فيروس كورونا

يحيى بن علي الضامري
1441/07/11 - 2020/03/06 00:03AM

فيروس كورونا

التاريخ : 11/ رجب/ 1441ه

الخطيب : يحيى الضامري 

الجامع:  جامع النور - الشمباشي 

المنطقة:  اليمن - مأرب - حريب

الخطبة الأولى:

مخلوق ركب الطائرات بلا تذاكر، وتجاوز نقاط التفتيش بلا تحايل، ودخل الدول بلا جوازات، وعبر القارات مع شدة التدابير والاحترازات، استُنفرت لأجله وزارات الصحة في العالم، و‏أُغلقت بسببه مدارس وجامعات، وعُطلت مصالح، و‏هزَّ اقتصاد العالم، ولا يرى بالعين المجردة، ألا وإنه فيروس كورونا، ذلك ليعلم العالم أن أمر الله نافذ، وأنه على كل شيء قدير؛ ﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11].

فما أضعف الإنسان أمام قدرة الله! ‏﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، 

إنه حديث الناس في مجالسهم، يتخوَّفون منه ويخشون من انتشاره والإصابة به ، حديث بين رجلٍ مُتَنَدِّرٍ مازح، أو رجلٍ مبيِّنٍ ناصح، أو غير ذلك من أغراض الأحاديث التي تدور حول هذا المرض .

ولنا معكم في هذه الخطبة ستُّ وقفات حول هـذا الموضوع الذي يشكِّلُ في حياة النَّاس هـذه الأيَّام أهمِّيةً بالغةً:

 

الوقفة الأولى: الأمراض والكوارث والمصائب كلها بقدر الله.

لن يصاب أحد إلا بما كتبه الله عليه، ولن يصرف عن البلاء منه إلا من صرفه الله عز وجل عنه وحماه، والله تبارك وتعالى قد يبتلي العباد ويمتحنهم؛ ليعلموا فقرهم وحاجتهم إليه، وأنه لا غنى لهم عنه، رغم ما تقدموا فيه من العلم، ورغم ما وصلوا إليه من الطب، ورغم ما عندهم من المال، فإن ذلك كله يبقى حائلًا دون كشف الكربات وقضاء الحاجات، فلا يكشف الضر إلا الله، ولا يدفع البلاء إلا الله، ولا يشفي من المرض إلا الله القائل: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17]، ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80].

فالمرض من الله والشفاء من الله، والموت من الله والحياة من الله، وأن الله تعالى إذا أنزل المرض، فهو الذي أنزل الشفاء منه، علم ذلك من علمه وجهله من جهله؛ فقد روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء، برأ بإذن الله عز وجل))، وفي مستدرك الحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، إلا السام وهو الموت)).

 فعلاج كل الأوبئة والأمراض الفتاكة وغيرها هو عند الله، وقد يعلمه من يشاء من عباده ويخفيه عمن يشاء؛ امتحانًا منه وابتلاءً؛ حتى يرجع العباد إلى خالقهم ومولاهم، ويسألوه ذلك العلاج والشفاء.

 الوقفة الثانية:  هل ما يحدث انتقام من الله أم ابتلاء ؟

يحدث نزاع وجدال بين الناس: هل ما يحدث انتقام من الله بسبب ما فعلته الصين بمسلمي الإيغور؟ أم ابتلاء ومن الممكن حدوثه بأي بلد؟ بدليل أن الكوارث وانتشار الأوبئة يحدث في جميع البلاد سواء إسلامية أو غير إسلامية ؟

يا إخواني: نحن لسنا قضاة ومنفذي أحكام، الذي يقضي في هذا الكون بحكمه وعدله هو الله، لكننا لا ينبغي أبدا أن نستبعد أن ما يحدث هو بسبب الإفساد في الأرض ، هناك إفساد من الناحية الصناعية ، وإفساد من الناحية العلمية، وإفساد من الناحية التجارية، وإفساد من الناحية الإنسانية .

