فن التعامل مع الناس 3- المسلم بين الإيجابية والسلبية

حسين عامر
1431/03/17 - 2010/03/03 12:23PM
فن التعامل مع الناس
3- المسلم بين الإيجابية والسلبية
الإيجابية والسلبية كلمتان شاع استعمالهما في الفترة الأخيرة استعمالاً كثيراً على كافة المستويات فما معناهما ؟
الإيجابية حالةٌ في النفس تجعل صاحبها مهمومًا بأمر ما ، ويرى أنه مسئول عنه تجاه الآخرين، ولا يألو جهدًا في العمل له والسعي منأجله.
والإيجابية : تحمل معاني التجاوب، والتفاعل، والعطاء، والشخص الإيجابي : هو الفرد، الحي، المتحرك، المتفاعل مع الوسط الذي يعيش فيه .
والسلبية : تحمل معاني التقوقع، والانزواء، والبلادة، والانغلاق، والكسل.

والشخص السلبي: هو الفرد البليد، الذي يدور حول نفسه، لا تتجاوز اهتماماته أرنبة أنفه، ولا يمد يده إلى الآخرين، ولا يخطو إلى الأمام .

والمجتمع السلبي الذي يعيش فيه كل فرد لنفسه على حسابالآخرين مجتمع زائل لا محالة، كما أن المجتمع الإيجابي مجتمع راقٍ عالٍ لا شك.
ما الفرق بين السلبي والإيجابي؟؟إنه الفرق بين الليل والنهار....الجماد والكائن الحي.... الفرق بينالوجود والعدم.

و الدليل على هذا قوله تعالى(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) النحل
لقد سمى الله السلبي في هذه الآية ( كّلاً ) والإيجابي بـ (يأمر بالعدل)(كلّ) أصعب من سلبي... لأن سلبي معناها غير فعال أما (كلّ) فمعناها الثقيل الكسول وقبل هذا فهو( أبكم ) لا يتكلم ولا يرتفع له صوت .
وهذا عبء على المجتمع؛ لأن النظرة التشاؤمية هي الغالبة عليها فيكافة تصرفاته ،وهذه الشخصية ضعيفة الفاعلية في كافةمجالات الحياة، و لا يرى للنجاح معنى ، ولا يؤمن بمسيرة ألف ميل تبدأ بخطوة، بلليس عنده همة الخطوة الأولى، و لهذا لا يتقدم و لا يحرك ساكناَ و إن فعل في مرةيتوقف مئات المرات.
وهذه الشخصية مطعمة بالحجج الواهية والأعذار الخادعة بشكل مقصود،و هو دائم الشكوى و الاعتراض و العتابوالنقد الهدام.
و أما الآخر فإنه ( يأمر بالعدل ) فهو هنا الشخصية المنتجة في كافة مجالاتالحياة حسب القدرة والإمكانية ،المنفتحة على الحياة ومعالناس حسب نوع العلاقة ،ويمتلك النظرة الثاقبة…. ويتحرك ببصيرة(بالعدل ) فهو يوازن بين الحقوقوالواجبات (أي ما له وما عليه)مع الهمة العالية والتحرك الذاتي، والتفكير دائما لتطوير الإيجابيات وإزالةالسلبيات.
هل من المعقول أن يتساوى هذا وذاك؟ طبعا لا يستوون .

أهمية الإيجابية:
إن السلبية هي
أخطر آفة يصاب بها فرد أو مجتمع.

