فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ 2 جُمَادَى الثَّانِي 1437هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1437/05/29 - 2016/03/09 14:50PM
فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ 2 جُمَادَى الثَّانِي 1437هـ
الْحَمْدُ للهِ أَهْلَ الْحَمْدِ وَالثَّنَاء ، يُضِلُّ بِعَدْلِهِ وَيَهْدِي بِفَضْلِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَنْقَذَ بِهِ منَ الضَّلَالَةِ وَهَدَى بِهِ مِنَ الْعَمَى , صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَمَصَابِيحِ الدُّجَى، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَلَى طَرِيقِهِم اقْتَفَى .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الشِّرْكَ أَعْظَمُ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَسْوَأُ الْمُعْتَقَدَاتِ , وَأَقْبَحُ الذُّنُوبِ وَأَشَرُّ الْعُيُوبِ , فَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ ثَلاَثًا ، قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ (الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ - أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ) قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكُلُّ ذَنْبٍ يُمْكِنُ أَنْ يَغْفِرَهُ اللهُ إِلَّا الشِّرْكَ فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ , قَالَ اللهُ تَعَالَى ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) وَالشِّرْكُ مِنْهُ مَا هُوَ أَكْبَرُ مُخْرِجٌ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ ، صَاحِبُهُ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ إِنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ , وَمِنْهُ مَا هُوَ أَصْغَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ .
وَمِنْ مَظَاهِرِ هَذَا الشِّرْكِ الْمُنْتَشِرَةِ : عِبَادَةُ الْقُبُورِ وَالاعْتِقَادُ فِي الْأَوْلِيَاءِ الْمَوْتَى ,كَمَا هُوَ الْحَاصِلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ , فَتَجِدُ الْجُهَّالَ يَأْتُونَ الْقُبُوَرَ لِلاسْتِعَانَةِ وَالاسْتِغَاثَةِ بِأَهْلِهَا , وَيُنَادُونَهُمْ وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ يَقْضُونَ الْحَاجَاتِ وَيُفَرِّجُونَ الْكُرْبَاتِ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَدْعُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ أَوْ غَيْرَهُمْ لِلشَّفَاعَةِ أَوْ لِلتَّخْلِيصِ مِنَ الشَّدَائِدِ , وَهَذَا لا يَحِلُّ إِلَّا للهِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)
وَبَعْضُ جُهَّالِ الْعَوَامِ يَدْعُونَ الْمَقْبُورِينَ وَيَلْجَأُونَ إِلَيْهِمْ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْ دُعَاءِ اللهِ وَاللُّجُوءِ إِلَيْهِ , فَتَجِدُهُ يَلْهَجُ بِذِكْرِ اسْمِ الشَّيْخِ أَوِ الْوَلِيِّ : إِنْ قَامَ وَإِنْ قَعَدَ وَإِنْ عَثَرَ وَكُلَّمَا وَقَعَ فِي وَرْطَةٍ أَوْ مُصِيبَةٍ وَكُرْبَةٍ , فَهَذَا يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ, وَهَذَا يَقُولُ: يَا عَلِيُّ, وَهَذَا يَقُولُ: يَا حُسَيْنُ, وَهَذَا يَقُولُ: يَا بَدَوِيُّ, وَهَذَا يَقُولُ: يِا جِيلَانِيُّ, وَهَذَا يَدْعُو الْعَيْدَرُوسَ , وَهَذَا يَدْعُو السَّيْدَةَ زَيْنَب, وَذَاكَ يَدْعُو ابْنَ عُلْوَان, إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّنِ اعْتَادَهُ جَهَلَةُ العَوَامِّ حَيْثُ يَدْعُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ , وَهَذَا كُلُّهُ شِرْكٌ أَكْبَرُ مُخْرِجٌ عَنِ الْمِلَّةِ - نَسْأَلُ اللهُ الْعَافِيَةَ - قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)
وَتَجِدُهُمْ يَبْنُونَ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ غُرَفَاُ وَيُزَخْرِفُونَهَا ثُمَّ يَطُوفُونَ بِهَا وَيَسْتَلِمُونَ أَرْكَانَهَا وَيَتَمَسَّحُونَ بِهَا , وَيَقِفُونَ أَمَامَ الْقَبْرِ خَاشِعِينَ سَائِلِينَ حَاجَاتِهِمْ مِنْ شِفَاءِ مَرِيضٍ أَوْ حُصُولِ وَلَدٍ أَوْ تَيْسِيرِ حَاجَةٍ , وَرُبَّمَا نَادَى صَاحِبَ الْقَبْرِ يَا سَيِّدِي جِئْتُكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ فَلا تُخَيِّبْنِي , وَهَذَا كُلُّهُ مُوجِبٌ لِلْخُلُودِ فِي النَّارِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ مَظَاهِرِ الشِّرْكِ الْأَكْبرِ الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللهِ , وَاللهُ يَقُولُ (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) أَيْ : انْحَرْ للهِ وَعَلَى اسْمِ اللهِ , رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ، قَالَ (لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ) .