بالله عليكم حينما ينزع الحجاب من على رأس امرأة مسلمة من مسلمي الإيغور وحين تنتهك حرمتها ويعتدى عليها إلى حد الموت، ألا ترون الآن بالصين من يلبسون الكمامات والأقنعة فلا تبدو إلا أعينهم ؟ حينما يبتلى مسلمو الإيغور بالخوف في كل شبر يتحركون فيه إما بالاعتقال أو القتل أو التهجير أو يفرق بينهم وبين أبنائهم ، ألا تراه الآن ؟ ألا ترى خوفا يعم الجميع ؟

حينما يعتقل مليون مسلم كما أعلنوا فيما يسمى بمراكز إعادة التأهيل ، ألست معي أن الحجر الصحي الذي فرض عليهم جميعا الآن لا يبعد أن يكون درسا لهم من الله لعلهم ينتبهوا أو يرجعوا ؟ هذا ليس مستبعدا .

سنن الله التي لا تتبدل ولا تتغير حينما قال : ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت 46].

الآن العالم كله مضطر لعدم استقبال أي طائرات قادمة من الصين وبعض الدول بدأت بفرض حظر على الأطعمة الغذائية المصنعة بالصين، ولا أستبعد هذا لأن ربي هو الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة .

وما المانع حينما تقع بعض الأمور أن نلمح إلى حكمة الله سبحانه وتعالى وسننه الكونية فالبلاء يقع بالمؤمن ابتلاء، وبالغافل لينتبه ويفيق من غفلته، ويقع بالمفسد ليرجع عن إفساده، ويقع بالظالم لعله يتراجع عن إفساده وظلمه .

 

الوقفة الثالثة : الحجر الصحي هدي إسلامي وسنة نبوية.

ومن هدي الإسلام في التعامل مع الوباء عدم الذهاب إلى الأرض التي ينتشر فيها، وعدم الخروج منها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يوردن ممرض على مصح)) [رواه أحمد وأبو داود].

ويدل على ذلك ما رواه الشيخان من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الطاعون رجزٌ أُرسِل على طائفة من بني إسرائيل وعلى من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض، فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا منها فرارًا منه)) [متفق عليه ].

وقد يسأل سائل : وما مصير المصاب ؟! اسمع ما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فقال: كان عذابًا يبعثه الله على من كان قبلكم، فجعله الله رحمة للمؤمنين، ما من عبد يكون في بلد فيكون فيه، فيمكث لا يخرج، صابرًا محتسبًا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له - إلا كان له أجر شهيد)) [رواه البخاري].

 وقد امتنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أُخبر أن الوباء والطاعون قد وقع بالشام، واستشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأشار عليه بعضهم بالمضي قدمًا، وأشار عليه البعض الآخر بعدم الدخول حفاظًا على أنفس من معه من الصحابة، فقرر عدم الدخول، فاعترض عليه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بقوله: "يا أمير المؤمنين، أفرارًا من قدر الله تعالى؟ فقال له: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، نفرُّ من قدر الله تعالى إلى قدر الله"، فقد بيَّن رضي الله عنه أن أخذ الحيطة والحذر من الوباء والمرض من قدر الله تعالى، ولا ينافي التوكل عليه.

 ومن هنا يعلم أن ما تفعله سلطات الدول؛ من الحجر الصحي، ومنع السفر لأماكن الوباء، وتعليق العمرة والزيارة مؤقتًا؛ هو من هذا الباب والهدي الإسلامي، ويحقق مقاصد الشريعة في حفظ النفوس والأبدان؛ فالواجب التعاون معهم في ذلك.

نسأل الله أن يجنبنا سخطه وعقوبته، وأن يحمينا من الأمراض والأسقام والأوجاع.. إنه سميع مجيب.

بارك الله لي ولكم .....

