( في الحج دروس وعبر ) 3
حامد ابراهيم طه
1437/11/17 - 2016/08/20 10:35AM
لمتابعة جديد الخطب نشرف بزيارتكم لموقعنا الرسمى الجديد على هذا الرابط
http://hamidibrahem.com/
الخطبة الأولى ( في الحج دروس وعبر ) 3
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام..... وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) (97) آل عمران
وروى مسلم في صحيحه (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ».
إخوة الإسلام
ما هي الدروس المستفادة من الحج، مع كونه اجتماع كبير للمسلمين يعبر عن وحدة الشعور والمشاعر، ووحدة الفكر الهدف، ووحدة الواقع والمآسي والمصير؟
فالحج يعني الإقلاع عن كل حرام، وعهد مع الله أن لا يفرط الحاج بفرض فرضه الله.
والحج يذكر الحاج عند لباسه لباس الإحرام بالموت ولباس الموت، وكفى بالموت واعظاً
. والحج يعني أن تتذكر ما عاناه الصحابة، رضوان الله عليهم، لأجل هذا الدين، فهنا عُذِّب بلال رضي الله عنه وكان عبداً فصبر واحتمل ذلك، وهنا قتلت سمية أم عمار صابرةً محتسبةً أمرها لله؛ لتكون أول شهيدة في الإسلام، وهي جارية ولم تكن حرة أيضاً.
وهنا عذب خباب وغيره من صحابة رسول الله .
وهنا وقعت غزوة بدر الكبرى، التي فصل فيها الحق بين الحق والباطل. وهنا وقعت أحد التي هزم في بدايتها المسلمون لمخالفتهم أمراً واحداً من أوامر الرسول .
والحاج عندما ينظر للكعبة، وتدخل هيبتها في قلبه، يتذكر حديث رسول الله عندما وقف مخاطباً الكعبة كما في سنن ابن ماجة (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ
« مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا ».
وهنا يقارن المسلم ذلك بما يراه اليوم من هوان المسلمين، واستباحة دماءهم
وفي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ ،
قَالَ « أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا » . قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ . قَالَ « أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ » .
قُلْنَا بَلَى . قَالَ « أَيُّ شَهْرٍ هَذَا » . قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ . فَقَالَ « أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ » . قُلْنَا بَلَى . قَالَ « أَيُّ بَلَدٍ هَذَا » . قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ . قَالَ « أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ » . قُلْنَا بَلَى .
قَالَ « فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ . أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ » . قَالُوا نَعَمْ . قَالَ « اللَّهُمَّ اشْهَدْ ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ، فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ »
أيها المسلمون
والحاج عندما ينظر للكعبة، ويتذكر كيف كانت محاطة بالأصنام، وكيف عمل على تحطيم تلكم الأصنام، ولم يبقِ منها شيئاً، فطهرها من الأدناس والأرجاس، يتذكر ذلك وهو يتفكر في الأصنام البشرية التي نصبت نفسها آلهة من دون الله، تشرع ما تشاء، وتسن أحكاماً كيف تريد،
وينظر كيف حولت هذه الأصنام البشرية معيشة الأمة إلى جحيم، واستبدلت نعيم الإسلام بجحيم الكفر، ما يوجب على الحاج أن يعمل ما عمله رسول الله لإزالة هذه الأصنام البشرية وتحطيمها كما حطمها رسول الله لنفرح كما فرح المؤمنون عندما كان يردد قول الله تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء].
والحج يُذكِّرنا بما روي في الموطإ عن مالك (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« لاَ يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ » فَأَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ.
قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ أَجْلَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَهُودَ نَجْرَانَ وَفَدَكَ فَأَمَّا يَهُودُ خَيْبَرَ فَخَرَجُوا مِنْهَا لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ وَلاَ مِنَ الأَرْضِ شَىْءٌ
وَأَمَّا يَهُودُ فَدَكَ فَكَانَ لَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ وَنِصْفُ الأَرْضِ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَى نِصْفِ الثَّمَرِ وَنِصْفِ الأَرْضِ فَأَقَامَ لَهُمْ عُمَرُ نِصْفَ الثَّمَرِ وَنِصْفَ الأَرْضِ قِيمَةً مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ وَإِبِلٍ وَحِبَالٍ وَأَقْتَابٍ ثُمَّ أَعْطَاهُمُ الْقِيمَةَ وَأَجْلاَهُمْ مِنْهَا )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( في الحج دروس وعبر ) 3
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام..... وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والحج يذكر بقوة الله وقدرته، كيف حول مكة من أرض جرداء لا ماء فيها ولا زرع، فأصبحت مهوى الأفئدة، ومن أغنى بلدان العالم، يأتيها رزقها من كل جانب، وكأن الآيات تنـزل الآن تذكر أهل مكة بأن لا يخافوا عيلة ولا فقراً.
فقد كانت مكة آمنة في حين كانت الأعراب حولها لا تعرف الأمان،
وكان أهلها شبعى وغيرهم يتضور جوعاً قبل الإسلام.