وَمِنْ ذَبَائِحِ الْجَاهِلِيَّةِ الشَّائِعَةِ فِي عَصْرِنَا : ذَبَائِحُ الْجِنِّ , حَيْثُ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ إِذَا اشْتَرَوْا بَيْتَاً أَوْ بَنَوْهُ أَوْ حَفَرُوا بِئْرَاً ذَبَحُوا عِنْدَهَا أَوْ عَلَى عَتَبَتِهَا ذَبِيحَةً خَوْفَاً مِنْ أَذَى الْجِنِّ , وَدَفْعَا لِشَرِّهِمْ كَمَا يَزْعُمُونَ, فَهَذَا إِنْ أَرَادَ التَّقَرُّبِ إِلَى الْجِنِّ بِذَبِيحَتِهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ الْمُنْتَشِرَةِ السِّحْرُ وَالْكَهَانَةُ وَالْعِرَافَةُ: فَأَمَّا السِّحْرُ فَإِنَّهُ كُفْرٌ وَمِنَ السَّبْعِ الْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ , وَهُوَ يَضُرُّ وَلا يَنْفَعُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْ تَعَلُّمِهِ (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ)، وَالذِي يَتَعَاطَى السَّحْرَ كَافِرٌ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنَ السِّحْرِ الذِي صَارَ يَنْتَشِرُ بَيْنَ النَّاسِ وَهُمْ يَظُنُّونَهُ جَائِزَاً وَخَاصَّةً النِّسَاءُ, مَا يُسَمَّى بِسِحْرِ الْعَطْفِ , أَيْ : أَنَّ السَّاحِرَ يَسْحَرُ الشَّخْصَ لِيُقَرِّبَهُ مِنَ الآخَرِ , فَتَطْلُبَ الزَّوْجَةُ مِنَ السَّاحِرِ أَنْ يَسْحَرَ زَوْجَهَا لِيُحِبَّهَا وَلا يُطِلِّقَهَا , أَوْ رُبَّمَا يَسْحَرُونَهُ لِيَتَزَوَّجَ فُلانَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , عِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَاَل رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ليسَ مِنّا مَنْ تَطيَّر أوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أو تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ لَهُ، أو سَحَر أوْ سُحِرَ لَهُ، ومَنْ أتى كاهِناً فصدَّقَهُ بما يقولُ؛ فقدْ كَفَر بما أُنْزِلَ على محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.وَلِذَا يَجِبُ تَحْذِيرُ الْأَهْلِ مِنَ السِّحْرِ عُمُومَاً وَمِنْ سِحْرِ الْعَطْفِ خُصُوصَاً , وَرُبَّمَا أَنَّ الْبَعْضَ مِنَّا يَسْتَحْيِي أَنْ يُكِلَّمَ أَهْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَوْفَاً مِنْ أَنْ يَقُولُوا : أَنْتَ تَتَّهِمُنَا , لَكِنْ لا عَلَيْكَ , يُمْكِنُ أَنْ تَتَلَطَّفَ فِي الْعِبَارَةِ فَتَقُولَ – مَثَلَاً – سَمِعْتُ خَطِيبَ الْجُمْعَةِ الْيَوْمَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا , وَكَأَنَّكَ لا تَدْرِي .
