، وصحراء مقفرة، آلله أمرك أن تتركنا بشيء قليل من الزاد، ولا شيء يذكر من الماء، أجابها إبراهيم عليه السلام دون أن يلتفت، حتى لا يلين قلبه ، ولا يحزنه زوجه وولده، نعم ، نعم يا هاجر الله أمرنا بذلك.
فقالت : (إذًا لا يضيعنا الله)
لقد نست هاجرُ الجوعَ والخوفَ، لما علمت أنّ الأمر كان من الرؤوف، علمت أن الله تعالى لم يأمرْ إبراهيمَ عليه السلام بأمر ثم يضيعهم، رغم أنها في صحراءَ قاحلة، وشمسٍ حارقة، في مكانٍ مخيف، وزادٍ خفيف، إلا أنّ يقينها بأن الله العالم بالحال، المطلعُ على المآل، القريبُ من العباد، إذا لاذ به العبدُ متيقنا، وتوكلَ عليه مخلصا، وفر إليه تائبا، أن الله يعطيه سؤله، ويكفيه شر عدوه، ويقضي حاجته ، ويجيبُ دعوته.
قال تعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء..) .
فلما كان يقين هاجر بالله عظيما، وتوكلها عليه كبيرا، لم يساورها شك ولا ريب، فقالت (إذا لا يضيعنا الله)
ففجر الله تعالى زمزم، ليكون على قلبها بلسم، فنحن اليوم نرتوي بمائها، ونشربُ من معينها، بقول هاجر رضي الله عنها (إذا لا يضيعنا الله) ، بنيت الكعبة، وأقيمت مكة، وحلت السكنى، وحسن لأم إسماعيل العقبى ، فنعم عاقبة قولها (إذا لا يضيعنا الله)
أيها الأحبة: من لاذ بالله كفاه، ومن توكل عليه أغناه، ومن استجار به وقاه، ومن لجأ إليه أعطاه.
يامن ألوذ به فيما أأمله وأعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ولا يهيضون عظما أنت جابره
إن التوكل على الله يا أحبة، يحول العسير إلى يسير، ويحول الكبير إلى صغير، إن التوكل على الله ، يعين العبد في حوائجه، ويكون سندا له عند نوائبه، من شك بإجابة الله دعاءه، أو بشفاء مريضه، أو بقضاء دينه، أو بإعانة الله له، فقد خرم التوكل من قلبه، وحل اليأس في صدره، واتصف بصفة أهل الكفر والضلال في قوله (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) (الضالون)
أيها الأحبة: إن اليقين بنصر الله، وإجابة الدعاء، وتعلق القلب على الله بالتوكل والرجاء، ذكرت في كتاب الله في أكثر من آية، وكانت سمة لرسل الله في الدعوة والنذارة
فلقد رُمي إبراهيم عليه السلام بالمنجنيق فكان بين السماء والأرض معلقا، فأتاه جبريل فقال له ألك حاجة ، قال إبراهيم عليه السلام أما منك فلا وأما من الله فنعم ، فقال الله تعالى للنار (كوني بردا وسلاما)
وموسى طرد وقومه من فرعون وملأه، فحبسه البحر؛، فقال أصحابه إنا لمدركون، فأجاب متيقنا متوكلا كلا إن معي ربي سيهدين..
ونبي الله صلى الله عليه وسلم حوصر وصاحبه من قريش، فقال أبو بكر رضي الله عنه، يارسول الله، والله لو نظر أحدهم إلى شراك نعليه لأبصرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بكل طمأنينة
وسكينة، متيقنا متوكلا (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)
توكل على الرحمن في الأمر كله .... فما خـاب حقا من عليه توكلا
وكــن واثقــا بالله واصبر لحكمه .... تفز بالذي ترجوه منه تفضلا
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
أما بعد :
قد يكون أحدنا قد أثقله الهم أو الدين، أو حبسه الغبن أو الضيم، أو أثقله الابن أو العين.
قد يكون أحدنا يبني فشق عليه البناء، أو يرجوا الهداية لحبيب، فقنط من ذلك الرجاء، أو يعمل بعمل فأثقل ظهره بذلك العناء.
قد يكون أحدنا قد ابتلي بسحر أو عرض، أو عين أو مرض ، ومن منا يسلم من الكبد والعناء، أو التعب والبلاء
ولكن السؤال:
من منا، حينما نابه شيء من ذلك ، قال كما قالت هاجر عليها السلام (إذا لا يضيعنا الله)
فحلق بقلبه حول العرش، يرجوا ربه أن يقضي دينه، أو يحل غيثه، أو يشفي مريضه، أو يزيل همه وغمه.
من منا يا أحبة، حينما نابه شيء من ذلك قال (حسبنا الله ونعم الوكيل) فلاذ بربه، ولجأ لمولاه، ليجيبه ربه (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ..)
من منا يا أحبة ، توكل على الله في كل أمره، وفي جميع شأنه، ليجعل الله له الدنيا والآخرة تحت قدمه، (ومن يتوكل على الله فهو حسبه..) ألا يكفيك أن الله حسبك، أن الله ناصرك، أن الله وليك، أن الله مولاك ورازقك .
أيها الأحبة: إن المؤمن الحق الذي يتوكل على الله في جميع شؤون حياته، دق أو عظم، صغر أم كبر، كان في أمر من أمور معاشه، أو أمرا من أمور معاده، فهذا هو العبد الحق، الذي علق كل شيء بربه.
يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله (كل شأني ، شأن نفسي، شأن رزقي، شأن ولدي، شأن زوجي، شأن همي وغمي، شأن عملي، شأن مركبي ) أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلا نفسي طرفة عين .
وفررتُ نحوك من وحوش كآبتي وإليك - يا ربّي - رفعتُ سؤالي
ربّاهُ من ذا إنْ طُردتُ يجبرني ؟! أو من سِواكَ يسرُّه إقبالِي ؟!
حاشاكَ تطردُ من رجاكَ ومنْ عصَى حاشاكَ تفعل - يا رحيمُ - بحالِي
المرفقات
في الصحراء.docx
في الصحراء.docx