فضل عشر ذي الحجة
عبدالله بن عبدالرحمن الرحيلي
فضل عشر ذي الحجة
ألقيت في جامع حمراء الأسد – المدينة المنورة
عبد الله بن عبد الرحمن الرحيلي
29/ 11/ 1442
عناصر الخطبة:
1-منزلة عشر ذي الحجة.
2-فضل العمل الصالح فيها.
3-أعمال عشر ذي الحجة.
4-الحث على التكبير في العشر.
5-انتهاز المواسم الفاضلة قبل حلول الأجل.
6-نهي مريد الأضحية عن الأخذ من الشعر والأظفار .
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله إمام المتقين، وأفضل المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد:
أما بعد: فاتقوا الله الذي خلقكم، واعبدوه كما أمركم، واستعينوا على طاعته بما رزقكم، وأكثروا ذكره في الأرض دأبا؛ لتٌذكروا في السماء إذا ذكرتم.
واعلموا أن الله تعالى قد تفرد بالاصطفاء والاختيار؛ (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [القصص: 68]
اصطفى سبحانه من أيام العام عشرا، هي أفضل الأيام قدرا، وأعلى المواسم منزلة وذكرا.
أقسم الله بها منوها بفضلها فقال سبحانه { وَالفَجرِ وَلَيَالٍ عَشرٍ } [الفجر: 1-2]
إنها الأيام المعلومات التي عظمها ربنا بقوله (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج: 28]
إنها أفضل أيام الدنيا على الإطلاق: قال صلى الله عليه وسلم: " أفضل أيام الدنيا أيام العشر -يعني عشر ذي الحجة-"
إن أيام عشر ذي الحجة روضة من رياض المؤمنين، وموسم خير للطائعين المخبتين، يتقلبون فيها بين أنواع من الطاعات والقربات، ويستكثرون فيها من الأعمال الصالحات.
فالعمل الصالح في هذه العشر أفضل منه في غيرها، وهو أحب إلى الله وأزكى، وأكثرا ثوابا وأعظم أجرا.
قال صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر "
قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟
قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"
في هذه العشر يومان عظيمان؛ يوم عرفة الذي هو يوم المغفرة والعتق من النار، ويوم النحر الذي هو أعظم الأيام عند الله.
"فيها ركن عظيم من أركان الإسلام، وهو حج بيت الله الحرام ، فـ"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"، " و "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"
ومن عجز عن الحج فليسبق إليه بنيته؛ فإنما الأعمال بالنيات، ومن فضل الله علينا أن جعل موسم العشر مشتركا بين الحجاج والقاعدين .
عباد الله.. إن أيام العشر أيامٌ مجلَّلَةٌ بالبركاتِ؛ أودعها ربنا فضائل من الطاعات، وملأها بكنوز من الباقيات الصالحات، صوم وذكر وصدقة، وتكبير وحج وأضحية.
فسارعوا فيها أيها المؤمنون إلى الصالحات، واجتنبوا الذنوب والخطيئات، بكروا فيها إلى الصلوات المكتوبات، وأكثروا فيها من النوافل والمستحبات، واعلموا أن صوم تسع ذي الحجة من أجل القربات، أحسنوا إلى أنفسكم بالصدقة والإحسان، وأكثروا من ذكر الله وتعظيمه و تلاوة القرآن.
إن الإكثار من ذكر الله الكبير المتعال، هو وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم في هذه العشر حيث قال:
"ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".
وهو دأب الصحابة رضي الله عنهم؛ فلقد كانوا يحيون في العشر سنة التكبير بين الناس، كان ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبِّران ويكبر الناس بتكبيرهما -.
قال ميمون بن مِهران (( أدركتُ النَّاس وإنـَّهم ليكبِّرون في العشر، حتى كنتُ أشبِّههُ بالأمواج من كثرتها)).