 

الخطبة الثانية :

الوقفة الرابعة:  هل يكون هذا الفيروس مصطنع؟

قد يسأل سائل : هل يُعتقد أن هذا الفيروس هو جزء من الحرب البيولوجية" بين الدول؟

لا يبطل البتة حقيقة ذلك، خصوصاً مع وجود تقرير لـ"منظمة العدل والتنمية في الشرق الأوسط"، يبين ان فيروس "كورونا الجديد" في الصين، "تم تصنيعه واختلاقه في مختبرات طبية سرية في أوروبا.

وقد كان دوافع إعدادهم للتقرير المذكور، جاء "بعد اكتشافهم لمختبرات سرية في أوروبا، تعمل على تصنيع فيروسات، يتم توظيفها في حروب بيولوجية ضد دول بعينها".

وقد يكون هذا الفيروس نتيجة تجارة لمؤسسات مافيا علمية وأبحاث، لجمع التريليونات من الثروة وذلك بتخصيب فيروسات مميتة وإطلاقها؛ لتصيب الملايين حتى لو راح ضحيته الكثير، ثم بعد فترة تعلن عن اكتشاف المصل أو العلاج، فتتهافت عليه الدول كي تحمي شعوبها مثل كورونا وغيرها.

تلك الرواية تبناها كثير من المراقبين إذ رأى البعض منهم  أنه مثل ما توجد لوبيات ورؤوس أموال تخلق الصراعات والحروب في العالم لبيع الأسلحة، توجد لوبيات لصناعة الفيروسات وتضخيم المرض في الإعلام مثل ما حدث في: جنون البقر، وسارس، وإنفلونزا الطيور والخنازير، والجمره الخبيثة، ليأتي بعد ذلك مصل العلاج ليباع بآلاف الدولارات"، ليتحول الأمر لتجارة يذهب ضحيتها الأبرياء.

ألم يقل الله عز وجل : ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [ الروم 41].

إلا وإنه لا ينبغي أن تغتني طائفة من رجال الأعمال على حساب أطفالنا والضعفاء والمساكين، وتكون حياتنا مهددة، فلا نطمئن إلى طعام نأكله، ولا لشيء نشربه!!

والله المستعان!!

 

الوقفة الخامسة: طب وقائي في وحي الله.

الناس تبحث عن العقاقير في المصحات والصيدليات، وتنسى أن معها الحرز والحصن الحصين في دين الله عز وجل من الأمراض والأسقام وغيرها، فأذكار الصباح والمساء خير حافظ من الله للعبد، قال -جل ذكره-: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [ الرعد 11].

وفي مجال الطِّبّ الوقائي يقول نبيُّنا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ : ( مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ) [ البخاري]

وفي لفظ من تمر العالية -وفي لفظ “من تمر المدينة”- قال الشيخ ابن باز رحمه الله : “ويرجى هذا في التمر كله”.

 وجاء عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قال: (( مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ))  أي من كلِّ آفةٍ وسوءٍ وشرٍّ .

 وجاء في حديث عبد الله بن خُبَيْب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: خَرَجْنَا فِى لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى لَنَا - قَالَ - فَأَدْرَكْتُهُ فَقَالَ " قُلْ "فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ:" قُلْ " فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا. قَالَ:" قُلْ " قُلْتُ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِى وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ).

 وجاء عنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كما في حديث عبد الله بن عمر أنّه كان لا يدع هـؤلاء الدّعوات حين يصبح وحين يمسي: ( اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِى دِينِى وَدُنْيَاىَ وَأَهْلِى وَمَالِى ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِى، وَآمِنْ رَوْعَاتِى ، اللَّهُمَّ احْفَظْنِى مِنْ بَيْنِ يَدَىَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي) ؛ وفي هـذه الدّعوة تحصينٌ تامّ وحِفْظٌ كامل للعبد من جميع جهاته .

ومما سنّ لنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- من الأذكار التي تحفظ العبد قول: “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”، كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ)).

ومن الأذكار كذلك، ما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: " بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء" )).

 قال القرطبي -رحمه الله- عن هذا الحديث: (( هذا خبر صحيح، وقولٌ صادقٌ، علمنا دليلَه دليلاً وتجربة، فإني منذ سمعته عملت به فلم يضرني شيء إلى أن تركته، فلدغتني عقرب بالمدينة ليلاً، فتفكرت فإذا أنا قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات)). اهـ.

وجاء في سنن الترمذي عن أبان بن عثمان - رحمه الله – وهو راوي الحديث عن عثمان - أنه قد أصابه طرف فالج - وهو شلل يصيب أحد شقي الجسم - فجعل رجل منهم ينظر إليه فقال له أبانُ:(( ما تنظر؟ أما إن الحديث كما حدثتك، ولكني لم أقله يومئذ ليمضي الله علي قدره)) .

 

الوَقْفَة السادسة: المرض في الجسد وليس في الدين.

أنَّ أعظم المصائب المصيبة في الدين فهي أعظم مصائب الدنيا و الآخرة، وهي نهاية الخسران الذي لا ربح معه والحرمان الذي لا طمع معه، فإذا ذكر المسلم ذلك عند مصابه في صحته أو ماله حمد الله على سلامة دينه، روى البيهقي في شعب الإيمان عن شريح القاضي رحمه الله أنه قال : (( إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات:  أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي, وأحمده إذ رزقني الصبر عليه، وأحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب, وأحمده إذ لم يجعلها في ديني)).

عباد الله : إذا كانت الدول والشعوب تقلق وتخاف من انتشار الأوبئة والأمراض، وتتخذ كافة السبل، وتجند كل الطاقات، وتشتري كل الأدوية مهما غلا ثمنها، وهذا أمر مطلوب وواجب، ولكن أما تنبه الناس إلى مرض خطير وفتاك، يفتك بالأمم والشعوب، وضرره على الناس أشد من السموم على الأبدان؛ ألا وهو داء الذنوب والمعاصي؟ فالشرك بالله ومخالفة أمره من أعظم أسباب البلاء وحلول الآفات، واندثار الخيرات وقلة البركات، وإن من الوقاية من الذنوب والمعاصي الأمر بالمعروف والنهي من المنكر؛ فهو صمام الأمان من هلاك الأمم والجماعات؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117]، فالواجب أن تتكاتف الجهود في القضاء على وباء المعاصي والمنكرات؛ حتى لا تغرق السفينة؛ فالذنوب والمعاصي هي سبب البلاء والنقمة ونزول الآفات؛ فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رُفع إلا بتوبة، وما كان أحد منا يتوقع أن يتوقف الطواف والسعي خوفاً من شيء لا يرى ولكن الذنوب تورث أكثر من ذلك.

العينُ يحزنهــا ويسكبُ دمعَهــا     رؤيــا المطــافِ من البريةِ عارِ

ما كانَ يُعقَــل أن نــراهُ لمــرَّةٍ   خــالٍ مــن الطُّـوَّافِ والعمَّــارِ !

مــا كان ذا إلا لفــرطِ ذُنــوبنـا  وتتــــابــــعِ الآثـــــــامِ والأوزارِ

يا من حمى في يومِ فيلٍ بيتَهُ   فَلْتحمــهِ دومًــا مــن الأخطــارِ

ولْتمــحُ عنــا يــا إلهــي ذنـبَنــا     وأرأفْ بنـا والطفْ بنـا يا باري

قبضَ الأسى صدري لهولِ مصابِنا     والدمــعُ من عينـي هتونٌ جارِ

 ونسأل المولى جل في علاه أن يحميَنا ويحميَ بلاد المسلمين من كل شر ومكروه، إنه سميع قريب مجيب.

 صلوا وسلموا..

المرفقات

فيروس-كورونا

المشاهدات 976 | التعليقات 0