﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾

محمد البدر
1439/01/30 - 2017/10/20 01:23AM
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ: عِبَادَ اللهِ :قَال تَعَالَى:﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30].
دينُ الإسلام دينُ اعتدالٍ وأمان، مُوافقٌ للفِطَر والعقول ،ولا ينفع للشعوب سوى الإسلام؛ فبه الأمان والسكينة، وهو وقايةٌ من الفُرقة والاختلاف، قَال تَعَالَى:﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82].
وإذا سلَكت الشعوب منهجَ أهل السنة والجماعة في مُعتقداتها مع خالقها، ومعاملاتها مع الخلق؛ اطمأنَّ الراعي والرعيَّة، فلا خروج ولا فوضى ولا اضطراب، وإذا ابتعدَ الناسُ عن الدين دخلت الأهواء في النفوس، واختلفَت الآراء، فتفرَّقت الكلمةُ وعمَّ البلاء، وظهرت الفتن والمحن وارتفعت الاسعار وتعسرة المعيشة وضاق حال الناس وتعلق الكثير بالعباد وتركوا رب العباد وضعف التوكل وتذكروا يا عِبَادَ اللهِ أن الفرج يكون بالجوء إلى الله والتضرع إليه وكصرة الدعاء والعودة إلى طريق السنة فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسه قَال تَعَالَى:﴿ ذلك بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا على قَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } . قَال تَعَالَى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾[الرعد:11]. وَقَال تَعَالَى:﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾وكما قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
عِبَادَ اللهِ :الفتنةُ إذا أقبلَت عرفَها العلماءُ، فإذا أدبَرَت عرفَها العامةُ ولكن بعد فوات الأوان ، والعلماءُ هم ورثةُ الأنبياء، ولا غِنَى للحاكم والمحكوم عنهم في السرَّاء والضرَّاء، والشدة والرخاء، فالله أمر بسؤالهم في جميع الأحوال، قَال تَعَالَى:﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
وفي زمن الفتن يتأكَّدُ العلمُ الشرعي وغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة والشباب والكهول؛ لتكون درعًا واقياً وحصناً حصينًا في وجه شُبَه أهل الباطل وشهوات الأعداء ،وما يُديم نعمةَ الأمن والرخاء في الشعوب: هو الإكثارُ من أنواع الطاعات والقربات لله جل وعلى ، وأحبُّ عبادةٍ إلى الله: هي إفرادُه بالعبادة ونبذُ الإشراك به؛من الاستغاثة بالأموات ودعائهم، والطواف على الأضرحة والقبور، ومُجانبة أنواع المعاصي، قَال تَعَالَى:﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور: 55].
عِبَادَ اللهِ :اعلموا أن الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر من أُسس إصلاح المجتمع، وترسيخ هيبة السلطان في رعيَّته ،قَال تَعَالَى:﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[سورة آل عمران: 110].
وَقَال تَعَالَى:﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 78، 79].
عِبَادَ اللهِ :إن مما يُنزِلُ السكينة على الشعوب ويجعلها تنبُذُ الفوضى والاضطراب وتطمئن به القلوب : الإكثارُ من تلاوة كتاب الله العظيم، ونشرُ ذلك للصغار والكِبار؛ فهو كتابٌ مُبارَك ينشر الخيرَ ويمنع الشر، ويُطمئِنُ النفوس، قَال تَعَالَى:﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾[الرعد: 28].أقول ما تسمعون....
الخطبة الثانية:
عِبَادَ اللهِ :إذا اجتمعت القلوب على الحق والنُّصح فيما بينها قوِيَت في العبادة، وحسُنَت بينهم المُعاملة، وحفِظَ الله المجتمعَ من الشرور، وكانت يدُ الله معهم، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وسعادةُ الجميع في التمسُّك بالدين وتحكيم الشرع، قَال تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59].
ألا صلوا وسلموا......
المشاهدات 955 | التعليقات 0