بينما الإيجابية هي أهم وسيلة لنهضة أي أمة فمن الحقائق المسلِّم بهاأن نهضة الأمم تقوم على أفراد إيجابيين مميزين بالأفكار الطموحة والإرادة الكبيرةكما أنها نجاة من هلاك الأمم والشعوب قال تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلموأهلها مصلحون) ولم يقل صالحون إنما قال مصلحون ، وهناك فارق بين صالح ومصلح فالصالح صلاحه بينه وبين ربه ، أما المصلح فإنه يقوم بإصلاح نفسه ودعوة غيره .
فالمسلم الإيجابي عندما تعرض له مشكلة يفكر في الحل فهويرى أن كل مشكلة لها حل
والسلبي يفكر في أن المشكلة لا حل لها، بل يرى مشكلة في كل حل .
المسلم الإيجابي لا تنضب أفكاره والسلبي لا تنضب أعذاره .
*المسلم الإيجابي يرىفي العمل والجد أملا والسلبي يرى في العمل ألما
المسلم الإيجابي يصنع الأحداث والسلبي تصنعه الأحداث .
المسلم الإيجابي ينظرللمستقبل والسلبي يخاف المستقبل
المسلم الإيجابي يزيد في هذه الدنيا والسلبي زائد عليها .
يروى أن مسلمة بن عبد الملك كان في جملة من الجند يحاصرون إحدى قلاع الروم ، وكانت محصنة والدخول إليها صعباً إلا من نقب فيها تخرج منه أوساخ المدينة ، فوقف مسلمة ينادي في الجند : من يدخل النقب ويزيح الصخرة التي تحبس الباب ويبكر حتى ندخل....
فقام رجل قد غطى وجهه بثوبه وقال أنا يا أمير الجند ودخل النقب وفتح الباب ودخل الجند القلعة فاتحين ..
وبعدها وقف مسلمة بين الجند ينادي على صاحب النقب حتى يكرمه على ما فعل ، وكان يردد من الذي فتح لنا الباب فما يجيبه أحد !
فقال أقسمت على صاحب النقب أن يأتيني في أي ساعة من ليل أو نهار .
فطُرق باب مسلمة طارق ليلاً ، فيلقاه مسلمة مستبشراُ أنت صاحب النقب فقال الطارق هو يشترط ثلاثة شروط حتى تراه .
قال مسلمة وما هي ؟
قال : ألا ترفع اسمه لدى الخليفة ولا تأمر له بجائزة ولا تنظر له بعين من التمييز ، قال مسلمة افعل له ذلك .
فقال الطارق أنا صاحب النقب وانصرف وترك جيش مسلمة ذاهبا إلى سد الثغور في أماكن أخرى" ( ابن منظور : مختصر تاريخ دمشق 7/273 ) .

أمثلة الإيجابية في القرآن :
أولاً :قصة مؤمن القرية
قال: الله عز وجل:"وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ"

(وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) لم يمنعه بُعد المكان أن يأتي ليبلغ دعوته، وينشر معتقده، فقد جاء من أقصا المدينة!

(يَسْعَى) ولم يأتِ ماشياً! فإن ما قام في قلبه من الهمة العالية، والرغبة، في نقل ما عنده للآخرين ، حمله على أن يسعى .

"قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" فلم يكتف بوجود ثلاثة رسل وإنما جاء بنفسه ليدعو قومه ويرغبهم في اتباع المرسلين .
ثم يبين دليل صدق أنبيائهم ( اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ)
ثم يسوق الحجج العقلية،فيقول:"وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ"
هذا مثال لمؤمن حمله إيمانه الحق الصادق، على أن يجهر بدعوته، صريحة، واضحة، بين الناس.
ونادى بملء فيه :"إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ " فقتله قومه .

والقصة لم تنتهِ عند هذا الحد !
قتل الرجل وبشرته الملائكة بالجنة "قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ"

سبحان الله ! حتى بعد الموت، والفوز بالجنة، لا يزال في قلبه الشعور بالرغبة في العطاء ، والنصح للآخرين .
ولم يشمت بهم، وإنما تمنى أن يعلم قومه بعاقبته، لعل ذلك يحملهم على أن يقبلوا نصحه.
قال ابن عباس: نصح قومه في حياته بقوله: "يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ"، وبعد مماته في قوله: " يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ"

ثانيا إيجابية نملة :
يقول
تعالى : ( حتى إذا أتو على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) سورة النمل آية 18سليمان نبيالله هو وجيشه يمشون في الطريق و أمامهم مجموعة من النمل يسعون لطلب الرزق .. تحملت نملة واحدة مسؤولية الإنذار والتحذير وصاحت في النمل ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده)واعتذرت عن سليمان وجنوده فقالت (وهم لا يشعرون)

( قالت نملة ) نملة نكرة ليست معرفة ...!!!
وأي واحد منا يتحمل المسؤولية يكون موضع تقدير واحترام لأنه إيجابي.
ثالثا / قصة الهدهد: يقول تعالى:"وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَالْغَائِبِينَ * لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأذْبَحَنَّهُ أَوْلَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ " النمل:20-21فسيدنا سليمان يجمع كل صفات القائد العظيم:
1- يتفقد الجيش كل يوم.
2- حينما لم يجد الهدهدلم يتسرع في اتهامه، بل سأل هل هو حاضر أم غائب؟ فربما كان موجودًا في مكان ما بينأفراد الجيش ولم يره سيدنا سليمان.
3- الحزم: فقد هدد بعقاب الهدهد.
4- العدل: فقد طلب أن يأتيه الهدهد بسبب غيابه؛ حتى لا يوقع به العقاب.
5- الإنصات: منح الفرصة للهدهد للدفاع عن نفسه.

وجاء الهدهد من سبأ بنبأ يقين، سمع الهدهد بأنقومًا يعبدون الشمس ، بمملكة سبأ باليمن، وهو في فلسطين، أي على بعدمسافة كبيرة من اليمن، فطار إلى اليمن يتفقدهم، حتى أنه ذهب إلى عرش الملكة وعاد بالأخبار،ليصبح سببًا في هداية أمة. فانظروا لإيجابيته وهو مجرد هدهد! فعار علينانحن المسلمين أن نكون سلبيين.
كن مركز إيجابية في مؤسستك، في جامعتك، في كل مكان، قمبالإصلاح، وإياك والتعلل بالظروف، وأنه لا فائدة، بل استخدم الإمكانيات وخذ بالأسباب متوكلا على الله.
إن الآفة التي أصابت الأمة حتى العقلاء الفاهمين منها هي آفةأنه واقف إلى أن يؤمر, سلبيٌ إلى أن يُحرَّك, ينتظر مَن يقول له افعل أو لا تفعل, وفي هذا كأنما احتقر عظيمًا وهبه الله إياه, فعطَََّل في نفسه الذاتية, والإيجابية, والتفكير في مصير الأمة, وعطل في نفسه معنى المشاركة, واحتقر في نفسه أن يصلح مايستطيع إصلاحه دون أن يأتيه أمر بإصلاحه, وهذه الآفة التي يقع فيها كثير من الناسحتى الملتزمون والعاملون في المجال الدعوي لله تبارك وتعالى هي التي أصابت العملالإسلامي بنوع من الفتور في كثير من الأحيان.

هذه هي الذاتية التي استشعرها الهدهد, فلم ينتظر إذنًا منأحد وقام غِيرةً على دين الله, قام لكي ينظر أين دين الله في هؤلاء الناس

الايجابية في سنة الرسول- صلى الله عليه وسلم – :
حض الرسول- صلى الله عليه وسلم – على الاختلاط بالناس وحضور جمعهم ومجالس الذكر وزيارة المريض وحضور الجنائز ومؤاساة المحتاج وإرشاد الجاهل.

الايجابية مع المجتمع كله :
واهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بالمواقف الايجابية والأخلاق النبيلة التي كان يتمتع بها غير المسلمين في عصره وإشادته بها ودعوته إلى الأخذ بها مع التأكيد على أن من الضروري أن يشترك المسلم بالعمل الايجابي من أي جهة أتى بل و يبادر إلى ذلك ، مثل حلف الفضول الذي اهتم بنصرة المظلومين والفقراء وقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت .)