وَأَمَّا الْكَاهِنُ وَالْعَرَّافُ فَكِلَاهُمَا كَافِرٌ بِاللهِ الْعَظِيمِ لِادِّعَائِهِمَا مَعْرِفَةَ الْغَيْبِ , وَلا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ , وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلاءِ يَسْتَغْفِلُ السُّذَّجَ لِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ , وَيَسْتَعْمِلُونَ وَسِائِلَ كَثِيرَةً مِنَ التَّخْطِيطِ فِي الرَّمْلِ أوْ ضَرْبِ الْوَدَعِ أَو قِرَاءَةِ الْكَفِّ وَالْفِنْجَانِ أَوْ كُرَةِ الْكِرِيسْتَالِ وَالْمَرَايَا وَغَيْرِ ذَلِكَ , وَهُؤُلاءِ الْكَهَنَةُ لَوْ صَدَقُوا مَرَّةً فَإِنَّهُمْ يَكْذِبُوا تِسْعَاً وَتِسْعِينَ مَرَّةً, وَلَكِنَّ الْمُغَفَّلِينَ لا يَتَذَكَّرُونَ إِلَّا الْمَرَّةَ التِي صَدَقَ فِيهَا هَؤُلاءِ الْأَفَّاكُونَ , فَيَذْهَبُونَ إِلَيْهِمْ لِمَعْرِفَةِ الْمُسْتَقْبَلِ , أَوِ لِمَعْرِفَةِ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ فِي زَوَاجٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَالْبَحْثِ عَنِ الْمَفْقُودَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ , وَحُكْمُ الذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِمْ إِنْ كَانَ مُصَدِّقَاً بِمَا يَقُولُونَ فَهُوَ كَافِرٌ خَارِجٌ عَنِ الْمِلَّةِ , وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ فَلا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَ تَوْحِيدَنَا وَعَقِيدَتَنَا وَأَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ الشِّرْكِ وَالْمُشْرِكِينَ وَشَرَّ السَّحَرَةِ وَالْعَرَّافِينَ , الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِه وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِمَّا يَخْرِمُ تَوْحِيدَكُمْ وَيَهْدِمُ أَعْمَالَكُمْ وَيَحْرِمَكُمْ جَنَّةَ رَبِّكُمْ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ التِي اسْتَهَانَ بِهَا النَّاسُ وَجَهِلُوا ضَرَرَهَا : الاعْتِقَادُ فِي تَأْثِيرِ النُّجُومِ وَالْكَوَاكِبِ فِي الْحَوَادِثِ وَحَيَاةِ النَّاسِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ (أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَمِنْ ذَلِكَ اللُّجُوءُ إِلَى أَبْرَاجِ الْحَظِّ فِي الْجَرَائِدِ وَالْمَجَلَّاتِ لِيَعْرِفَ حَظَّهُ أَوْ مُسْتَقْبَلَهُ , فَإِنِ اعْتَقَدَ مَا فِيهَا مِنْ أَثَرِ النُّجُومِ وَالْأَفْلَاكِ فَهُوَ مُشْرِكٌ, وَإِنْ قَرَأَهَا لِلتَّسْلِيَةِ فَهُوَ عَاصٍ آثِمٌ , لِأَنَّهُ لا يَجُوزُ التَّسَلِّي بِقِرَاءَةِ الشِّرْكِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّهُ مِمَّا يُوصَى بِهِ أَنْ يَقْرَأَ الْمَرْءُ كِتَابَ التَّوْحِيدِ لِلشِّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ , وَيَنْبَغِي لِأَصْحَابِ الْفَضِيلَةِ أَئِمِّةَ الْمَسَاجِدِ أَنْ يَقْرَأُوهُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ , فَإِنَّهُ نَافِعٌ وَمُفِيدٌ فِي تَعْلِيمِ التَّوْحِيدِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الشِّرْكِ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحاً اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ , اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ , اللَّهُمَّ أعطنا ولا تحرمنا اللَّهُمَّ أكرمنا ولا تُهنا اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ , وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ , وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ , وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أُمُورِنَا وَأَصْلِحْ بِطَانَتَهُم وأَعْوَانَهَم يَارَبَّ العَالـَمِينَ , اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
المرفقات
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ 2 جمادى الثاني 1437هـ ‫‬.docx
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ 2 جمادى الثاني 1437هـ ‫‬.docx
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق