فضل لا إله إلا الله

سلطان الحصين
1442/11/09 - 2021/06/19 12:52PM

فَضْلُ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين، وَأَشْهَدُ أن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين. أَمَّا بَعْدُ

أَيُّهَا النَّاس: اتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوا أَمْرَهُ وَلَا تَعْصُوهُ، وَاذْكُرُوهُ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ وَلَا تَكْفُرُوهُ

أيها المؤمنون: أَفْضَلُ الذِّكْرِ هو قولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، فهي كلمةُ التوحيدِ وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَالعُرْوَةُ الوُثْقَى، وَهِيَ كَلِمَةُ الإِخْلَاصِ، قال النبيُّ الكريمُ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». أخرجه الترمذي.  

لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ هي الكَلِمَةُ العظيمةُ التي يُعْلِنُهَا المُسْلِمُونَ فِي الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ مِنْ أَجْلِهَا جَمِيعُ المَخْلُوقَات، وَبِهَا أَنْزَلَ اللهُ كُتُبَهُ، وَأَرْسَلَ رُسُلَهُ، وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتِ المَوَازِين، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَانْقَسَمَتِ الخَلِيقَةُ مِنْ أَجْلِهَا إِلَى مُؤْمِنِينَ وَكُفَّارٍ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا يَكُونُ السُّؤَالُ وَالجَوَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ القِبْلَةُ، وَأُسِّسَتِ المِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَهِيَ حَقُّ اللهِ عَلَى جَمِيعِ العِبَاد، فَهِيَ كَلِمَةُ الإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، وَبِهَا تَكُونُ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ.  

.مَنْ قَالَهاَ فِي الدُّنْيَا عُصِمَ دَمُهُ وَمَالُهُ، وَإِذَا كَانَ مُوقِناً بِهَا مِنْ قَلْبِهِ نَجَا مِنَ النَّارِ فِي الآخِرَةِ وَدَخَلَ الجَنَّةَ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: « فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ». أخرجه البخاري

هِيَ كَلِمَةٌ وَجِيزَةُ اللَّفْظِ قَلِيلَةُ الحُرُوفِ خَفِيفَةٌ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَةٌ فِي الِميزَانِ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: «قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي شَيْئاً أَذْكُرُكَ وَأَدْعُوكَ بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى قُلْ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قَالَ: يَا رَبِّ كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُونَ هَذِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى، لَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَعَامِرَهُنَّ غَيْرِي، وَالأَرَضِيينَ السَّبْعَ فِي كِفَّةٍ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللُه فِي كِفَّةٍ؛ مَالَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ».

إخوةَ الإسلامِ: هَذِهِ الكَلِمَةُ العَظِيمَةُ لَهاَ رُكْنَانِ؛ الأَوَّلُ: النَّفْيُ؛ (لا إله) وَهُوَ نَفْيُ الأُلُوهِيَّةِ عَمَّا سِوَى اللهِ مِنْ سَائِرِ المَخْلُوقَاتِ، وَالثَّانِي: الإِثْبَاتُ؛ (إلاَّ الله) وَهُوَ إِثبَاتُ الأُلُوهِيَّةِ للهِ سُبحَانَهُ، قال اللهُ تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة:256]، فَالمُسْلِمُ عِنْدَمَا يَقُولُ هَذِهِ الكَلِمَةَ؛ يُعْلِنُ البَرَاءَةَ مِنَ الشِّرْكِ وَالمُشْرِكِينَ، وَيَلْتَزِمُ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ مُخْلِصاً لَهُ الدِّين، فَإِنْ وَفَّى بِهَذَا الالْتِزَامِ؛ فَقَدْ حَقَّقَ دِينَ الإِسْلَام، وَفَازَ بِدَارِ السَّلَام، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ النُّطْقِ بِهَا مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِمَدْلُولِهَا وَمُقْتَضَاهَا لَا يُفِيدُ الإِنْسَانَ شَيْئاً؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قَالُوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}  [سورة ص:5]، فَالمُشْرِكُونَ فَهِمُوا أَنَّ مَعْنَى لاَ إِلَهَ إِلَّا الله: تَرْكُ الشِّرْكِ وَصَرْفُ العِبَادَةِ للهِ وَحْدَهُ.

عِبَادَ الله: اتَّقُوا اللهَ والزموا ذكرَ اللهِ في كلِّ حينٍ، وأكثروا من قولِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِهَا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [سورة محمد:19]

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُم بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قولي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيم الجليل لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية 

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَأْنِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَإِخْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً. 

عِبَادَ الله: وَمِنْ مَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَمُقْتَضَاهَا: التَّحَاكُمُ إِلَى شَرِيعَةِ الله، وَتَحْرِيمُ مَا حَرَّمَهُ اللهُ وَتَحْلِيلُ مَا أَحَلَّهُ اللهُ، فَيَجِبُ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ الحُكْمُ بِشَرْعِ اللهِ، وَالكُفْرُ بِأَحْكَامِ الطَّوَاغِيتِ؛ لِأَنَّ التَّشْرِيعَ حَقٌّ للهِ وَحْدَهُ، فَمَنْ وَضَعَ قَوَانِينَ يَحْكُمُ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ بَدَلَ شَرِيعَةِ اللهِ؛ فَقَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ شَرِيكاً للهِ، قَالَ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة التوبة:31]، فلَماَّ سَمِعَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ رضي الله عنه هَذِهِ الآيَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسُوا يُحِلُّونَ مَا يُحَرِّمُ اللهُ فَتُحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» أخرجه البيهقي.

ابْنَ آدَمَ: أَحْبِبْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ ُملَاقِيهِ، وَكُنْ كَمَا شِئْتَ فَكَمَا تَدِينُ تُدَانُ.  

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَالهُدَى امْتِثَالاً لِأَمْرِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا لَكُمْ حَيْثُ قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة الأحزاب:56] اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا وَشَفِيعِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين، وَعَنَّا مَعَهُم بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين    

المرفقات

1624107138_فضل لا إله إلا الله.docx

1624107138_فضل لا إله إلا الله.pdf

المشاهدات 902 | التعليقات 0