فأحيوا عباد الله سنة التكبير واعمروا بها عشركم؛ واجهروا بها يأتكم الخير من ربكم، وتنالون ثواب المقتدي بكم.
سمع مجاهد رجلا يكبر في العشر فقال: "أفلا رفع صوته؟ فَلَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُكَبِّرُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَيَرْتَجُّ بِهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ يَخْرُجُ الصَّوْتُ إِلَى أَهْلِ الْوَادِي حَتَّى يَبْلُغَ الْأَبْطَحِ ، فَيَرْتَجُّ بِهَا أَهْلُ الْأَبْطَحِ ، وَإِنَّمَا أَصْلُهَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ ".
وبعد عباد الله.. فجِدُّوا واجتهدوا في هذه الأيام، واقدروها قدرها كما فضلها الله على سائر أيام العام، عظموا فيها حرمات الله و شعائره (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ) [الحج:32].
عظموها واجتهدوا فيها، ولا يغرنكم غفلة الناس عنها؛ تأسوا بصالح السلف في الحرص عليها؛ فقد كان سعيد بن جبير إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا حتى ما يكاد يُقدر عليه.
اللهم بلغنا العشر المباركة، وأعنا فيها على الأعمال الصالحة، ووفقنا للتوبة الصادقة، ومن علينا بقبول التوبة والمغفرة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي تفضل على عباده بمواسم الخيرات، ووعد الطائعين من عباده بالرضوان والجنات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ذي المكرمات، القائل ("اطلُبُوا الخيرَ، وتعرَّضُوا لنفَحَات الله؛ فإن لله نفَحَاتٍ من رحمته يُصيبُ بها من يشاء").
أما بعد.. فها هي مواسم الخيرات قد أقبلت تفتح أبوابها، وقد علمتم فضلها وثوابها،
فـالغنيمةَ الغنيمةَ، بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة، فما منها عِوض ولا لمثل قيمتها قيمة.
والمبادرةَ المبادرة بالعمل، والعجلة العجلة قبل هجوم الأجل، قبل أن يندم المفرّط على ما فعل، قبل أن يَسأل الرجعة ليعمل صالحًا فلا يُجاب إلى ما سأل.
واحذروا الغفلة وطول الأمل، واستعدوا للموت بصالح العمل ؛ فما عند الموتى أكثر من الندامة، ولا عند الأحياء أكثر من الغفلة.
جددوا لله التوبة؛ واصدقوا العزم والنية، وعليكم بالصبر والمجاهدة، يؤتكم ربكم أفضل ما يؤتي العابدين المجتهدين.
وبعد فاتقوا الله يا أهل الإيمان، واحذروا الذنوب والمعاصي في كل وقت وآن؛ وكونوا أشد حذرا منها في فاضل الأزمان، فإنها تصرف العبد عن طاعة الرحمن؛ وهي أيضا تعظم وتشتد في الفاضل من زمان أو مكان.
عباد الله .. من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره إذا دخلت العشر؛ حتى يضحيَ يوم العيد.
قال عليه الصلاة والسلام: ( إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ)
ثم صلوا وسلموا عباد الله، على عبد الله ونبيه ومصطفاه.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد.
اللهم صل وسلم عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، اللهم صل وسلم عليه ما تعاقب الليل والنهار.
اللهم اجعلنا من صالحي أمته، واحشرنا يوم القيامة في زمرته.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا ووالدينا عذاب القبر والنار.
المرفقات
1630702980_خطبة فضل عرفة وثواب الأضاحي.docx
1630702980_خطبة فضل عرفة وثواب الأضاحي.pdf
المشاهدات 568 | التعليقات 2
للحفظ يا شيخ تركي حفظك الله، وحتى يتم توثيقها في صفحة الخطب فيستفيد منها من شاء عند مجيء مناسبتها.
تركي العتيبي
الله المستعان ياشيخ
وش مناسبة عنوان الخطبة ونحن في شهر محرم !!!!!!
تعديل التعليق