فكيف يخافون على أنفسهم ورزقهم وقد أمنهم الله، وهم على كفرهم، بوصفهم من سكان بيت الله الحرام. انظروا لقوله تعالى معاتباً كفار قريش عندما رفضوا اتباع الهدى خوفاً من أن يتخطفهم الناس
فقال تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [القصص]
وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾ [العنكبوت].
يقول تعالى، ممتناً على قريش فيما أحلهم من حرمه، الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد، ومن دخله كان آمنا؛ فهم في أمن عظيم، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضاً، ويقتل بعضهم بعضاً،
فالله يقول إنا جعلنا بلدهم حرماً, حرمنا على الناس أن يدخلوه بغارة، أو حرب, آمناً, يأمن فيه من سكنه, فأوى إليه من السباء والخوف والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس ﴿وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ يقول: وتسلب الناس من حولهم قتلا وسبياً.
وكأن الآيات تقول: إن بيت الله بيت حرام على الكفار، فلا يجوز لهم أن يدخلوهم أرض الحرم؛ لأنها حرام عليهم. وعلى أولئك الحكام أن لا يخشوا إلا ربهم، فقد كان لكم في أهل قريش مثل، وما آل إليه حالهم عندما دار الله الدائرة عليهم، ونصر المسلمين عليهم.
أيها المسلمون
ومن الدروس التربوية المستفادة من تلك العبادة الربانية والتي كلما أمعنا فيها النظر استخرجنا منها العبر.
-الحث على وحدة الأمة الإسلامية في هذا المؤتمر السنوي العالمي الذى يجمع المسلمين من كل جنس ولون.
- الاستسلام الكامل والعبودية المطلقة في فعل ما أمر الله به والبعد عما نهى عنه. وفى الحج تدريب عملي على هذا المعنى.
- الحج تربية أخلاقية تعلمنا التواضع والصبر على الطاعة وترك الجدال ورد المظالم.
- الاستمرار في التضحية بكل غال ونفيس في سبيل الدين.
- نتعلم من الحج أهمية الوقت، فكل عبادة لها وقت محدد. فينبغي أن نحرص على أداء الأعمال في أوقاتها ونلتزم الدقة والانضباط في المواعيد.
- المساواة بين الناس، فلا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح.
- وأخيرًا: فاذا كان الحج من أعظم العبادات التي تلتقى فيها الشعوب من كل مكان لعبادة الكريم الرحمن، فلماذا لا تجتمع القادة كل عام في هذا المناسبة العظيمة لتقديم الحلول المفيدة لمشكلات الأمة؟؟
الدعاء
لمتابعة جديد الخطب نشرف بزيارتكم لموقعنا الرسمى الجديد على هذا الرابط
http://hamidibrahem.com/
http://hamidibrahem.com/
الخطبة الأولى ( في الحج دروس وعبر ) 3
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام..... وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) (97) آل عمران
وروى مسلم في صحيحه (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ».
إخوة الإسلام
ما هي الدروس المستفادة من الحج، مع كونه اجتماع كبير للمسلمين يعبر عن وحدة الشعور والمشاعر، ووحدة الفكر الهدف، ووحدة الواقع والمآسي والمصير؟
فالحج يعني الإقلاع عن كل حرام، وعهد مع الله أن لا يفرط الحاج بفرض فرضه الله.
والحج يذكر الحاج عند لباسه لباس الإحرام بالموت ولباس الموت، وكفى بالموت واعظاً
. والحج يعني أن تتذكر ما عاناه الصحابة، رضوان الله عليهم، لأجل هذا الدين، فهنا عُذِّب بلال رضي الله عنه وكان عبداً فصبر واحتمل ذلك، وهنا قتلت سمية أم عمار صابرةً محتسبةً أمرها لله؛ لتكون أول شهيدة في الإسلام، وهي جارية ولم تكن حرة أيضاً.
وهنا عذب خباب وغيره من صحابة رسول الله .
وهنا وقعت غزوة بدر الكبرى، التي فصل فيها الحق بين الحق والباطل. وهنا وقعت أحد التي هزم في بدايتها المسلمون لمخالفتهم أمراً واحداً من أوامر الرسول .
والحاج عندما ينظر للكعبة، وتدخل هيبتها في قلبه، يتذكر حديث رسول الله عندما وقف مخاطباً الكعبة كما في سنن ابن ماجة (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ
« مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا ».
وهنا يقارن المسلم ذلك بما يراه اليوم من هوان المسلمين، واستباحة دماءهم
وفي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى بَكْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ خَطَبَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ ،
قَالَ « أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا » . قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ . قَالَ « أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ » .
قُلْنَا بَلَى . قَالَ « أَيُّ شَهْرٍ هَذَا » . قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ . فَقَالَ « أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ » . قُلْنَا بَلَى . قَالَ « أَيُّ بَلَدٍ هَذَا » . قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ . قَالَ « أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ » . قُلْنَا بَلَى .
قَالَ « فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ . أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ » . قَالُوا نَعَمْ . قَالَ « اللَّهُمَّ اشْهَدْ ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ، فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ »
أيها المسلمون
والحاج عندما ينظر للكعبة، ويتذكر كيف كانت محاطة بالأصنام، وكيف عمل على تحطيم تلكم الأصنام، ولم يبقِ منها شيئاً، فطهرها من الأدناس والأرجاس، يتذكر ذلك وهو يتفكر في الأصنام البشرية التي نصبت نفسها آلهة من دون الله، تشرع ما تشاء، وتسن أحكاماً كيف تريد،
وينظر كيف حولت هذه الأصنام البشرية معيشة الأمة إلى جحيم، واستبدلت نعيم الإسلام بجحيم الكفر، ما يوجب على الحاج أن يعمل ما عمله رسول الله لإزالة هذه الأصنام البشرية وتحطيمها كما حطمها رسول الله لنفرح كما فرح المؤمنون عندما كان يردد قول الله تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء].
والحج يُذكِّرنا بما روي في الموطإ عن مالك (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« لاَ يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ » فَأَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ.
قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ أَجْلَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَهُودَ نَجْرَانَ وَفَدَكَ فَأَمَّا يَهُودُ خَيْبَرَ فَخَرَجُوا مِنْهَا لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ وَلاَ مِنَ الأَرْضِ شَىْءٌ
وَأَمَّا يَهُودُ فَدَكَ فَكَانَ لَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ وَنِصْفُ الأَرْضِ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَى نِصْفِ الثَّمَرِ وَنِصْفِ الأَرْضِ فَأَقَامَ لَهُمْ عُمَرُ نِصْفَ الثَّمَرِ وَنِصْفَ الأَرْضِ قِيمَةً مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ وَإِبِلٍ وَحِبَالٍ وَأَقْتَابٍ ثُمَّ أَعْطَاهُمُ الْقِيمَةَ وَأَجْلاَهُمْ مِنْهَا )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( في الحج دروس وعبر ) 3
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام..... وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والحج يذكر بقوة الله وقدرته، كيف حول مكة من أرض جرداء لا ماء فيها ولا زرع، فأصبحت مهوى الأفئدة، ومن أغنى بلدان العالم، يأتيها رزقها من كل جانب، وكأن الآيات تنـزل الآن تذكر أهل مكة بأن لا يخافوا عيلة ولا فقراً.
فقد كانت مكة آمنة في حين كانت الأعراب حولها لا تعرف الأمان،
وكان أهلها شبعى وغيرهم يتضور جوعاً قبل الإسلام.
فكيف يخافون على أنفسهم ورزقهم وقد أمنهم الله، وهم على كفرهم، بوصفهم من سكان بيت الله الحرام. انظروا لقوله تعالى معاتباً كفار قريش عندما رفضوا اتباع الهدى خوفاً من أن يتخطفهم الناس
فقال تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [القصص]
وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾ [العنكبوت].
يقول تعالى، ممتناً على قريش فيما أحلهم من حرمه، الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد، ومن دخله كان آمنا؛ فهم في أمن عظيم، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضاً، ويقتل بعضهم بعضاً،
فالله يقول إنا جعلنا بلدهم حرماً, حرمنا على الناس أن يدخلوه بغارة، أو حرب, آمناً, يأمن فيه من سكنه, فأوى إليه من السباء والخوف والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس ﴿وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ يقول: وتسلب الناس من حولهم قتلا وسبياً.
وكأن الآيات تقول: إن بيت الله بيت حرام على الكفار، فلا يجوز لهم أن يدخلوهم أرض الحرم؛ لأنها حرام عليهم. وعلى أولئك الحكام أن لا يخشوا إلا ربهم، فقد كان لكم في أهل قريش مثل، وما آل إليه حالهم عندما دار الله الدائرة عليهم، ونصر المسلمين عليهم.
أيها المسلمون
ومن الدروس التربوية المستفادة من تلك العبادة الربانية والتي كلما أمعنا فيها النظر استخرجنا منها العبر.
-الحث على وحدة الأمة الإسلامية في هذا المؤتمر السنوي العالمي الذى يجمع المسلمين من كل جنس ولون.
- الاستسلام الكامل والعبودية المطلقة في فعل ما أمر الله به والبعد عما نهى عنه. وفى الحج تدريب عملي على هذا المعنى.
- الحج تربية أخلاقية تعلمنا التواضع والصبر على الطاعة وترك الجدال ورد المظالم.
- الاستمرار في التضحية بكل غال ونفيس في سبيل الدين.
- نتعلم من الحج أهمية الوقت، فكل عبادة لها وقت محدد. فينبغي أن نحرص على أداء الأعمال في أوقاتها ونلتزم الدقة والانضباط في المواعيد.
- المساواة بين الناس، فلا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح.
- وأخيرًا: فاذا كان الحج من أعظم العبادات التي تلتقى فيها الشعوب من كل مكان لعبادة الكريم الرحمن، فلماذا لا تجتمع القادة كل عام في هذا المناسبة العظيمة لتقديم الحلول المفيدة لمشكلات الأمة؟؟
الدعاء
لمتابعة جديد الخطب نشرف بزيارتكم لموقعنا الرسمى الجديد على هذا الرابط
http://hamidibrahem.com/