والسعي في نفع الناس جميعا كان ملازما للنبي صلى الله عليه وسلم حتى قبل البعثة فقد استدلت خديجة علىأن ما حصل في غار حراء لا يمكن أنيكون شرا للنبي صلى الله عليه وسلمفقالت له : كلا والله لا يخزيك اللهأبدا، إنك لتصل الرحموتحمل الكَلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين علىنوائب الحق و تصلالرحم و تحمل الكَلَّ و تكسب المعدوم ، وتَقْري الضيف ، وتعين على نوائب الحق )

ومعنى ( تحمل الكَلَّ) يدخل في هذا الإنفاق على الضعيف واليتيموالعيال وغير ذلك وهو من الكلال وهو الإعياء

أما قولها (و تكسب المعدوم ) تكسبغيركالمال المعدوم أو تعطيه إياه تبرعا
(تَقْري الضيف ) تكرمه يقالللطعام المقدم للضيفقِراً.
(وتعين على نوائب الحق) جمع نائبة وهي الحادثةما يحدث في الناس من المصائب

وكما في قصة مساعدة النبي صلى الله عليه وسلم لبدوي غير مسلم ليسترجع دَيْنا له من أبي جهل رأس الكفر، فلم يمنع عدم إسلام الطرفين من بذل الجهد في عمل إيجابي .
قدم رجل من أراش (اسم قبيلة) بإبل له بمكة, فابتاعها منه أبو جهل, فمطله بأثمانها (تأخر متعمدا ), فأقبل الأراشي حتى وقف على ناد من قريش, ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد جالس, فقال: يا معشر قريش, من رجل يؤديني على أبي الحكم بن هشام فإني رجل غريب, ابن سبيل, وقد غلبني على حقي, قال: فقال له أهل ذلك المجلس: أترى ذلك الرجل الجالس- لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وهم يهزؤون به لما يعلمون بينه وبين أبي جهل من العداوة- اذهب إليه فإنه يؤديك عليه.
فأقبل الأراشي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا عبد الله, إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله, وأنا رجل غريب ابن سبيل, وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه, يأخذ لي حقي منه, فأشاروا لي إليك, فخذ لي حقي منه يرحمك الله قال: انطلق إليه وقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم: اتبعه فانظر ماذا يصنع قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه فقال:
من هذا؟
فقال: محمد فاخرج إلي
فخرج إليه وما في وجهه من رائحة, قد انتقع لونه, فقال: ( أعط هذا الرجل حقه) , قال: نعم, لا تبرح حتى أعطيه الذي له
قال: فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال للأراشي: الحق بشأنك
فأقبل الأراشي حتى وقف على ذلك المجلس, فقال: جزاه الله خيراً فقد والله أخذ لي حقي.
قال: وجاء الرجل الذي بعثوا معه, فقالوا: ويحك ماذا رأيت؟
قال: عجباً من العجب, والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه, فخرج إليه وما معه روحه, فقال له: أعطِ هذا حقه, فقال: نعم لا تبرح حتى أخرج إليه حقه, فدخل فخرج إليه بحقه, فأعطاه إياه
قال: ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء, فقالوا ويلك مالك والله ما رأينا مثل ما صنعت قط, قال ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب عليّ بابي وسمعت صوته, فملئت منه رعبا, ثم خرجت إليه, وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط, والله لو أبيت لأكلني.
( السيرة النبوية لابن إسحاق 1/64 , دلائل النبوة للبيهقي 1/69 ).

. ولا ننسى حديث " كل معروف صدقة" الذي يعني أن لدى الإنسان أشياء كثيرة يمكن أن يقدمها للناس ولنفسه كالصدقة والابتسامة وإماطة الأذى عن الطريق وكف الأذى والتسبيح والتهليل .

كما أن الأحاديث النبوية تحثنا على هذه القيمةالعظيمة، فيقول- صلى الله عليه وسلم ( إذَا قَامَتْ السَّاعَةُ وَفِي يَدِأحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ) صححه الألباني

(فَسِيلَةٌ ) أي نخلة صغيرة
( فإن استطاع أن لا يقوم ) من محله أي الذي هو جالس فيه
( حتى يغرسها فليغرسها ) مبالغة في الحث على فعل الخير كغرس الأشجار فكما غرس لك غيرك فانتفعت به فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع وإن لم يبق من الدنيا إلا القليل.
حكاية طريفة: وحكي أن كسرى خرج يوماً يتصيد فوجد شيخاً كبيراً يغرس شجر الزيتون فوقف عليه وقال له : يا هذا أنت شيخ هرم والزيتون لا يثمر إلا بعد ثلاثين سنة فلم تغرسه فقال : أيها الملك زرع لنا من قبلنا فأكلنا فنحن نزرع لمن بعدنا فيأكل فقال له كسرى : زه وكانت عادة ملوك الفرس إذا قال الملك منهم هذه اللفظة أعطى ألف دينار فأعطاها الرجل فقال له : أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في نحو ثلاثين سنة وهذه الزيتونة قد أثمرت في وقت غراسها فقال كسرى : زه فأعطى ألف دينار فقال له أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في العام مرة وهذه قد أثمرت في وقت واحد مرتين فقال له زه فأعطى ألف دينار أخرى وساق جواده مسرعاً وقال : إن أطلنا الوقوف عنده نفد ما في خزائننا .
طريقنا إلى الإيجابية
وهناك الكثير من العوامل التيتساعد على تنمية ( الإيجابية ) ، وروح المبادرة داخل النفوس، والتي تساهم بصورةكبيرة في خلق شخصية إيجابية مِقْدَامَة، وهذه العوامل كالتالي:


-1 الوعي والمعرفة
فالمتابعة الدائمة للمجالات المختلفة تساعد الفردعلى استكشاف أبعاد كثيرة من الممكن أن تكون غائبة عنه، فيساعده هذا الوعي علىاستكشاف فرص جديدة، ومنافذ تكون في كثير من الأحيان مبهمةً له؛ مما يساعده علىاقتحامها .


-2 الثقة بالنفس
الكثير منا يُضَيِّع
على نفسه فرصًا للانطلاق وفعل الخير؛ سواء كان هذا الخير لنفسه أو للغير؛ نتيجةلتشككهم في قدراتهم وتقليلاً من شأنهم

الإيجابي عكس ذلك، فثقته بنفسه تدفعه دائمًالاقتحام العوائق، وتخطي الصِّعاب .

3- القابلية للاقتحاموالمغامرة
دون اندفاع وتهوّر، مع تقدير الأمور بمقاديرها، وهذه الرغبة في الاقتحام والمغامرة تدفعالفرد إلى اكتشاف آفاق جديدة للحياة، وتساهم في إنماء حصيلةِ الفرد من الحلول، فلايقف عند عائق متعثرًا ساخطًا؛ ولكنه يمتلك حلولاً بديلةً؛ نتيجة لاحتكاكه المستمر،وخوضِه الكثير من المغامرات التي أثقلت التجربة لديه.

كلمة أخيرة :الاندماج الإيجابي في المجتمع :
إن علينا كمسلمين أن نندمج بالمجتمع الذي نعيش فيه ، بمعنى المشاركة في المجتمع بتقديم الخدمات، والمشاركة في الفعاليات، وتحقيق الفائدة للآخرين، كما في الحديث (خير الناس أنفعهم للناس ) فهو اندماج مع المجتمع مع الحفاظ بل وإبراز هويتنا الإسلامية .وهذا عين ما يقرره الإسلام ، فنحن كمسلمين لا نعرف التقوقع ولا الانعزالية ولا الانكفاء على الذات إنما نحن كما قال الشاعر :
أنا نفس محبة كل خير كل **** شئ حتى صغير النبات
نحن لا نحمل في صدورنا ضغينة لهذا المجتمع الذي نعيش فيه وإنما نحمل الخير والهداية للناس كل الناس ولسان حالنا كلمة العبد الصالح (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتوما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب)هود :88
المشاهدات 7722 | التعليقات 1

وفقك الله يا شيخنا ونفع بك ,, واعانكم في تلك البلاد لنشر الدين, وتنوير المسلمين.